و تجلـدي للشامتيـن أريهمُ ... أني لريب الهر لا أتضعضـع
و النفس راغبـةٌ إذا رغبتها ... و إذا ترد إلـى قليـلٍ تقنـعُ
" أبو ذؤيب الهذلي "
الأبطال ينتصرون أو يموتون .. الاحتمالات الأخرى لا مكان لها في عقيدتهم .. يحملون معهم ما تبقى من كرامة و رجولة .. يطرزون أسمائهم بحروف من نور , فتبقى ذكراهم خالدة كالحضارات .. تنتقل حكاياتهم من جيل إلى جيل .. الأبطال ينتصرون أو يموتون ..
كم تمنيت لو كان الموقف الرسمي لحكومة المملكة أكثر من مجرد استهجان لتوقيت و طريقة إعدام البطل .. تمنيت لو صفَعَت الشامتين و أقامت على البطل صلاة الغائب في الحرم الشريف و قدمت الدعوة لدفنه في البقيع .
عموما , لم يعد هناك متسع للأمنيات , فالبطل مات .. و إذا مات البطل , أبحثوا عن " أخر " !
أيها الزعيم البطل .. كل ثنائيات الحضارة في بلاد الرافدين أصبحت أنت ثالثها .. الفرات و دجلة و أنت يا بطل .. الرصافة و الكرخ و أنت يا بطل .. بغداد و الكوفة و أنت يا بطل .. الشمس و القمر و أنت يا بطل .. المعتصم و المتنبي و أنت يا بطل .. رغد و رنا و أنت يا بطل ... قصي وعدي وأنت يابطل !
أيها الزعيم البطل .. أصحاب الأقلام كتبوا عن الشجاعة : مقال و قصة و قصيدة.. صنّاع التلفزيون و السينما أنتجوا لنا " القلب الشجاع" و " نهاية رجل شجاع " .. الساسة اخترعوا " سلام الشجعان " .. الخبراء قالوا " كيف تكتسب الشجاعة " .
جميع ما سبق من مقالات و قصائد و قصص و مسلسلات و أفلام و برامج , اختصرتها أنت ببضع خطوات و كلمات , لتموت كما ينبغي للبطل أن يموت , و إذا مات البطل , أبحثوا عن " أخر " !
أيها الزعيم البطل .. اثبتَّ للعالم أن الشجاعة خطوة ثابتة باتجاه الموت .. و أن شجاع الخطوة يموت ملكا .. يرحل إلى الأعلى بدون أقنعة , يتركها للجلاد و حرّاس المشنقة .. يا الله ما أجبن الجلاد و ما أشجع الضحية !
أرقد بسلام , فهناك مشنقة سينصبها لهم التاريخ .. سيعاقبهم على الجريمة و التوقيت و رائحة الطائفية التي أزكمت الأنوف .. ارقد بسلام , فالمشهد الأخير كان مشرّفا .. أعاد إلى الأذهان ذكرى البطل الشهيد عمر المختار .. المشهد الأخير لم يكن كما تمنوه و لن يكون !
أرقد بسلام , فآخر كلماتك شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله .. و آخر خطواتك إيمان و شجاعة و ثبات .. و آخر مقتنياتك مصحف شريف .. فما اجمل ماقتنيت وما نطقت ....
وداعا يا سيادة الرئيس الشهيد ...
*********
عازف الحروف ... صافحت القلب بكلماتك ...
لك كل الشكر والتحية ... تعانقمها كل المشاعر ...