ملف :اليهود والخليج
بقلم :الامين العام للمؤتمر الشعبي لمقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني
تم نشرة في الصحافة الكويتية على حلقات
اليهود والخليج (1)
ما يحدث اليوم في فلسطين المحتلة من مذبحة هو بالضبط ما نحذر منه في المؤتمر الشعبي لمقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني، إذ إننا نعتقد في "المؤتمر الشعبي لمقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني في الخليج" إن العدو -من خلال قبول عدد كبير غير قليل من الدول العربية التطبيع معه- بدأ يشعر بأنه غير محاصر عربيا، لا بل انه يشعر بأنه قد نجح في اختراق صفوف العرب، من موريتانيا إلى قطر -أي من المحيط إلى الخليج فعلا لا قولا- لذا فبوسعه إن يستفرد بالشعب الفلسطيني وبوسعه أن يقتل محمد الدرة -الطفل الفلسطيني- (وما رمز إليه شر قتله ومعه مئات الشهداء والمصابين.
إن العدو يفعل ذلك لأنه مهما فعل فالتطبيع الذي حصل مع عدد غير قليل من الدول العربية يسمح له بأن يدخل قصور الحكم هناك ويخرج منها محملا بالهدايا الثمينة من سيوف مرصعة وجياد عربية أصلية، كما حدث مع بيريز ورابين.
التطبيع يحمي الصهاينة عربيا، وهو تفويض عملي وعربي لهم لكي يفعلوا ما فعلوا "وسيفعلون" في القدس ورام الله وغزة ورفح وأم الفحم وغيرها من البلدات في فلسطين المحتلة، ثمة علاقة طردية بين وتيرة التطبيع ووتيرة العربدة الصهيونية في فلسطين المحتلة، لذلك نحن نعتقد في "المؤتمر الشعبي لمقاومة التطبيع مع الكيان الصهيوني في الخليج" إن نقطة البداية الصحيحة لإيقاف انهيار الموقف العربي ازاء العربدة الصهيونية هي إيقاف كل أشكال التطبيع مع الصهاينة، وهذا يتطلب طرد ممثلي الصهاينة في العواصم العربية، سواء على مستوى سفراء أو مكاتب تجارية.
إن خطورة كهذه من شأنها إن تعيد التماسك النفسي للعرب إلى درجة طبيعية، وينبغي إن يتبع ذلك لا بل إن يواكبه الإفراج عن المجاهدين في سجون السلطة الفلسطينية الذين أودعوا هناك بتهمة "المقاومة" للصهاينة ويالها من مفارقة تاريخية!
ونجد لزاما على أنفسنا أن نفتح ملف "اليهود والخليج" لكي نساهم مساهمة متواضعة ابتداء من السبت القادم بإذن الله وتوفيقه في تحصين الرأي العام الخليجي ضد غوايات التطبيع مع الصهاينة التي بدأت في منطقتنا، وواجبنا الشرعي الإسلامي يقتضي مقاومتها ومقاومة كل ضواهرها والله الموفق.
اليهود والخليج (2)
بدأ اهتمام الموساد الحقيقي في شؤون الدول المطلة على الخليج في السبعينات لعدة أسباب:
أولها: أن منطقة الخليج في تلك الفترة ونظرا لارتفاع أسعار النفط وبشكل بارز احتلت الصفحات الأولى في الصحافة العالمية وكانت الدوائر الغربية متحسسة -يومئذ- من دور أوبك والتصرفات الغربية لمحمد رضا بهلوي (شاه إيران يوم ذاك) وتمرده (الإعلامي) على الغرب ودعواته لاتجاهات جديدة في أوبك.
ثانيها: أن دول الخليج العربية -التي تضم جالية فلسطينية ضخمة لا تقل عن ثلاثة أرباع مليون نسمة يوم ذاك- شهدت ميلاد تنظيمات فلسطينية تدعو لشن حرب عصابات ضد الكيان الصهيوني وقامت بعمليات فعلية هنا وهناك ضد المصالح الاسرائيلية والأمريكية (خاصة خطف الطائرات) وكانت معظم قيادات تلك التنظيمات تجد حضنا دافئا في دول الخليج العربية خاصة في الكويت وقطر.
ثالثها: أن العراق -بعد انقلاب تموز 1968- لوحظ عليه اهتمام في موضوع بناء ترسانة نووته واستقدام علماء من الاتحاد السوفيتي ومصر وكندا لتكوين الخميرة العملية التي تشكل قاعدة للانطلاق في هذا المجال.
هذه هي الأسباب الثلاثة التي حفزت الموساد للشروع في متابعة الوضع في بلدان الخليج: متابعة الجانب السياسي لموضوع النفط واسقاطاته على الأمن الصهيوني ومتابعة قيادات (العمل الفدائي) الذين كانوا يتحركون بكل حرية وعلنية في بلدان الخليج وسط أجواء الاحتضان الشعبي والرسمي لهم ومتابعة ما سوف تسفر عنه اهتمامات العراق الجديدة في الموضوع النووي وأثر ذلك على الأمن الصهيوني.
من الشخصيات المحورية التي لعبت دورا هاما في بلورة دور الموساد ونشاطاته في الدول المطلة على الخليج هو يوري لو برانيUri Lubrani سفير الكيان الصهيوني في طهران في السبعينيات الذي حول مقر البعثة الاسرائيلية في طهران إلى برج مراقبة للموساد لكل البلدان المطلة على الخليج: إيران والعراق والمملكة العربية السعودية والكويت وقطر والبحرين والإمارات وسلطنة عمان.
لقد وجد الطلبة الإيرانيون الذين اقتحموا مقر السفارة الإسرائيلية في طهران عشية الثورة الإيرانية 1979 أكواما من تقارير الوساد حول كل الدول المطلة على الخليج بعضها تم نشره وتوزيعه في أوائل الثمانينيات وبعضها تم الاحتفاظ به في طهران.
