رواية الزهـــور الذهبية للكاتبة امرأة من زمن الحب
[blink]الفصل السادس[/blink]
[[ أنا و أنت فقط [[
تمر تلك الليلة الطويلة و تجلس (أنجليتا) منتظرة (الفريدو) ليأتي ويصحبها لمكتب التسجيل كان قلبها يدق بسرعة رهيبة وشعرت برهبة حقيقية من تلك اللحظة ولا تدري لماذا فلقد أمسكت بقلادة الحوتان بكلتا راحتيها كأنها تستمد منها القوة ثم سمعت طرقا على الباب فنهضت وفتحته ووجدت حبيب قلبها أمامها......كانت النظرة التي على وجهه جديدة عليها كانت عيناه جادتان إزداد لونهما عمقا ....أبدا لن تنسى كيف نظر إليها تلك اللحظة تقدم منها ببطء وأمسك بذراعيها وضغط عليهما بقوة وقال :
"هيا بنا يا حبيبتي....!!"
وسارت معه دون ادنى تفكير كانت تعلم أن حياتها ملك يمينه وأنها كالأسيرة بين يديه....أنها أسيرته....لا تملك خيارا إلا أن تتجه الى حيث ذهب فلقد امتلك أعز شئ فيها والمتحكم فيها حاليا وهو قلبها.....لقد تسلل حبه لقلبها ببطء حتى وجدت نفسها ويدها في يده تحبه.....تحبه حبا كبيرا عميقا لم يسبق لها أن تخيلت مثيلا له.....لم تعلم أنها يمكن أن تحب شخصا الى هذا الحد وأدركت أنه كان محقا وأنه لم يكن أمامهما سوى أن يتزوجا فالقوة العجيبة الجامحة التي تربط قلبيهما خرجت عن السيطرة فأصبح الحل الوحيد هو الزواج فهما لن يستطيعا حتى لو ارادا أن يبتعدا عن بعضهما البعض ثانية لقد أصبح هذا من سابع المستحيلات......
دخلت معه الى مكتب التسجيل ورأت (اندريه) وحياهما وبدأت مراسم الزواج وبدأ كل منهما ينطق نذوره وقال الرجل أخيرا :
"أعلنكما زوجا وزوجة...!!!!!!"
فتعانقا بقوة وهتف (اندريه) فرحا ومن ثم فرقهما وقال :
"مهلك يا (الفريدو).......ليس بهذة السرعة......الزفاف غدا......وعليك يا عزيزتي (أنجليتا) أن تذهبي وتبقي في بيتك حتى الغد لا ترهقي نفسك في أي شئ حتى تكوني في كامل استعدادك غدا وانت أيها اللعوب تعال معي فلن أتركك لحظة واحدة معها بعد الآن.....هيا بنا......"
وعادت الى بيتها تعد الدقائق والثواني و تطلب إليها المرور سريعا حتى يأتي غدها المنتظر فلقد كانت الخيالات في قرارة نفسها تسيطر عليها بأن هذا مجرد حلم جميل ستستيقظ منه فتجده قد اختفى......أما (الفريدو) فلقد بقي طوال الليل يحدق في النجوم وهو يتخيل وجه (أنجليتا) تنظر إليه ويمني نفسه أنها غدا ستكون له وحده........
جاء أخيرا اليوم المنتظر يوم زفاف أكبر عاشقان في التاريخ وقام كل من (الفريدو) و (اندريه) بالتخطيط جيدا لذهابهما في الوقت المناسب و الإستعداد.....ارتدى (الفريدو) بذلته السوداء في أحد البيوت بالقرية وكذلك (اندريه)......كانت يداه ترتعشان وكأنه مقدم على حرب فقال (اندريه) :
"إهدأ يا صاحبي....كل شئ سيسير كما تحب....كما أنها زوجتك في الواقع.....ليس هذا الإحتفال سوى مراسم شكلية أمام الناس والمجتمع للإعلان عن زواجكما......لقد قلت أننا سنكون مسافران لمدة ثلاثة أيام أخرى من أجل العمل حتى تستطيع أن تحظى ببعض أيام العسل قبل اللعنة الأبدية التي ستصيبك عند إخبار أسرتك.....والآن هل أنت راض؟!..."
"نعم......الواقع أني لا اكترث لما يخبئه لنا المستقبل فلقد أصبحت زوجتي الآن ولن يفرق غضب والدي أو رضاه......كل ما انا قلق منه ألا أكون عند حسن ظن (أنجليتا).....أتمنى أن أكون زوجا مثاليا لها...."
