كتاب .... هذه هي الأغلال ...
عبدالله القصيمي .. رجل طالما أثيرت حوله آلاف علامات التعجب والإستفهام ، سواءاً أُثناء حياته أو بعد مماته ، فلقد كان منذ نعومة أظفاره يشتعل ذكاءاً ويتقد عبقرية ، كما أنه كان طالب علم متميز ، شب مسلماً متديناً متحمساً للدين والدفاع عنه ، وألف كتباً كثيرة في الدفاع عن الإسلام والتصدي لاعدائه .
لكنه تحول في آخر حياته تدريجياً من عالم دين ينافح عنه ويدافع في سبيله إلى ملحد ! ، وكان هذا الكتاب هو بداية التحول ، فمن قرأه يجده – رغم ما فيه من مآخذ أصلية – مصرحاً بوجود الله وبالإيمان به حيث قال في أول الكتاب :
من الجائز أن أكون قد أخطأت أو بالغت في بعض المواضع ، ولكن أمرين يجب ألا يقع عندهما خلاف ولا يسوء فيهما فهم : أحدهما : أني كنت مخلصاً في جميع ما كتبت وأني ما أردت إلا خدمة الحق وخدمة أمتنا العزيزة ، وليكن هذا شفيعاً لي عند من يخالفني في بعض المسائل أو بعض الشروح والتفصيلات ، ثانيهما : أني لم أحاول إلا أن أكون مؤمناً بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر .
الكتاب وجهه المؤلف في وقته إلى الملك عبدالعزيز – رحمه الله – كي يتبناه ، وكان يركز في كتابه على أن عظمة الشعوب ليست في ثروات البلاد الطبيعية ، ولافي الوطنية الباسلة ، ولافي الحماسة المتوقدة ، ولافي الإتفاقيات وقيام الوحدات … بل في قدرة الشعب الذاتية على الانتاج العقلي والمادي من ناحية الأفراد ، يقول القصيمي :
مالذي أعطى الطوائف اليهودية هذه المكانة الدولية وهذا الإعتبار الدولي اللذين لم ينلهما كثير من الشعوب المستقلة سياسياً ؟ إنه مقدرة هذه الطائفة العجيبة على الانتاج الفردي .
فهو يحاول اثبات عظمة الانسان و قدرته على الابداع و المعرفة ، ولذلك سمى أول فصل في كتابه ” لقد كفروا بالإنسان (الإيمان به أولاً) ” ، وقد كان كلامه رائعاً في هذا الفصل ، إلا ان حماسه وإيمانه الكبير بالإنسان وعمله ، دفعه إلى أن يصف الدعاء بالمصرف الخبيث وأنه أضعف وسيلة ! يقول القصيمي :
ومعلوم أن الدعاء أضعف وسيلة يلقى بها عدو عدوه ، بل إنه ليس بوسيلة وليس له من فائدة سوى أنه يقوم بعملية تعويض وتصريف خبيثة ضارة .
أيضاً يتضح في هذا الفصل وبقية فصول الكتاب عدم فصل المؤلف بين الأسباب الشرعية والأسباب الكونية أو القوانين الطبيعية ، فهو يؤمن بالسببيه الماديه بشكل كبير ويغفل الأسباب الشرعيه من الدعاء والتوكل والقضاء والقدر وغيرها ، ويتضح هذا في اعتراضه على الدعاء ووصفه اياه بهذا الوصف .
تناول المؤلف في كتابه عدة مواضيع من أهمها موضوع المرأة ، فقد تناول تعليم المرأة ، وعملها ، واختلاطها ، وقد كان كلامه عن تعليم المرأة رائعاً وجميلاً ، إلا أن كلامه في الاختلاط والعمل يحتاج إلى إعادة نظر .
كما تناول المؤلف أيضاً في فصل مستقل فلسفة المجتمع حول الفقر والجهل والمرض وكراهة الحياة الدنيا ، وفي هذا الفصل بالذات اتهم الخطباء والوعاظ ورجال الدين بالهدامين والمخربين ، وذلك لأنهم جاءوا بروايات تمدح الفقر والجهل والمرض ، وفي نظري ان القصيمي ينتقد الصوفيه ، لأنهم هم أصحاب هذه الروايات .
وفي آخر الكتاب أوضح القصيمي ماهي الأغلال التي يزعم أنها تعيق الفرد وتثنيه عن التقدم والوصول إلى الكمال ، حيث يقول في آخر فصل في الكتاب والذي هو بعنوان ” المشكلة التي لم تحل ” :
يتبين للقارئ ، إذا كان قد قرأ فصول هذا الكتاب كلها ،أن أساس هذه المزالق الفكرية قائم كله على التدين الباطل ، أو على الفكرة الدينية من حيث هي ! .
أخيراً .. توقفت عند نص ذكره القصيمي في الكتاب ، وأعتقد أنه كان يتحدث فيه عن نفسه ، يقول فيه :
ومن الملاحظات الصادقة في هذا الموضوع ، ان قوماً يولدون وينشأون في هذه البيئة التي تتوارث أقاويل هؤلاء الشيوخ ، تصادفهم ظروف غير عاديه ، فيلحدون الحاداً نظرياً صريحا ً، بحيث لا يكتفون بإنكار الأفكار الزهدية الحرمانية, بل ينكرون فكرة الاديان جملة . . . ولكنهم - وهذا عجيب في الظاهر – يبقون متعلقين متأثرين بالشيء الكثير من هذه الخرافات في كراهة الدنيا وغيرها … .
معلومات عن كتاب [ هذه هي الأغلال ] :
عنوان الكتاب: هذه هي الأغلال
المؤلف: عبدالله القصيمي – سيرة المؤلف
الناشر: منشورات الجمل