اليهود والخليج (9) (1-11-2000م(
اهتم الصهاينة بشكل خاص في الشئون العراقية لسببين :
أولهما : ان العراق حتى 1948 من أهم الأقطار العربية التي تقطنها جالية يهودية كبيرة لذلك سنلاحظ أن جامعة بغداد أصدرت عدة دراسات قيمة في هذا الخصوص تعني بموضوع الأقلية اليهودية العراقية ومن أهم الاختصاصين العراقيين في هذا المجال هو الأستاذ: خلدون ناجي معروف و د. احمد سوسة .
وثاني الأسباب ترجع لأهمية العراق في المنظور الصهيوني كقطر عربي يدخل ضمن خريطة إسرائيل الكبرى .
لذلك اهتم مركز شلواح في تل ابيب بشكل خاص بمتابعة الشؤون العراقية والتركيز في دراساته وابحاثه على " الجيش " في العراق فاصدر عدة دراسات من أهمها في رأينا دراستان :
الأولى : كانت بعنوان " عراق عبد الكريم قاسم Iraq Undeer Qassem" وهي تبحث في دور عبد الكريم قاسم والجيش عموما في انقلاب 14 تموز 1958 ودلالات ذلك الدور .
والدراسة الثانية : كانت لأليزر بئيري .. وهي بعنوان " دور العسكر في السياسة العراقية Army Officers Iraq Politics " .
ركزت الدراسة الأولى على التقاطب السياسي الحاصل في داخل الجيش العراقي عشية الانقلاب 1958 بين القوميين العرب " عارف عبد الرزاق و عبد الوهاب الشواف " والشيوعيين " حسين الرضى وعامر عبدالله وجمال الحيدري" وصعود نجم الشيوعيين في الجيش بمساندة عبد الكريم قاسم .
ويؤكد "دان" أن نفوذ البعثيين داخل الجيش لم يتأكد الا بعد محاولتهم اغتيال عبد الكريم قاسم في شارع الرشيد خريف 1959.
وعلى اثر هذه المحاولة - يتابع بورييل دان- تشكلت قيادة عسكرية بعثية نهاية 1961 "مكونة من على صالح السعدي وطالب شبيب وحازم جواد ومسارع الواوي وحمدي عبد المجيد وصالح مهدي عماش" .
اذا كانت هناك ثلاث حركات سياسية تنشط داخل الجيش العراقي : القوميين العرب والشيوعيون والبعثيون وحسم هذا التقاطب في 17- تموز-1968 لصالح حزب البعث .
في المقابل سنلاحظ ان دراسة بئيري تركز على الانقلابات العسكرية التي حصلت في العراق ما بين 1936 " انقلاب بكر صدقي" وحتى 1968 "انقلاب البعث" مع اهتمام خاص بالفكر الاجتماعي للانقلابين وخلفياتهم القبلية ؟
وهذه المتابعة الدقيقة من طرف الصهاينة للشئون العراقية - ومنذ فترة مبكرة - تشير الى تنبه مبكر لأهمية العراق من جهتين:
أولا: لأنه قطر عربي مركزي من الممكن أن يؤثر تأثيرا جوهريا على اتجاهات الصراع العربي الإسرائيلي ، وثانيا : لأنه دولة رئيسية تطل على الخليج العربي ومن الممكن أن تؤثر تأثيرا جوهريا - على النظام الاقليمي الخليجي وتوجهاته ومحصول ذلك - من الجهتين على الامن الصهيوني.
اليهود والخليج (10)- بقلم:د. عبدالله النفيسي - (4-11-2000)
صباح 14- يوليه 1980 ، كانت بطاقة " الرجاء عدم الازعاج DO NOT DISTURB " معلقة على باب الغرفة 9041 في فندق ميرديان القريب من قصر المؤتمرات في العاصمة الفرنسية باريس ، ولأن هذه البطاقة كانت معلقة طوال يوم أمس ساور العاملة الشك ، فطرقت الباب ولم يجبها احد فدخلت لتجده ملقى على الأرض وسط بركة من دمه ، فاستدعت الشرطة الفرنسية وقالت الشرطة في بيانها صباح ذلك اليوم أن القتيل مصري الجنسية واسمه د.يحيى المشد ، ولم يسرق من غرفته الا بعض الأوراق ومفكرة الهاتف أما محفظته فلم تمس بسوء ، د. يحيى المشد اختصاصي في علوم الذرة النووية واستاذ سابق في جامعة الاسكندرية ، وكان قد بدأ يتعاون مع العراق في مشروع "تموز" النووي منذ 1975 وقد وصل الى باريس توا للاشراف والكشف على بعض المواد النوويةالمنوي تصديرها الى العراق والأوراق التي كانت بحوزته تتعلق بالمشروع العراقي النووي وكان من الواضح ان القاتل يريد سرقتها لاهميتها وكان من الواضح ايضا ان القاتل يريد ان يحذر جميع العلماء العرب الذين ربما يفكرون في خدمة مشروع "تموز" النووي جنوب غربي بغداد.. من القاتل ؟ الموساد الاسرائيلي .
في مارس 1990 وامام منزله في بروكسل تم اغتيال د. جيرالد بل j.BULL وهو مصمم اسلحة كندي مميز استعان به الكيان الصهيوني كثيرا في فترات عديدة في مجال المدفعية وتمكن العراق من استدراجه لتصميم "المدفع العملاق SUPNJUN" وهو مدفع يعطي العراق ميزة كبيرة في قوة النار التي بحوزته من ناحية عسكرية ويمكن العراق من استخدامه في قصف اسرائيل بالروؤس البيولوجية والكيماوية وغيرها .