فابتسم (اندريه) بحنان وقال :
"لا بأس ستكون كذلك بالتأكيد.....سأضع الوردة الذهبية في جيب سترتي العلوي......وعليك أن تفعل هذا انت ايضا هكذا هي مراسم الحفل فكل الرجال عليهم أن يضعوا أزهار الكلوديا في عروة سترتهم وعلى كل فتاة أن تمسك باقة من هذة الأزهار.....تبدو وسيما....."
"آه شكرا.....أني أعشق تلك الأزهار......إنها تذكرني بالأيام الرائعة التي كنت أمضيها مع (أنجليتا) عندما نتسلل الى أطراف أملاككم ونقطف القليل منها..."
"إذن أنت من يسرق تلك الأزهار.....لقد علمت في الوقت المناسب فبعد الزواج لن يكون هناك أزهار.....ذكرني أن أضع إفخاخا.....والآن هيا تعال معي....."
وذهبا ووقفا في مكانهما في انتظار العروس وجاءت السيدة (سوزي) وقالت :
"يا عزيزي كم تبدو وسيما في هذا الزي.........ياليت السيدة (آنا) هنا..........لكانت طارت فرحا لرؤيتك هكذا..."
"إنها معي يا عزيزتي......هي دائما بقربي .....وانت كذلك معي يا سيدة (سوزي)....... هل جهزت العروس؟!....."
"ستنزل خلال لحظات.......لكن المشكلة من سيرافقها ليسلمها إليك ؟!.....والدها ليس هنا..."
فاحتار الصديقان ثم قال (الفريدو) :
"نعم (اندريه)....أنت تستطيع أن تفعل هذا.....أرجوك أن تقبل تلك المهمة....."
فشعر (اندريه) بالحرج ولكن مالبث أن ذهب مع السيدة (سوزي) لينقذ الموقف ودخلا على غرفة العروس......كانت (نيلا) قد أنهت اللمسات الأخيرة ثم نادتها السيدة (سوزي) وقالت :
"هيا يا (أنجليتا)....سوف يصحبك السيد (اندريه) الى حيث ينتظرك (الفريدو) "
فقالت بأسى :
"كان من المفترض أن يفعل أبي هذا أليس كذلك؟!......لن تكتمل فرحتي أبدا إلا إذا أتى أبي.....كم تمنيت لو أنه كان بجانبي....."
فقالت (سوزي) :
"لا عليك يا بنيتي....لقد تحدثت معه يوم أمس وأنا واثقة أنه سيتفهم الأمر... والأن تعالي......لا تتركي عريسك ينتظر....."
فالتفتت لتواجه (اندريه) كانت أجمل عروس وقعت عيناه عليها فلم يتمالك نفسه إلا أن حدق بها بإعجاب وتمنى في لحظة جنون أن تكون عروسه هو ومد يده إليها فتأبطت ذراعه وقالت :
"أشكرك يا (اندريه) على كل ما تفعله لأجلي أنا و (الفريدو).....أنا واثقة أني لن أنسى هذا أبدا"
وابتسمت في وجهه فزاد هذا من جمالها أضعافا وشعر برعدة في جسده أنه لن يشعر قط إتجاه أي امرأة بما يشعر به نحوها الآن......ظل يحدق بها هكذا دون حراك حتى نادته السيدة (سوزي) :
"يا سيد (اندريه).....ماذا بك؟!...هيا أسرع الى الأسفل حيث ينتظر (الفريدو) "
فأفاق وقال :
"آه أنا آسف.....ال.....الفستان رائع جدا...سوف يذهل (الفريدو) عندما يراك"
وقادها ببطء ......كان يسير بين جموع الناس الذين يقفون صفين ليشكلا طريقا في نهايته (الفريدو).....كان (الفريدو) وسيما للغاية....أمير حقيقي هكذا حدثت (أنجليتا) نفسها وهي تبتسم له بينما ذهل (الفريدو) من جمالها الفتان وتمنى لو يسرع (اندريه) في خطواته قليلا.....أما (اندريه) فلقد شعر للحظة جنون أنها عروسه فعلا وأنه يمسك بها على أنها كذلك وشعر بالخزي لأنه يفكر بتلك الطريقة السخيفة ولكن هذا ما كان بداخله حقا وسلمها الى عريسها وهتف الجميع لأجل سعادة هذين الإثنين كان الحفل كإعلان للعالم أن هذان الإثنان لن يفرقهما شئ على وجه الأرض وعلى حبهما الذي لن يموت وظل (اندريه) متنحيا عن الصورة في الظل......يحدق بهما بعينين حسودتين رغما عنه......يراقب كل حركة من حركات العروس , كل رمش , كل التفاتة........وكأن لعنة أصابته فلم يعد يستطيع أن يبعد عينيه عنها.....كانت ببساطة أروع عذراء مرت بطريق حياته فلم يملك إلا أن ينظر إليها بحب.....حب شعره حقيقة في قلبه في تلك اللحظة ولكن جاره كان الولاء والإخلاص لصديقه فلم يتمكن إلا أن يتمسك بإخلاصه لصديقه في أصعب الظروف.......
