لايكاد يخلوا منزل ... او جلسة في بر ... او جمعة على بحر ... او تجمع في موقع على الانترنت ... او مجموعة في سجن ... او اناس على سرير المرض ... او حتى فرد مختلي مع نفسه ... إلا ويوجد حديث عابر او نقاش موسع مستفيض حول مدى تخلفنا كامة عربية ومسلمة عن بقية دول العالم من اوروبية او اسيوية او امريكية وتاخذ القضية ابعادا كثيرة وتطرح اسباب عديدة تفند اسباب هذا التخلف ومسبباته وتصب النسبة العظمى من الاسباب والتي قد تصل الي نسبة 99,99 من المئة على ان المسئول عن هذا التخلف هو "المسئول" في الدول العربية والاسلامية سواء من مدير او رئيس او حاكم او امير او شيخ او ملك وهذه النتيجة توصلت اليها عبر سنين طويلة من المشاهدات للكثير من النقاشات والمناظرات والتصرفات .
وفي رأيي المتواضع البسيط ان احد اهم الاسباب الرئيسية لهذا التخلف هو انت وانا وهي وهو ... ورمي "المسئول" بالسبب الرئيسي مرده الي الرغبة في التخلص من تأنيب الضمير والرغبة في النوم العميق عند وضع الرأس على المخده ... وإن كان هذا لايعفي "المسئول" عن نصيبة في المسئولية .
وتبداء العملية منذ النية في الزواج وبعد ذلك الحصول على الذرية حيث تجد الشخص يتزوج بموجب العادة وينتقل للخطوة التي بعدها من الحصول على الاطفال مثل الناس ولكن هل حدث اي تطور للشخصية او تغيير في العادات السيئة او السلوك الخاطيء يتوازى مع التطور الحاصل لهذا المشروع المبارك "الزواج" حتى ولو بنسب بسيطة ؟؟ اعتقد ومن مشاهدات شخصية ان الجواب هو لا .
تغيرت الاوضاع الاقتصادية وذهبت الطفرة وشحت الوظائف وقل الدخل ومازالت الناس تغالي في المهور والشروط التعجيزية وتغالي في اقامة الافراح وتصرف المبالغ الطائلة في ليلة العرس .. رغم انك لو تجلس مع اهل العرس تجدهم من اشد الناس انتقادا للمبالغة في الافراح واكثرهم تنظيرا حول ضرورة تغيير هذه المفاهيم والممارسات الخاطئة !!! .
انتقاد للقذارات المنتشرة في شوارعنا وتململ من انتشار الاوراق والاكياس في المنتزهات وهو مانشاهدة صباح كل يوم عند ذهابنا لاعمالنا فالمسطحات الخضراء لاتكاد ترى من هول القاذورات الملقاة عليها ولن تنتهي هذه المعاناة إلا بوضع عامل نظافة خلف كل واحد منا وعلى مدار الساعة وهو امر مستحيل والاسهل منه كف النقد وكف هذا الهدر لاموال الامة ومكتسباتها وقليلا من المجهود بوضع القاذورات في الحاويات المخصصة لها وحينها سنلمس التغيير ونشاهد النظافة المنشودة لشوارعنا .
انتقاد لهدر المال العام من قبل "المسئول" والتغاضي عن الهدر من قبلنا نحن .. واحدى اوجهه الكتب الدراسية التي تتلف كل عام ولا يحافظ عليها وهي تكلف الكثير من الاموال ويعاد صرفها سنويا بسبب اهمالنا .. وهنا لابأس من الاشارة الي وجه آخر للتناقض الذي نعيشه ويتعلق بنفس المسألة وهو حادثة التعدي على المصحف الشريف واهانته في معتقلات غوانتناموا بكوبا وموجة الغضب العارمة التي اجتاحت الامة الاسلامية جمعاء وهو امر محمود لاشك في ذلك ولكن يجب ان ياخذنا نفس الشعور بالغيرة على ايات الله واحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي نهينها بانفسنا من خلال رمي الكتب المدرسية في حاويات القمامة وهي التي تحتوي على الكثير من الايات والاحاديث .
لو ساقك القدر الي احدى التقاطعات المزدحمة فستقع بين نارين الاولى القادمين من الشوارع الاخرى وحرصهم الشديد على عدم اعطاء الفرصة للغير للمرور حتى لو ادى الامر الي وقوفه الي نهاية النهار او حتى صدمه المهم عدم مروره والنار الاخرى تأتيك ممن هم خلفك خصوصا اذا كنت حضاريا وسمحت للطرف الاخر بالمرور وهي الغلطة القاتلة لان هذا الكرم لن يرد اليك بل ستنال الشتائم بكل اشكالها ممن هم خلفك وستنال الكثير من عبارات السخرية والاستخفاف من نوعية "مسوي فيها اخلاق" ولامانع ان ينالك بصقة من هنا وبصقة من هناك .
ولو كتب عليك مراجعة دائرة حكومية او اي مكان مزدحم ولاتوجد به ارقام لتنظيم الدور وكنت ممن يوصمون بالادب والاخلاق العالية فلا تستغرب اذا حضرت من الساعة الثامنة صباحا وخرجت في الثالثة عصرا ولم تستطع الوصول الي شباك الخدمة او تقديم معاملتك في وسط الامواج المتلاطمة من هوامير كسر النظام ودكاترة الفهلوة من اصحاب الجملة الشهيرة المؤدبة "لو سمحت دقيقة ابغى اسأل الموظف بس المعاملة هذه عنده ؟" وبعدها لاتستغرب اذا مشى عشر معاملات بعد هذا الاستئذان المؤدب ولفحك بابتسامة صفراء كريهة تعني شيئا واحدا فقط "ضحكت عليك يااهبل" !! .
والانكى من هؤلاء هو بعض التجار الذين تجمعك بهم مناسبة معينة تسمع منهم عذب الكلام وجميل الاحاسيس ولكن بمجرد ان يجمعك بهم عمل ما فستجد امامك مصاص دماء ولكنه يتميز بامكانية الظهور نهارا وليلا ... والله انك تترجى منه ان يكون انسانا فقط فلاتجد فضلا عن ان يكون مسلما .. ووالله ان هناك حالة اعرفها شخصيا لاحد كبار التجار الصينين المتميزين خلقا وفضلا والذي يمنعه عن الاسلام هو تعامله المستمر مع تجارنا فمن تخفيض جودة المنتج الي طلب وضع العلامات المقلدة والتي يرفضها هذا الانسان الصيني بسبب مخالفتها لطبيعته وتربيته وانتهاء بتأخير سداد مستحقاته لدى هؤلاء الي فترات تصل الي 8 سنوات رغم امتلاكهم لارصدة بمئات الملايين !!! .
الحل هو الوعي بأهمية الاخلاق والتي شدد عليها ديننا الحنيف وليس بزيادة التدين فجميع من ذكر بعاليه هم من المحافظين على الصلوات الخمس بالمسجد ومن الصائمين وممن يعتمرون ويحجون بل ممن يطبقون السنن من صيام اثنين وخميس ولكنهم فصلوا الدين عن باقي مجالات الحياة ولم يفهموا حقيقة وجوهر الاسلام الصحيح .
وفق الله الجميع الي مايحبه ويرضاه ....
منقول للفائده
العرض العادي
