لا شيء يتبذل في الصحراء الشمس تشرق وتغرب . ثم تشرق من جديد , والقمم التي تقف في الاعالي ما زالت نفس القمم . وما زالت ترقب الدمى التي تتحرك في الوديان بسخرية مريرة .فما الذي تبذل في آلاف الاعوام ؟؟ تبذلت الاشباح التي كانت تهيم في الوديان . تبذلت الظلال التي تثقل كاهل الارض بسعيها المجنون وراء البريق .
كل من رأى في نفسه الذكاء كابر , وكل من كابر كان الاغبى , ولم يخظر له على بال أن يسئل . لماذا يعود كل شيء للتراب بما في ذلك هو نفسه ؟؟ زلم بدري أنه الاقوي لانه الاضعف يستمد قوته من ه , من تسليمه وقبوله أن يداس بالاقدام . ومن بلغ في تواضعه ضعف التراب كان في قوة التراب . من ركع وغسل من نفسه الكبر , ونزل الى مستوى تراب الارض كان أقوي من كل شي على الارض . ولكن هيهات أن يدرك مخلوق معجون من ذرات التراب سر التراب , هيهات أن يعلم من يمسك الحقيقة في يده ويبحث عنها في بريق الاشياء
آه لو رضي الانسان بالتسليم , وكف عن الركض وراء الاوهام وتمدد على صدر الام ورقد هكذا في وداعة من لا قامة له , اذن لاستحال الى ولي , وستنحر آلاف الحيوانات الصغيرة احتفاء بعودة الابن الضال الى الارض , الى الام , الانسان لا يعرف أن في القامة يكمن سر الشقاء , ولا يعرف أنه لو تشجع مرة وتخلص من القامة وقبل أن يحيا راكعاً , لصيقاً بالتراب , لفاز بالبطولة , واللعبة المسماة حياة عمل بسيظ لا يستحق أن يركب في سبيله الخطر , ولكن المخلوق لن ينجو ,ولن يفوز , ولن يصحو من الكابوس ما ظل يهب كل مرة واقفاً يمد قامة كافرة الى السماء , ظاناً أنه يستطيع أن يخرق الارض وأن يبلغ الجبال طولاً
لم تكن لتدرك سر الدائرة لو لم تتأمل أفق الصحراء دهراً . قوس الافق يمتد يقطع الحلاء القاسي , يلامس المجهول ولا يتوقف عن التوغل حتى يقف على السر في اللا منتهى , تتابع انتداد الفاجع , تجري وراء ه في البرية الابدية تدور معه في الملكوت الاول ثم الملكوت التاني ثم الثالث ... تتقلب في أكوان لا تحدها المسافة ولا تقيم وز للزمان . في ذلك الوقت الذي تتابع فيه رحلة القوس وهو يدور حول نفسه كلما ازدات تيهاً في الافق , وضياعاً في سماوات المجهول , كلما غمرتك السكينة , وفاض القلب بالسعادة . الدائرة علمتنا أن المخلوق لا يبلغ ملكوت السماوات اذا لم يتوغل في الارض اذا لم يسافر في الاسافل لان الناموس يقول أن المخلوق لن يجد نفسه اذا لم يفقدها , والدائرة لم تكن لتصير محراباً لو لم تكن منفى ,, والبلهاء الذين يدوسون الارض بأقدامهم يمّدون قامات الكبرياء ليبلغوا السماء طولاً لن يجدو الصراط , ولن يذخلوا الملكوت ما لم يزحفو على الارض ما لم يقبلو التراب , ويغوصوا في الرمل . على جبين هؤلاء المكابرين سطّر القدر نبوءة الشقاء , لانه لم يخبرهم أن المخلوف لا يبلغ القمة اذا لم يزحف على الحضيض , ولا يدرك سر الضّدّ اذا لم يعرف الضّدّ ... ولا يذخل الملكوت اذا لم يعبر دهليز الظلمات , ولا ينال الخلاص من صعب عليه المنفى .. والتضحية ثمن القداسة فلا يكون قديساَ من لم يقدم نفسه قرباناً
في المسافة يتخفى السر الذي يجعل المسافر يستمري التراب , فالمسافة تتواصل , الارض تمتد , العراء الذي يتوالد ويتوالد كأن في عناده حلّ وعد المجهول ولا ينوي أن يتوقف او ينكسر ,, وهذه المسافة التي لا تتراجع ولا تنعطف ولا تلتفت الى الوراء ةلا تتمهل لالتقاط الانفاس , ولا تنوي أن تتنحى عن ملاحقة الافق , فتنبثق البقعة من البقعة وتولد الرقعة من الرقعة فتكون من المساحات مسافة , المسافة تتدفق مع سيول السراب الى الامام لتصب في يم الافق , يلتهمها الافق بلهفة العشاق , ويطويها في جوفه ويركض بها الى الامام كأنها بشارة المجهول ,, يمضي بها الى الامام الذي ليس له حد ,, ولن يكون له حد يوماً لانه مشدود الى القوس , والقوس جزء من الدائرة , والدائرة لا تعترف بالمسافة ولا تعترف بالزمان والمكان , ولا تعترف بشريعة الاعلى والاسفل , السماء والارض , والظلمة والضياء, لانها خالدة في الزمان والمكان ...
والمسافر يلهث يهرول ولكنه لا يتوقف ولا يتمهل , ولا يلتقط نفساً , ولا يتجرع ماء, ولا يستطعم لقمة , ولا يتنسم عبيراً برياً , ولا يتمتع بصفاء المملكة التي تمتد أمامه , لانه اودع البصر للخلاء فتلقفه الافق في غمضة عين شّده أليه قاده بسلطان القوس وسار به الى المجهول .. وبالقدرة الخفية يجد المسافر أن قلبه قد صار في الدائرة , واذا بلغ دار راس المسافر ووجد نفسه في قيامة الدائرة , فيتمادى في الهرولة , ويتمادى ولا ينزل الصحراء حتى يسقطه الاعياء ارضاً , يسقط قبل أن تفتح الابواب ويدرك اليقين , وقتها يسلم الارض بدناً متعباً ينز عرقاً , ولكن الينبوع فيه قد شحّ , لانه ترك عصفوره الخفي في وطن آخر , وعندما ينتهي السباق ويعود المسافر من السفر يستثقل الوعاء ويستنكر على البدن أن يستمري التراب
لقد انسته الرحلة أن اللوم لن يلقى على الولد الرضيع الذي أفاق من سبات فتعلق بثدي امه وشاء أن يبقى في الحضن الى الابد ولكن اللوم في رقبة عصفور النور الذي ظاف المسافات وجرّب الضياء ثم عاد الى القيد وسكن القفص طوعاً
عندما لاح في الافق يعتلي السنة السراب الزرقاء بداء عملاقاً مثل مارد ينوي ان يشق الفضاء او جبل عمودي سقط من السماء وغاص في مياه تفيض بها الصحراء كلما حلت القيلولة وعاند لعبور المستنقع الفاجع حاول التخلص من فخ لم يكتب لعابر أن ينجو منه يوماً ولكن المسافر لابد أن يمضي اذا اراد ان يعبر المتاهة
وقف يراقف عراك الشبح مع السراب
ترجل عن السرج بقفزة الفرسان والظمأ غلبه ترنح وركع جاهد وعاند بكبراياء الابطال وقف على قدميه وشاهد في عينيه انكساراً خفياً ,, ليس تعب المسافة وليس حزن التيه ,, وأنما شيء آخر اكبر من الاتعاب وأعمق من الاحزان
حنين المجهول قاس ولذيذ ,, يستمر حريق حتى تستجيب مقلتاه للشعائر وتنحبس الدموع ولكنها تظل تتشبت بأهذاب العينين ولا تسقط على الارض ,, يتمنى لو تسقط الدموع حتى ينطفي الحريق في صدره وفي عينيه وفي الوجدان ,, يهمهم بأصوات غامضة تفلت الاصوات رغنماً عنه ولا يفهم لها سبباً ولا يدرك لها معني يتناهي الى سمعه لحن شجي بعدها يمتلىء قلبه بالجلال اطرافه ترتجف بالحمى ويحلّ في قلبه الوجد يستعيد الذاكرة ,, في تلك الحظة يشهد مصرع الغول ... يموت الزمان , يجد نفسه يقطع مسافة آلاف الاعوام بحساب الزمان دون ان يتحرك من المكان ...
زحف الغيهب على الافق فاحتجب الاغواء وانتقل الوطن الى مملكة السكون ... توقف المسافر .. هجع .. تمدد الى الارض . اعاد امانة قد حملها طويلاً ,, وتلقى التراب طيناً خرج منه يوماً وأغترب , هرع التراب الى التراب , ولكن العصفور الذي يرفرف في الصدر مضى يقطع المنفى , يحلق في فضاء الدائرة , تشكي التراب الى التراب , وازداد به التصاقاً ليخبره عن اوجاع الرحيل وفواجع الطواف فقبل التراب شكواه وشده اليه ليبدع له في حضنه عزاء , اندس كوم الطين في الرقعة , غاب في المحيط غاص البدن في البدن واحتمى الجزء بالكل ,, وراود العشيقان أمل في الا يفترقا الى الابد وذا السبب نبض القلبان بالحلم الجسور الذي رأى للعصفور مصير التيه الابدي حتى لا يعود الى القفص ليفسد خلوة العاشق بالمعشوقة ,, ويخطف من جديد الحبيبة من حضن الحبيب
طوبي لمن طلب ,, وبحث ,, وفتش,, وعرف كيف يفك الرموز ,, وبئس المصير لكل من خدعهم البريق وركضو وراءه وفضلوا وعاء الطين على عصفور النور ..!! كفن المخلوق اذ يرتضي الحشر ويختار المقام في قفص الطين الفاني
اخي الغول
كم كنت اتمنى ان لايستعجلو اخواني في الرد السابق
حتى تكتمل اللوحه
ولكن جمال تلك الكلما باسلوبها المميز جعلهم يتسابقون لملامست حرفك
الذي انار المنتدى
اخي العزيز
تقبل فاااائق اعجابي بتلك الكلماااات
ولا اعرف من اين جائتك الفكره
فعلا كلماتها صعبها وبها غموض عجيب
واسلوبها شييق
فتحياتي لك ولقلمك
وادامك الله كاتباً مميزاً
اخووووووك
أخي العزيز الغول
قلم مميز وفكر مبدع جعلتنا نرحل معك في هذه الرحلة التعبيريه الجميلة نتامل كلماتها ونفهم معانيها ونردد عباراتها ياله من خيال وادراك يحمل اسما المعاني ...
لك كل الشكر والتقدير ونحن بشغف كبير ننتظر الجديد...