العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > ۞ مكتبة الــوٍد الإسلامية ۞
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-04-2012, 01:47 AM   رقم المشاركة : 11
الفتى المرموز
Band
 





الفتى المرموز غير متصل

شكرا أختى الكريمة شمس القوايل وبارك الله فيك وحفظك من كل سوء







قديم 18-04-2012, 01:50 AM   رقم المشاركة : 12
الفتى المرموز
Band
 





الفتى المرموز غير متصل

العلم عبادة الأنبياء والمرسلين
ما عبادة الأنبياء والمرسلين؟ عبادتهم هى التى قال الله له فيها {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} العلم: يتعلَّم هو من العليم سبحانه ويعلِّم الجهلاء كي يتفقهوا فى دين الله ولذلك ورد عن الصالحين أنه كان يأتيهم المريد يبول على نفسه – أى لا يعرف كيفية الاستنجاء ولا كيفية التَّطهُّر – فيمكث عندهم ثلاثة أيام فيخرج عالماً بالله هل ذلك أفضل أم صلاة ألف ركعة فى كل ليلة؟ يقول الحبيب {لأنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلاً واحِداً خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ}[1] وفى رواية{لأنْ يَهْدِيَ الله عَلى يَدَيْكَ رَجُلاً خَيْرٌ لَكَ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَغَرَبَتْ}[2] إذاً كانت عبادة رسول الله طلب العلم من الله بالزيادة ثم تعليم خلق الله ونشر دين الله وشرع الله جلَّ فى علاه وهى أعلى وظيفة وكان على ذلك أعلى المقربين والصالحين والوارثين لسيد الأولين والآخرين الذين ورثوا هذا الشأن أى الذي يعلِّم نفسه ثم يعلِّم غيره ولا يوجد فى الأمة رجل يتعلَّم فقط لقول الحبيب {بَلغُوا عَني وَلَوْ آيَةً}[3] فلو عرفت مسألة واحدة عليك أن تُعَلِّمها لزوجك ولأولادك ولجيرانك ثم لرفقائك فى العمل بحسب مقتضى الحال واجعل حديثك دائماً مع إخوانك المسلمين فى مسائل الدين لكن ليس للجدال ولكن للتعليم كي تدخل فى هذه الوراثة الكاملة للنبي الرءوف الرحيم التى يقول فيها {إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَاراً وَلاَ دِرْهَماًإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ[4] من ميراث رسول الله وكما لا يوجد في الأمة متعلم فقط كذلك لا يوجد فيها معلم فقط لأنه قال عز شأنه{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} إذ يسعى المرء لطلب العلم ممن فوقه ويعلِّم من دونه وهذه هي وظيفة كلِّ رجل فى هذه الأمة {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} لماذا يا رب؟{تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} وإذا فعلتم ذلك {وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} هنا يصح الإيمان بعد الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وهذا للأمة كلها {كُنتُمْ} أى جميعاً وذلك لأنك عندما تأمر بالمعروف فإنك ستأمر نفسك وتنهى نفسك فإن استجابت! لك تدعو زوجك فإن استجابت ستدعو أولادك فإن استجابوا ستدعو أهلك فإن استجابوا ستدعو جيرانك إذاً يجب على كل مسلم أن يكون فى هذا الباب وينافس فيه ليفوز بنصيبه الوافر مع الأحباب من النبي فى العلم الذي ورثَّه الله له فى الكتاب ولذلك فإن النبي يقول واسمعوا هذا الحديث وعوه {مَنْ غَدا إِلى المسْجِدِ لا يُرِيدُ إِلا أَنْ يتَعلَّمَ خَيْراً أَو يُعَلِّمَهُ كان له أجْرُ حاجٍّ تاماً حجَّتَهُ}[5] وقال أيضاً {مَنْ جاءَ مَسْجِدَنا هذا يَتَعَلَّمُ خَيْراً وَيُعَلِّمُهُ فَهو كالْمجَاهِدِ في سَبيلِ الله}[6] أى الذي يأتى إلى المسجد كي يتعلم يكتب له أجر حجة تامة كاملة كم ينفق الواحد منا ليحظى بهذا الأجر عندما يحج؟ وكم يبذل من التعب والعناء ليحظى بأجر الحج ؟ كل ذلك وهو لا يعلم إن كانت حجته بعد هذا تامة وكاملة أم ناقصة ولكن من جاء المسجد للعلم فقد حظى بهذا الأجر بفضل الله تاما غير منقوص من غير تعب ولا عناء ولا شقاء ولا مصاريف ولا فلوس ومن يأتى المسجد كي يُعلّم كذلك يكتب له خيرٌ من عبادة ستين سنة وهنا إشارة لماذا ذكر النبى الاثنين؟لأنه كما قلنا فإنك تعلم وتتعلم فلا يوجد معلم وفقط فسيدنا موسى عندما قال له بنو اسرائيل: من أعلم الناس يا موسى؟ قال: أنا عاتبه الله على ذلك لأنه لم ينسب العلم إلى العليم ومع أنه نبي وكليم إلا أن الله أمره أن يذهب إلى عبد متواضع متوارٍ كالذين يقول فيهم الرءوف الرحيم {أَلاَ أُخْبِرُكَ عَنْ مُلُوكِ الْجَنَّةِ؟ قُلْتُ: بَلَىٰ قَالَ: رَجُلٌ ضَعِيفٌ مُسْتَضْعَفٌ ذُو طِمْرَيْنِ لاَ يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ}[7] وكان العبد على هذا المثال وقد مشى سيدنا موسى إليه وعندما سارا معا رأيا عصفوراً نقر نقرتين فى البحر فقال العبد لموسى كما جاء {مَا نَقَصَ عِلْمِي وَعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ اللّهِ إِلاَّ مِثْلَ مَا نَقَصَ هذَا الْعُصْفُورُ مِنَ الْبَحْرِ}[8]{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} كذلك سيدنا سليمان عندما كان يجلس مع خاصته وقال {عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ} وعندما ذهب ليتفقد الطير قال{مَا لِيَ لَا أَرَى الْهُدْهُدَ} بعد ذلك جاء الهدهد فسأله أين كنت؟ قال: أحطت بما لم تحط به وانظر إلى إعجاز الله وتعليم الله وتأديبه لأنبياءه ورسله فأين نذهب نحن يا إخوانى عندما نسمع واحداً منا وهو يقول: أنا العالم فلان وإذا قلنا له:هيا نحضر مجلس علم لفلان يقول: ماذا سيقول أكثر مما عندي وماذا تملك يا مسكين من العلم فالعلم كله فى العالم كله من الذي يستطيع أن يجمع العلم كله؟ وقد جمع الإمام جلال الدين السيوطى مائة ألف حديث لرسول الله بأسانيدهم فلان عن فلان عن فلان ثم جاءه رسول الله فى المنام كي يُشَرِّفه وقال له كي يبشِّره: اقرأ علىَّ يا شيخ الحديث وقرأ على رسول الله بعض أحاديثه فى المنام ، ومع أنه صلى الله عليه وسلم أعطاه مرتبة شيخ الحديث إلا أنه قال: "جمعت مائة ألف حديث عن رسول الله ولا أظن أنى جمعت حديث رسول الله كله لماذا؟ لأن أصحاب رسول الله تفرقوا فى البلاد وكان مع كل رجل منهم أحاديث سمعتها أذناه ووعاها قلبه لم يسمعها غيره من رسول الله ولذا فإنى أعجب عندما يأتى رجلٌ ويقول: هذا الحديث لم يرد؟ من الذي أدراك؟ وكل ما عليك أن تقوله هو أن هذا الحديث لم يمر علىَّ أو أنى لم أسمعه ولم أطلع عليه فهل يوجد ياأيها القراء الكرام على ظهر البسيطة من عصر حضرة النبي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها من جمع كل تراث النبي من الحديث؟ إن كان فأين هو؟ وذلك لأن كل كلمة كان يقولها رسول الله كانت حديثاً سواءاً كان يقولها لواحد أو لإثنين أولثلاثة فهى حديث وقد كانت عبادة رسول الله طوال النهار تعليماً ثلاثة وعشرون سنة كلام وعمل من الذي يستطيع أن يجمعها وأين السجلات التى تدونها وتستوعبها وأين الشرائط التى تسجلها إذاً من الأدب مع حضرة النبي ألا يقول أحدٌ أن هذا الحديث لم يرد بل يقول: لم أقرأه أو لم أطلع عليه أو لم أسمعه لأنه من الجائز أن يكون قد سمعه غيره أو جمعه أو حفظه ومن حفظ حجة على من لم يحفظ وبذلك فإن أول عبادة خاصة يتقرب بها المتقربون لينالوا محبة الله أن يتفقهوا فى الدين ليعملوا به أولاً فى أنفسهم ثم يعلِّمون غيرهم من عباد الله المسلمين وأكرر بوضوح لا يتعلم ليُعَلِّم لا ولكن يتعلم أولاً ليعمل فإذا عمل به وانفعل قلبه بنور عمله يبلِّغ بعد ذلك عن ربه أو عن نبيه فلا يتعلم ليقال عالم وإلا كان هذا أجره {فَقَدْ قِيلَ}[9] ولا يتعلم ليجادل لأن ديننا ينهى عن الجدال الذي يقول فيه نبينا {أَنَا الزَعِيمُ -الضامن- بِبَيْتٍ فِي رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلاَهَا، وَبِبَيْتٍ فِي أَسْفَلِهَا لِمَنْ تَرَكَ الْجِدَالَ وَهُوَ مُحِقٌّ، وَتَرَكَ الْكَذِبَ وَهُوَ لاَعِبٌ، وَحَسُنَ خُلُقُهُ لِلنَّاسِ }[10] وذلك لأن الجدال يُوَرِّث الضغائن فى النفوس والأحقاد فى القلوب ويدفع للكذب فى الحجج ويدفع للتبجح والتعنف ولذلك أمر المسلمين بمنع الجدال بالكلية من الذي يجادل يا رسول الله؟ قال {مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إِلاَّ أُوتُوا الْجَدَلَ}[11] إذاً فالجدل دليلٌ على غضب الله هل معنى ذلك ألا نتناقش فى العلم؟ لا ليس ذلك ولكن هناك ما يسمى بالمناظرة أنا أدلي برأيي والثانى يدلي برأيه لكن أخضع لصاحب الحجة الأقوى بلا تعنت أما المجادل فهو المصرُّ على رأيه ويريد أن يفرضه على الآخرين ولو كان خطأً وهذا ما نهى عنه نبي الإسلام وهذه الآداب ذكرها رسول الله فى الحديث الشريف حيث يقول{مَنْ تَعَلَّـمَ الْعِلْـمَ لِـيُبَـاهِيَ بِهِ الْعُلَـمَاءَ أَوْ يُـمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَـيْهِ أَدْخَـلَهُ الله جَهَنَّـمَ }[12] إذاً علينا أن نطلب العلم أولاً للعمل به ثم بعد ذلك نعلِّم غيرنا طلباً لمرضاة الله ورغبة بإخلاص وصدق فى نشر دين الله لا للتمشيخ على عباد الله ولا لإكتساب المنزلة بين خلق الله فإن كل ذلك فانٍ يوم لقاء الله وذلك مثل إمام العلماء بعد سيد الرسل والأنبياء علمه الله فقال كما قال عنه مولاه فى كتابه {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً} لماذا؟ لأن الجزاء الوافى عند رب العالمين