وبعد مضي نصف ساعة دخل رجل عجوز ببطء للحفل واقترب من العروسان فنهضت (أنجليتا) فرحا وسعادة فقفزت عليه لتأخذه بين ذراعيها وعانقها والدها بحب أيضا وهو يمسك دموعه بكرامة رجل يأبى أن يبكي حتى في أصعب الظروف وقال :
"أني لا أملك إلا أن أبارك لك.....يا حبيبتي......ولك أيضا يا بني (الفريدو).....ولتعيشا في سعادة وتنشرا تلك السعادة في كل شبر تزورونه..."
وفي تلك اللحظة شعرت (أنجليتا) إنها اكتفت تماما ولم يعد لديها حلم لم يتحقق.....شعرت أنها أمتلكت العالم وليأتي القدر بما يريد من صعاب وهموم فلن تبالي فهذا اليوم سياعدها على تخطي كل أحزانها......بعد أن سلم الوالد على العروسان جلس بالقرب من السيدة (سوزي) التي نظرت اليه بعد فترة فوجدته يضع يده على صدره بألم فقالت قلقة :
"ما الأمر يا (خوسيه)؟!....هل أصابك مكروه؟!......"
"كلا.....أنه الألم المعتاد......لقد زاد عندي في الآونة الأخيرة.....أعتقد أني فعلا أصبحت عجوزا.....وبعد ما حصل الليلة.....لا أظن أن السيد (فرناندو) سيتركني أعمل في الإسطبل من جديد........لكن لا تقولي (لأنجليتا) شيئا.....لا تعكري صفو سعادتها.....فما هي إلا بضعة أيام وأعود قويا كالبغل...."
وظل يضحك بسعادة فشاركته السيدة سوزي الضحك ومر الحفل بسعادة كل برفقة من يحب كل يرقص ويمرح فالجميع سعداء لا يشغل بالهم سوى السعادة القادمة......
بينما كانت هناك أفعى تسير بخفة في الظل فلقد ذهبت السيدة (ساندرا) الى قصر (كازابيانكا) لتنقذ ما يمكن انقاذه وطلبت مقابلة (فرناندو) شخصيا ولم يكن (فرناندو) ليرفض مقابلتها تحت أي ظرف فأدخلها مكتبه وعرف من نظرة وجهها أن كارثة حصلت وسألها عن سبب مجيئها فقالت :
"جئت أهنئك بزفاف ابنك......!!!!!!"
فلم يبدو عليه أنه فهم شيئا ثم قال :
"أوضحي من فضلك ما ترمين إليه......"
"أجل أنه عرسه......اليوم عرسه.....ولكن لم تكن تعلم؟!.....ياللخزي.....لعله لم يشأ دعوتك...أو ربما شعر أن زفاف القرية لن يكون من مقامك....."
فنظر إليها نظرة من فقد صبره فقالت :
"لا تصدقني أليس كذلك؟!.... (الفريدو) يا عزيزي السيد (فرناندو) في القرية حاليا يقيم عرسا لنفسه ويدعو فيه من هم مقربون إليه جدا ليشهدوا زواجه على خادمة الإسطبل......لا تنظر إلي هكذا و كأني أخرف......فهذا ما يحصل فعلا.....ابنك تزوج دون علمك لأنه علم أنك ستفعل المستحيل لتمنعه فأراد أن يواجهك بالواقع والآن انت تجلس هنا وتنظر الى فمي وهو يتحرك ولا تريد أن تستوعب كلمة تخرج منه...."
فشعر (فرناندو) أنها ربما تتحدث بجدية فنهض بثورة وقال :
"المزاح في هذة الأمور غير مقبول يا سيدة (ساندرا) .!!!"
"ومنذ متى أمزح معك في أي شئ أقوله يا سيد (فرناندو) وهل تظن أني سآتي لك وحدي لأخبرك بشئ كهذا على سبيل المزاح.....لقد أفصح (الفريدو) لإبنتي (فلوريا) عن من ينوي فعله بعد أن ضبطته مع عشيقته في الإسطبل وطلب إليها ألا تفتح فمها ولكني عرفت كيف أجعلها تتكلم والآن لقد تزوجها فعلا فلقد عرفنا متأخرين للغاية...."
