إزدواجية القيم والتوجهات.. الفراغ الروحي وضعف الوازع الديني.. أسباب الظاهرةيعاني كثير من الشباب العربي المسلم في العصر الحاضر من أزمات متعددة تهدد حياته، ومستقبله، والمحيط العام الذي يعيش فيه..
ولعل أهم هذه الأزمات الإنهزام النفسي الذي تتحدد مظاهره، وتجلياته على أكثر من صعيد وتتباين من بلد لآخر ..
ويمكن أن نوجز أهم مظاهر الإنهزام النفسي لدى الشباب في النقاط التالية:
- الواقع المرير الذي تعيشه المجتمعات الإسلامية على جميع المستويات السياسية والإقتصادية والاجتماعية والثقافية مما جعل الشباب يصاب بالإحباط واليأس وفقد الثقة والإنطواء والرفض.
- إزدواجية الشخصية عند الشباب التي تتمثل في التأرجح بين التقاليد السائدة والتيارات المستوردة المختلفة التوجهات والمبادئ، والفلسفات، وهكذا أصبح معظم شباب اليوم يقلدون الغرب، ومن مظاهر ذلك إطلاق الشعور، وسماع الموسيقى الصاخبة، وارتداء الأزياء الفاضحة، والجري وراء الشهوات الجامحة، وإدمان المخدرات والكحول وما إلى ذلك من مفاسد تؤثر بشكل مباشر على الفرد والمجتمع.
- إصابة الشباب بأمراض التيه الفكري والعقدي والحيرة والإضطراب وعدم وضوح الرؤية تجاه الكثير من جوانب الحياة الدينية والدنيوية مما جعله يعيش أزمات نفسية، وصراعات داخلية.
- اللهث وراء إشباع الحاجات والرغبات المادية والجسدية ومعانقة الأحلام، وإرتياد أماكن اللهو والمجون كدور العرض، والمقاهي، والحانات من أجل الإستمتاع والتمرد على الواقع المرير لمجتمعه وأمته غير متقيد بالقيم الدينية والأخلاقية والإجتماعية.
- الإستهتار، وعدم المبالاة، أو الإكتراث بواجباته ومسؤولياته المتعددة الدينية والدنيوية مما يجعله يميل إلى التطرف، وكل مظاهر الإنحراف والعدوانية.
- أسباب الظاهرة:
إنّ ظاهرة الإنهزام النفسي في صفوف الشباب العربي المسلم اليوم لم تأت عبثاً بل جاءت نتيجة عوامل عدة:
إجتماعية، وإقتصادية، وسياسية، ودينية، وثقافة أسهمت كلها في حيرة الشباب، وتيهه، وضياعه، وتمزقه.
ومن أهم هذه الدوافع:
- المشكلات الإجتماعية والاقتصادية التي يعيشها الشباب كالفقر والبطالة والحرمان والبؤس وضيق الآفاق المستقبلية.
- فراغ أوقات الشباب من الأعمال المفيدة.
- ضعف الوازع الديني والإيماني، وتنامي ظاهرة الفراغ الروحي في صفوف الشباب بسبب العزوف عن التعلم وطلب العلم والتفقه في الدين والنهل من الثقافة العربية الإسلامية.
- الغزو الفكري والثقافي من الحضارة الغربية المتمثل في المذاهب الفكرية والفلسفية المادية الملحدة كالتغريب، والعلمانية، والعبثية التي تدعو إلى التمرد على الدين والمبادئ الأخلاقية.
- الغزو الإعلامي الخطير الذي يأتي عبر القنوات الفضائية الغربية، ودور العرض والإذاعات الموجهة، والإنترنت وغيرها من الوسائل الإعلامية التي تروج للثقافة الغربية وتبث السموم والمفاسد في صفوف الشباب ما يجعله يميل إلى الإنحراف الأخلاقي، والسلوكي والتنكر لمقوماته الحضارية.
- هل من علاج؟
إنّ تفشي الظاهرة يتطلب التدخل العاجل من أجل إنقاذ الشباب المسلم من الضياع، والتمزق، والتيه، وتقع مسؤولية ذلك على جميع هيئات ومؤسسات الأُمّة السياسية، والإجتماعية، والدينية، والثقافية، والتعليمية، والإعلامية.
وفيما يلي بعض أهم السبل والبدائل:
على الموجهين للشباب أن يركزوا على التحليل النفسي للشباب والأزمات التي تعترض تطوره والمزالق التي تعتري تفكيره لإنتشاله من الضياع، وضعف الثقة بالنفس، والشعور بالإحباط والإنطواء، والركن الأساسي هو تعهد الشباب منذ بواكير صباه بالتربية الدينية وإحاطته بجو من الثقافة الروحية التي تغذي عاطفة التدين وتنمي فيه ركائز التقوى، ورياضة النفس.
التربية الإيمانية الأخلاقية هي الأساس الأوّل لتربية الشباب المسلم حتى يسهل لهم فهم الحياة والتعامل معها على أساس صحيح من العقائد والأخلاق.
عقول شبابنا يجب أن تطهّر من الأفكار غير الإسلامية وأن تقصي العلمانية عن النظام التعليمي، كما يجب أن نخرج من خندق "الإستغراب" ونتحرر من التبعية للنظم الغربية، وأن نبحث عن حلول لمشكلات واقعنا في تاريخنا ونستلهم تصحيح مسارنا من توجيهات سلفنا الصالح فمن حق شبابنا أن يجد في دراسته للتاريخ الإسلامي علاجاً لمشكلاته وتعزيزاً لثقته بنفسه، وربطاً بجذوره الثقافية والحضارية وتحصيناً له أيضاً من محاولات الإنحراف الفكري، والعقدي.