لقد تعاون جيرالد بل مع اسرائيل في منتصف السبعينات وكان يبيع خبرته في كل مكان : جنوب افريقيا والصين أيضا وكانت شركته "مؤسسة بحوث الفضاء SPACE RESEARCH CORPORATION" تقدم خبراتها في تصاميم الاسلحة لكل من يدفع وكان من الواضح ان جيرالد بل كان مرتاحا للغاية في تعامله مع العراق ولقد وجهت الموساد له تحذيرات كثيرة شفهية وخطية للآقلاع عن التعامل مع العراق الا ان بل لم يعر تحذيرات الموساد اهتماما فقتلته امام منزله في بروكسل مارس 1990، ان قتل جيرالد بل هو ايضا تحذيرا لجميع علماء العالم وهو تحذير من الموساد.
من الواضح وخلال عمليات اغتيال د. يحيى المشد و جيرالد بل ومتابعة الصهاينة وقلقهم من اي نشاط ايراني او باكستاني او عراقي او ليبي في مجال العلوم النووية نقول من الواضح ان الصهاينة يريدون احتكار هذه المعرفة وهذه المقدرة لصالح تفوقهم العسكري ، وانهم قد يلجأون الى كل السبل لتحقيق ذلك ، ولقد تمكن الصهاينة من بلورة اتفاقات "عملية" مع عدد كبير من الجامعات الغربية تحذر بموجبها تدريب الطلبة العراقيين والليبيين والباكستانين والايرانيين في مجال العلوم النووية ، وهذا مؤشر خطير لتواطؤ كبير صهيوني-غربي حتى في مجال المعرفة سوف يؤثر سلبا على النهضة العلمية في الخليج .
اليهود والخليج (11) بقلم د.عبدالله فهد النفيسي-(8-11-2000)
إيران اصبحت الآن دولة منتجة للسلام وقد اكتسبت من خلال الحرب مع العراق خبرة لابأس بها في هذ المجال ولذلك نجد أنه بحلول عام 1986 اختصت الصناعات العسكرية بنحو 64% من اجمالي الانتاج الصناعي وايران مهتمة كثيرا بتطوير مقدرتها النووية من خلال توظيف عوائدها النفطية في هذا المجال:
مابين 15-17 مليار دولار سنويا(انظر دراسة جليل روشنديل في المجلة الإيرانية للشئوون الدولية- تصدر باللغة الإنجليزية-العدد الخامس - ربيع 1993 ص208).
وبالاضافة للمفاعل النووي الايراني في بوشهر سنلاحظ ان العراق ومنذ 1975 بدأ يطرق الباب بقوة لدخول النادي النووي من خلال قيام المفاعل العراقي في منطقة التويثة (20 كيلو متر جنوب شرق بغداد).
لقد استثمر العراق مبالغ كبيرة في هذا المجال ما بين 1975-1980 ونجح في تكوين خبرة علمية لا يستهان بها واستقدم في تلك الفترة علماء مميزين ومبرزين من كندا وفرنسا ومصر وباكستان والمانيا الشرقية لتدريب العلماء العراقيين الشباب،ونستطيع القول بكل اطمئنان ان العراق بخطواته تلك قد بدأ فعلا في اتجاه الحصول على القنبلة الذرية-(انظر دراسة سيمورهيرش بعنوان: خيار شمشون THE S`AMSON OPTION- نشر دار راندوم هاوس-نيويورك-1991-ص:9-10) .
هذا النشاط الايراني من جهة والعراقي من جهة اخرى في المجال النووي اضف اليه النشاط الباكستاني الذي سبقهما والتطلع الليبي الى ذلك،كل هذا اقلق دوائر اليهود الاستراتيجية في داخل الكيان الصهيوني وخارجه.فباكستان-خاصة في عهد ذو الفقار على بوتو في السبعينات - قطعت أشواطا كبيرة في نشاطها النووي ولديها فريق محلي من العلماء الأفذاذ الذين استعانت بهم دول أوربية لتأسيس مراكز علمية للبحوث النووية أمثال د.عشرت عثماني ومنير احمد خان وعبدالقادر خان وبروفيسور محمد عبد السلام الحاصل على جائزة نوبل في علوم الطبيعة(PHYSICS)- عام 1979 (انظر دراسة ستيف فايسمان وهربرت كروزني بعنوان: القنبلة الاسلامية-THE ISLAMIC BOMB- نشر دار فيشون-دلهي-ص:15-17).
والعلاقات الخاصة والحميمة التي كانت تربط ذو الفقار على بوتو ببعض القيادات العربية (الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الامارات والعقيد معمر القذافي زعيم الثورة الليبية وقائد الجماهيرية) زاد من قلق الصهاينة ان يكون العرب قد بدأوا تمويل المشروع الباكستاني النووي وربما ذهب قلقهم الى أبعد من ذلك بكثير اذ أبدت القيادة الليبية وقتها اهتماما واضحا نحو الدراسة والاستفادة من التجربة الباكستانية في هذا المجال.
كل هذا القلق الصهيوني المتراكم أدى الى قرار اسرئيل بقصف المفاعل النووي العراقي 1981
اليهود والخليج (12)- د.عبدالله فهدالنفيسي-(11-11-2000)
العلاقات السعودية العراقية كانت قوية للغاية عام 1981/1975 لعدة أسباب موضوعية ليس هنا المجال المناسب للخوض فيها،وفي ظل استقرار العلاقات بين السعودية والعراق كان من الطبيعي ان يفتح المجال للتأثر والتأثير بين طرفي العلاقة،ولأن التجربة النووية العراقية كانت في تلك الفترة تعيش ايامها الذهبية كان من الطبيعي ان تتسرب الفكرة من العراق الى السعودية وهذا مما زاد من قلق اليهودالصهاينة في فلسطين المحتلة،ومن يتابع صحافة تلك الفترة سيلاحظ أن السعودية اهتمت بمتابعة تطور التجربة النووية العراقية ودراسة آثارها على ميزان القوى في الشرق الأوسط عموما والخليج والجزيرة العربية خصوصا،وبدأت تتسرب الى الصحافة الغربية تقارير تفيد بأن السعودية على وشك الدخول في نفس التجربة "انظرمثلا كريستيان ساينس مونتيور في 24-4-1979" لا بل ان مجلة "الحوادث" -القريبة من السعودية- نشرت في 20-7-1979 خبرا مفاده ان السعودية اشترت كل أسهم شركة كروز لوار Creusot Loire الفرع العسكري لشركة مبان شنايدر Amban-Schneider الفرنسية المختصة ببناء المفاعلات الذرية فازداد الصهاينة قلقا على قلق.
