التعارف والتقارب بين الناس هو الأصل في الحياة الاجتماعية الصحيحة .وهو أمر طبيعي تمليه الضرورة وتتحكم به الغريزة . فالإنسان اجتماعي بطبعه لذا فهو يقبل على اتخاذ الأصدقاء ومعاشرة الأخرين من الناس , معاشرة تختلف باختلاف نوع العلاقة , كالقرابة والزمالة والصداقه وغيرها .
والصداقة بطبيعتها ... التقاء عقول , وتجانس أفكار وتعانق أشخاص , وفهم متقارب للحياة . الصداقة تعني الإخلاص والتفاني في مصلحة الصديق بل تعني أكثر من ذلك ... إنها اهتمام صادق براحته وصيرورته في حالة مرضية وذلك على حد قو ل الشاعر
.
صديقي من يقاسمني همومي <><><> ويرمي بالعداوة من رماني
إن جوهر الصداقة هو المودة والمحبه الناتجتان عن إنكار الذات , وإيثار الاخرين على النفس والبذل الصادق والإخلاص فيه وكل إنسان يعيش دون محبه وصداقة , يعيش حياة جافة لامعنى لها ولا قيمة فالصداقة ينبوع فوائد , ومجموع محامد . تكسب الإنسان عزة في الدهر ولذة في العمر فصديقك إن وفي لك خير لك من نفسك لأن النفس امارة بالسوء وهو يأمر إلا بالخير . فمن اتخذ إخواناً كانوا أعواناً .
قال لقمان لابنه وهو يعظه (( يابني ... ليكن أول شئ تكسبه بعد الإيمان أخاً صادقاً فإنما مثله كمثل شجرة إن قعدت في ظلها أظلتك , وإن احتطبت من حطبها نفعك , وإن أكلت من ثمرها وجدته طيباً )) فإذا أردت أن تعيش بالهناء فاسع جاهداً إلى توسع نطاق صداقاتك مع الناس واصطف لك من الإخوة أصفاهم مودة وأنقاهم طوية . ولكي تكسب الأصدقاء عليك بوضع نفسك في مركز يسمح لك بأن تسدى يداً لغيرك . يداً تمد بالعون والمساعده دون تررد أو حساب للفوائد الشخصيه الا نيه . وعليك ايضاً أن تكون صريحا مع الاخرين وصادقاً معهم فإن كان الصدق مع النفس ضرورة ملحة فإنه مع الاخرين واجب وفرض , ولايخفى أن شخصية المرء وقدرته على اجتذاب الناس هي وحدها المسؤولة عن نجاحه المنقطع النظير , وإحدى مميزات شخصيته هي ابتسامته وبشاشته في وجه أخيه .فتعبيرات الوجه تكلم بصوت أبعد اثراً من الكلمات فهي تنطق بالسرور والغبطه وترحب بالخرين فتدعوهم للارتياح لشخصه والركون إليه ولكي توسع دائرة صدقاتك يتوجب عليك قبل أي شئ أخر أن تتخلى عن رغبتك في الوحدة أو العزله في الحياة وأن تخلق بحذاقتك ومهارتك الفرص المناسبة بقدر الإمكان للتحدث إلى الناس ولايخفى عليك أن صاحبك لا يكون صاحباً بحق إلا اذا لم تختلف صحبته ولم تتغير محبته سواء حضرت أم غبت .. سعدت أم شقيت ... يعتبر أن نفسك نفسه ومنافعك منافعه وعدوك عدوه .. وعلى من أراد اتخاذ صاحب له أن يسبق فيسبر أحواله وأخلاقه ويستدل عليه بأفعاله لا بأقواله مع مشاورة أهل الرأي والتقى ممن يعرفونه حق المعرفه فقد . فقد قال الحكماء (( اعرف قدر الرجل من فعله لامن قوله , ومحبته من عينه لامن لسانه ))على أن التلاؤم في الأخلاق واختيار الصديق قبل الاتفاق ليسا كل الصفات المطلوبه في الصحبه بل يزاد عليها خصال , لابد أن يأخذ منها صديقك الحظ الأوفر والنصيب الأكبر .
(( الأولى ))
عقل موفر يهدي إلى مراشد الأمور فإن الحماقة لاتثبت معها موده ولاتدوم لأصحابها استقامه وعداوة العاقل أقل ضرراً من مودة الأحمق لآن الأحمق ربما ضر من حيث يريد المنفعه , والعاقل لايتجاوز في مضرته فمضرته لها حدّ يقف عليه العقل ومضرة الأحمق ليست بذات حد , والمحدود أقل ضرراً مما هو غير محدود .
(( الثانية ))
الدين الواقف بصاحبه على الخيرات فإن تارك الدين عدو لنفسه فكيف ترجى منه مودة غيره قال ابو العتاهيه :
إصحب ذوي الفضل وأهل الدين <><><> فالمرء منسوب إلى القرين
(( الثالثة ))
أن يكون محمود الأخلاق مرضي الأفعال مؤثراً للخير أمراً به كارهاً للشر ناهياً عنه فإنمودة الشرير تفسد الأخلاق وتورث المذمة والملامة . قال بعض الحكماء (( مخالط الأشرار على خطر , والصابر على صحبتهم كراكب البحر الذي إن سلم منه ببدنه من الغرق فيه لم يسلم بقلبه من الفرق فيه ))
(( الرابعة ))
ان يكون كل واحد من المتصاحبين ميالاً إلى خيه , رغباً في تصافيه فإن ذلك أوثق لعرى المؤاخاه وأمد لأسباب المصافاة إذليس كل من تصاحبه يطلبك ولا كل من ترغب فيه يرغب فيك ومن طلب مودة ممتنع عليه ورغب في زاهد فيه كان معنى خائباً . وهل ابلغ من قول رسول الله صلى الله عليــــــــه وســــلم هنا (( الصاحب رقعة في قميصك , فانظر بما ترقعه )) ولله در ( عدي بن زيد النزاري )) حيث يقول :
إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم <><><> ولا تصاحب الأردى فتردى مع الردي
عن المرء لاتسأل وسل عن قرينه <><><> فكل قريـــــــــــن بالمقارن يـقتدي
وخلاصة القول .. إن الأصدقاء المخلصين هم ذخيرة الإنسان وعدته عند البلاء ومعونته على الصعاب يقومونه إذا أخطاء ويرشدونه إلى جادة الصواب فإذا صفا لك من زمانك صديق سبرت أخلاقه فاحرص عليه وراعه لأن له حقوقاً عليك جاوزت حقوق القرابة , فمن جاد لك بمودته فقد جعلك ثاني نفسه فأول حقوقه الثقه به ثم نصحه في السر والعلانية ثم تخفيف الأثقال عنه ثم معاونته فيما ينويه من حادثة أو يناله من نكبه ثم مشاركته في افراحه وأتراحه , وخير إخوانك من واساك وخير منه من كفاك ...
منقووووووووووووول
العرض العادي
