كتاب ... أشواق الحُريّة ….
رغم قبول الكثير من التنظيمات (او الحركات) الاسلامية لمفهوم الديمقراطية, لا يزال التيار السلفي (التقليدي والحركي) يعد الديمقراطية مناقضة لإصول الإسلام او ربما كفرا. كتاب أشواق الحرية يسلط الضوء على انتقادات السلفية للديمقراطية, ويقوم بالرد على الاعتراضات ليصل في النهاية الى ان الديمقرطية هي الطريقة الأمثل لتحقيق العدل والقسط وبالتالي الى قيام نظام اسلامي.
الديمقراطية في الكتاب هي طريقة سلمية مرنة لتشريع الأحكام وتحديد السطان, يمكن تطويعها لخدمة نظام علماني ويمكن تطويعها لخدمة نظام ديني –اسلامي- في ابهى صوره. ويرى المؤلف ان حكم الفرد بالغلبة والقوة هو المقابل للديمقراطية. والفرق العملي بين الطريقتين ان النظام سيكون اسلاميا او غير اسلامي في الخيار الديمقراطي تبعا لتوجه الأمة, بينما الفاصل في ذلك في نظام الحكم بالقوة هو الحاكم الفرد. وفي حال انحرف الحاكم عن توجه الامه في الخيار الديمقراطي يمكن محاسبته وعزله مبكرا بينما في نظام الحكم بالقوة والغلبة فالخيار هو الخضوع للحاكم تحت مبرر خشية الفتنة او الخروج المسلح. واستند المؤلف الى بعض الادلة في بيان ان “الامة أكثر التزاما بتطبيق الشريعة من الحاكم الفرد” وقد ذكر المؤلف اعتراضات السلفيين على الديمقراطية ثم رد عليها مستندا الى ادلة من الكتاب والسنة واقوال علماء السلف والواقع التاريخي. وفي بعض الاعتراضات كان رده مقتصرا على بيان ان الاعتراض نابع عن تركيز المعترضين على عيوب ديمقراطية بلد ما مع ان البلد الديمقراطي الآخر تجاوز تلك المشكلة. وجه المؤلف انتقادات صلبة لمنهج السلفيين فيما يخص الحكم السياسي, لعل اهمها انتقادهم الشديد للديمقراطية وهم لا يملكون حتى ملامح لنموذج سياسي بديل, بل يذهب المؤلف الى ابعد من ذلك تلميحاً, وذلك بسرد ملامح الخطاب العملي للسلفيين والذي ربما يقود القارئ الى ان يفهم ان المؤلف يشير الى ان السلفيين قوة معينة وحامية للنظام الاستبدادي. ورغم ان المؤلف يرى ان الديمقراطية هي الخيار الافضل الا انه يدعو الى تطويرها ولا يعترض على ايجاد بديل. كما تطرق الكتاب الى جوانب اخرى بعضها يسيل لها اللعاب وبعضها يجعلك تشعر بالسعادة اذ ان المؤلف يعيش آمنا في بلده والكتاب طرح في بداية ايام معرض الكتاب في الرياض.
لغة واسلوب الكتاب سهلة وجميلة يفهمها القارئ البسيط والمحتوى الفكري للكتاب ثري يبتعد عن التعقيد في وصف المفاهيم, ايضا الحجج مطروحة بمنهجية بينة وتسلسل منطقي في جل اجزائه, فبعد التنظير لمسألة (أ) ينتقل إلى (ب) والتي تتطلب فهم (أ) اولا ودواليك,. أستخدمت المنهجية العلمية في تعريف المفاهميم الأساسية التي يدور حولها النقاش, فبين المؤلف بإيجاز مفهوم الديمقراطية والسلفية وبما ان جزء من الاعتراضات السلفية –كما يشير المؤلف- ناتجة عن الخلط بين الديمقراطية والليبرالية والعلمانية فقد سهل بيان الفروقات بينها على القارئ الكثير في فهم المشكلة كما يصورها المؤلف. ورغم ان الكتاب اعتمد المقارنات وبيان النتائج لنظام الديمقراطية ونظام الحكم بالقوة والغلبة من الواقع لا من النظريات, الا ان الكتاب لم يكن بدرجة عالية من الموضوعية في تأصيله لإعتراضات السلفيين على الديمقراطية. فلم يتم ذكر دليل واحد يدعم مزاعمه في ارائهم وأكتفى بقوله “وقد وردت هذه الإعتراضات في عدد من الدراسات والفتاوى والمقالات” دون ذكرها. فرغم ان المتابع يدرك أن ما يقوله المؤلف واقع لكن ذلك لا يعفيه من عدم ذكر الدلائل عليها. وربما تعمد المؤلف ذلك حتى يبتعد عن اجواء الخصومة ويعطي المفاهيم الطروحة افقا اوسع للقبول. خاصة ان هناك دلائل على ان جزء كبير من عامة السلفيين ربما لا يتقبل الأفكار اذا كان فيها تخطئة لإعيان من العلماء المعتبرين, وطرح الاعتراضات كسمة للتيار السلفي دون إيعاز لمن يقول بها من الأعيان يمنح القارئ السلفي العامي فرصة للنظر في الحجج بعيدا عن التأثير الذي يفرضه أسم العالم أو طالب العلم. أميل إلى أن الكاتب عمد إلى ذلك من أجل المصلحة العامة خاصة وانه خاض سجالاً مع بعض الكتاب السلفيين في نفس الموضوع قبل نشره للكتاب, كان النقاش في بعض تلك السجالات حاد اللهجة.
إجمالا القيمة التي يحويها الكتاب عالية, لذا أنصح بقراءته خاصة للاخوة في دول الخليج العربي.
- معلومات أكثر عن كتاب (أشواق الحرية) لـ نواف القديمي/
عنوان الكتاب: أشواق الحرية، مقاربة للموقف السلفي من الديمقراطية.
المؤلف: نواف القديمي
الطبعة: الأولى 2009م
الناشر: المركز الثقافي العربي
لتحميل الكتاب مجاناً من المؤلف : اضغط هنا
http://www.alasr.ws/myfiles/news/Ashwaq.zip