هكذا ظهر للصهاينة أن التجربة النووية العراقية قد تلهم العرب-لونجحت-بخيارات استراتيجية لم تكن مطروحة لديهم من قبل وسوف تكون هذه الخيارات-لوركبها العرب-بداية النهاية للتفوق العسكري الاسرائيلي عليهم،لذلك تفاعلت-في الاوساط الاستراتيجية الاسرائيلية-فكرة قصف المفاعل النووي العراقي (7-6-1981) جنوب بغداد وذلك لإرسال رسالة للعراق والسعودية وإيران بأن اسرائيل لن تسمح لهم بدخول النادي النووي.
ان اخوف ما يخيف اليهود الصهاينة هو اشتغال العرب والمسلمين في المجال النووي لأنه في نهاية المطاف سيعيد التوازن الى ميزان القوى والرعب بين الطرفين في الشرق الأوسط وليس ذلك في مصلحة اليهود على الإطلاق.
لمواجهة خطر التجربة النووية الباكستانية سنلاحظ أن إسرائيل تحالفت مع الهند في اي نزاع هندي-باكستاني وتتخذ من هذا التحالف برج مراقبة للتجربة النووية الباكستانية،ولأن قازاخستان تمتلك ترسانة نووية " من بقايا الترسانةالسوفياتية" وهي أول دولة إسلامية تتمكن من تحقيق التوازن النووي مع روسيا في المنطقة،سنلاحظ أن اسرائيل اقامت معها علاقات لمراقبة تجربتها النووية "انظر تحليل هذا الموضوع كما ورد في الفايننشال تايمزFTاللندنية-6-5-1992" وسنلاحظ أن اسرائيل تشجع كافة الدول للتوقيع على اتفاقية منع انتشار السلاح النووي الدوليىNPT دون أن تلزم نفسها بالتوقيع على هذه الاتفاقية حتى لاتكشف ما عندها من ترسانة نووية ضخمة في مفاعل ديمونا Dimona في صحراء النقب في فلسطين المحتلة لان التوقيع على هذه الاتفاقية يلزمها بالتفتيش الدولي لمفاعلها وهو أمر لايقبل به اليهود اطلاقا.
اليهود والخليج (13 (15-11-2000 )
عقد في بغداد 7-4-1975 مؤتمرعلمي ضم عددا كبيرا من الاختصاصيين العراقيين والعرب والاجانب المهتمين في العلوم النووية.
وكان واضحا ان المؤتمر يعبر عن رغبة العراق في غشيان النادي النووي. ويبدو ان المؤتمرقد نجح نجاحا كبيرا في تحفيز العراق بهذا الاتجاه. واتجه العراق بعدها إلى فرنسا لبناء مفاعله النووي ووقع الطرفان اتفاقا في 18/11/1975 بهذا الخصوص.
وبذا بدأت عملية لو انها انتهت إلى نهايتها لكان مقدرا لها ان تؤدي إلى شئ من التوازن في ميزان الرعب بين العرب والكيان الصهيوني. ولذلك سنلاحظ ان الموساد تحركت بطاقة كبيرة لمراقبة سعي العراق للحصول على السلاح النووي الذي يشكل "كلمة السر" في ميزان الرعب بين اطراف النزاعات في العالم اجمع.
في كتابهم "دقيقتان فوق بغداد To Minutes Over Boghdad" يحكي الاسرائيليون عاموس برلموتر ومايكل هاندل ويوري بارجوزيف كيف كان السعي العراقي "وعلى هامشه السعي السوري والليبي والسعودي" وقبله الباكستاني مبعث قلق متصاعد في اجهزة القرارا الاستراتيجي الاسرائيلي ويحكون أيضا- وبشئ من التفصيل" الكتاب من 192 صفحة " سلسلة من الاعمال الإرهابية والتخريبية التي قامت بها الموساد لاعاقة المجهود العراقي النووي "مثال على ذلك اغتيال د.يحيى المشد 14/7/1980 عالم الذرة المصري الذي تعاون مع بغداد في مشروع اوزيراك النووي وكذلك تفجير وتدمير المحولات الذرية الفرنسية التي كانت على وشك التصدير إلى العراق من فرنسا 6/9/1979" كل هذه الاعمال التي قامت بها الموساد كانت دليل قلق متصاعد لدى الاسرائيلين من أي مجهود عربي يسعى للحصول على السلاح النووي.
وبعد نقاش مستفيض في مجلس الوزراء الاسرائيلي صدرت الاوامر بقصف المفاعل النووي العراقي 7/6/1981 وكانت ضربة موجعة للمشروع تحمل دلالات سياسية واستراتيجية خطيرة، إلا إنها من جانب آخر تؤكد على أن ميزان التفوق العسكري الإسرائيلي على العرب يكمن في خانة السلاح النووي ولذا إذا أراد العرب إحداث شئ من التوازن بينهم وبين الصهاينة فينبغي عليهم التركيز على السلاح النووي والخبرة النووية.