[1] صحيح البخارى ومسلم عن سهل بن سعد. [2] من حديث أبى رافع فى جامع بيان العلم وفضله لأبن أبى بر [3] رواه البخارى وأحمد والترمذي عن ابن عمرو [4] رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي عن أبى الدرداء [5] عن أَبي أُمامةَ ، رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون كلهم. [6] عن أبي هريرة المستدرك على الصحيحين [7] سنن ابن ماجة عن معاذ بن جبل. [8] البخارى ومسلم عن ابن عباس [9] من حديث "فعلت ليُقال" رواه مسلم عن أبي هريرة. [10] رواه الطبراني عن ابن عباس. [11] رواه أحمد والترمذي وابن ماجة عن أبى أمامة [12] رواه الطبراني فى الأوسط والبزار عن أنس بن مالك.







قديم 18-04-2012, 08:28 PM   رقم المشاركة : 13
الفتى المرموز
Band
 





الفتى المرموز غير متصل

قضاء حوائج الناس
الباب الثاني فى العبادات الخاصة الذي كان يقصده الخواص من أصحاب رسول الله هو قضاء حوائج المؤمنين والسعى فى مصالح المسلمين ابتغاء وجه الله والناس فى هذا الزمان لا تعتبر هذا العمل عبادة وإنما تعتبره خدمة مقابل خدمة أو رشوة مقابل آداء الخدمة وهذا هو الذي صَعَّب حياة المسلمين وجعلها حياة مملوءةً بالمشقة والتعب والعناء أما سيدنا رسول الله فقد علم الرعيل الأول السعى فى هذا العمل منهم سيدنا أبو بكر الصديق الذي كان يمشي فى طرقات المدينة ليتحسس أحوال المسلمين ويبحث عن المسكين الذي لا عائل له ولا أنيس له ولا مصدر دخل له ليقوم به ويمده طلباً لمرضاة الله وكم فى الأمة من مسكين ليس له ناصر ولا معين ولا عائل ولا دخل وانشغل المسلمين بأمورهم الشخصية وشهواتهم البطنية عن هذه الأحاسيس الإيمانية التى نبه عليها خير البرية بقوله {لَيْسَ بِالْمُؤْمِنِ الَّذِي يَبِيتُ شَبْعَاناً وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ}[1] وقد يبيت المرء فى الصلاة أو فى قراءة القرآن لكن جاره جوعاناً ولا يملك شيئاً فهل تجزئ هذه الصلاة؟ هل تنفعه هذه الطاعة عند الله وتمنعه من المسائلة يوم لقاء الله ذلك مع قول الله فى حديثه القدسي يوم القيامة {يَا ابْنَ آدَمَ مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي. قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ:أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلاَناً مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي قَالَ:يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ؟وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ:أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذٰلِكَ عِنْدِي؟ يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ فَلَمْ تَسْقِنِي. قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ؟وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ قَالَ:اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلاَنٌ فَلَمْ تَسْقِهِ أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذٰلِكَ عِنْدِي}[2] ماذا يقول؟ هل يقول: كنت أصلي؟لمَ لا تتحسس أحوال إخوانك المسلمين؟وقد كان سيدنا أبوبكر يتحسس وكذلك سيدنا عمر كان يتحسس لا يتجسس فإننا الآن نتجسس لكنهم كانوا يتحسسون والفرق نقطة بين التحسس والتجسس لكن هذه النقطة تجعل الفرق بينهما كما بين المشرق والمغرب فهذا من عمل أهل الجنة وذاك من عمل أهل النار وقد رأى سيدنا أبوبكر مسكينةً لا عائل ولا زائر لها فكان يذهب لهذه المرأة العجوز ليقضى لها كل مصالحها فيكنس البيت ويرشُّه ويملأ لها الماء ويأتى لها بالطعام ويصنعه لها ثم يذهب وكان سيدنا عمر كذلك وكان تنافسهم فى هذا المجال {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} وليس التنافس فى الحطام كما يحدث في هذه الأيام وعندما كان يبحث سيدنا عمر عن أمثال هؤلاء المنقطعين عثر على هذه العجوز لكنه كلما ذهب إليها وجد جميع مصالحها مقضيَّة فسألها عمن يقوم لك بذلك؟ قالت:هناك رجل يأتيني كل يوم لكنى لا أعرفه قال: متى يأتى؟ قالت: قبل الفجر بساعة قال: أنتظر قبل الفجر بساعتين لأرى من يكون هذا الرجل وعندما فعل وجد أن الذي يذهب للمرأة هو سيدنا أبوبكر فعاتب نفسه شديداً وقال: تباً لك يا عمر أتتبع أسرار أبى بكر هذا حال الأولين وكان على ذلك التابعون بل كنا نسمع سلفنا الصالح بعد ختام الصلاة يقرأون الفواتح ومن ضمنها الفاتحة للمنقطعين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم الذين لا زائر لهم ولا أنيس فكان أقل ما يحرصون عليه نحوهم الدعاء لهم أى أنهم يتذكرونهم ويذكرون الناس بهم ولكن كيف صار الحال اليوم أصبحنا نسمع فى هذه الأيام فى الكثير من بلاد المسلمين أن الجيران اشتموا رائحة كريهة ولما أبلغوا الشرطة وأتت وفتحت الباب يجدون شيخاً كبيراً أو أمَّاً كبيرة قد ماتت وتحلل الجسم وأنتشرت الرائحة وقبلك لم يشعر بها أحد هل يصح أن يحدث هذا فى مجتمع المسلمين والمؤمنين؟ كيف؟ نفترض أنه ليس لها ابن ولا أخ ولا أخت ولاقريب أليس لها جيران؟ للأسف أصبح الجيران كلٌ مشغولاً بنفسه ولا يريد أن يلقى السلام على جاره إلا إذا قبض ثمنا دنيوياً وهذا من الأمراض التى استشرت الآن فى الأمة المحمدية لأنهم ظنوا أن العبادات التى يريدها منهم ربُّ البرية هى الصلاة والصيام والزكاة والحج والشكليات وتلاوة القرآن ونسوا الواجبات نحو المسلمين والمسلمات وهو أعظم الواجبات والنوافل والقربات فى حق المسلمين والمسلمات كما أخبر بذلك وعلمنا سيد السادات عندما يأتى للواحد منا خيرٌ يفرح له الجيران؟ كذلك لو حصل على منصب كبير يفرح الجيران لأن جميع مصالحهم ستقضى لكن حدث العكس عندما تولى سيدنا أبوبكر خلافة المسلمين فقد فوجئ بأن جيرانه غير سعداء بذلك فسألهم عن السبب؟ فقالوا: أنت الذي كنت تحلب لنا الإبل والشياه والماعز أما وقد أصبحت الخليفة فإننا لن نجد من يحلب لنا فقال: سأظل على عهدى معكم فكان يفعل ذلك من أجل دوام المحبة ففى ابن عساكر عن أبى هريرة عن النبى{تهادُوا تَحَابُّوا} فكان يهديهم وقته وجهده حتى بعد أن صار حاكماً وهكذا أمر الحبيب ومن يجلس فى خلوة فى بيته ولا ينزل منه إلا لصلاة الجمعة ويقول: أنا مشغول بالله وأصلى وأصوم وأتلو القرآن هل يستوى هذا مع من يرعى مصالح الجيران؟ لا فإذا كان هناك لمسلم حاجة وأنا أستطيع ابلاغها فإن حضرة النبي قال فى ذلك {أَبْلِغُوا حَاجَةَ مَنْ لاَ يَسْتَطِيعُ إِبْلاَغَ حَاجَتَهُ فَمَنْ أَبْلَغَ سُلْطَاناً حَاجَةَ مَنْ لاَ يَسْتَطِيع إِبْلاَغَهَا ثَبَّتَ الله قَدَمَيْهِ عَلَىٰ الصِّرَاطِ}[3] لماذا يا رسول الله؟ قال{مَنْ مَشَىٰ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ وَبَلَغَ فِيهَا كَانَ خَيْراً مِنِ اعْتِكَافِ عِشْرِينَ سَنَةٍ، وَمَنِ اعْتَكَفَ يَوْماً ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ ثَلاَثَةَ خَنَادِقَ، أَبْعَدُهَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ}[4] أيَّة مصلحة فإن كان جارى لا يستطيع شراء الخبز وأنا أستطيع واشتريته له فإنه يُكتب لى فى كل يوم عبادة ستين سنة كذلك إن كانت جارتى مريضة وليس عندها ماء وأنا عندي وملأت لها يومياً فإنى كذلك آخذ كل يوم عبادة ستين سنة وإذا لم يكن عندها كبريت وأعطيتها عود كبريت فإنى كذلك آخذ أجر عبادة ستين سنة وكذلك فى كل شيء إن كان صغيراً أو كبيراً لكن للأسف امتنع الناس عن هذه الأشياء الآن وصدق قول الحكيم العليم {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}أى المعونة فلماذا تحرمون أنفسكم هذا الأجر وليس هذا وحسب لكن سيدنا رسول الله قال {من قضى لأخيه حاجة كنت واقفاً عند ميزانه فإن رجح وإلاّ شفعت له}[5] فأين العبادة التى تُحَصِّل ذلك؟ هذه العبادة لو كانت موجودة بيننا جماعة المسلمين فمن الذي يحتار من الموحدين؟أما الآن فقد أصبحت المصالح معلقة بالمصالح مع أن قضاء المصالح عبادة الصالحين وعبادة من يريدون أن يكونوا ورثة لسيد الأولين والآخرين لذلك أراد رسول الله أن يُعّرف أصحابه روَّاد مسجده المبارك الذين كان معظمهم قائماً للَّيل منهم من يصلى ومنهم من يقرأ القرآن العبادة الأهم فقال بعد صلاة الفجر واستمع لأبى هريرة يروى قال{قالَ رَسُولُ اللّهِ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِماً؟ قالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. فَقَالَ: مَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِيناً؟، قالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قالَ: مَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضاً؟، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا فَقَالَ: مَنْ تَبعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَاَزَةً؟، قالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ: مَا ٱجْتَمَعَتْ هٰذِهِ الْخِصَالُ قَطُّ في رَجُلٍ إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ}[6] وأراد الحبيب أن يعطيهم درساً عملياً أن العبادة الأعلى والأرقى والأعظم التى تتعلق بالمسلمين كتشييع الجنازة وعيادة المريض وقضاء المصالح وقد جمعها صلى الله عليه وسلم فى قوله الشريف {ما عبد الله بشيء أفضل من جبر الخاطر}[7] وذلك لأنك عندما تزور المريض فإنك تجبر خاطره وعندما تشيع جنازة فإنك تجبر خاطر أهل المتوفى وعندما تقضى مصلحة المؤمن فإنك تجبر خاطره وهى عبادة المؤمنين التى قال فيها حضرة النبي {تَرَىٰ الْمُؤْمِنِينَ - هل قال فى صلاتهم أو فى صيامهم؟ لا ولكنه قال - فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَىٰ عُضْوٌ مِنْهُ تَدَاعَىٰ لَه سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّىٰ }[8] إذاً فالعبادة الأعلى هى العبادة التى فيها توادٌّ وتراحمٌ والتى فيها تعاطف للمؤمنين والمؤمنات وبين المومنين والمؤمنات
[1] المستدرك للحاكم عن عائشة [2] صحيح مسلم عن أبى هريرة. [3] الطبراني وأبو الشيخ من حديث أبى الدرداء. [4] للطبرانى فى الأوسط والحاكم فى مستدركه والبيهقى فى شعب الإيمان عن ابن عباس. [5] لأبى نعيم الحافظ فى الحلية بإسناده من حديث مالك بن أنس والعمري عن نافع عن ابن عمر، وفى التذكرة في أحوال الموتى، و فى الدر المنثور. [6] رواه ابن خزيمة في صحيحه عن أبى هريرة. [7] مراقى العبودية لإبن تيمية، وفى كشف الخفاء [8] رواه البخارى عن النعمان بن بشير.







قديم 20-04-2012, 06:16 AM   رقم المشاركة : 14
الفتى المرموز
Band
 





الفتى المرموز غير متصل

الإصلاح بين المسلمين
ونأخذ باباً ثالثاً وهو باب هام فى هذه الأيام كذلك رأى سيدنا رسول الله أصحابه منشغلين بالطاعات والعبادات فقال لهم أولاً {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلٍ – أي إياكم وأن تعتمدوا على العمل – قَالُوا: وَلاَ أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ: وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ برحمته} وفى رواية {إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ مِنْهُ بِرَحْمَةٍ وَفَضْلٍ}[1] وإياك أن تظن أن العمل وحده هو الذي يدخلك وإنما الذي يدخلك هو فضل الله ورحمة الله وإكرام الله وعطف الله وحنان الله لأنه سبحانه لو حاسبك على العمل فماذا يفعل العمل إذ لو حاسبك فقط بالإخلاص فماذا يبقى من العمل؟ ثم عاد أخرى وقال {أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَل مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ»؟ - يقصد النوافل منها – قَالُوا: بَلَى. قَالَ: إصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ لا أَقُولُ: تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ أَقُولُ: تَحْلِقُ الدِّينَ}[2] وقد رأينا ذلك واضحاً جلياً فى هذه الأيام فما الذي رقق الدين وجعل الدين ضعيفاً فى نفوس المسلمين؟فساد ذات البين وفساد النفوس والقلوب والمشاكل التى لا منتهى لها ولا حصر بين المسلمين والمسلمات ومعظمها من أجل المادة الفانية التى سنتركها جميعاً ونسافر إلى الله إذاً فالعبادة الأعلى هنا هى الصلح فإذا عرفت أن أخاك المسلم الذي بجوارك يخاصم فلاناً فقد أصبح فرضاً عليك التدخل فى الإصلاح بينهما – فمن منا الآن يشعر أن إصلاح ذات البين فريضة عليه؟ لا أحد فالكل يقول: لا شأن لي بينما يجب عليك فى ذلك أن تبذل كل ما فى وسعك وإن صدقت فسيُصلح الله شأنهما على يديك ثق بذلك فعندما أرسل سيدنا عمر رجلين من أهل الزوجين وذهبا ثم عادا ولم يصلحا قال لهما: إن نيتكما غير سليمة لأن الله يقول {إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا} أصلحا النيَّة واذهبا مرة أخرى فلما أصلحا النية تمَّ الصلح بينهما وصدق الله تعالى ولو تدخلت وحدك بعد أن تأخذ العون من الله وتطلب التوفيق من الله فإنك ستحل مشكلة بين عائلتين ربما فشل فى حلها الكثيرون قبلك لأنه من الجائز أن يكون لمن سبقوك مآرب أو مصالح فقد يتدخل واحد منهم من أجل أنه سيرشح نفسه فى الإنتخابات ويريد تأييد هؤلاء وعائلاتهم وهنا لا تكون النية خالصة لله أما إذا تدخل الإنسان لله فلا بد أن يتحقق الصلح بأمر الله جل فى علاه ونحن كمسلمين لو عرف كل واحد منا أن أي مشكلة تعرض عليه وجب عليه أن يتدخل فوراً لحلها وإن لم يستطع بنفسه يستعين بنفر من إخوانه إذا عرفنا ذلك وفعلناه هل يكون قضايا ومشاكل فى المحاكم أو خصام فى المجتمعات؟ أبداً ياإخوانى فهذه فريضة نستطيع أن نسميها فريضة غائبة فى هذه الأيام ولو جلس واحد ليلة أو ساعة للإصلاح بين متخاصمين إلى أن تمَّ الصلح وآخر قضى هذه الليلة فى جوار البيت الحرام وصلى لله ألف ركعة من الأفضل عملاً منهم؟ أجيبونى الذي أصلح بين المتخاصمين هو الأفضل عملاً بل وحذَّر النبى فى النهاية كل من يقدر على نفع إخوانه ولايفعل ولا يهتم إلا بنفسه ولا يعرف غير المصلحة مقابل المصلحة ولا عمل لله أو من يستطيع ويمسك ويبخل فقال منبِّهاً ومحذِّراً {وَمَا مِنْ عَبْدٍ يَدَعُ الْمَشْيَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ قُضِيَتْ أَوْ لَمْ تُقْضَ إلاَّ ابْتُلِيَ بِمَعُونَةِ مَنْ يَأْثَمُ عَلَيْهِ، وَلاَ يُؤْجَرُ فِيهِ}[3] وهذه يا إخوانى بعض الأبواب التى توصل الإنسان لوراثة الكتاب والتى يدخل بها فى قول العلى الوهاب {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} من هم؟ هم من تكلمنا عنهم وقاموا بهذه الأدوار وهذا ما جعل مجتمع المدينة المنورة وغيرها من المجتمعات الإسلامية مجتمعات تقيَّة نقيَّه ليس فيها حزازيَّة ولا عصبيَّة ولا جدال ولا سبٌّ ولا شتمٌ ولا فيها خيانة ولا سرقة لماذا؟ ذلك لأن هَمَّهم كلَّه كان إصلاح أحوال إخوانهم المسلمين
[1] رواه أحمد وإسناده حسن عن أبى سعيد الخدري. [2] رواه أحمد والترمذي وأبى داوود عن أبى الدرداء. [3] رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، الترغيب والترهيب







قديم 21-04-2012, 12:06 AM   رقم المشاركة : 15
شمس القوايل
المشرفة العامة
 
الصورة الرمزية شمس القوايل

اخي الكريم

بارك الله فيك ع المجهود الطيب

جزاك الله الخير وجعله في ميزان حسناتك

اللهم امييييييييين







التوقيع :


