العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > ۞ مكتبة الــوٍد الإسلامية ۞
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-04-2007, 02:34 AM   رقم المشاركة : 1
مرحبا بالجميع
Band
 





مرحبا بالجميع غير متصل

نظرات وعبر في ذكرى هدم ما شيده سيد البشر

نظرات وعبر في ذكرى هدم ما شيده سيد البشر

الجزء الأول :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, محمد بن عبد الله صادق الوعد الأمين, وعلى آله وصحبه أجمعين, ومن تبع هداه , وسلك خطاه , وسار على نهجه إلى يوم يلقى الله .

ثم الحمد لله القائل في محكم التنزيل: ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ {51} ) غافر .

القائل : ( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ {54} ) النور .

ويقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم : ( إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وأن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها ... )
ويقول: ( تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً فتكون ما شاء الله أن تكون ، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها , ثم تكون ملكاً جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون , ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها , ثم تكون خلافة على منهاج النبوة , ثم سكت) .

إخوة الإيمان : أحييكم بتحية الإسلام العظيم , فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته , ومرحباً بكم في رحاب العمل لإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة بإذن الله سبحانه وتعالى .

أهلاً بكم إخوة الإسلام وأنتم تشاركوننا ذكرى أليمة , ومصيبة عظيمة , حلـَّت بالمسلمين قبل عقود خلت, فقصمت ظهرهم , وفرَّقت جمعهم , وضيعت شملهم , حتى انسلـَّت بلادهم من بين أيديهم , وهم يرون بأم أعينهم انسلاخ الأقاليم عن بعضها , بعد فرط تاج العقد الثمين , الواحد تلو الآخر! فضعفت وتهاوت بعد أن تكالبت عليها قوى الشرِّ, وقد أعانهم في ذلك رجال ممن زعموا أنهم من المسلمين .

نعم : تشاركوننا آلامنا وحسرتنا بفقدان إمامنا , وحزن الأمة بادٍ ظاهرٍ على وجوه أبنائها المخلصين , في كل قطر من أقطار المسلمين , بل وفي كل بلد من بلاد الدنيا , يوجد به إسلام ومسلمون , والناظر اليوم لحال الأمة بعد هذه السنوات العجاف الطوال , التي ظلت الأمة فيها دون دولة تجمعها , ولا إمام يحكمها بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم , ولا دولة توحد كياناتها الممزقة في بوتقة واحدة .

أيها الإخوة الأكارم : مرَّ على المسلمين أيامٌ وأيام , مرَّ عليهم أيامُ عز ومجد وسرور, وجهاد وسؤدد وحبور, يوم كان لهم دولة ترعاهم , وتدفع عنهم , يوم كان لهم خليفة يحفظهم ويذود عن حماهم , نعم : يومها كانت الدولة الإسلامية الدولة الأولى في العالم , يوم حملت رسالتها للعالم وكسرت شوكة فارس والروم , ثم لما تخلت عن رسالتها المكلفة بها , تكالبت عليها قوى الشر وقطعتها أجزاء عديدة , ونصبت عليهم حكاماً صنعتهم على عينها , وحركتهم كما يحرك اللاعب الماهر أحجار الشطرنج , كيفما تريد .

ونحن لن نقف اليوم عند ذكرى هدم الخلافة لنبكي على أطلالها, ونذكرها وكأنها رواية منسية, أو قصة خيالية , كانت في زمن غابر, ثم غابت مع الأيام واندثرت , وضاعت معالمها ! لا والله إنما هي منا بمثابة الروح من الجسد .

نجتمع لنتناصح في إقامتها وإعادتها إلى الوجود عزاً للدنيا والآخرة , نجتمع لندعوكم أن تناصرونا وتضموا سواعدكم إلى سواعدنا , وأصواتكم إلى أصواتنا , فنكون لبعضنا عوناً , فتلتفت الأمة إلى قولنا وعملنا , لعله يكون من أصحاب القوة والمنعة فيها من يشد أزرنا ويمد يد العون لنا , حتى يأذن الله بقيامها .

إخوتي في الله وأحبتي : نجتمع اليوم في ذكرى هدم دولة الخلافة الإسلامية على أيدي الكفار المستعمرين , وقد مضى على هدمها ثلاثة ٌوثمانونَ سنة ًميلادية ! ظلت الأمة فيها بلا دولة تمثلُ أبناء المسلمين لأنهم مسلمون , ظلت الأمة بلا إمام يدفع عنها الأذى , ويجلب لها المصالح , ظلت الأمة بلا إمام يقيم الحدود , ويعطي الحقوق , ويرد المظالم , ظلت الأمة بلا كيان ٍيجمع شعث أوصال بلاد المسلمين التي قـُطـِّعت إلى ما يقارب الستين دويلة ً, لا يملك المسلمون السلطان الحقيقي فيها بسبب حكامهم الذين يفتقدون بدورهم لهذا السلطان الذي ضيعوه وأضاعوه وأسلموه لأسيادهم من الكفار المستعمرين ! ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله العلي العظيم .

نعم, نلتقي اليوم أيها الإخوة الكرام : لأننا وإياكم بإذن الله سبحانه وتعالى من الحريصين على ضرورة إقامتها مرة أخرى , ليتحقق بذلك وعد الله سبحانه وتعالى القائل : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُواالصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {55} ) النور.

ووعد رسوله الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم القائل : ( لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر ولا وبر إلا أدخل الله عليهم كلمة الإسلام بعز عزيز وبذل ذليل إما يعزهم الله فيجعلهم من أهلها , أو يذلهم فيدينون لها ) .

أجل إخوتي في الله وأحبتي : نلتقي اليوم لأننا نرى أن الأمة إن لم يكن جميع أبنائها فغالبيتهم قد وصلوا إلى قناعة بأنه لا مخرج مما قد وصلت إليه الأمة من أوضاع تعرفونها , بل وتبصرون قسماً كبيراً منها , إلاَّ بإقامة دولة الإسلام , أي دولة الخلافة , أي الحكم بما أنزل الله جل في علاه .

وبما جاء به رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم , فإن الأمة بعد فقدان دولة الخلافة فقدت الحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى , فانقطع الخير الكثير, الذي خصَّه الله تبارك وتعالى بالحكم
بما أنزل , كما جاء في قول الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم : ( يوم من إمام عادل أفضل من عبادة ستين سنة , وحدٌّ يُقام في الأرض لِحَقـِّهِ أزكى فيها من مطرٍ أربعين يوماً ) .

أيها المسلمون : فقدنا الخلافة ففقدنا بفقدانها كل شيء عزيز

ضجت عليك مآذن ومنابر *** وبكت عليك ممالك ونواح ِ

الهند والهة ومصر حزينة *** تبكي عليك بمدمع سحاح ِ

والشام تسأل والعراق وفارس *** أمحا من الارض الخلافة ماح ِ

فبفقدان الخلافة ضاعت فلسطين ,
وبفقدان الخلافة ضاعت بلاد المسلمين ,
وبفقدان الخلافة ازدادت مصائب المسلمين ,
ففي كل يوم مصيبة جديدة أعظم من سابقاتها ,
حتى لحقت العراق أختها فلسطين ,
وسبقتها قبل ذلك أفغانستان , ثم تلتها السودان , وأرض الصومال , ومن يدري في أي بلد من بلاد المسلمين تحط ُّ قوى الكافر المستعمر المحاربة لديننا , والمغتصِبةِ لبلادنا, والناهبة لأموالنا, والمنتهكة لأعراضنا, والسافكة لدمائنا, بعد كل البلاد التي وقعت تحت نير احتلالها.

نلتقي أيها الإخوة الكرام : لتكون لنا وإياكم نظرات في إقامة دولة الخلافة الموعودين بإقامتها , والتي ستكون على منهاج النبوة كما بشـَّر النبي الهادي عليه السلام , نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعجل بقيامها .

هذه النظرات ضرورية لكل إنسان مسلم يعمل لإقامة دولة الإسلام , فإن لم يكن يعمل ! فإنه على الأقل يطمح ويحب ويرجو الله ويدعوه أن يأذن بقيام دولة الإسلام , فلننظر معاً في نظرات تـَلزَمُنـَا للفكر , وتلزمنا للعمل , وتلزمنا لتحديد مواقفنا , وتلزَمنا لبيان طريقنا , وتلزمنا حتى نستنهضَ عزائمنا وهِمَمنا , أن نكون من العاملين لإقامتها .

النظرة الأولى أيها الإخوة الكرام : الإستخلاف الذي وعد الله سبحانه وتعالى به المؤمنين في القرآن الكريم , في قوله تعالى : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ {55} ) النور .

هذا الإستخلاف ليس مخصصاً في كتاب الله لفئة قد سُمِّيت بأسماءٍ جامدة , أي أنه ليس محصوراً في فئة حُدِّدَ أسماءُ أعضائها بأعيانهم , ولم يحدد زمانهم , ولم يحدد مكانهم , وإنما هذا الإستخلاف هو وعد من الله سبحانه وتعالى لفئةٍ موصوفةٍ وصفاً مفهماً حيثما وجدت هذه الفئة فقد صدق وعد الله تبارك وتعالى فيهم , واستحقوا أن يُكافؤوا بما اتصفوا به من الصفات التي طلبها الله سبحانه وتعالى بالمكافئة التي وعد الله بها , ألا وهي الإستخلاف والتمكين والأمان والإطمئنان في الأرض كل الأرض .

مما يعني : أنه لو وجدت هذه الفئة بصفاتها في أي زمان من الأزمنة , قبل خمسين عاماً مثلاً , أو وجدت بعد عشرين عاماً , أو وجدت في تركيا , أو وجدت في أوزباكستان , أو وجدت في الباكستان , أو وجدت في بلاد المسلمين مجتمعة , فإن الله سبحانه وتعالى لا يُخلف وعده .

ولكن المسألة أيها الإخوة الكرام : هي البحث والعمل لاستحقاق هذه المكافأة من الله العزيز الحميد , وهي مكافأة الإستخلاف والتمكين والأمان , مما يعني ضرورة الإتصاف بالصفات التي حددها الله جل وعلا للفئة التي تستحق هذا التمكين , وهي صفات الصلاح وحُسن العمل , يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً .
أن يحملوا هذا الدين تماماً كما جاء به محمد صلوات ربي وسلامه عليه .
أن يستقيموا على الطريقة وصدق الله العلي العظيم : ( وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقاً {16} ) الجن .
أي : استقاموا على أمر الله فعملوا بطاعته واجتنبوا معصيته , زهدوا في الفانية , ورغبوا في الباقية .
نعم , أن يستقيموا على الطريقة , وأن يأمروا بالمعروف , وأن ينهوا عن المنكر , وأن يُقيموا الإسلام بإقامة دولته, وأن يعملوا مع العالمين العاملين المخلصين لإقامتها , وهذه من صفات المؤمنين حقا وصدقا .

ومن هنا نأتي للنظرة الثانية أيها الإخوة الكرام : أننا يجب أن نفهم أن إقامة دولة الإسلام , والحكم بما أنزل الله , هو عملٌ من الأعمال البشرية التي يجب أن تتصف بها الفئة التي تستحق الإستخلاف والتمكين والأمان في الأرض, فإن إقامة حكم الله , والحكم بما أنزل الله فرض فرضه سبحانه وتعالى في الكتاب والسنة , والأدلة على ذلك كثيرة ومعلومة لديكم , ومنها قوله تعالى : ( إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ {40} ) يوسف .