سنلاحظ إن الصهاينة -بعد قصف المفاعل العراقي- بدأوا يركزون على التحالف الاستراتيجي مع الهند وذلك لتطويق التجربة النووية الباكستانية المتقدمة واحتمالات امتدادتها للخليج والعالم العربي، وكذلك سنلاحظ اهتمام الصهاينة بإقامة علاقات متميزة مع قازاخستان وذلك لأن الأخيرة دولة إسلامية لديها ترسانة نووية ربما تمتد -من خلال التعاون الإسلامي- إلى دول إسلامية أخري منها بالطبع الدول العربية، ان كل ذلك قلقا إسرائيليا من انشغال العرب والمسلمين بالتجربة النووية.
اليهود والخليج(15)- (22-11-2000)
تعتبر ورقة يهودا بن مائير في دراسة (مجلد) مركز جافي في جامعة تل أبيب والتي عرضنا لها-أي الدراسة- السبت الفائت، نقول تعتبر الورقة ذات نكهة خاصة إذ تتعرض لأبرز الظواهر في المجتمع الإسرائيلي والتي برزت خلال حرب الخليج 1991 وهي ظاهرة الخوف، فما بين الصفحات 327-355 يكشف بن مائير بعض الجوانب الهامة في تكوين الخواص الداخلية للمجتمع الإسرائيلي أي الجوانب النفسية والقيمية التي قد تغيب عن عدد كبير من العرب خارج الكيان الصهيوني.
ويؤكد بن مائير أن صواريخ سكود التي انطلقت من العراق وضعت الجمهور الإسرائيلي قبالة تجربة جديدة وعنيفة ومفاجئة للغاية.
ويقول بن مائير أن الإسرائيليين الذين عاشوا في الكيان الصهيوني طوال الخمسين عاما التي مضت وحتى 1991 كانوا مؤمنين بالتفوق العسكري على العرب أدركوا- من خلال تجربة صواريخ سكود التي أطلقت عليهم من العراق- أن أمن إسرائيل ما زال مخترقا وان الأضرار بإسرائيل وإنهاكها اجتماعيا ونفسيا أمر متاح حتى لدولة لا تجمعها وإسرائيل حدود مشتركة كالعراق، ويؤكد بن مائير أن الخوف والهلع سيطر على المدن الإسرائيلية الرئيسية وبالأخص-تل أبيب ورامات جان بحيث تحولت خلال الليل إلى مدن أشباح وقد هاجر ألوف الإسرائيليين نتيجة لذلك إلى الخارج.
وينتقد بن مائير الإعلام الإسرائيلي الذي ساهم في صناعة الهستيريا الجماعية لدى الجمهور الإسرائيلي (الجبان أصلا)، من جهة أخرى يؤكد بن مائير بأن إسرائيل 1991 أدركت كحكومة وكجمهور المدى المصيري الذي تعتمد فيه على الولايات المتحدة إذ لولا بطاريات باتريوت الأمريكية ووجود أطقمها معها من جنود وضباط أمريكان لتمكن العراق من أحداث انهيار عام اجتماعي وسيكولوجي بين الإسرائيليين وخاصة انه حتى الباتريوت لا تضمن ضمانا كافيا سلامة من يستعملها فوق أراضيه.
ومن آثار حرب الخليج 1991 على الجمهور الإسرائيلي-يقول بن مائير- تصاعد وازدياد كراهيته للعرب عموما وللفلسطينيين خصوصا، إذ أن دولة عربية (العراق) ترجمهم بالصواريخ بينما أهالي الضفة والقطاع- يقول بن مائير- يبدون فرحتهم ويتبادلون التهاني بهذه المناسبة التاريخية إذ لأول مرة تتعرض إسرائيل ومدنها الرئيسية لقصف صاروخي من دولة عربية على مدى نصف القرن الذي مضى.
أن دراسة مركز جافي حول حرب 1991 من شأنها أن تزودنا بأدوات فحص جديدة لأزمة الخليج وهي أدوات -نظن- أنها تسهم في توضيح كثير من زوايا الأزمة وكشف أسرارها
اليهود والخليج(16)- (25-11-2000)
زيارة الإرهابيين اليهود: رابين وبيرز ودوري جولد وديفيد زوهار وسامي رافائيل وغيرهم من المسؤولين الصهاينة للخليج والترحيب الذي لمسوه والهدايا الثمينة التي تلقوها"جياد عربية أصيلة وسيوف عربية مرصعة بالأحجار الكريمة" في بعض عواصم الخليج، كل ذلك فتح شهية الصهاينة لمزيد من النشاط في الخليج خاصة وان دول مجلس التعاون الخليجي رحبت باتفاقات" السلام" بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني ولم تمانع من الإعراب عن موافقتها على الشروع بروابط اقتصادية وتجارية مع إسرائيل كمقدمة لقيام علاقات دبلوماسية فيما بعد، ولا يخفى على أحد أن دول مجلس التعاون الخليجي تعرضت لضغوط أمريكية متصاعدة منذ 1993 لدفعها إلى روابط اقتصادية مع إسرائيل ولذا سنلاحظ أن دول مجلس التعاون الخليجي أعلنت في نهاية سبتمبر 1994 بأنها سوف تنهى مقاطعتها من الدرجة الثانية لإسرائيل وستنهي كذلك الحظر على الروابط البريدية والنقل الجوي غير المباشر وأنها ستسمح للأجانب الذين سبق وان زاروا إسرائيل بدخول أراضيها ومن الملاحظ أن الكويت سبقت زميلاتها في مجلس التعاون الخليجي عندما أعلنت أنها ستلتزم بكل ذلك ابتداء من أوائل حزيران 1993، علما بأن المقاطعة العربية من الدرجة الثانية والثالثة- حسب منشورات الغرف التجارية الإسرائيلية نفسها- كلفت إسرائيل خسائر تصل إلى أربعين مليار دولار على مدى السنوات الماضية"صحيفة دافار الإسرائيلية 1-2-1994".