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

قديم 23-04-2012, 12:57 AM   رقم المشاركة : 16
الفتى المرموز
Band
 





الفتى المرموز غير متصل

شكرا أختى الكريمة شمس القوايل وبارك الله فيك







قديم 23-04-2012, 01:00 AM   رقم المشاركة : 17
الفتى المرموز
Band
 





الفتى المرموز غير متصل

جهاد المقربين
لماذا نرى فى عصرنا قوماً كل همهم تقصير الثياب وإطالة اللحية واستخدام السواك والإطالة فى الصلاة فى الركوع والسجود والتلاوة ويَدَّعَون أنهم على الحق ويعاملون الخلق بفظاظة وغلظة حتى يردوهم إلى هذا المنهج ويعتقدون أن هذا المنهج هو الحق والصواب وأن غيره يخالف الحق ولمثل هؤلاء نقول تعالوا معنا إلى سنة رسول الله وأصحابه الكرام عندما قالوا له:يا رسول الله فلانة تقوم الليل وتصوم النهار ولكنها تؤذى جيرانها بلسانها – مجرد أنها طويلة اللسان (كما نقول) وحسب فهى لا تسرق ولا تقتل ولا تُشرك ولا تُكفِّر ولا حتى تكتب شكاوى كيديه كالموجود فى هذه الأيام بكثرة فما حكم الذي لا ينطق عن الهوى فى ذلك؟{قِيلَ لِلنَّبي:إِنَّ فُلاَنَةً تَقُوم اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ وَتَفْعَلُ الْخَيْرَاتِ وَتَتَصَّدَّقُ وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: لاَ خَيْرَ فِيهَا هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَفُلاَنَةٌ تُصَلي المَكْتُوبَةَ وَتَصَّدَّقُ بِالأَثْوَارِ مِنَ الأُقْطِ، وَلاَ تُؤْذِي أَحَداً، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ:هِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ }[1] أرأيتم المقابلة النبوية والمفاضلة المحمدية بين كثيرة العبادة بالليل والنهار وهى تؤذى جيرانها والأخرى التى تصلى المكتوبة وتتصدق بأقل القليل ولكنها حفظت نفسها عن إيذاء الخلق أرايتم الفارق الشاهق ماذا تختارون بالله عليكم وجاء لرجل آخر وهو يجلس مع أصحابه وقال {يدخل عليكم الآن رجل من أهل الجنة} فدخل سيدنا عبدالله بن سلام وبعض الروايات لم تحدد الاسم وبعضها قال سعداً ولكننا اجتهدنا حتى عرفنا الإسم فوجدناه سيدنا عبدالله بن سلام جلس الرجل فترة ثم قام فقال النبى {قام عنكم الآن رجل من أهل الجنة} وتكرر ذلك فى ثلاثة أيام متتالية فما كان من سيدنا عبدالله بن عمرو بن العاص وفى رواية أخرى أنه سيدنا عبدالله بن عمر والإثنان كانا يقومان الليل كله ويصومان الدهر ويقرآن القرآن كل عدة أيام مرة إلا أنه ذهب ليرى كيف وصل هذا الرجل إلى تلك المنزلة؟فذهب على أن هناك خلافاً بينه وبين أبيه وعليه غادر بيته ويريد من سيدنا عبدالله بن سلام أن يستضيفه فاستضافه الرجل وفى أول ليلة نام الرجل ولم يستقيظ إلا قبل الفجر بقليل فتوضأ وأحسن الوضوء وقال: هيا بنا كي نصلي مع رسول الله فتعجب الرجل لأنه نفسه يقوم الليل كله وهذه الأولى أما الثانية ففى الصباح جاء عبدالله بن سلام للرجل بالطعام فسأله ألست بصائم؟ قال: لا - فقال فى نفسه: من الجائز أن يكون الرجل كان متعباً فى البارحة أو مريضاً فلن يستطيع الصيام ولكن الأمر تكرر فى الليلة الثانية بل وفى الثالثة ولم يكن يزيد سيدنا عبدالله بن سلام عن الفرائض فقال له الرجل{ يَا عَبْدَ اللهِ إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ وَالِدِي غَضَبٌ وَلاَ هَجْرَةٌ وَلَكِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ لَكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فِي ثَلاَثِ مَجَالِسَ: يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَطَلَعْتَ أَنْتَ تِلْكَ الثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَأَرَدْتُ آوِي إِلَيْكَ، فَأَنْظُرَ عَمَلَكَ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَبِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللهِ ؟ - ماذا تزيد عني؟ فأنا أقوم الليل كله وأصوم الدهر كله وأقرأ القرآن كل أيام مرة - قَالَ: مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ، فَانْصَرَفْتُ عَنْهُ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلاَّ مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لاَ أَجِدُ فِي نَفْسِي غِلاًّ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَلاَ أَحْسُدُهُ عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللهُ إِيَّاهُ، قَالَ عَبْدُ اللهِ بْن عَمْرو: هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لاَ نُطِيقُ}[2] وبعد أن سمع ذلك ذهب سيدنا عمرو بن العاص إلى سيدنا رسول الله وفى قلبه وعقله مافيه من هذا الدرس العظيم وإذا بسيدنا رسول الله يعظ سيدنا أنس ويقول فى حديث طويل فيه جماع ماكان من سرِّ تلك الحادثة أو الواقعة من فضل وبركة وثواب ترك الغلِّ والغشِّ وإشاعة السلام والمحبة والوئام بين الأنام {وَيَا بُنَيَّ إِذَا خَرَجْتَ من بَيْتِكَ فَلاَ يَقَعَنَّ عَيْنَكَ عَلَى أَحَدٍ منْ أَهْلِ القِبْلَةِ إِلاَّ سَلَّمْتَ عَلَيْهِ فَإنَّكَ تَرْجِعُ مَغْفُوراً لَكَ، وَيَا بَنيَّ إِذَا دَخَلْتَ مَنْزِلَكَ فَسَلمْ يَكُنْ بَرَكَةٌ عَلَى نَفْسِكَ وَعَلَى أَهْلِكَ، إِنِ ٱسْتَطَعْتَ أَنْ تُصْبِحَ وَتُمْسِيَ وَلَيْسَ فِي قَلْبِكَ غِشٌّ لأَحَدٍ فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكَ فِي الْحِسَابِ، وَيَا بَنيَّ إنِ اتَّبَعْتَ وَصِيَّتِي فَلاَ يَكُونُ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ يَا بُنَيَّ إِنَّ ذٰلِكَ مِنْ سُنَّتِي وَمَنْ أَحْيَا سُنَّتِي فَقَدْ أَحَبَّنِي وَمَنْ أَحَبَّنِي كَانَ مَعِي فِي دَرَجَتِي فِي الْجَنَّةِ }[3] هل وعينا الدرس هل رأينا ما يبلغ بالعبد إلى أعلى الرتب عند الله وعند حبيبه ومصطفاه وهل عرفنا يقيناً أين تقع نوافل العبادات إلى جانب نوافل القربات والمقامات فمن إذاً يريد أن يكون مع رسول الله؟من يريد عليه أن يدخل من هذا الباب وهو الباب الأكرم والأعظم الذي يستلزم جهاد شديد وعتيد، هذا الباب يقول فيه الإمام علي{ ليست الكرامة أن تطير فى الهواء فإن الطيور تفعل ذلك، ولا أن تمشي على الماء فإن الأسماك تفعل ذلك وليست الكرامة أن تقطع ما بين المشرق والمغرب فى لحظة لأن الشيطان يفعل ذلك ولكن الكرامة أن تُغير خلقاً سيئاً فيك بخلق حسن} وهذا هو جهاد الأبطال وجهاد الرجال وجهاد الكمل جهاد العارفين جهاد المقربين جهاد الصالحين جهادهم أن ينظر الواحد منهم فى مرآة نفسه ويزن نفسه بأخلاق أصحاب رسول الله ويرى أين يكون منهم؟أو يزن نفسه فى مرحلة أرقى بعد أن ينتهى من الأولى بكتاب الله ويرى الأخلاق التى مدح بها الله الأصفياء والأتقياء والأنقياء من عباد الله وأين يكون منها؟ فيجد على سبيل المثال: "عباد الرحمن" والترتيب فى القرآن لسرٍّ يعلمه الرحمن ويكون بحسب الأولوية قال تعالى {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً} أول صفة من صفاتهم هى التواضع لكل الخلق ولذلك فإن أول شيء يعالجوه منه أن ادخل المصحة النبوية وعالج مرض الكبر لأنه لو بقى ذرة واحدة من مرض الكبر فلا وصول لأصل الأصول وأيضاً ليست هناك له جنة بماذا؟ لأنه الحبيب قال {نظرت إلى باب الجنة فوجدت مكتوباً لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ }[4] ليس ذرة وحسب ولكن بعض ذرة أى أقل من الذرة: ألا من يكن فى قلبه بعض ذرة ------ من الكبر والأحقاد ما هو ذائق فهولا يتذوَّق أى شيء لأنه مريض إذا أعطوه العسل يجده مرَّاً فهل المرارة فى العسل أم عنده؟ عنده ولكن لأنه مريضٌ بمرض الكبر يرى أنه الوحيد الكامل وبقية الناس لا تعرف شيئاً والمفروض أن يكونوا مثله ويتبعوه ويسمعوا توجيهاته ونصائحه وهذا يا إخوانى هو أكبر مرض يتعرض له الإنسان فيحرمه من عطاء الرحمن {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً} والمرتبة الثانية {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً} أي أمسك قوة الغضب لديه وهذبها ورِبَّاها وأصبح حليماً {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ} درَّب نفسه وأدخلها فصل{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} كلما سمعت شيئاً يغضبها تكظم الغيظ وقد قال حضرة النبي{مَنْ كَظَمَ غَيْظاً وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِنْفَاذِهِ مَلأَهُ اللَّهُ أَمْناً وإِيماناً وَمَنْ تَرَكَ لُبْسَ ثَوْبِ جَمَالٍ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ تَوَاضُعاً كَسَاهُ اللَّهُ حُلَّةَ الْكَرَامَةِ وَمَنْ زَوَّجَ لِلَّهِ تَوَّجَهُ اللَّهُ تَاجَ الْمُلْكِ }[5] والكلام لنا جميعاً فى نفع الخلق كظم الغيظ والتواضع والتراحم والتكافل حتى بتزويج الضعفاء والفقراء فإذا ذكرنا كظم الغيظ فالرجل منَّا الذي يمسك زوجته ويضربها كيف يكون رجلاً ورسولنا يقول {خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ مَا أَكْرَمَ النَّسَاءَ إِلاَّ كَرِيمٌ وَلاَ أَهَانَهُنَّ إِلاَّ لَئِيمٌ}[6] فهل تُنَصِّبْ نفسك خالد بن الوليد على المسكينة زوجتك التى لا تملك إلا لسان ماذا تفعل معها إذاً؟{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ} وإذا اجتزت هذا الفصل عليك أن تدخل من باب {وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} لأن الذي كظم غيظه فقد كظمه فى نفسه وفقط لكن الأعلى من ذلك أن تعفو عمن أساء إليك وتسامحه وإذا نجحت النفس فى هذا الباب نرقيها للمرحلة الأعلى {وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} هذا لكى تعلموا أن كلام ربنا بميزان لأنها رتبة بعد رتبة بعد رتبة من هؤلاء؟ الذين قال فيهم حضرة النبي { وَأَحْسِنْ إِلى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ تَكُنْ مُسْلِمَاً } [7]
[1] للبيهقى فى شعب الإيمان والطبرانى عن أبى هريرة [2] أخرجه أحمد والنَّسَائِي في"عمل اليوم والليلة"، المسند الجامع [3] لأبى يعلى فى مسنده وأَبو الْحسن الْقَطَّان في المطوالاتِ والطبرانى فى الصغير عن سعيد بن المسيب عن أَنَسٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ. [4] صحيح مسلم عن عبدالله [5] رواه الطبراني وابن عساكر عن سهل بن معاذ [6] ابن عساكر عن على. [7] ابن النجار عن على.