وقوله : ( وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ {49} أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ {50} ) المائدة .

ولقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم : ( ما أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم , وما نهيتكم عنه فانتهوا) .
ولقوله : ( ومن مات وليس في عنقه بيعة , مات ميتة جاهلية ) كناية عن وجود الإمام , أي وجود الدولة ووجود الحكم بما أنزل الله , ولذلك فإن الحكم بما أنزل الله فرض , فإذا ما تأخرت فئة ٌعن فرض من الفروض لم تتحقق بها الصفات التي ذكرناها آنفاً .

ثم نأتي إلى النظرة الثالثة : وكلها نظرات أيها الإخوة الكرام مترابطة متلاحقة ٌ, ونرجوا منكم التنبه لفهمها فهماً دقيقاً , يُنتج عندكم فكراً يدفعكم إلى العمل من أجل إقامة دولة الإسلام , والنظرة الثالثة أن الإستخلاف الذي وعد الله سبحانه وتعالى به, وكذلك التمكين والأمان لا يكون بمجرد إقامة الدولة ! أي أنه لا يتحقق بمجرد إقامتها , وإنما إقامة الدولة فرض إذا ما أقامه المسلمون استحقوا بأن يُستخلفوا وأن يُمكنوا , ويأمنوا في الأرض .
والشاهد على ذلك أن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم عندما هاجر من مكة إلى المدينة وقد كانت تسمى يثرب قبل هجرته إليها , ثم سُمّيِت المدينة المنورة , وقد أقام عليه السلام دولته منذ اللحظة التي وطأت قدماه يثرب , إلاَّ أن التمكين والأمان لم يتحققا للمسلمين إلاَّ بعد سنوات من ذلك , وبالتحديد بعد فتح مكة وقتال هوازن وثقيف , وكانت هذه السنوات قد شهدت محناً وفتناً , وهجمات من الكفار, وابتلاءات من كيد يهود تعرض فيها المسلمون لأصنافٍ من العذاب ما بين حصار وحروب , ومحاولات للقضاء على الإسلام في الجزيرة العربية والعمل على إطفاء نوره ! ولكنَّ الله سلـَّم .

ثم بعد ذلك بسنوات جاء التمكين وجاء الأمان , رغم أنه في غزوة الأحزاب لم يكن هناك أمان أو اطمئنان ! كالذي وعد الله رسوله به , ولكنه جاء بعد ذلك , على الرغم من أن غزوة الأحزاب كانت بعد قيام دولة الإسلام بسنوات .

وإلى اللقاء في الجزء الثاني بإذنه تعالى






قديم 28-04-2007, 01:17 AM   رقم المشاركة : 2
مرحبا بالجميع
Band
 





مرحبا بالجميع غير متصل

الجزء الثاني :

أما النظرة الرابعة أيها الإخوة الكرام : أن إقامة دولة الإسلام التي أصبحنا نعلم أنها فرض فرضه الله سبحانه وتعالى على المسلمين , وأصبحنا نعلم أنها عمل من الأعمال التي يجب على المسلمين أن يقوموا به حتى يستحقوا الإستخلاف والتمكين والأمان في الأرض , يجب أن نفهم أنها ليست مكافأة بحد ذاتها , بقدر ما هي عمل يجب على المسلمين إنجازه وإتمامه .

وإننا أيها الإخوة الكرام : إذ نؤمن أنه لا يكون عمل على هذه الأرض إلاَّ بإذن الله سبحانه وتعالى , ولا يكون نجاح ولا صلاح إلاَّ بتوفيق منه , فإن الله هو الموفق , وهو المستعان , وهو الهادي إلى سواء السبيل , وهو الذي عليه التكلان .

ولكن أيها الإخوة الكرام : أنظروا معنا فيما قد أجمع عليه العلماء من أن أعمال الإنسان المتعلقة بالصلاح , والمتعلقة بطاعة الله ِسبحانه وتعالى , والمتعلقة بتحكيم كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , والمتعلقة بموافقة الحكم الشرعي , والمتعلقة بالإقتداء بالنبي عليه السلام , والمتعلقة بالتزام العبادات والطاعات , والمتعلقة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ أي أعمال الصلاح ـ هذه كلها أعمال اختيارية لا تقع على المسلم جبراً عنه , وعلى هذا عقيدة المسلمين .

فإذا كان الصلاح يختارُه الإنسان المسلم اختياراً بتوفيق من الله سبحانه وتعالى , فإن إقامة دولة الإسلام أيضاً عملٌ يجب أن يقوم به المسلم ملتزماً بالكيفية الثابتة التي جاء بها الرسول الهادي عليه السلام , وأن لا يحيد عنها قيد أنملة , لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله فرض فروضاً فلا تضيعوها , وحدَّ حدوداً فلا تنتهكوها ) .

حتى يستحق رضوان الله سبحانه وتعالى , وبهذا تكون دولة الإسلام ليست مكافأة , وإنما تكون فرضاً فرضها الله علينا , وعملاً يجب علينا إنجازه , وهذا كله بتوفيق من الله سبحانه وتعالى وإذن ٍمنه. والدليل على ذلك , أو الشاهد عليه أن التحاق الجزيرة العربية بدولة الإسلام لم يكن لأهل مكة على سبيل المثال مكافأة !

فالرسول عليه السلام قد خرج من مكة إلى يثرب لإقامة دولته التي مكنه من إقامتها الأنصار بتوفيق من الله سبحانه وتعالى , ولكن أيُّ عمل ٍقام به أهل مكة من كفار قريش حتى يستحقوا مُكافأة أن يُصبحوا جزءً من دولة الإسلام , فهم قد ظلوا على كفرهم حتى فـُتحت مكة , إذن فلا يمكن أن يكونوا قد عملوا أيَّ عمل ٍيستحقون به أن يصبحوا جزءً من دولة الإسلام , إلاَّ أنهم أصبحوا جزءً من دولة الإسلام بعدما أسلموا , وحَسُن إسلامهم , وصلح حالهم , وأصبحوا بذلك جنوداً مغاوير في جيش الرسول صلى الله عليه وسلم وأبطالاً مجاهدين .

فمجرد إقامة دولة الإسلام ليس بحد ذاته مكافأة , ولكنه فرض فرضه الله سبحانه وتعالى على الناس .

والنظرة الخامسة أيها الإخوة الكرام : أننا يجب أن نعلم أن دولة الإسلام لا تتنزل من السماء , فهي ليست معجزة من معجزات الأنبياء , وهي ليست كرامة من كرامات الأولياء , ولكنها أيها الإخوة الكرام عملٌ بشري , نعم وأكرر أن إقامة دولة الإسلام عملٌ بشريٌّ , وأذكركم مرة أخرى بأننا نؤمن بأنه لا يكون عملٌ إلاَّ بإذن الله , ولا يكون نجاح ولا إتمام لأيِّ مهمة إلاَّ بإذنه وبتوفيق منه , ولكن , هناك أعمال بشرية كلفنا بها المولى من أوامر ونواه وجعلها منوطة بالإستطاعة ومنها القيام بالفرائض , وهي جميعها تكون تحت الممكنات وليست من المستحيلات , فالله سبحانه وتعالى لا يكلف الإنسان ما لا يطيق , فالعمل لإقامة الخلافة فرض , بل هو تاج الفروض وأهمُّها وباستطاعة المسلمين أن يقوموا به , وأن يتلبسوا بالعمل لإقامته وهو أمر مقدور عليه , والنتائج ليست بأيدينا , وإنما كل شيء بأمر الله , وهذا من القدر ولا دخل لنا فيه ولا نـُسأل عنه , وإنما سنسأل يوم القيامة : ماذا عملتم فيما علمتم ؟ ولا نسأل عن النتائج لأنها بيده سبحانه وتعالى .

ولكن هناك أعمال بشرية وأنتم تعلمون هذا , وهو ثابتٌ , وشاهده وثبوته أنه لما قامت دولة الإسلام الأولى التي أقامها محمد وصحبه ما قامت إلاَّ بأعمال ٍبشرية , فإنه عليه الصلاة السلام وقد خـُيِّر في أن يأمر جبريل عليه السلام بأن يُطبق على أهل مكة الأخشبين فيقضي عليهم ! إلاَّ أنه عليه السلام أبى ذلك , وانتم تعلمون هذا ,وتعلمون أنه عليه السلام قد سعى لطلب النصرة , فمنهم من أعطاه إياها مشروطة بأن يكون لهم الأمر من بعده فرفض , وأوذي في سبيل الله حتى أدميت قدماه الشريفتان , وأصابه وصاحبه الشدة والعذاب , ورغم ذلك كله كان يقول : اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون .

نعم : اختار غير ذلك , وأنتم تعلمون هذا, وتعلمون أنه قد سعى, يمشي في الطرقات, ويخاطب الناس متكلماً, ويطلب النصرة, ويدعو القوم , ويدعو القبائل التي كانت تحج إلى مكة , ويطرق أبوابهم , ويستنصر القبيلة الفلانية , والقبيلة العلاَّنية , حتى أكرمه الله فاستجاب له نفرٌ من أهل يثرب وقبلوا دعوته .

ثم إنه عليه السلام قد خرج مهاجراً في حفظ الله ورعايته , وأن الأنصار رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم همُ الذين نصروه عليه السلام وأقاموا له الدولة, وأعطوه البيعة , وأعطوه السلطان , وأعطوه النصرة , وأعطوه المنعة , ومنعوه كما عاهدوه , وصدقوا ما عاهدوا الله وما عاهدوا الرسول صلى الله عليه وسلم عليه , قد قاموا بذلك وهم بشر, نعم لقد كانوا بشراً , وكان الرسول صلى الله عليه وسلم من البشرِ, جاؤوا إليه, وآمنوا بما جاء به , ثم رجعوا , فتعلموا الإسلام , وبايعوه بيعة العقبة الأولى , ثم بايعوه بيعة العقبة الثانية , وقاتلوا معه , وقتل منهم في سبيل الله من قتل , وجرح من جرح , وأسر من أسر, وهذا كله كان عملاً بشرياً , لذلك فإننا إذا ما فهمنا بأن إقامة دولة الإسلام عملٌ بشري , وليس معجزة , وليس كرامة , وإنما عمل بشري كما ذكرنا , فإن هذا يقودنا إلى النظرة التي تليها , النظرة السادسة .

والنظرة السادسة أيها الإخوة الكرام : سؤال نطرحه الآن , ويجب علينا وعليكم وعلى الأمة أن تطرحه على نفسها : هل من الحقِّ القولُ بأن أمة الإسلام عاجزة ٌاليوم عجزاً مقعداً عن إقامة دولة الإسلام والحكم بما أنزل الله ؟!

ثمَّ ما هو العجز المُقعد ؟ إن العجز المقعد أيها الإخوة الكرام : الكساح الذي يمنع من المشي , أو العمى الذي يحجب الإبصار, أو الشلل التام الذي يصيب الجسم فيقعد صاحبه ويمنعه الحركة , والسؤال الذي يطرح نفسه الآن : هل أمة الإسلام مزجوجٌ بها في سجون لا تستطيع أن تخرج منها أبدا؟!

