ثمة قصتان تحملان دلالات على العلاقة بين الرجل والمرأة ، وعلى ماذا قامت أو كيف أسس لها المجتمع السعودي.
القصة الأولى تتحدث عن امرأة سقطت عباءتها وكان شعرها مكشوفا لحظة دخول النادل 'الكرسون' في المطعم ، لم يعلق زوجها على هذا المشهد ، مع أنه حريص على هذا الأمر ، سألته الزوجة عن أسباب عدم تعليقه على هذا الأمر ، فأكد لها وبصريح العبارة أن الأمر مرتبط بجنسية النادل ، وأنه أجنبي 'ما ينخاف منه'.
القصة الثانية عن امرأة حين تسافر للخارج تكشف عن وجهها في الأماكن العامة ، إن لم يكن هناك رجل أو عائلة سعودية ، تقول المرأة عن أسباب تغطيتها للوجه : 'الأمر مرتبط بنظرة الرجل الأجنبي والرجل السعودي' ، فهي تعتقد أن نظرة الرجل الأجنبي عادة ما تكون عابرة ، فيما نظرة الرجل السعودي ليست عابرة ، بقدر ما هي نظرة ذئب رأى فريسة ، أو هو يعتقد أن أي امرأة سعودية تكشف وجهها ، هي امرأة سيئة السمعة ، لهذا تجنبا لهذه تغطي وجهها ، كذلك تخاف أن يكون هناك شاب سعودي لم تنتبه له ، يصورها في جواله لينشرها بين أصدقائه أو على الانترنت بصفتي امرأة عاهرة ، وهذا الأمر قد يسبب حرجا لأسرتي ..
ترى لماذا يخاف الزوج 'في القصة الأولى' والمرأة 'في القصة الثانية' من الرجل السعودي ، أو ما الفارق بين الرجل الأجنبي ـ الذي لم يكترث الزوج لدخوله ولا هي المرأة تخاف من نظرته ـ وبين الرجل السعودي ؟
لا أعتقد أن الأمر مرتبط بالجينات ، فالبشر وإن زعم بعضهم أنهم يحملون مواصفات خاصة إلا أننا وفي نهاية المطاف نعود لأب وأم واحدة خلقا قبل ملايين السنين .
هذا يعني أن الأمر مرتبط بثقافة كل مجتمع ، وهذه الثقافة تشكل فكر الفرد ، قبل أن يصبح سلوكا يمارسه الفرد في المجتمع الذي شكل له رؤيته للأشياء .
من هذا المنظور يمكن لنا فهم مخاوفهما حين نحفر بهذه الثقافة التي أراها طارئة وليست أصيلة في المجتمع ، فقبل تأسيس الدولة السعودية وإلى نهاية القرن الرابع عشر الهجري ، لم يكن للرجل السعودي رؤية خاصة بالمرأة مختلفة عن الرجل الأجنبي ، ولا هو المجتمع كان مصابا بالريبة ، ولم تكن المرأة مرادفة للشيطان .
فمن عاش في السعودية قبل الثمانينات الميلادية ، يعرف كيف كانت العلاقة بين الرجل والمرأة ، وكان البعض يتفاخر بأخته 'أنا أخو نورة' ، وكيف كان يفسر المجتمع حديث 'الحمو هو النار' ، فالمجتمع كان يرى أن من يحاول إغواء أو اغتصاب زوجة أخيه كائن مختل نفسيا ، وأن المختلين قلة ، فيما الغالبية أسوياء .
وكان يمكن لابن الحارة قرع باب جيرانه وإن لم يكن هناك رجل في البيت ، ليطلب من بنت الجيران إحضار ماء ليشرب أو ليوصل ما طلبت منه والدته ، حتى الأم/الزوجة كان يمكن لها أن تذهب للسوق دون أن تصطحب أحدا يحميها من الرجل/الذئب ، وكانت الحارة/المجتمع لا ينظر لهذا العمل بمنظار لا أخلاقي .
كل هذا كان يحدث ، قبل أن يصبح اسم المرأة ووجهها عورة ، قبل أن يصبح تفسير 'الحمو' فاسدا بالمطلق ، فأصبح الرجل يخاف دخول بيت أخيه إن لم يكن موجود ، والزوج أصبح يشك في أخيه.
البعض يفسر ما حدث للمجتمع الآن نكوص أو ردة للماضي ، وهذا غير صحيح ، فقبل الثمانينات لم يكن المجتمع ولا هي مؤسسة التعليم تؤسس لفكرة أن العلاقة بين الرجل والمرأة لا يمكن لها أن تكون إنسانية ، وأنها تقع في إطار العلاقة الحيوانية 'ذئب وفريسة' .
فما حدث بعد الثمانينات أن فئة من المجتمع 'بغض النظر هل هي قليلة أم كثيرة' قدمت نفسها على أنها مرشدة وموجهة للمجتمع ، فانحرفت فيه عن إنسانيته وتطوره ، وقادته إلى طريق جديد ، هذا الطريق عنوانه 'الإنسان فاسد وعلينا مراقبته' ، فصنعت رجلا لا يمكن له رؤية علاقته مع المرأة بعيدا عن الجنس ، صنعت شبابا لا يمكن لهم الاقتراب من الأسر لأنهم في الأصل فاسدون .
ويخيل لي وأكاد أجزم أنك إن رددت على إنسان طوال مراحل نموه بأنه لا يمكن له أن يرى المرأة خارج إطار الجنس ، وأن العلاقة بينهما علاقة حيوانية فقط ، سيتحرك على هذا الأساس ، وإن ارتبطا بعقد زواج ، فلن تكون هناك علاقة خارج السرير ، وأكبر دليل رواج 'زواج المسيار' الذي يكرس هذه الفكرة ، فصدق الرجل والمرأة أن علاقتهما قائمة على الجنس ، الجنس فقط ، لهذا من الطبيعي أن يرى الرجل السعودي االمرأة منذ هذا الإطار ، فهم قالوا له : إن علاقته مع المرأة حيوانية فقط .
تنويه : أنا أتحدث عن نمط شخصية الرجل السائدة في المجتمع ، وأن لكل نمط 'قاعدة' شواذ
السلام عليكم اختي بنت الشمال اشكرك على مرورك بس الموضوع يجذب لهذا السبب وضعت العنوان وانا اعرف ان السعودي راسه مرتفعه ولا تهون الدول الثانيه بس الشر يعم والخير يخص
فعلا شدني عنوان الموضوع
واعتبر انه مبالغ فية شوي
تقدر تستخدم له اكثر من عنوان
لان هذ العنوان شوي صعب ولا يصلح اطلاقا
تقبل تحياتي
ولد الطائف
اختر العنوين المناسبة للمواضيع