ويلاحظ أن دول مجلس التعاون الخليجي قد حضرت مؤتمر الدار البيضاء الاقتصادي في أكتوبر 1994، واختلطت وفود مجلس التعاون الخليجي في ذلك المؤتمر مع تقريبا 130 رجل أعمال إسرائيلي معهم 8 وزراء في الحكومة الإسرائيلية وقد كان ذلك تشجيع كبير لليهود الصهاينة أن ينشطوا اكثر واكثر في الخليج خاصة، فاصدروا كراسة فاخرة تطرح مشاريعهم في المنطقة في عدة مجالات: السياحة والبيئة والمياه والطاقة وشركات إسرائيلية على أن يكون مقرها في دول الخليج وتشجعت بعض دول الخليج وتحمست لعلاقات اقتصادية مع إسرائيل عندما اتخذت إجراء من جانب واحد بالتوقيع على اتفاق مع إسرائيل في أبريل 1994 حول الطاقة الشمسية ووصل الوفد الإسرائيلي إلى مسقط لذلك الغرض في أول زيارة رسمية إلى إحدى دول مجلس التعاون الخليجي .
اليهود والخليج(17)- (29-11-2000)
- كانت السنوات 1994-1995 قد شهدت اتصالات نشطة بين دول مجلس التعاون الخليجي والكيان الصهيوني: وصول وفد إسرائيلي إلى مسقط في أبريل 1994 لتوقيع اتفاق حول الطاقة الشمسية، وفي نوفمبر 1994 وصل يوسي بيلين(وزير الاقتصاد الإسرائيلي آنذاك) الى مسقط، وفي ديسمبر1994 زار الإرهابي رابين(رئيس وزراء إسرائيل آنذاك) مسقط واجرى مباحثات مع السلطان قابوس، وفي ابريل1994 استضافت قطر اجتماع المياه وقد حضر الاجتماع وفد إسرائيلي، وقد عرضت سلطنة عمان في ذلك الاجتماع استضافة مقر مركز أبحاث شرق أوسطي لتحلية المياه ويستعين بالتكنولوجيا والخبراء الإسرائيليين في هذا المجال، وطرحت قطر في نفس الاجتماع مد خط أنابيب نفط إلى إسرائيل، وفي يناير1995 ظهر اندفاع العمانيين والقطريين نحو توسع العلاقات مع إسرائيل بشكل واضح وفي نوفمبر 1994 شارك رجال أعمال سعوديون وإسرائيليون في مؤتمر لرجال الأعمال عقد في آسبن Aspen بولاية كولورادو في الولايات المتحدة، وفي اكتوبر1995 شاركت دول مجلس التعاون الخليجي في المؤتمر الاقتصادي في الأردن بحضور إسرائيل عبر وفد ضخم ونشط وفي نوفمبر1995 أيضا حضر وفدان رسميان من قطر وعمان جنازة الإرهابي إسحاق رابين في القدس وقد اصدر مجلس التعاون الخليجي بيانا مشتركا يعرب فيه عن أسفه لمقتل الإرهابي رابين مبتكر سياسة تكسير عظام الذين يشتركون في المظاهرات ضد الاحتلال الصهيوني.
- هذه الانفراجة في العلاقات بني إسرائيل والعرب عموما والخليج خصوصا كان لها آثار اقتصادية إيجابية كبيرة على إسرائيل، فالمقاطعة العربية ومنها بالطبع الخليجية كانت تؤذي الإسرائيليين كثيرا ليس من حيث أنها تمنع التجارة بين العرب وإسرائيل بل من حيث أنها تمنع الاستثمار العالمي داخل إسرائيل، لذلك سنلاحظ أنه منذ ان تم التوقيع على اتفاق أوسلو بين عرفات ورابين نشطت الشركات العالمية في إقامة المشاريع المشتركة مع إسرائيل(مثل شركة جنرال موتورز و وستنغهاوس و سولومون برذرز و كيبل آند وايرليس و ديملر بنز و سيمينز وغيرها). وعلى أثر رفع المقاطعة العربية والإسلامية عن إسرائيل قام رابين بجولة 1994 في منطقة شرق آسيا(وقد كانت هذه المنطقة مغلقة في وجه إسرائيل بسبب المقاطعة العربية وبسبب عدم اعتراف الدول الإسلامية هناك بإسرائيل). وقد أدت زيارة رابين هذه إلى روابط اقتصادية واسعة مع الصين واليابان وفيتنام وسنغافورة والكوريتين و تايلند والفليبين وماليزيا. هكذا يتبين لنا أن انفراج العلاقات بين إسرائيل والخليج يصب في النهاية بشكل بارز لمصلحة إسرائيل ويوسع دائرة تحركها عالميا وينشط حركة الاستثمار العالمي داخل الكيان الصهيوني وليس في كل ذلك أية مصلحة لدول مجلس التعاون الخليجي وكأننا بذلك أصبحنا جزءا من المشروع الصهيوني.
اليهود والخليج (18)(2-12-2000)
-إذا كانت المصلحة القومية أو الوطنية هي التي ينبغي أن تضبط العلاقات بين الدول فيحق لنا أن نسأل: هل هناك مصالح خليجية في إسرائيل يستلزم تأمينها أو تتطلب انفتاحا من دول مجلس التعاون الخليجي على إسرائيل من أجل الحفاظ على هذه المصالح المفترضة وتنميتها؟ لا أظن ذلك و"الظن" هنا يأتي على سبيل "اليقين" كما في الآية:(الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم وأنهم إليه راجعون) البقرة 46.