هل سُـلط على عقولهم حقيقة ولا أقول مجازاً : من يوجههم ويتحكم بهم ؟!

كما يتم التحكم بالآليات والمعدات ؟!

ليس هذا صحيحاً فأمة الإسلام ليست عاجزة ًعجزاً مقعداً عن الحكم بما أنزل الله , بإقامة دولة الإسلام ,

وإنما أمة الإسلام قادرة ٌعلى التغيير,

وهي تمتلك من الطاقات , وتمتلك من الإمكانيات ما يُأهلها ويُمكنها على الحقيقة من أن تقيم دولة الخلافة فوراً ,

ولكنها لا تـُوجَّهُ الوجهة َالصحيحة , ولا تسير إلى حيث يجب أن تسير , والكثير منهم لا يلتزمون بأمر الله ولا بأمر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ,

إذن فما الذي ينقص أمة الإسلام ؟!

أينقصها الرجال ؟!

لا والله !

فهم أكثر من المليار ونصف المليار من المسلمين , والغالبية العظمى منهم من الشباب ,

وهذا من سُنـَّة النبي صلى الله عليه وسلم الذي حثَّ الشباب على التناكح والتناسل والتكاثر ,

لذلك فإنا نجد أن نسبة الشباب بين المسلمين هي أعلى نسبة قياساً على غيرها من الأمم الأخرى على وجه الأرض .

هؤلاء الشباب ماذا ينقصهم ؟ هل على سبيل المثال , طاقة الرجل الأمريكي , أو البريطاني , أو طاقة الرجل النصراني , أو طاقة الرجل اليهودي , تساوي طاقة مئة رجل مسلم ؟!
من حيث عضلاته وقوة جسده أو عقله ؟!
لا والله ! ليس هذا بواقع أبداً ,

فالطاقة البشرية موجودة , ومقسمة على طاقات علمية , وطاقات عملية , وطاقات مهنية , وطاقات حيثما يلزم أن يكون هناك طاقات .

والطاقات العلمية منها العلوم الشرعية , ومنها العلوم الدنيوية , وهذا معلوم , فيوجد عندنا بوفرة : أطباء , ومهندسون , وعلماء ذرةٍ , وعلماء الكترونيات , وما شئت من أمور, فإنها كلها موجودة عند أبناء المسلمين فهناك طاقات وإمكانيات , وهناك علماء بالأصول , والفقه , والشريعة , والتفسير, والحديث واللغة , نعم طاقات بشرية هائلة موجودة لدى الأمة , كل هذا وزيادة , علاوة على الشباب الجبار, والعقول الفذة , والدماء النقية , والأخلاق الحميدة ,

والأهم من هذا كله , العقيدة الصحيحة الموافقة لفطرة الإنسان , والمقنعة ُلعقله بحيث تملأ القلب راحة وطمأنينة .

أيها المؤمنون الموحدون : ماذا ينقص الأمة ؟! أتنقصها الأموال ؟!

إن أموال الأمة أيها الإخوة الكرام تنفق اليوم على أمريكا وعلى أوروبا وعلى يهود وسائر بلاد الكفر, وتدفع أتاوات للحروب التي أشعلها الحكام بإيعازٍ من الكفار المستعمرين , وتدفع فواتير للحروب التي تشنها الدول الكافرة على المسلمين من هذه الأموال !

إذاً هناك طاقات هائلة جداً !

فما الذي ينقص أمة الإسلام , أينقصها بقعة جغرافية ملائمة أو مناسبة لإقامة الدولة !

وبلاد المسلمين تقع على أهم المواقع , وأهم المعابر البرية والبحرية والجوية , في سائر الكرة الأرضية ,

نعم : بلاد المسلمين تمتد من أندونيسيا حتى الأندلس , وأهم المعابر قاطبة موجودة في بلاد المسلمين !

ولذلك أدرك الكافر المستعمر ومنذ قرون طويلة ضرورة السيطرة عليها ,

إذاً فإن الأمة لا تنقصها طاقات بشرية , ولا طاقات مادية , ولا تنقصها الأرض !!!

ولكن ينقصها قرار توجيه مجهودها الوجهة الصحيحة , هذه الأمة التي لا تنفك كل يوم تـُخرج أجيالاً وأجيالاً من المجاهدين المقاتلين , ومن العلماء المجتهدين , ومن العالمين بالأصول والفقه والفكر, ومن العاملين بشتى المناحي العلمية والعملية , وكلهم مسلمون يعشقون الإسلام , ويضحون في سبيله بالغالي والنفيس , وليس أدل على حبهم للإسلام من ما حصل في تركيا من انتخابات شارك فيها الملايين واختاروا الإسلام ,

أليس هؤلاء كلهم طاقة من طاقات الأمة ؟!

أترى لو وجِّهوا الوجهة الصحيحة لإقامة الخلافة ؟!

ألا يستطيعون التغيير الجذري والصحيح ؟!

بلى يستطيعون , وكيف لا يستطيعون وهم القوة البشرية الحقيقية التي لا تـُرد إن قامت على صعيد واحد وعلى قلب رجل واحد , فإذا كان مليون أو مليونان أو أكثر قد انتخبوا الإسلاميين في تركيا , ألا تستطيع هذه الملايين تغيير واقع مرير في بلد من بلاد المسلمين , والقضاء على النظام العلماني هناك ؟!

ومثل ذلك إذا ما تجمهر الملايين في جميع عواصم بلاد المسلمين , وطالبوا بالإسلام السياسي المتمثل بالخلافة , وقاموا بعصيان مدني !

