قصيدة غير منتهية في تعريف العشق
عندما قررت أن اكتب عن تجربتي في الحب
فكرت كثيرا
ما الذي تجدي اعترافاتي ؟
وقبلي كتب الناس عن لحب كثيرا...
صوره فوق حيطان المغارات
وفي أوعية الفخار والطين قديما
نقشوه فوق عاج الفيل في الهند
وفوق الورق البردي في مصر
وفوق الرز في الصين
وأهدوه القرابين وأهدوه النذور
عندما قررت أن انشر أفكاي عن الشق
ترددت كثيرا...
فأنا لست بقسيس
ولا مارست تعليم التلاميذ
ولا أومن أن الورد
مضطر لان يشرح للناس العبيرا
ما الذي اكتب يا سيدتي ؟
إنها تجربتي وحدي ...
وتلغيني من التاريخ وحدي
إنها السيف الذي يقتفيني وحدي
فأزداد مع الموت حضورا
عندما سافرت في بحرك يا سيدتي
لم أكن انظر في خارطة البحر
ولا طوق نجاة
بل تقدمت إلى نارك كالبوذي
واخترت المصيرا
لذتي كانت بأن اكتب بالطبشور
عنواني على الشمس
وابني فوق نهديك الجسورا
حين أحببتك
لاحظت بأن الكرز الأحمر في بستاننا
أصبح جمرا مستديرا
وبأن السمك الخائف من صنارة الأولاد
يأتي بالملايين ليلقي في شوا طينا البذور
وبأن السرو قد زاد ارتفاعــا
وبأن العمر قد زاد اتساعا
وبان الله قد عاد إلى الأرض أخيرا
حين أحببتك
لاحظت بان الصيف يأتي
عشر مرات إلينا كل عام
وبان القمح ينمو..
عشر مرات لدينا كل يوم
وبان القمر الهارب من بلدتنا
جاء يستأجر بيتا وسريرا
وبان العرق الممزوج بالسكر والينسون
قد طاب على العشق كثيرا
حين أحببتك
صارت ضحكة الأطفال في العالم أحلى
ومذاق الخبز أحلى
وسقوط الثلج أحلى
ومواء القطط السوداء في الشارع أحلى
ولقاء الكف بالكف على أرصفة الحمراء أحلى
والرسومات الصغيرات التي تتركها في فوطة المطعم أحلى
وارتشاف القهوة السوداء
والتدخين
والسهرة في المسرح ليل السبت
والرمل الذي يبقى على أجسادنا من عطلة الأسبوع
واللون النحاسي على ظهرك من بعد ارتحال الصيف
أحلى ..
والمجلات التي نمنا عليها
وتمددنا .. وثرثرنا لساعات عليها ...
أصبحت في أفق الذكرى طيورا ...
حين أحببتك يا سيدتي
طوبوا لي
كل أشجار الأناناس بعينيك
ولاف الفدادين على الشمس
وأعطوني مفاتيح السماوات
وأهدوني النياشين
وأهدوني الحرير
عندما حاولت أن اكتب عن حبي
تعذبت كثيرا
إنني في داخل البحر
وإحساسي بضغط الماء لايعرفه
غير من ضاعوا بأعماق المحيطات دهورا
مالذي اكتب عن حبك يا سيدتي ؟
كل ما تذكر ذاكرتي ..
أنني استيقظت من نومي صباحا ..
لأرى نفسي أميرا ......
نزار قباني
ولكم حبي وتقديري
hmh390
العرض العادي
