استدعى بعض إعلاميي الهلال المتعصبين، الدين لبث مزيد من الفرقة بين جماهير الناديين ، إذ أحضر أحدهم شيخا ليسأله عن وقوف فريق النصر دقيقة صمت قبل مباراته مع فريق "لاتسيو" الإيطالي على دائرة المنتصف قبل المباراة الودية ، تكريما لمتوفى ، فأكد له الشيخ أن هذا شرك ، وأن على لاعبي النصر أن يتوبوا إلى الله عز وجل ويستغفروه ويقولوا "اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا ونحن ونعلم ، ونستغفرك لما لا نعلم" .
هكذا وبسهولة تم اتهامهم بالشرك لاعتقاد الشيخ أن الوقوف دقيقة صمت نوع من أنواع العبادة لدى المسيحي ، وهناك من المشايخ من لا يدخلها ضمن الشرك ويخفف الأمر قليلا من باب أن الشرك أعظم الخطايا ، ويضع الأمر بمصاف البدعة وأن من أبتدع شيئا فهو ضال .
ولكن هل ما فعله فريق النصر يستحق وضعه على محك العقيدة ، وأن هناك خلل بعقيدتهم يجب إصلاحها ، أم أن ما قام به فريق النصر يستحق الشكر لأنهم أبدوا تعاطفهم مع الإيطاليين ولم يكونوا وقحين في العزاء ؟
أقول العزاء ، لأن الوقوف دقيقة صمت طريقة من طرق العزاء التي عادة ما ترتبط بالعادات والتقاليد ، ولكل مجتمع عادته وطرقه بالعزاء ، حتى على مستوى المجتمعات المسلمة ، فطرق العزاء بالسعودية تختلف عن مصر ومصر عن العراق ووو إلخ .
تخيلوا لو أن أحدنا ذهب لعزاء في مصر ، ثم أجبر أهل المتوفى أن يغلقوا القرآن أو يمنعوا المقرئ ، من باب أنها بدعة لا يقوم بها مجتمعه ، أو أحد المصريين جاء لعزاء بالسعودية وأراد إجبار المجتمع تغيير عاداته لمصلحة عادات الإخوة المصريين ، ما هي ردة فعل الطرفين ؟
ألن يقال له : لماذا لا تحترم حزننا وتصمت ، أو لماذا جئت للعزاء إن كانت عاداته لا تروق لك ؟
أعود للإعلام المتعصب والذي يمثل الغالبية العظمى من الإعلام ،
لأقول : على الجماهير مراقبة هؤلاء الإعلاميين المتعصبين ، ليشاهدوا كيف هم يتقلبون في آراءهم ، فحين يقف فريقهم دقيقة صمت يغضون البصر ، وإن فعل الفريق المنافس نفس الأمر استدعوا شيخا ليستتوبهم بحجة أنهم مشركين ، فهؤلاء المتعصبون يلعبون على عاطفة الجماهير لصناعة جماهيرية لهم ، في نفس الوقت يزرعون الضغينة والكراهية في قلوب الجماهير ، والكراهية لن تؤدي إلا للحقد ، والقلوب يفسدها الحقد .
أخيرا .. إن ما قام به فريق النصر يستحق الشكر لأنهم أرسلوا رسالة إيجابية للمجتمعات الأخرى ، بأننا شعب نتعاطف مع موتى الآخرين ، ولا نفرح لموت من يخالفنا بالعقيدة أو العرق أو العادات