فلا يذهب الطالب إلى مدرسته , ولا العامل إلى عمله , ولا الموظف إلى وظيفته , لتتوقف المؤسسات عن استقبال الجمهور , ولتتوقف المواصلات عن الحركة , ولتعطل كل المؤسسات الحكومية والدوائر, وليقفوا في صعيد واحد مطالبين بتنحية الحكام , ومطالبين بدولة الإسلام ,

ولتكن حالة طوارىء واستنفار !!

فماذا ستصنع الأنظمة البالية والفاسدة حينها ؟!

أقولها بملىء فيَّ : لا تستطيع أن تقضيَ عليهم , أو أن تزجَّ بهم في السجون ,

وعدى عن ذلك كله , فإن أمام كل شرطي , أو جندي , أو رجل مخابرات أمامه من المعتصمين : إما والد , أو ولد , أو أخ , أو قريب , أو صديق ,
أو من يُدلي إليه بصلة أو رحم !
على أن يسبق ذلك كله إيجاد رأي عام عن الإسلام بشكل مقنع , مع كشف عمالة الحكام وسوء رعايتهم , وأننا لم نعد نثق بأقوالهم وأفعالهم وتصرفاتهم ,
وأننا لن نركن إليهم بعد هذا اليوم , شاؤوا أم أبوْا .

وأما إن جئنا بمثال من الواقع خلاف ما نقول , فإننا نرى الطاقات تكاد تكون غزيرة , وتتدفق كشلالات في أعمال كثيرة ,

إلاَّ أنها لا تصبُّ في إقامة الدولة , ونرى كذلك جهوداً جبارة مهدورة , وهي أيضاً لا تصب في صالح الأمة ,
وهي : إما أن تكون موجهة من قِبل الأنظمة للتنفيس عن الغضب الذي يجيش في أعماق الأمة بسبب ما يجري ,
وإما أن تكون صراعات على أمور ليست بالقضايا المصيرية , تسخر لأرب في نفس يعقوب قضاه ,

ومن أمثلة ذلك : الإنتخابات في فلسطين والعراق ومصر والأردن وغيرها ,

وإلهاء الشعوب برغيف الخبز تارة ,

وبالماء تارة , وبالكهرباء تارة أخرى ,

فينشغل الناس بها سنوات وسنوات , وهكذا دواليك !!

وهذا واضح أيها الإخوة الكرام , مما يدلل على أن الأمة ليست عاجزة عجزاً مقعداً عن إقامة دولة الإسلام .

يتبع الجزء الثالث بإذنه تعالى







قديم 30-04-2007, 11:46 PM   رقم المشاركة : 3
مرحبا بالجميع
Band
 





مرحبا بالجميع غير متصل

الجزء الثالث :

النظرة السابعة أيها الإخوة الكرام :

أن إقامة دولة الإسلام بمبايعة خليفةٍ يكون السلطانُ فيها بيد الأمة , فيَضعُهُ حيث أمر الله سبحانه وتعالى , وإقامة ُهذه الدولة هي الطريق الذي يؤدي ضرورة ًإلى توحيد بلاد المسلمين , وإلى توحيد الأمة الإسلامية في دولة واحدة , وليس العكسُ صحيحاً ,

وهذا يعني أنه يجب أن نفهم أن إقامة دولةٍ للمسلمين في قطر أو قطرين أو ربما أكثر, يعني في أقطار محدودة , تقام دولة الإسلام ,

ثم بعد ذلك تبدأ هذه الدولة بالتوسع شيئاً فشيئاً ,

فتضمُّ بلاد المسلمين بلداً تلو الآخر حتى تشمل جميع بلاد المسلمين ,

هذه هي الطريقة التي تؤدي إلى توحيد بلاد المسلمين , وتوحيد الأمة .

أما القول بأنه يجب أن تتوحد الأمة أولاً , وأن يصلح حالها جميعاً , وأن تتوحد جميع بلاد المسلمين , والبلدان الإسلامية ,

كما يدعي بعض أدعياء العلم على شاشات الفضائيات حين يقولون :

يجب علينا أن نعمل على إقامة الولايات المتحدة العربية أو الإسلامية !

هذا الطرح عدا عن مخالفته للنصوص الشرعية , بهذه الفكرة الغربية ,

فإنه لن تتوحد أبداً ما دام هؤلاء الحكام قائمون على رعاية شؤون المسلمين ,

أم أنكم نسيتم إخوة الإيمان الوحدة العربية , ووحدة مصر وسوريا , والإتحاد الكونفدرالي بين الأردن وفلسطين من قبل , ومنظمة المؤتمر الإسلامي , واتحاد المغرب العربي , واتحاد مجلس التعاون الخليج , والجامعة العربية !

ما هي كلـُّها إلاَّ أمثلة حية على أنهم لن يتوحدوا أبدا ,
لأنهم ما وجدوا أصلاً إلاَّ للفرقة ,
وعدم الوحدة ,
فبوجود هذه المنظمات , وأشكال تلك الإتحادات لن يقام الإسلام أبداً !

علاوة على أن هذه الهيئات ليست السبيل الشرعي لإقامةِ دولة الخلافة .

وعليه :
فلا يمكن أن يُعول على توحيد الأمة أولاً ! ومن ثـَمَّ يقالُ بأنه إذا توحدت الأمة أولاً تقوم دولة الإسلام ,

والصحيح أنه يجب أن تقوم دولة الإسلام أولاً ,
ومن ثـَمَّ تقوم الدولة الإسلامية بتوحيد الأمة ,
وضم البلاد , البلد تلو الآخر,
إن لم يكن طواعية! فكراهية ,
وهذا ما فعله الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم , وهذا ما فعله الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين من بعده ,

فالرسول عليه السلام لمَّا فتح مكة لم ينتظر حتى يُسلم أهلـُها , ثم قال لهم بعد ذلك :
انضموا إلى دولة الإسلام طائعين ! وإنما سار بجيش عرمرم تعداده عشرة آلاف مقاتل من الصحابة الكرام وغيرهم , حتى فتحَ الله عليهم مكة عنوة , ثم بعد ذلك وحَّد الجزيرة العربية .

