اسمحو لي ان اكتب هالموضوع بس موضوع صراحه متعوب عليه !!
أحمد محمد إبراهيم
بعد أن وافقت ألمانيا وبعض الدول الأوربية الأخرى قبل عدة أشهر, على شرعية الزواج بين أبناء الجنس الواحد!.. وافق البرلمان الألماني على اعتبار "الدعارة" مهنة شرعية، كالصحافة والنجارة والحدادة والطب والهندسة وسواها من المهن الأخرى. وعليه، باتت "البغي" موظفة شرعية تخضع لحقوق وواجبات الموظفين العاديين الشرعيين؟!.
وتقول الحكومة الألمانية إنه بالرغم من أن "الدعارة" هي "أقدم مهنة في التاريخ" فإن "البغايا" في ألمانيا يتعرضن للتمييز على نطاق واسع؟!.
وفي السياق ذاته؛ نشبت خلافات قانونية حادة بين "بغايا" هولندا، اللواتي يمارسن المهنة رسميا، و"بغايا" تشيكيا وبولندا، اللواتي يمارسن المهنة بطريقة غير شرعية، وهذا ما دفع بمحكمة "لاهاي" إلى التقدم بطلب من المفوضية الأوربية لتنظيم شؤون "أقدم مهنة في التاريخ" ومنع المضاربات في الأسواق العمومية؟!.
كل هذا إذن ليس بمستغرب على المجتمع الغربي الذي يستند إلى معايير فلسفية نفعية مادية في تقييم الأمور، وبها يحدد أهميتها وأفضليتها.. وبغض النظر عن لا أخلاقية هذه التشريعات ـ إذ ليس بعد الكفر ذنب ـ إلا أن الغريب حقا هو إصرار وسائل الإعلام الغربية بما فيها وكالات الأنباء، على الإشارة إلى "الدعارة" على أنها "أقدم مهنة في التاريخ"؟!.
هذا الدس الخطير والتزييف المتعمد للمفاهيم تنساق وراءه ـ للأسف الشديد ـ كثير من وسائل الإعلام العربية والإسلامية التي من المفترض أنها تنتمي لنسق القيم والمفاهيم الحضارية الإسلامية في فهمها وتفسيرها للأمور!.
فإلام تستند هذه الوسائل في القول بأن ذلك "الانحراف الأخلاقي" هو أقدم مهنة في التاريخ؟!.
إن المسألة إذن؛ تحتاج إلى ضبط وتحرير.. لأن في هذا إساءة متعمدة للمرأة، ومحاولة للصق ما هو مشين ورديء بها، وإزراء بدورها وتاريخها، وهو التاريخ الذي نعتبره جزءا من تاريخ التوحيد والإيمان الذي ننتمي إليه ونحمله بين جوانحنا.
فإذا اعتبرنا أن العالم كله؛ بما فيه المسلمون واليهود والنصارى وغيرهم من أهل الملل والنحل الأخرى؛ يؤمنون بأن آدم هو أبو البشر، وأن حواء أم البشر خلقها الله سبحانه وتعالى من ضلع آدم عليه السلام، فإن حواء بهذا تكون أول امرأة في التاريخ، وبها يؤرخ علمياً وموضوعياً لتاريخ النساء.
ونحن نؤمن إيماناً جازماً بأن آدم وحواء كانا مؤمنين موحدين لله سبحانه وتعالى، وأن الله خلق لآدم من نفسه؛ حواء ليسكن إليها وجعل بينهما مودة ورحمة.
إذا كان هذا إيماننا فكيف تكون "الدعارة" أقدم مهنة في التاريخ؟!.
إن الإيمان كحقيقة تاريخية سابق على الكفر:"وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى.."(الأعراف-172) وبهذا تكون الاستقامة سابقة على الانحراف لأنها لازمة للإيمان الذي جاء لتزكيتها في النفوس.
وبما أن آدم أبو البشر كان مؤمناً ورسولاً داعياً إلى الله، فإن حواء التي خلقت من ضلعه كانت هي الأخرى مؤمنة، وأم لأبناء مؤمنين.
وبالتالي نستطيع القول إن أقدم مهنة في التاريخ الإنساني هي الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى: "فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم. قلنا اهبطوا منها جميعا فإمَّا يأتينَّكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون" (37، 38 ـ سورة البقرة).
وإذا نظرنا للمسألة من منظور آخر يصر عليه الغرب في تقسيماته غير النزيهة؛ فإن أقدم مهنة في التاريخ النسوي، تكون هي الأمومة، أي الحمل والولادة والإرضاع الذي مارسته أمُّنا حواء لإنجاب أبنائها الصالحين من أبينا آدم عليه السلام.
والأمومة مهنة؛ لو تعلمون جليلة الأثر وعظيمة الخطر!، فطَرَ الخالق العظيم المرأة عليها، لكن الغرب المادي حرمت كثيرات من نسائه هذه النعمة العظمى، لأنه أصبح ينظر إلى المرأة على أنها ترس في آلة، وأنها مخلوق للإمتاع والمؤانسة، دون رسالة جوهرية خلقت من أجلها، فحرمها الفرصة للحياة الطبيعية كزوجة وكأم، لأن الوقت كله للعمل أي عمل؛ مادام يدر ربحا، وتعظيم المنفعة المادية التي لم تثمر غير الأنانية.
إن ما يرمي إليه الإعلام الغربي من وراء ترديده القول بأن الدعارة هي أقدم مهنة في التاريخ؛ ليس سوى تلبيس من نوع شيطاني، حفل به الكتاب المقدس عند اليهود والنصارى، بحق الأنبياء والرسل الذين هم أفضل خلق الله عليهم الصلاة والسلام.
وهي مدرسة يهودية ماهرة في تزوير حقائق التاريخ وحرفه عن مساره؛ فقد افترى اليهود الكذب من قبل على أنبياء الله؛ فقالوا عن "نوح" عليه السلام؛ إنه شرب خمرا فسكر وتكشفت عورته، وقالوا عن "لوط" عليه السلام؛ إن ابنتاه سقتاه خمرا ثم اضجعتا معه ـ نستغفر الله العظيم من ذلك.
وهكذا تحاول مدرسة الأبالسة من اليهود وربائبهم من الغربيين؛ أن تدخل على الناس أن رذيلتي الخمر والزنا كانتا من الأمور العادية التي كان يتعاطاها الناس وفي مقدمتهم الأنبياء والصالحون، منذ القدم. وهي محاولات خبيثة ترمي إلى إفساد الأخلاق وهدم القيم التي تحفظ تماسك المجتمعات، لتصبح مفقودة الهوية، فتسهل السيطرة عليها وتوجيهها أي وجهة يشاؤها أعداء الله.
ألا؛ ما أكذب الإعلام الغربي.. وما أجهل الإعلام العربي؟
العرض العادي
