**إلى أطفــــــــــال العراق**
مادام يحكمنا الجنون ..
سنرى كلاب الصيد تلتهم
الأجنة في البطون ...
سنرى حقول القمح ألغاماً
وضوء الصبح ناراً في العيون
سنرى الصغار على المشانق
في صلاة الفجر جهراً يصلبون
ونرى على رأس الزمان
عويل خنزير قبيح الوجه
يقتحم المساجد والكنائس والحصون
وحين يحكمنا الجنون
لا زهرة بيضاء تشرق
فوق أشلاء الغصون
لا فرحة في عين طفل
نام في صدر حنون
لا دِينَ ..لا إيمان .. لا حق ٌ
ولا عِرضٌ .. مصون
وتهون أقدار الشعوب
وكل شئ قد يهون
مادام يحكمنا الجنون ..
********************
أطفال بغداد الحزينة
يرفعون الآن رايات الغضب
بغداد في أيدي الجبابرة الكبار
تضيع منّا ..تغتصب
أين العروبة ..والسيوف البيض
والخيل الضواري ..والمآثر .. والنسب ؟
أين الشعوب وأين العرب ؟
البعض منهم قد شجب
والبعض في خزي هرب
وهناك من خلع الثياب
لكل جَّوادٍ وهب
في ساحة الشيطان
يسعى الناس أفواجاً
إلى مسرى الغنائم والذهب
والناس تسأل عن بقايا أمة تدعى العرب !!!
كانت تعيش من المحيط إلى الخليج
ولم يعد
في الكون شئ من مآثر أهلها
ولكل مأساة سبب
باعوا الخيول
وقايضوا الفرسان في سوق الخطب
فليسقط التاريخ ... ولتحيا الخطب
أطفال بغداد الحزينة يصرخون
يأتي إلينا الموت في لبن الصغار
يأتي إلينا الموت في اللعب الصغيرة
في الحدائق .. في الأغاني
في المطاعم ... في الغبار
تتساقط الجدران فوق مواكب التاريخ
لا يبقى لنا منها... جدار
عارٌ على زمن الحضارة أيُ عار
من خلف آلاف الحدود
يُطلُّ صاروخ لقيط الوجه ..
لم يعرف له أبداً مدار
ويصيح فينا :
" أين أسلحة الدمار "؟!
هل بعد موت الضحكة العذراء فينا
سوف يأتينا النهار
الطائرات تسد عين الشمس
والأحلام في دمنا إنتحار
فبأي حق تهدمون بيوتنا
وبأي قانون
تدمر ألف مأذنة .. وتنفث سيل نار
يا سيد البيت الكبير
يالعنة الزمن الحقير
في وجهك الكذاب
تخفي ألف وجهٍ مستعار
نحن البداية في الرواية ...
ثم يرتفع الستار
هذي المهازل لن تكون نهاية المشوار
هل صار تجويع الشعوب
وسام عز وافتخار ؟!
هل صار قتل الناس في الصلوات
ملهاة الكبار؟!
هل صار قتل الأبرياء
شعار مجد .. وانتصار؟!
أم أن حق الناس في أيامكم
نهبٌ ,,, وذلٌ ,, وانكسار
الموت يسكن كل شئ حولنا
ويطارد الأطفال من دار .. لدار
ما زلت تسأل :
" أين أسلحة الدمار " ؟!
*********************
أطفال بغداد الحزينة
في المدارس يلعبون
كُرةٌ هنا ... كُرةٌ هناك
طفل ٌ هنا .. طفل هناك
قلم هنا .. قلم هناك
لغم ٌ هنا .. موت .. هلاك
بين الشظايا زهرة الصبار تبكي
والصغار على الملاعب يسقطون
بالأمس كانوا
كالحمائم في الفضاء يحلقون
******************
طفل صغير ..
ذاب عشقاً .. في العراق
كراسة بيضاء يحضنها
وبعض الفل .. بعض الشعر والأوراق
حصالة فيها قروش
من بقايا العيد ... دمعٌ جامدٌ
يخفيه في الأحداق
عن صورة الأب الذي
قد غاب يوماً ... لم يعد
وانساب مثل الضوء في الأعماق
يتعانق الطفل الصغير مع التراب
يطول بينهما العناق
خيط من الدم الغزير
يسيل من فمه
يذوب الصوت في دمه المراق
تخبو الملامح ... كل شئ في الوجود
يصيح في ألم : فراق
والطفل يهمس في أسى :
أشتاق يا بغداد تمرك في فمي
من قال أن النفط أغلى من دمي ؟!
بغداد لا تتألمي
مهما تعالت صيحة البهتان
في الزمن العمي
فهناك في الأفق البعيد صهيل فجر قادم
في الأفق يبدو سرب أحلام
يعانق أنجمي
مهما توارى الحلم عن عينيك
قومي .. واحلمي
ولتنثري في ماء .. دجلة أعْظُمي
فالصبح سوف يطل يوماً
في مواكب مأتمي
الله أكبر ... من جنون الموت
والزمن البغيض الظالم
بغداد لا تستسلمي
بغداد لا تستسلمي
من قال أن النفط أغلى من دمي ؟!
للشاعر .. فاروق جويدة