كـان أحمد بن طـولـون والي مصر ... رجل يـحمـل بين جـنـبـيـه صـفـتـيـن مـتـنـاقـضـتـيـن / الـكـرم ... فقد كان عطوفاً على الفقراء ... ينفق عليهم الكـثـيـر من ماله ، و الـظـلـم ... فقد بـلـغ عدد من مـات على يـديه 18000 !! بـل بـلـغ به الـجـور أن حـبـس قاضيه ( بكار بن قتيبه ) وكان من خيرة الناس و أزهدهم في الدنيا ...
و كـان في مـصـر آنـذاك رجـل صـالـح .. عـابـد .. زاهـد .. اسـمـه / بـنـان الـحـمّـال ... و ما كان من هذا الإمام إلا أن ذهب إلى ابن طـولـون ... فـوعـظـه و ذكـّره ... فما كان من ابن طـولـون إلا أن أمـر بـحـبـس الشيخ ... و أعـدامـه _ بأن يـلقى إلى أسـد فـيـلـتـهمه _ ... وكان ا لـخـبـر الذي سـارت به الـركـبـان ... و جــاء الـيـوم الـمـحـدد و اجـتـمـع الـنـاس ... و كان الأسـد الذي أخـتـاروه ... غـلـيـظـاً .. جـسـيـماً .. شـرسـاً ... و قد أجـاعـوه 3 أيـام لـيـنـفـذ حـكـم الإعدام في الشيخ ...
أجـلـسوا الـشـيـخ في قـاعة ... و أشـرف الـناس يـنـظـرون من الأعـلى ... و فـتـح باب الـقـفـص .. فـخـرج الأسـد و له زئـيـر يـخـلـع الـقـلوب ... فـلمـا رأى الـشـيـخ ... قـذف بـنـفـسـه إلـيـه ... فـفـزع الـنـاس خـوفـاً على شـيـخـهم الوقـور أن يـتـمـزق بين أنـيـاب الأسـد و مـخـالـبـه ... فـلـما اقـتـرب الأسـد من الـشـيـخ تـوقــّـف فـجـأة ... و أقـعـى على الأرض يـفـتـرش ذراعـيـه ... ثم أقـبـل على الـشـيـخ ... وكان يـصـلي _ فـأخذ يـحـتـك به .. و يـشـمـّه .. ( كـما يـصـنـع الكلب مع صـاحـبـه ) !!!
خـرج الأسـد عن وحـشـيـتـه ... لـمّـا رأى رجـلاً يـخـاف الله ... خـافه الأسـد ... و انـصـرف الـنـاس يـنـظـرون إلى الـشـيـخ فإذا هو ســاهم .. يـفـكـر ... فمن قائل : إنه الخوف أذهله عن نفسه .. و قـائل : إنه تذكر الموت .. و قائل : ؟؟؟
حتى سـأله ابن طـولـون : فـيم كـنـت تفكر ؟
فقال الشيخ : كنت أفكر في لعاب الأسـد ... أهو طـهر أم نـجـس ؟؟ !!!
فـكـان الـشـيـخ يـخـشى أن يكون لعاب الأسـد نجساً ... فيبطل وضـوءه ... ويـقـطـع صـلـته بــربــه ... رحم الله الشيخ بنان الحمال ... و أكثر في الأمة من أمثاله.