قديم 25-04-2012, 04:43 AM   رقم المشاركة : 18
شمس القوايل
المشرفة العامة
 
الصورة الرمزية شمس القوايل

بارك الله فيك وجزاك الله الخير

وجعله في ميزان حسناتك







التوقيع :


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

قديم 30-04-2012, 05:44 AM   رقم المشاركة : 19
الفتى المرموز
Band
 





الفتى المرموز غير متصل

شكرا أختى الكريمة شمس القوايل وبارك الله فيك وجزاك الجنة







قديم 30-04-2012, 05:46 AM   رقم المشاركة : 20
الفتى المرموز
Band
 





الفتى المرموز غير متصل

زينة المقرَّبين
وإذا أردت أن ترتقى إلى أكثر من ذلك عليك أن ترى أخلاق الحبيب المحبوب التى رَبَّاه عليها حضرة علام الغيوب لأن هذا هو المطلوب وهي من سرِّ ونور قوله تعالى {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} إذ لما نزلت سأل الحبيب جبريل قال: ما معنى ذلك يا جبريل؟ قال: حتى أسأل العليم فذهب ثم عاد وقال: يقول لك ربك {صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ}[1] إذاً أيهما أشدُّ على النفس هل صلاة ألف ركعة فى الليل أم كظم الغيظ عن إنسان يسبُّك مع أنك تستطيع أن تنتقم منه؟الأشد بالطبع كظم الغيظ وهو المقام الأعلى والأغلى لأنها انفعالات نفسية وتوترات عصبية تستلزم من الإنسان أن يكون قوي النيَّة صادق العزيمة مع ربِّ البرية لكى يتخلص من هذه الخصلة التى نهى عنها الله والتى نوَّه بقبحها سيدنا رسول الله ولذلك كان النبي يمشي على ذلك مع الأكابر من أصحابه فقد ذكر أنَّ {أبا بكر كان عند النبي ورجل من المنافقين يسبه وأبو بكر لم يجبه ورسول الله ساكت يبتسم فأجابه أبو بكر فقام النبي وذهب فقام إليه أبو بكر فقال: يا رسول الله ما دام يسبني كنت جالساً فلما أجبته قمت فقال: إن الملك كان يجيبه عنك فلما أجبته ذهب الملك وجاء الشيطان وأنا لا أجلس في مجلس يكون فيه الشيطان فنزل قول الله [فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُۥ عَلَى ٱللَّهِۚ][2]وقد قال صلى الله عليه وسلم فى ذلك {الْمُسْتَبَّانِ شَيْطَانَان}[3] والمؤمن لا يرضى أبداً أن تُمسخ صورته الربانية ويصبح فى صورة شيطان إذ يجب أن يكون فى صورة ملك – فى صورة روحانية عالية – فى صورة قرآنية – فى صورة فيها وراثة للحضرة المحمدية وإذا أراد ذلك عليه أن يحفظ نفسه من هذه الصفات الجاهلية وهذا يا إخوانى جهاد الأفراد الذين هم أكبر مراتب الأولياء والصالحين إذ يجاهدون فى التخلق بأخلاق القرآن والتخلص من هذه الأوصاف التى نهى عنها النبي العدنان أما باب العبادات فإن رسول الله كان يجلس مع أصحابه يتذاكرون إخوانهم وأحبابهم واسمعوا لسيدنا أنس بن مالك إذ قال {كان في عهد رسول الله رجل يعجبنا تعبده واجتهاده فذكرنا لرسول الله اسمه فلم يعرفه فوصفناه بصفته فلم يعرفه فبينا نحن نذكره إذ طلع الرجل فقلنا: هو هذا يا رسول الله إنكم لتخبروني عن رجل إن على وجهه لسفعة من الشيطان قال: فأقبل حتى وقف على المجلس- وفى رواية: فلم يسلِّم - فقال له رسول الله: أنشدك الله هل قلت حين وقفت على المجلس: ما في القوم أحد أفضل مني أو خير مني؟ فقال: اللهم نعم ثم دخل يصلي أو:ولَّى ثم دخل المسجد يصلى – فى رواية}[4] وهذا يا إخوانى هو مرض الكبر والغرور وإذا أصيب الإنسان بمرض الغرور فأعماله كلها عند الله بور وبالكاد جلس الرجل فترة بسيطة ثم ترك مجلس حضرة النبي والنبى جالسٌ مع أصحابه يفقِّههم ويعلِّمهم ترك هذا المجلس ليتنفَّل ويصلى مع أنه لو كنت بالصلاة ونادانى النبى أثنائها لوجب علىَّ أن أترك الصلاة وأذهب إليه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} وقد نادى سيدنا رسول الله يوماً على سيدنا أبى سعيد بن المعلى وهو يصلى فى المسجد فقد ورد عنه {كنتُ أُصلِّي فمرَّ بي رسولُ الله فدَعاني فلم آتِه حتى صلَّيتُ ثم أتَيتُه فقال: ما منَعَكَ أن تأتيني؟ ألم يَقلِ اللَّه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا}[5] فإذا دعاك رسول الله وأنت فى الصلاة عليك أن تُسلم وتذهب إليه وذلك لأن الرجل كان يصلى نفلاً وإجابة رسول الله فرض والفرض مقدم على النفل بل وكذلك الأب والأم – وهذا لا يعلمه أكثرنا - فإذا نادى علىَّ أبى أو أمي وأنا فى صلاة النفل فى المنزل عليَّ فوراً أن أسلم وأجيبهما أوأرفع صوتى لأعلمهما أنى فى الصلاة فإذا صمتا ولم يكررا النداء فبها ونعمت أما إذا كررا النداء وجب علىَّ أن أسلم وأجيب لأن صلاة النفل سنة وإجابة الوالدين فرض والفرض مقدم على السنة أما مجلس رسول الله فهو أمر عالٍ فقد قال فيه حضرة الله {وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} أي لا يخرج أحد إلا بإذن من رسول الله وذلك لأن مجلس رسول الله أرقى من أى عبادة فقد يتعلَّم فيه شيئاً أفضل من كلِّ العبادات التى يعبدها لله أو يتعلَّم فيه ما تصلح به العبادة لله ثم قال سبحانه له {فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ} وأمَّا من أذنت لهم فهؤلاء {وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ} لماذا؟ لأنه سيفوتهم خيٌر كثيٌر بتركهم مجلس رسول الله ونعود لقصة الرجل هذا الذى ترك مجلس رسول الله وذهب إلى المسجد ليصلِّى كما يبدو من القصة ثم ولَّى فدخل المسجد فقال رسول الله : من يقتل الرجل؟ فقال أبو بكر: أنا يا رسول الله فدخل المسجد فوجده يصلِّي فقال أبو بكر: وجدته يصلي وقد نهيتنا عن ضرب المصلين فقال من يقتل الرجل؟ فقال عمر : أنا يا رسول الله فدخل المسجد فوجده ساجدا فقال: أقتل رجلا يصلي وقد نهانا عن ضرب المصلين فجاء فقال له النبي: مه يا عمر قال وجدته ساجدا وقد نهيتنا عن ضرب المصلين – وفى رواية : قال عمر أبوبكر أفضل منى- ، ثم قال : من يقتل الرجل؟ فقال علي كرم الله وجهه: أنا فقال: أنت تقتله إن وجدته فذهب علي فجاء فقال له النبي : مه يا علي قال:وجدته قد خرج فقال: أما إنك لو قتلته لكان أولهم وآخرهم وما اختلف من أمتي اثنان} وفى رواية {لوقتل هذا ما اختلف اثنان في أمتي إلى يوم القيامة}[6] وكان هذا الرجل[7] بداية الخوارج الذين انتشروا وملأوا الدنيا إلى يومنا هذا ولو كان الأصل قُتل واجْتُثَّ وقتها لما جاء الفرع إذاً فالباب الأعظم فى العبادات والذي كان عليه الصالحون والصالحات والسادات أن ينظر الإنسان فى نفسه ويغيِّر أوصافه التى لا تليق بما جاء فى كتاب الله ولا تناسب ما كان عليه حبيب الله ومصطفاه وهذا هو الجهاد الأعظم جهاد الصالحين وجهاد العارفين :
هذب النفس إن رمت الوصول --------- غير هذا عندنا علم الفضول
تهذيب النفس وجهاد النفس ليس فى العبادات ولكن فى تغيير العادات وتغيير الأخلاق غير المناسبة لكتاب بارئ الأرض والسموات وبعد ذلك كما قال حضرة النبي كما روى سيدنا عَبْدِ الله بنِ بُسْرٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ {يا رَسُولَ الله إنَّ شَرَائِعَ الإسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَيَّ فأخبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ قالَ: لا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْباً مِنْ ذِكْرِ الله}[8] اختصر النبى الأمر وقال إن أهم شيء أن تكون مشغولاً بذكر الله وأنت تسير فى الطريق وأنت نائم وفى كل الأحوال لتدخل فى قول الله {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ}

[1] مسند الإمام أحمد عن عقبة بن عامر [2] تفسير السمرقندى [3] مسند الإمام أحمد عن عياض بن حماد [4] عن أنس فى تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر النروزي وورد بمصنف الصنعاني عن يزيد الرقاشي وفيه قصة طويلة [5] أبي سعيدِ بن المعلى رضي الله عنه صحيح البخاري ومسلم وسنن النسائى [6] مصنف الصنعاني عن يزيد الرقاشى [7] أنه يدعى ذو الخويصرة أو ذو الثدية، وفى الإصابة فى تمييز الصحابة: الذي قتله علي ذو الثدية ولقصته طرق كثيرة جدا استوعبها محمد بن قدامة في كتاب الخوارج وأصح ما ورد فيها ما أخرجه مسلم في صحيحه وأبو داود من طريق محمد بن سيرين أن عليا ذكر أهل النهروان فقال: فيهم رجل مودن اليد أو مجدع اليد، لولا أن تنظروا لنبأتكم ما وعد الله الذين يقتلونهم على لسان محمد، فسأل: أنت سمعته قال إي ورب الكعبة، وقال أبو الربيع الزهراني: أن عليا لما فرغ من أهل النهروان قال التسموا المجدع فطلبوه ثم جاءوا فقالوا لم نجده، قال ارجعوا ثلاثا كل ذلك لا يجدونه، فقال علي والله ما كذبت ولا كذبت، قال فوجدوه تحت القتلى في طين فكأني أنظر إليه حبشي عليه مربطة إحدى ثدييه مثل ثدي المرأة عليها شعيرات مثل الذي على ذنب اليربوع، أخرجه أبو داود. [8] سنن الترمذي عن عبد الله بن بسر قال أبو عيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حسن غَرِيبٌ مِنَ هَذَا الْوَجْهِ، وأخرجه الإمام أحمد فى مسنده وأخرجه كثير غيره.







موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:01 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية