بسم الله الحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستهديه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً أما بعد:
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (( والفتن التي تعرض على القلوب هي أسباب مرضها، وهي فتن الشهوات، وفتن الشبهات فتن الغي والضلال، وفتن المعاصي، والبدع: فتن الظلم والجهل، فا لأولى: توجب فساد القصد والإرادة، والثانية: توجب فساد العلم والإعتـقاد )) ،وقال رحمه الله: ((وقد قسم الصحابة رضي الله عنهم القلوب إلى أربعة كما صح عن حذيفة بن اليمان رضي عنه قوله: ((القلوب أربعة: قلب أجرد فيه سراج يزهر، فذلك قلب المؤمن، وقلب أغلف، فذلك قلب الكافر،
وقلب منكوس، فذلك قلب المنافق عرف ثم أنكر، وقلب فيه مادتان: إيمان ونفاق، فمثل الإيمان فيه كمثل شجرة يمدها ماء طيب، ومثل النفاق مثل قرحة يمدها قيح ودم، فأيهما غلب عليه غلب))
فالقلب الأجرد: المتجرد مماسوى الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم مما سوى الحق، وفيه سراج يزهر ، وهو مصباح الإيمان ونوره، فهو متجرد سالم من شبهات الباطل وشهوات الغي، وفد أشرق واستنار بنور العمل والإيمان.
والقلب الأغلف قلب الكافر؛ لأنه داخل في غلافه وغشائه، فلا يصل إليه نور العلم والإيمان، فإذا ذكر له تجريد التوحيد وتحريد المتابعه للنبي صلى الله عليه وسلم ولّى مدبراً
والقلب المنكوس المكبوب قلب المنافق وهذا شر القلوب وأخبثها؛ فإنه يعتقد الباطل حقاً ويوالي أصحابه، والحق باطلاً ويعادي أهله، ومع ذلك يبطن الكفر ويظهر الإيمان.
وأما القلب الذي له مادتان فهو القلب الذي لم يمكن فيه الإيمان ، ولم يزهر فيه سراجه، حيث لم يتجرد للحق المحض، الذي بعث الله عز وجل به رسوله صلى الله عليه وسلم، فتارة يكون للكفر أقرب منه للإيمان، وتارة يكون للإيمان أقرب منه الكفر، والحكم للغالب وإليه يرجع.
منقول كتيب... النور والظلمات في السنه النبويه ...