ألم يقاتل عليه السلام في حنين ؟! بلى قد قاتل ! ولم يكونوا قد أسلموا بعد ! وما انضموا إلى دولة الإسلام طواعية , وإنما كراهية , وليس هذا وحسب , بل هذا ما كان عليه حال المسلمين والخلفاء الراشدين , ومن خـَلـَفهم من الجيوش ِالمجاهدةِ في دولة الإسلام بعد قرون ٍطويلةٍ من بعده عليه السلام .

وقد كان إذا ما مرَّ بدولة الخلافة زمانٌ تجزأت فيه شيئاً قليلاً !

فإن المركز فيها يتنبه فيقوم بإعادة توحيدها بالقوة , وهذا ما كان عليه الحال في أكثر العهود !

لذلك فالعمل الصحيح هو الضرب بيد من حديد على كل من يعملُ على فرقة الأمة , والعمل الجاد والدؤوب كذلك على توحيدها مباشرة ولو بالقوة .

لذلك يجب علينا أن نفهم بأن إقامة دولة الإسلام هو الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى توحيد الأمة .

ولا يجوز أن نقول بأنه يجب أن تتوحد الأمة أولاً ! ثم بعد ذلك تقام دولة الإسلام ,

كما ولا يجوز أن نقول بعدم إقامة دولة الخلافة الآن , إلاَّ بعد أن تتوحد الأمة فتتوحد بلادُها , وتتوحد أحزابها وجماعاتها ,

لأن الذي يقول بمثل هذا يكون في واحد من أمرين :

فإما أن يكون اليأس قد غلب على نفسه , فيبرر قعوده , ويبرر يأسه , بوجوب أن تتوحد الأمة أولاً .

وإما هو التيئيس المقصود الذي يسعى البعض من خلاله لزرع اليأس في قلوب الأمة باستحالة إقامة دولة الإسلام , إلاَّ بعد أن تتوحد الأمة !

ليخلدوا في هذا الواقع السيء خشية أن يحل عليهم ما هو أسوأ !

ولذلك أيها الإخوة الكرام : فإنه يجب أن نفهم هذا فهماً صحيحاً , ويجب أن لا نركن إلى الواقع الذي نعيشه, ولا إلى من يدعو أو يقول بأنه لا يمكن أن تقوم الخلافة إلاَّ بعد توحيد البلاد الإسلامية بإقامة مجلس يضمهم كمجلس التعاون الخليجي أو جامعة الدول العربية , أو ما هو على غرارهما .

النظرة الثامنة أيها الإخوة الكرام :

تتعلق بوصول الحركات الإسلامية إلى الحكم أو بعض منه ! أو جزءٍ منه , في بلاد المسلمين ,
فإن هذا الوصول يدعو إلى التساؤل ؟
هل هو خطوة على طريق إقامة دولة الإسلام ؟!
أم أن هذه الدعوة حجر عثرةٍ أمام إقامتها ؟!

والجواب على ذلك أيها الإخوة الكرام :

يأتي من خلال البرهان الذي نطرحهُ على أن هذا الوصول وهذه المشاركة لا يمكن أن تكون في صالح قضايا المسلمين , أو أيِّ قضية من قضاياهم !

ولذلك نتساءل ؟

كيف يكون وصول الحركات الإسلامية إلى الحكم ؟

مثلاً وصول حركة إسلامية إلى الحكم في تركيا , أو وصول حركة إسلامية للمشاركة في الوزارات في الأردن ,

أو وصول حركة إسلامية إلى الحكم في أي بلد من بلاد المسلمين كفلسطين مثلاً فهو:

إما أن يكون بموافقة أصحاب الأمر الحقيقيين , أي بموافقة اعداء الإسلام من الكفار كأمريكا واليهود .

أو من العلمانيين وغيرهم , وهذا ما نحسب أن الحال عليه ,

وإما أن يكون بدون موافقتهم ,

فإن كان بموافقتهم فلا يمكن أن يكون في صالح المسلمين أبداً ,

وإنما سيكون حتماً لصالح الكفار لأنه بموافقتهم ولا مصلحة َللمسلمين فيه ,

وإذا قيل بأن هذا الوصول كان جبراً عن الكفار وقهراً لهم , ولم يكن بإرادتهم !

فإنا نردُّ عليهم قائلين : ما دام قهراً للكفار وجبراً عنهم ؟!

فلماذا لا يكون إسلاماً خالصاً ,

وتعلنونها دولة إسلامية على الملأ جبراً عن الكفار والعلمانيين ,

يعني إذا ما قال أحد بأن المسلمين في تركيا مثلاً وصلوا للحكم جبراً عن العلمانيين ,

واستلموا الوزارة , ورئاسة الوزراء , وشكلوا الحكومة رغماً عن أنف العلمانيين ,

فإنا نقول :

إذا كان رغماً عنهم كما تقولون فتفضلوا وأعلنوها خلافة راشدة مهدية كما وعدنا بها الله ورسوله ؟!
وأعيدوها مرة أخرى في القسطنطينية كما كانت من قبل ! لماذا تنتظرون ؟!

أتدرون لماذا لا تستطيعون القيام بهذا ؟!

لأنه باتفاق مسبق مع العلمانيين وبموافقتهم !

ولا يخرج عن إطار الحكومة العلمانية ,

أو الحكم بغير ما أنزل الله المتفق عليه في بلدٍ مثل تركيا وغيرها ,

وقيسوا على ذلك ما شئتم من البلدان .

النظرة التاسعة أيها الإخوة الكرام :

هل يصح للمسلمين , وهل يجوز لهم شرعاً , أو هل يستقيم أمراً , أن يشارك المسلمون في حكم لا يكون السلطان فيه كاملاً بأيديهم ؟!

وهذه تحتاجُ إلى نظرة !

فمثلاً في فلسطين وتركيا ومصر والجزائر وفي السودان ,

وكذلك في الأردن نتساءل :

هل يجوزُ ويستقيمُ أن يشارك المسلمون في حكم ٍلا يكون السلطان فيه خالصاً بأيديهم أو لا يصح ؟!

والجواب : أنه لا يصح ولا يجوز من ناحية شرعية , وعدم جوازه آتٍ من أن الله سبحانه وتعالى يقول :

( ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا )

فالمشاركة في حكم سلطانه بأيدي أعداء الله هو إقرار بشرعيته وقبول به , وبالتالي قبول بسلطان ٍللكفار على المسلمين , أو بسلطان ٍلعملائهم وأعوانهم , علاوة على أنه قبول للحكم بغير ما أنزل الله , أما إذا كنتُ أعيش في هذا البلد ولا أستطيع أن أفعل شيئاً , أو أن أغير, وكرهت ذلك , وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر , وعملت للتغيير المبرىء للذمة ما استطعت إلى ذلك من سبيل , فقد برأتُ وسلمتُ بإذن الله تبارك وتعالى ,
ولكن الطامة الكبرى أن أشاركهم !
فأكونَ بذلك راضياً عمَّا يقومون به ويقولون من مخالفات شرعية ,
وهنا أكونُ شريكاً معهم بإثمهم ,
وأحملُ وزر بغيهم , لقوله تعالى :

( وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ {113} ) هود .

ولقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم :

( من أعان ظالماً ليَدحض بباطله حقاً فقد برأت منه ذمة الله وذمة رسوله )

نعم , فعندما أشارك هؤلاء الحكام , وأنا أعلم يقيناً أن السلطان ليس بأيديهم ,كما ظهر في تصريحات رئيس وزراء تركيا مؤخراً والتي اعترف من خلالها بأنه ليس هو الحاكم الحقيقي ! وأضاف : إن الحكام الحقيقيين لتركيا هم رؤساء أركان الجيش فيها , وليس هذا عجيباً !

فإن كنتَ تقرُّ صراحة أن السلطان ليس بيدك !

فلماذا تشارك في الحكم !

إذاً فأنت تقرُّ بهذا النظام القائم , على ما هو عليه من الحكم بغير ما أنزل الله بدليل مشاركتك فيه ,

ولأجل ذلك كله لا يجوز شرعاً !

كما وأنه لا يستقيم أمراً بدليل أنه قد جُربت المشاركة في الأردن زمن ما يسمى زوراً وبهتاناً بملك المملكة الأردنية الهاشمية , الذي ادعى أن نسبه من سلالة النبي عليه السلام , والنبي منه ومن أمثالِه براءٌ , فقد أشركَ الإسلاميين في الحكومة ! وأقرَّ هؤلاء الإسلاميون بها ودافعوا عنها وقالوا : هذه هي الحكومة الهاشمية الرشيدة ! وبعدها ... لم يلبث أن طلب منهم الإستقالة ! فاستقالوا , وظلـُّوا على العهد ملتزمين ,
رغم ما قام به من منكرات قطعية سكتوا عنها كيوم أن قال : نحن نؤمن بالديمقراطية تماماً كما يؤمن بها أصحابها ... فصفقوا له. فكانوا له عوناً في كفره وغيِّه , بَدَل أن يقفوا الموقف الذي يرضي الله ورسوله , ويبينوا عظيم فحش قوله , إن لم نقل كفره ! ولكن ماذا فعلوا ؟! وماذا غيَّروا ؟!

حتى إن الميثاق الأردني المنكر بنصوصه قد شارك بإخراجه خمسة وزراء إسلاميين , من بين تسعة وزراء ,
كما وأننا لن ننسى أن خيانة وادي عربة كانت أثناء مشاركة الإسلاميين في الحكم أوسع ما تكون المشاركة !
فحسبي الله ونعم الوكيل .

وخلاصة القول :

فإذا فتح الملك الباب وقال تفضلوا وادخلوه مع الداخلين , فإنك تراهم طواعية ًمع الداخلين , وإذا قال اخرجوا ! خرجوا مع الخارجين , وإذا أنكر المخلصون عليهم قالوا : أنتم مخطؤون , فهذه هي الحكومة الهاشمية الرشيدة , أدامها الله .

لماذا كل هذا أيها المسلمون ؟

لأنه لا سلطان بأيديهم ,

وبالتالي فلن يستقيم أمرهم .

ولو أرادوا أن يُغيروا أمراً والسلطان بغير أيديهم , فلن يستطيعوا أن يغيروا أي شيء !

وهذا أمرٌ واضحٌ وثابت , ولذلك فلن يستقيم أمرهم وهم على هذه الحال , ولن يصلح عملهم لأنه مخالف لما يجب أن يكونوا عليه , من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر, ولا يصح أن يشاركوا في حكومات لا يكون الحكم فيها خالصاً لله , ولا يكون السلطان في حقيقة الأمر بيد المسلمين على وجه لا يقبل مشاركة الكفار, أو سيطرتهم على أنظمة الحكم في بلاد المسلمين .

ولا يجوز أن نبارك لهم بأعمالهم هذه ,
ولا يجوز أن نشاركهم بغيهم ,
أو أن نرضى بحكمهم أبداً ما داموا على هذا الحال !
وإلاَّ كُنا وإياهم في الإثم سواء !
والعياذ بالله .

يتبع الجزء الرابع والأخير بإذنه تعالى







موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:51 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية