السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
اختى / اخي الشاب والشابة قد تقول اني ارتكبت من الذنوب الكثير وتبت الى الله ، ولكن ذنوبي تطاردني ، وتذكري لما عملته ينغص علي حياتي ويقض مضجعي ، ويؤرق ليلي ويقلق راحتي ، فما السبيل الى اراحتي 0
فأقول لك ايها الاخ المسلم ، ان هذه المشاعر هي دلائل التوبة الصادقة ، وهذا هو الندم بعينه ، والندم توبة فالتفت الى ماسبق بعين الرجاء ، رجاء ان يغفر الله لك ، ولا تيأس من روح الله ، ولا تقنط من رحمة الله ، والله يقول :
( ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون ) " الحجر : 56 " 0
قال ابن مسعود رضي الله عنه : " أكبر الكبائر الاشراك بالله والامن من مكر الله ، والقنوط من رحمة الله ، واليأس من ورح الله " 0
والمؤمن يسير الى الله بين الخوف والرجاء وقد يغلب احدهما في بعض الاوقات لحاجة ، فاذا عصى غلب جانب الخوف ليتوب ، واذا تاب غلب جانب الرجاء يطلب عفو الله 0
يانفس توبي فان الموت قد حانـا ***** واعصى الهوى فالهوى مازال فتانا
اما ترين المنــايا كيف تلقـطنا ***** لقـطا وتلحـق اخـرانا باولانــا
في كل يوم لنـا ميت نشــيعه ***** نـرى بمصـرعه اثـار موتـانـا
يانفـس مالي وللامـوال اتركها ***** خلفي واخـرج من دنيـاي عريانا
ابعد خمســين قـد قضيتها لعبا ***** قــد ان تقتصـري قـد ان قد انا
مابالنـا نتعامى عن مصــائرنا ***** ننسـى بغـفلتنا من ليـس ينسانا
نزداد حرصـا وهذا الدهر يزجرنا ***** كان زاجـرنا بالحـرص اغرانـا
اين الملوك وابنــاء الملوك ومن ***** كانت تخـر له الاذقـان اذعانـا
صاحت بهم حادثات الدهر فانقلبوا ***** مسـتبدلـين من الاوطان اوطانا
خلوا مدائـن كان العز مفرشـها ***** واستفرشــوا حفرا غبرا وقيعانا
باراكضا في ميـادين الهوى مرحا ***** ورافلا في ثيـاب الغي نشــوانا
مضى الزمان وولى العمر في لعب ***** يكفيك ما قد مضـى قد كانا ماكانا
إيــاك والمجــاهرة
كما ان الطاعات تتفاوت مراتبها ودرجاتها بحسب الاعمال ذاتها ، وبحسب العامل ، والوقت ، والسر والجهر ، فالمعاصي كذلك فالمعصية الواحدة يختلف اثمها ووزرها بحسب العامل وحرمة الزمان ، والمكان ، والجهر والاسرار 0
وقد دلت النصوص الشرعية على ان المعصية التي يستتر بها صاحبها اخف جرما من التي يعلنها ، فعن ابي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال سمعت رسول الله : صلى الله عليه وسلم : " كل امتي معافى الا المجاهرين ، وان من المجاهرة ان يعمل الرجل بالليل عملا ، ثم يصبح وقد ستره الله فيقول : يا فلان عملت البـارحة كذا وكذا ، وقد بات يسـتره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه " ( رواه البخاري ) 0
وبوب البخاري ـ رحمه الله ـ على هذا الحديث باب " ستر المؤمن على نفسه" وأورد في الباب ايضا حديث ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ ان رجلا سأله : كيف سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول في النجوى ؟ قال " يدنو احدكم من ربه حتى يضع كنفه عليه فيقول عملت كذا وكذا ؟ فيقول : نعم ، ويقول : وعملت كذا وكذا ؟ فيقول : نعم ، فيقرره ثم يقول : اني سترت عليك في الدنيا ، فانا اغفرها الك اليوم " 0
فحين يبتلى الله احدا من عباده فتغلبه نفسه الامارة بالسوء ويدعوه هواه لمقارفة معصية ، وارتكاب حرمة وقد خلا عن الناس وارخى على نفسه الستار ، حينها عليه ان يستتر بستر الله ولايهتك هذا السياج 0
ان المؤمن الذي يخاف مولاه ، ويعظمه ويجله ، انه وان اوقعته نفسه في المعصية وقارف ماقارف فهو يمقت هذه المعصية ومايذكره بها من قريب او بعيد ، فكيف يحدث الناس انه عمل وعمل ؟
فيا أيها الشاب ـ بارك الله فيك ـ حين تبتلى بمعصية فاستتر بستر الله وجاهد نفسك على ترك المعصية ما استطعت ، اسأل الله لك التوفيق
والاعانة انه سميع الدعاء 0