"الخادمة؟!......خادمة الإسطبل؟!...........تقصدين الكولومبية؟!...........هذا مستحيل....... هل فقد عقله؟!....أم ابنتك كانت تهذي؟!...."
"لا بالتأكيد ابنتي لم تكن تهذي......أما بالنسبة (لالفريدو) فلم أعلم أن له عقلا حتى يفقده!!!!"
فبدأ (فرناندو) يستوعب الحقيقة وشعر بغضب لم يشعر به في حياته لدرجة أنه نظر حيث يضع مسدسه الخاص وتملكته فكرة أن ينهي حياة ابنه في الحال فأمسك بالمسدس دون أن يعي لكن يد (ساندرا) هبطت على يده لتوقفه واقتربت منه وقالت :
"لا لا......ليس لأنه فقد عقله وفعل فعلة كهذة.....فتحذو انت حذوه......إن (الفريدو) هذا مدلل جدا ومتهور ولا شئ يخضعه أو يردعه والأفضل أن تتصرف مع شخصية مثل شخصيته أن تسايره.....وتتعامل معه بذكاء حتى تأخذ منه ما تريد دون أن ينقلب ضدك......أنه يدير كل أملاك أسرتك وهو ذو مركز مهم الآن....كما أنك إن تصرفت بتهور فسيعاند معك أكثر.....عليك التروي والتفكير بحرص ودهاء حتى تحين اللحظة المناسبة للهجوم....."
"ما الذي تعنينه؟!......هل تريدين مني أن أبارك له واستقبله في بيتي؟!...."
"ليس تماما......ولكن لا تطرده....أو تعاديه.....لابد أنها علاقة عابرة....مجرد طيش وجري وراء الرغبات فلقد سمعت أنها جميلة للغاية....أتركه حتى يمل منها هو بنفسه ويطلب أن يطلقها وحينها أعدك أن تكون (فلوريا) جاهزة لتحل محلها في الوقت المناسب ولكن إن عاديته فسيتمسك بها أكثر فلنتركه حتى يحقق ما يريده من تلك العلاقة أما هي فلن تنال شيئا مما تسعى إليه فلن يصل إليها قرش من أملاك الأسرة وستخرج خاوية اليدين......"
كان غضب (فرناندو) رهيبا فشعر أنها هي الأخرى فقدت عقلها ولكن بعد أن رحلت جلس يفكر وحده في مكتبه كما هو دائما حتى شعر أن كل كلمة من كلامها يتوافق معه تماما وشعر للمرة الأولى أنه ليس الوحيد صاحب الدهاء هنا بل هناك من يفوقه دهاءا وشعر أن صديقه الراحل فعلا تزوج أذكى امرأة على الإطلاق......
بقي العروسان ليلتهما في كوخ في أطراف القرية الشمالية عند النهر كان الكوخ رائعا صغيرا يمثل عشهما الصغيرولو أنهما لن يستطيعا أن يبقيا فيه أكثر من ثلاثة أيام وعندما استيقظت (أنجليتا) في أول صباح لهما معا لم تجد (الفريدو) الى جانبها فنهضت وارتدت فستان أحمر مزركش وذهبت لتراه خارج الكوخ فوجدته يصطاد بعض السمك كان قد أمسك بسمكة بطرف سنارته ولكنه لا يستطيع أن يم***ا بيده لكثرة حركتها ومقاومتها وهي ترش على وجهه الماء فظلت (أنجليتا) تضحك على منظره فالتفت وشعره متناثر على وجهه في كل مكان وقال :
"صحوت حبيبتي؟!....أهذا ما تفعله الزوجة لزوجها تضحك عليه؟!.......إذن على الأقل أضحكي على السمكة وليس علي......كم تبدين فاتنة وأنت تقهقهين هكذا...."
"هاهااه....كم انت ظريف وانت تصطاد السمك......آسفة ولكن منظرك مضحك أكثر من السمكة فلم أملك إلا أن أضحك عليك......."
وعانقته من الخلف ولفت ذراعيها حول كتفيه وقبلته وقالت :
"صباح الخير يا حبيبي......منذ متى وأنت مستيقظ؟!....."
"منذ ساعة....قلت بما أنه أول أفطار لنا معا فلابد لي أن أعده وبما أني لست ماهرا في مسائل الطبخ ففكرت أن السمك المقلي هو الشئ الوحيد الذي أتقنه.....والآن أنظري كم أصطدت....إثنتان فقط!!!!..."