سؤال آخر: هل هناك-من جهة ثانية- مصالح إسرائيلية في الخليج-لو تحققت-لافادت إسرائيل كثيرا سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي أو الاستراتيجي العام؟ ونجيب على السؤال: نعم هناك كثير من ذلك.
في رأينا أن الاختراق الدبلوماسي والاقتصادي الإسرائيلي لدول مجلس التعاون الخليجي يستهدف تحقيق ثلاث مصالح لإسرائيل في المنظومة الخليجية.
أولها تلبية حاجة الاقتصاد الإسرائيلي الملحة لمصدر طاقة قريب ورخيص "نفط الخليج" مقارنة بالنفوط البعيدة والمكلفة التي تستوردها إسرائيل حاليا.
وثانيا فتح الأسواق الخليجية ذات الأنماط الاستهلاكية المتسارعة لترويج المنتجات الإسرائيلية المعروفة بغلاء أسعارها وتدني جودتها.
وثالثها أن يكون لإسرائيل يد مباشرة في التأثير على النظام الإقليمي في الخليج والجزيرة العربية وتوتير العلاقات بين أطراف هذا النظام سواء في البحر الأحمر أو الخليج العربي على اعتبار أنهما يشكلان إطار للوحدة الاستراتيجية للنظام الإقليمي في الخليج والجزيرة العربية.
ومقابل ذلك لا نرى مصالح خليجية يمكن تحقيقها في إسرائيل أو في السوق الإسرائيلية لذلك- وبكل صراحة نقول في هذا الأمر- انفتاح دول التعاون الخليجي أو بعضها على الأقل على إسرائيل 1994-1995- يثير لدينا التوجيهات الدولية الأمريكية(تعويم) إسرائي اقتصاديا في المنطقة وبالتالي فرض قبو عدوانيتها الاستراتيجية علينا كأمة نمتد من الماء إلى الماء. ومن يتأمل في استهدافات إسرائيل في إقليم الخليج والجزيرة العربية ليس بحاجة إلى ذكاء لكي يكتشف أنها استهدافات لا تحقق لدول الخليج أي مصلحة بل نجزم بأن مصلحة أهل الخليج والجزيرة العربية تكمن في صد الاختراق الصهيوني للإقليم وعدم تشجيع بل مقاومة أية بادرات رسمية أو حتى شعبية للاتصال بالصهاينة. لقد آن الأوان لتقول شعوب دول مجلس التعاون الخليجي قولتها في هذا الأمر وأن تكف عن التفرج على الأحداث والتطورات وكأنها لا تعنيها.
اليهود والخليج(19)- (6-12-2000)
- الفكرة المركزية التي يتمحور حولها المشروع السياسي الذي يبشر به يحوشفات هركابي(Y-harkabi) منذ 1973 فكرة طموحة للغاية وخطيرة للغاية وخطيرة للغاية، فهذا الرجل-هركابي-كان يرأس ولفترة طويلة كل أجهزة الأمن الإسرائيلية-الموساد والشين بيت وأمان-وهو الأب الروحي والفكري لرابين وبيريز وهو المرشد الفكري والمرجع لحزب العمل الإسرائيلي-الحاكم حاليا.
- فكرة هركابي تطمح ليس فقط الى"تحييد" العرب إزاء التدافع التاريخي بين الإسرائيليين والفلسطينيين وإنما تطمح الى"تجنيد" العرب لخدمة المشروع الصهيوني.فمن يقرأ التقرير الذي أشرف على وضعه أثر حرب 1973 وقدمه للكنيست بعنوان"التقصير-المحدال" ومن يقرأ كتابه الخطير"العقل العربي The Arab Mind" والذي يشكل الأساس العلمي من وجهة نظر إسرائيلية لعملية التفاوض مع العرب ما بعد 1973، والذي يقرأ كل ذلك يدرك خطورة الانخراط والتوغل في التفاوض مع اليهود لما تقود إليه من تآكل استراتيجي للحقوق العربية والإسلامية في فلسطين المحتلة وهو تآكل تنبأ به هركابي قبل أن يهلك صيف 1995.
- على أساس نظرية"هركابي" زار الخليج رابين وبيريز و دوري جولد و ديفيد زوهار وغيرهم 1994-1995 بغية"فصل" الخليج وعزله عن التفاعل مع تطورات الصراع العربي الإسرائيلي وتحييده أولا ثم تجنيده ثانيا لمصلحة المشروع الإسرائيلي وكاد أن يحدث ذلك ويتم لولا الانتفاضة التي اشتعلت منذ شهرين في فلسطين المحتلة.
- سنلاحظ أن خطاب هؤلاء مع دول الخليج العربية لا يتطرق من قريب أو بعيد لموضوع الصراع العربي الإسرائيلي وتطوراته بل ينزع الحديث عن علاقات تجارية ومشاريع سياحية وبيئية وكأنهم بذلك يتحدثون مع جزر في الباسفيك شرابها من جوز الهند وخبزها اليومي يتحصل من إمتاع فلول السياح الغربيين السمجين.
