العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > الإبداعات الأدبية
 
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 10-05-2003, 12:41 PM   رقم المشاركة : 1
النرجس
(سفيرة عالم الإبداع الأدبي )
 






النرجس غير متصل

.. *حديث النورس*..(قصه قصيره)

كعادتها كل مساء .. ضمت كتابها الى صدرها .. إنتعلت صمتها .. وسلكت الطريق المؤديه الى البحيره .. مكانها المعهود .. وجرحها الغائر .. وعشقها الأبدي .. حيث تركت قلبها منذ سنين مضت .. يوم انتزعته من مكانه .. ووارته التراب .
سارت اليها بخطوة تجرها أخرى .. وروحاً هائمه فارقتها الحياه .. واقدام سائره الى حيث اعتادت المسير ...
لما تسير ؟ ... كيف تسير ؟ ... أين تسير ؟ ... لا تعلم .
تراءت صفحة البحيره امام ناظرها.. راكده دائماً كركود مشاعرها .. وركود ايامها .. وركود ذكرياتها الخاليه من اي جديد.
وابتسمت بذبول حين أيقنت ان سرب النورس الذي حل بالبحيره منذ ايام قلائل لم يهاجر بعد .. ففي وجوده روحاً جديده أضفت على روتينها بعض التغيير ، والكثير من الألم اللذيذ .
إتجهت بلا وعي الى صخره قريبه حيث اعتادت ان تجلس دائماً .. وراحت تراقب قطيع النورس يسبح في محيط ناظرها .. كان جذاباً كالعاده .. ابيضاً كالعاده .. وساحراً كالعاده ... سألت نفسها ( الهجرة ، والنورس) أيهما منسوبٌ للآخر ؟ .. هذا الطائر الذي يحل بلا موعد .. ويغادر بلا موعد .. قد غرس في أحشاءها خنجر الغياب حين أوحى بمعنى الهجره الى قلبه .. قلب ذلك الشخص الوحيد الذي أحبته .. ودار أمامها شريط ذكرياتها يعرض لها مشاهد ماضيه غارقه في العذاب .. يوم أشار لها الى نورساً كان يسبح في الجوار.. وفشى لها امنيته الصادقه في ان يكون مثله.. بلا وطن .. مسافراً دائماً .. ومهاجراً للأبد .
لم يصلها المعنى المبطن .. وباركت له بغباء شعور الحرية الذي يغشى آماله .. و ذكرته ان الطيور عامةً تتخذ من الهجرة ردة فعل لها حين تسئ الأجواء من حولها .. وحين يعجز المكان عن أحتواءها.
تُرى .. هل حقاً أخفقت في احتواءه .. هل كل محاولاتها في ان تضئ دهاليز حياته بألوان طيف مشرقه باءت بالفشل ؟.
ومازال شريط ذكرياتها يدوور .. وقفزت للوراء عدة سنين .. الى ذلك اليوم .. حين ذهبت لملاقاته ككل يوم .. كانت البحيره هادئه أكثر من المعتاد .. وكان الصمت كئيباً أكثر من المعتاد .. وكان المكان خالياً من كل شئ .. من حسه .. من ظله .. وحتى من قطيع النورس الذي كان بالأمس فقط يسبح هنا .. ربما هاجر الى حيث يريد .. قصدت الصخره الموعوده وقد تأخر عنها بعض الوقت .. لمحت ورقه مغلفه بعنايه .. تناولتها .. وقرأت .."علمني النورس ان اكون ابيضاً عند البقاء .. ابيضاً عند الوداع .. ومابين هذه وتلك علمني معنى الهجرة البيضاء .. حين لا اكون مرغماً على تبرير الغياب .. وحين لا تكوني انت غارقه في اللوم والعتاب ".
طوتها بوهن .. وقبل ان تهم بالنهوض تحسست بيديها موضع ألم اعتراها .. غرست كفها بين ضلوعها .. وبألم الموت وسكراته .. أنتزعت قلبها من اوردته .. وتركته هناك .. حيث كانت الورقه .. ومنذ ذلك الحين .. تحولت الى امرأه بلا قلب .
وإذ حل الظلام .. نشلت بقاياها من ذاكرتها .. ونفضت عنها عذاب العمر.. حملت كتابها الذي لم تتصفحه بعد .. سقطت وردة كان قد اهداها لهل في اول لقاء بينهما .. راقبت سقوطها بلا أدنى اهتمام .. وردةً ألبسها اليباس ثياب الموت .. اخيراً سقطت .. لا تعلم هل كان الزمن بطيئاً لهذه الدرجه ؟ .. أم ان المسافه بين الكتاب والأرض طويله كطول سنين العذاب الماضيه ؟.
ومضت من حيت اتت .. وإذ ابتعدت قليلاً .. سمعت اصواتاً غريبه آتيه من الخلف .. التفتت الى حيث الصوت .. وكان سرب النورس يحلق في الاعلى بإتجاه الغرب.


النرجس ،







التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

 

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:33 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية