إلى من هجر حرفي .. وقطع حبل وصلي .. وتركني مشدوه الفكر .. خائر القوة .. متسائل الكفين ..اكتب أصعب حرف ..وأربط أعصى جُمل ..أرسم حيلتي من جمال الألفاظ ، وأنتظر قوة ربي في تعاطف من قسى، وعليَ بلفظه نبا ..أكتب ما كان بالأمس جمالاً ..وهو اليوم في عينها قبحاً ..ألم يقل ذاك الأبعد :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ***ولكن عين السخط تبدي المساويا
سبحان الله !!
أهكذا تستل روح المحبة من قلوب النساء؟!!
ماأسهلها من ميتةٍ؟!! وما أسرعهُ من قدر؟!!
رباااااااه !!
أينك يالذيذة الوصال ؟!!
أكل هذا عليَ يكون بسبب جملة خانني فيها أدبي ، وارتج فيها معناي، فجاءت جملة نويتها خيراً ،فصارت هُجراً وشرا !!
أمامن صلاةٍ على فقيدنا -"الحب"- ؟!!
أهكذا يُشيع إلى مقبرة موحشة دون تكفين ولا تغسيل ، لظُلامةٍ طرأت عليه ؟!!
ما هذا بالنِصف؟!!
إن حق تلك الليالي السعيدة أن يُقام لموتها مأتماً وعويلاً ، يليق بما غمرت به أرواحنا من أُنسٍ وخروج عن دائرة الزحام الكوني !!
فهلاً عدتي لنُشيعَ جنازةً تنتظر جثتها؟!!
إن الورود لا تموت كالأشواك ..والصالحون لا تقبض أرواحهم كالأشقياء ..فما بال روح وصالنا تتقعقع بين أيدينا ولا نرأف لحالها ولو بطلقة رحمة تجعل نهايتها أكثر سكينةً مما نراه ، من موتٍ صافٍ من كل شئ إلا الموت نفسه !!
والله مـــــا طــلــبـت أهـــواؤنــا بـــــدلاً ***مـنـكم ولا انـصرفت عـنكم أمـانينا
إن سبب الإحَن هو سوء المَظن !!
فلماذا السبق بسئ الظن قبل حسَنه ؟!! وبهُجر القول قبل لطيفه ؟!! وبجاف الشعور قبل ليَنه ؟!!
تأن ولا تعجل بلومك صاحباً *** لعلَّ له عذراَ وانت تلومُ
يا لذيذة الوصل !!
إني أشتمُ رائحة كمَدٍ مُقبل ..نعم إنه الوداع .. وعند الوداع قال منحوس :
إذا اشتبهت دموعٌ في خدود *** تبين من بكى ممن تباكى
وعليه فليخرج ما ادخر ليوم أشد نزفاً ، وليُذع ما كان سراً يخشى على الرزانة منه ، نعم فاليوم نتقيأ صديد القلب ، وشواء الكبد ، وتلهب الأحشاء .
إن مصيبيتي - يالذيذة الوصل -أعظَمَها أن كفن مودتنا كان أسودا؟!!
فليت أننا جهزنا جنازةَ وْصلِنا ببياض الكلمة ، وسهولة التوديع !!
سبحان الله يا ندية اللفظ؟!!
إذا ما مات الوداد ، أفتموت معه الرحمه ؟!!
أين ذاك القلب الذي جاش بعطف ، وأسقى بكرم ، وجاد بحنو ؟!!
أفتتيبس عروقه من أجل جملةٍ ، جاءت نشاز معنى، وسوء نظم ، وعدم اتقان سبك !!
رباااااااااه !!
ما هذا بالنصف ؟!!
فأينك يا لذيذة الوصال ؟!!
ألم نتفق أن تكون "منىً " كالتي حكاها الشاعر في قوله :
منىً إن تكن حقاً تكن أحسن المنى *** وإلا فقد عشنا بها زمناً رغدا
أليس هذا اتفاق حرفينا ؟!!
فاجعليها "منىً " ، إن تحققت فذاك طعم العسل ، وإلم تتحقق فتلك رائحة الوردة !!
تبعثرت الكلمات أمامي كرماد ريح !! وهيهات من كانت كلماته ككلماتي أن يجمع حرف ، أو أن يصيغ معنى ، أو أن يستدر عاطفة !!
لكنني الآن أقف على خشبة صلبة من التأسي ، زادها تجلداً قول حكيم قال ذات تماسك : -
ولا عار إن زالت عن المرء نعمةٌ *** ولكن عاراً أن يزول التجملُ
فسأتجمل بجميل الصبر على فراق حرفك أولا .
وسأستتر بعدها ببرقع الأسى على تشوه صورتي عندك بما ليس فيها !!
وختاماً فإن " ابن زيدون" قد كفى العشاق نصف الحديث ، فكان خير وداع قاله عاشق لمن عشق : قول بن زيدون في وداع ولادة : -
عــلـيـكِ مِــنـي ســـلامُ اللهِ مـــا *** بَـقِـيَـتْ صَــبَـابـةٌ مــنـكِ نُـخْـفِـيهافَـتُـخـفينا
جنائن روح !!
ولعلها غسلين هم !!
العرض الشجري