- لكن بين الجدران وفي تكتم شديد كان هؤلاء"رابين وبيريز ودوري جولد وديفيد زوهار وغيرهم" يتحدثون مع الرسميين هنا في الخليج عن مواضيع أخرى غاية في الأهمية وبعيدة تماما عما يتحدثون عنه في مؤتمراتهم الصحفية"علاقات تجارية وبيئية وسياحية مع دول الخليج" فما هو أهم موضوع طرحوه في الخليج؟ وماذا كانت ردة فعل دول الخليج على ما طرحوه؟ وكيف ينبغي أن يتعامل الخليجيون في المستقبل مع مبادرات الصهاينة؟ وكيف تتمكن دول الخليج العربية"منظومة التعاون الخليجي بالذات" تحييد الضغوط الأمريكية في هذا المجال؟
اليهود والخليج (20) (9-12-2000)
خلال المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تبين للصهاينة بأن ثمة بنودا في المفاوضات من الصعب الالتفاف عليها خاصة في مرحلة الحل النهائي ومن أهم هذه البنود(عودة الفلسطينيين) إلى وطنهم الأم والذين يتوزعون في الشتات وعددهم لا يقل عن أربعة ملايين نسمة، وحيث إن الصهاينة يدركون بأنهم لن يسمحوا لهؤلاء بالعودة إلى فلسطين المحتلة، وحيث أنهم يدركون خطورة هذا الموضوع على أمنهم فهم يجتهدون منذ فترة طويلة-ومن وراء الكواليس- البحث عن بدائل عديدة لحل هذه المشكلة. ويبدو أن الصهاينة باتوا مقتنعين بأن الخليج من المناطق المناسبة لتوطين الفلسطينيين ومن هنا حرصوا-أي الصهاينة- على إقامة علاقات سريعة مع بعض دول مجلس التعاون الخليجي لكي تكون هذه العلاقات مدخلا مناسبا لطرح موضوع التوطين، ولذا سنلاحظ أن إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة دعمها في هذا الخيار فأرسلت الولايات المتحدة ولعدة مرات وفودا من إدارتها ومن الكونغرس لطرح هذا الخيار على دول مجلس التعاون الخليجي وفي تكتم شديد تم بحث هذا الموضوع مع منظومة التعاون ا لخليجي ولأن الصهاينة والأمريكان لم يفلحوا في هذا الأمر بدأت بعض الأوساط الإستراتيجية تلمح إلى ضرورة الضغط على دول التعاون الخليجي للانصياع لهذا الأمر وبدأ- كمثال- دوري جولد مستشار نتن ياهو يلقي المحاضرات ويكتب المقالات عن أهمية مساهمة دول التعاون الخليجي في(العملية السلمية!) من خلال المساعدة لحل بعض بنود الحل النهائي ومن أهم هذه البنود بند(عودة اللاجئين) إذ أوضح في اكثر من مناسبة أن لاعودة للاجئين الفلسطينيين وأن(المجتمع الدولي) عليه مسؤوليات تجاه هذا الموضوع وليس-على حد زعمه- إسرائيل فقط. وسنلاحظ أيضا أن هذا الموضوع قد طرح أيضا في العراق ولبنان وموريتانيا وبعض الدول الأوروبية وكندا، غير أن تركيز الصهاينة على الخليج أصبح ملفتا للنظر في هذا الخصوص، ويخطئ من يظن أن الصهاينة مهتمون فقط بسوق الخليج إذ الآن علاقتهم مع الصين متقدمة وسوق الصين مفتوحة ومشرعة أمامهم هي سوق تستطيع أن تستوعب كل ما ينتجه الإسرائيليون إنما أهم ما يربطهم الآن في الخليج هو(النفط والتوطين للفلسطينيين). ومطلوب من دول مجلس التعاون الخليجي أن لا تبحث هذا الموضوع مع الجانب الأمريكي أو الصهيوني في تكتم شديد بل ينبغي ان يطرح هذا الموضوع في العلن لتوليد رأي عام خليجي مضاد لهذه الخطوة التي رفضتها السلطة الفلسطينية وقطاعات كثيرة من الشعب الفلسطيني إذ تشكل التصفية الفعلية لحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه.ينبغي أن تستعين دول مجلس التعاون الخليجي برأي عام شعبي وجماهيري يرفض الضغوط الصهيو- أمريكية عليها في هذا الخصوص وعدم التعويل كثيرا على بحث الأمور داخل الغرف المغلقة.
اليهود والخليج(21) (13-12-2000)
-ثمة إجماع بين المؤرخين الصهاينة(دان رافيف ويوسي ميلمان وفرانك مانويل وبيرثا فيستر ويوجين روستو وباربارا تكمان ودينا بورات وناداف سفران ومايكل كوهين وايدي جاكبسون وغيرهم) الذين بحثوا في العلاقات الأمريكية الصهيونية بأن الكيان الصهيوني لا يستطيع التحرك أو التأثير في العالم الغربي إلا تحت المظلة الأمريكية فالولايات المتحدة الأمريكية هي (الجسر) الذي تمر عليه إسرائيل للوصول إلى العالم الغربي وبدون هذا الجسر لا تستطيع إسرائيل الوصول الى العالم الغربي، ولذا اهتم كثير من المؤرخين الصهاينة المعاصرين بدراسة العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة والعوامل التي ترفدها وتؤثر فيها سلباً أو ايجاباً(انظر كمثال كتاب يوسي ميلمان ودان رافيف وهو كتاب ضخم 537 صفحة بعنوان Friends in deed -دار نشر هابييريون- نيوريوك 1994)
-لاغرابة-إذن- أن يتجهم وجه وزير الدفاع الأمريكي وليام كوهين عشية انعقاد القمة الإسلامية في قطر وعلى أثر قرار قطر بإغلاق مكتب إسرائيل في الدوحة ويصرح بامتعاض بارز أن(على قطر إعادة النظر في قرارها ذاك وعليها إعادة فتح المكتب الإسرائيلي في الدوحة) ومن يراجع تصريحات كوهين في زيارته الأخيرة للخليج حول هذا الموضوع وحول الانتفاضة في فلسطين المحتلة وحول القمة العربية الأخيرة ودور مصر الرائد فيها، نقول من يراجع تصريحات كوهين كأنما يقرأ تصريحات وزير إسرائيل. فهو يقول عن الانتفاضة(على الفلسطينين أن يتوقفوا عن العنف) ويقول لمصر تعليقاً على انعقاد القمة العربية فيها واستدعاء السفير المصري في تل أبيب(على مصر أن تبقى داخل العملية السلمية لا خارجها).
-((( انتظروا البقيه )))