"أنهما كافيتان يا حبيبي.....ثم هل ستقضي وقتك تصطاد السمك وتتركني؟!.....أني أفضل ألا آكل إذا كان هذا هو الثمن......"
وظلت تنظم له خصلات شعره على جبهته .....كانت دائما تحب هذا العمل فقال مبتسما :
"لقد أصبحت عادة لديك.....ولم يعد لي رغبة في تسريح شعري بعد الآن....تعالي الى هنا.....كم اشتقت اليك!!!"
فقلبها فوقه وهي تضحك وظلا يتدافعان حتى وقع (الفريدو) في الماء بالخطأ فارتمت (أنجليتا) أرضا تضحك عليه وهو يشهق من برودة الماء فقال :
"ماذا فعلت؟!....هكذا ستبعدين أسراب السمك عن هنا .....أيتها الخبيثة تضحكين على من جديد......"
فأمسك بمعصمها وهي عاجزة عن مقاومته من شدة الضحك حتى حملها فوقه ورمى بها في الماء وظلا يتدافعان ويضحكان حتى هدأا وتعانقا في وسط الماء......كان كل منهما مبلل وبارد ولكن قلوبهما كانت دافئة وقالت (أنجليتا) :
"كم أتمنى لو أعيش معك هنا للأبد........هذا ما أتمناه......بعيدين عن الناس والعالم الموحش من حولنا وعن قصر (كازابيانكا) ونعيش سعداء هانئين......"
فرد (الفريدو) :
"كما قلت لك سابقا لا مكان للأحلام الوردية في الحياة الواقعية ولكن أؤكد لك أن حياتنا في القصر ستكون جميلة ولن نترك أحد يؤثر على سعادتنا.....لقد أصبحت زوجتي الآن......هذة حقيقة لا يمكن تجاهلها كالشمس الساطعة ولن أسمح لأحد أن يحزنك أو يضايقك.......وحتى هذا الحين....هذة الأيام الثلاثة لنا وحدنا.....فقط نحن والعالم كله لا شئ بالنسبة لنا.....فلننسى ذلك......ولنفكر بأنفسنا....بحبنا....."
كانت الأيام الثلاثة كالجنة للعروسان حيث شعرا كأنهما عصفوران يحلقان بعيدا عن أرض الحقيقة حيث السماء والهواء وجنة حبهما الجميلة يرقصان سويا ويتعانقان......كان كل شئ جميل ورائع في نظرهما وظلا يبنيان أحلامهما الجميلة للمستقبل ويفكران في الأبناء ويختاران أسماء لهم حتى قالت (أنجليتا) :
"هل تعلم حبي؟!......إذا أنجبنا بنتا سنسميها كلوديا.....أني أعشق هذا الأسم ما رأيك؟!...."
"يا له من أسم رائع......ولكن لما تقولين بنتا دائما.....لما لا تقولين أننا سننجب ولدا؟!......"
"لا أدري أشعر أننا سننجب بنتا في البداية ولكن ماذا سنسمي ابننا إذا كان ولدا؟!....."
"آه سنسميه (جوفاني)....لطالما تمنيت هذا الأسم لنفسي أني أحبه كثيرا......وسأعلمه الخيل والعزف على الجيتار...."
وظلا يضحكان معا.....كانت تترائ لهما لحظة مقابلة الأب (فرناندو) ولكن كل منهما كان يطرد هذة الفكرة محاولا أن يجعل القلق في يومه وطارت تلك الأيام الثلاثة بسرعة جبارة فبدا لهما وكأنهما تزوجا منذ ساعة واحدة وعليهما أن ينهيا عسلهما وينتقلا للواقع المرير....على الرغم من شجاعة (الفريدو) إلا أنه لم يخف مطلقا كما خاف تلك اللحظة.....لحظه أخذه (لأنجليتا) ليقابل والده وتمنى لو ان الزمن يمر بسرعة تلك الأيام الثلاثة الماضية في تلك اللحظة العصيبة ولكن بدى مجرد السير في الطريق الى القصر كأنه يأخذ سنوات وسنوات......
عاد (اندريه) من المدينة الى قصره قصر (لوتشى أورو) فقابلته أمه وقالت :
"آه عزيزي عدت أخيرا....كيف حالك؟!...هل تمت الأعمال بنجاح؟!....."
"نعم يا أمي كل شئ على ما يرام لا تقلقي...."
"على عاد (الفريدو) الى (كازابيانكا)؟!.....كان يجب أن يمر علينا أولا ولو قليلا.....لما لم يدخل معك هل هو مستعجل الى هذا الحد؟!....."
نتاااااااااابع كمان طيب