أبي الغالي:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الخطأ يا أبت لايخلو منه بشر فهو صفة ملازمة للإنسان فكيف بالشاب الصغير؟ ومن واجب الأب أن يصحح خطأ ابنه وأن يوقفه على أخطائه والجميع يوافقه بل ينتظر منه ذلك
ولكن ألا تشعر يا أبت أن أسلوبك في معالجة الخطأ يحتاج إلى بعض المراجعة فهل يسوغ أن لاتترك صغيرة أو كبيرة إلا واجهتني بها؟ ثم لماذا تعالج الأخطاء بالقسوة دائما؟
كثيرة هي المرات يا أبت التي أتلقى فيها ضربا مبرحا أو لوما عنيفا أو صدا وإعراضا والسبب خطأ تافه لايستحق مجرد الوقوف عنده بل يا أبت إن بعض المواقف لاأكتشف خطئي فيها....... أو لاأقتنع أن مافعلته خطأ فضلا عن أن يصل إلى حد العقوبة
ما رأيك يا أبت لو تم علاج الخطأ من خلال المناقشة الهادئة والإشارة والتلميح والتغاضي عن بعض الأخطاء أحيانا ألا تتصور يا أبت أن هذا أولى؟
وأود أن تطرح على نفسك هذا التساؤل : هل المقصود من الإجراء الانتقام لأني أخطأت ؟ أم المقصود التخلص من الخطأ وتجاوز آثاره ؟
وعلى ضوء الإجابة يتحدد الأسلوب الأمثل في معالجته.
ويؤسفني يا أبت إن قلت لك إني مع يقيني أن مقصودك علاج الخطأ. إلا أن أسلوبك يشعرني أن المقصود هو الأول.
وتصور يا أبت أن بعض الآباء يسجن ابنه في دورة المياه أعزك الله والآخر قد جهز غرفة في المنزل لسجن ابنه حين يقع في الخطأ والثالث قد أعد سلسلة من الحديد يربط فيها ابنه حين يقع في الخطأ
أما الضرب المبرح والقاسي فهو لايخفى عليك سنة يمارسها الكثير من الآباء
إنك توافقني يا أبت أن هذا السلوك ينتج ابنا عدوانيا متبلد الإحساس ينظر إلى والده نظرة الكراهية والاشمئزاز ويتمنى فراقه بأي وسيلة ولو كانت الوفاة يا أبت
والبديل لذلك يا أبت ليس هو التدليل وترك الحبل على الغارب كما لايخفى عليك يا أبت.
أقول لك يا أبت إني مع الاعتذار الشديد كنت أحتاج إلى هذه المعاني فهلا استدركتها في حق إخوتي الصغار
أبي
عشت يا أبت في بيئة محافظة في قريتنا العامرة لاتعرف إلا الخير والفضيلة ولاترى ما وراء أسوار القرية
لكن نجلك يا أبت قد عاش في عصر آخر عصر عمت فيه الفتن وازدادت فيه المغريات وأصبحت يا أبت أستيقظ وأصبح وأمسي عليها
لقد كان غاية ماتعترض له يا أبت من فتنة امرأة ترتدي عباءتها وتسير تحت الحائط قد أثر في جنبها من التصاقها به
أما أنا يا أبت فحين أخرج من المنزل تقابلني يفوح العطر منها وقد أبدت مفاتنها وأخرج بعد ذلك للمدرسة فأجلس مع زملائي فأسمع منهم من الأحاديث مايثير الغافل.... ويوقظ الساهي..... وأعود إلى المنزل فأراها أمامي على الشاشة فاتنة سافرة..... تتكسر وتتغنج.... وحين أذهب إلى المحل التجاري أرى المجلات وقد زينت أغلفتها بهذه الصور... أما جهاز الفديو يا أبت فلايخفى عليك مافيه..... ويجهز علي مابقي جهاز الاستقبال الذي أصبح يعرض أمام ناظري قنوات العالم بأسره هذا ما أواجهه يا أبت وهذا ما أعاني منه
فهل لازالت بعد ذلك يا أبت تعاملني بعقلية العصر الذي عشته وألفته