(من أعماق الجحيم )
كان يا مكان كأن لم يكن يوما ، مدينة نزلت من الجحيم... محفوفةً بأشجارٍ من الجنة ، يحكمها وحوشٌ من صنف البشر.
سكون عم المكان ، ينبئُك أن هناك مجزرة قد أُقيمتْ ، سكونٌ مخيفٌ مهيبٌ لا يخلوا من أصوات العواء البعيدة للذئاب وكأنه نحيبٌ مستمر ؛ و أصوات الضفادع الضائعة و الحشرات التي تتراقص مخضوبة بالعفن ؛ و حرارة الأرض التي تخبرك أن هناك براكين خامدة تحتها تتسعر و تجري غاضبةً.
أيقظني من نومي الهانئ ! لحظة لا أستطيع فتح عيناي ماذا هناك ؟ إنني لا أستطيع حراك يداي أيضا ، أين أنا يا الله ! لست على وسادتي الخشنة تلك و لا على حصيرتي ، أشم رائحة عفنة تلج إلى داخلي ، أين أنا و لما أنا مقيد ؟!
_ هل من أحد هنا ؟ أرجوكم فكوا وثاقي و أين ملابسي ؟ لماذا أنا هنا ؟
_ يا هذا لقد ناديت مرارًا و تكرارًا ، لا أحد يجيب فلا تتعب نفسك ، يبدو أننا مقيدون منفيون في فلاة او في سهل ما ، أنا عزيز و أظن أنني بجانبك تماما فمن أنت ؟
_أنا سيزار ، أتعلم شيئا عما حدث لك عليِّ أفهم لما أنا و أنت هنا !
_ لا أعلم حقا ليس لديّ أعداء ولم أؤذي أحدًا قط ، لقد كنت ذاهبًا للسوق لأشتري العدس فإخوتي جوعى ، و إذ بي فجأة أسقط مغشيا بعد ان تم ضربي بقوة خلف رأسي ! ياترى ماذا حل بهم الآن برأيك ؟
_ لقد تذكرت يا الله ، ولدي الوحيد الصغير الذي نجى معي ، لقد كنت نائما بجانبه يا الله ألطف به و إحفظه إنني خائف عليه و لا أحد يقطن بجانب خيمتنا... أرجوكم أنقذونا هل من أحد هنا ؟
_ههههههههههههههههه شينو أيها الأحمق ألم أقل لك أنني قد سمعت صوتا هنا ، كيف لم تنتبه لهؤلاء الكبشين ؟
_ آسف يا جيكر لم أنتبه لهما ربما لأن المكان كان مظلما حينها و دماء الآخرين إلتصقت بهم فظننت أنهما قد ماتا أيضا !
_لحظة دماء ماذا و قتلى من ؟ فكوا عِصابة عيناي أريد أن أرى أين نحن ، دعوني و شأني أرجوكم.
_ههههههههه شينوا إرأف بحاله و فُكَ عَصابة عيناه ، دعه ينظر إلى المناظر الجميلة الخلابة حوله !
_ هاااااااااه ! م م م اا هذا يا الله يا الله أيُّ جحيم هذا ! لما كل هؤلاء القتلى ! ولم نحن بينهم ! ما ذنبهم و ما ذنبنا !
_سيزااار قتلى ماذا يا أخي ! ماذا ترى ؟ أرجوكم أرجوكم أطلقوا سراحي لدي اخوة لدي عائلة ينتظروني.
*رفسة قوية وُجهت إلى بطن عزيز من قبل جيكر أردته مغشيا.
_اوووه ما أضعف هذا الرجل ، لقد اغمي عليه فورا ، أريت ياشينوو لا خوف علينا مهما فعلنا بهؤلاء.
_ سحقا لك يا هذا بالتأكيد سيغمى عليه ، يظهر عليه أنه لم يأكل شيئا مشبعا منذ أيام
و بالتأكيد أيها المجرمون لاخوف عليكم منا ، فلقد يئسنا من الحياة ؛ يئسنا من أن نحيا مثل البشر أو نفرح قليلا ، أخبرني ماهو جرمنا الذي لم نرتكبه و تُنهونَ حياتنا من أجله ؟!
_هههههههههه من قال لك أنكم لم ترتكبوا جرما ؟ هااا من قال لك ذلك أيها الشرغوف الصغير ؟ أنظر يا هذا بما انك فتحت فمك كثيرا سأخبرك وسأهديك جائزة هههههه شينو أيها الأحمق الكبير أحضر جائزة بمستوى يليق بفخامة محدثنا هههههه سكين انيق إن إستطعت ضع عليه وردة حمراء وشريطة بيضاء هه هه هه.
_ أظن أنه قد إتضحت لي ملامح جائزتك أيها السفاح لكني لم أعرف جرمي و جرم صديقي بعد ؟
_جرمك أيها الشرغوف أنك تحيا هنا في أرضنا هههه نعم أنك تحيا هنا وتأخذ من حقنا في العمل و المال ، علينا أن ننقص في عددكم فقط و تحلوا لنا الحياة هههههههه ، و لقد فتحنا مجالا كبيرا لنا ؛ أنظر هذا السهل الكبير وكيف قد زين بورود حمراء ، أليست جميلة جدا أيها الشرغوف ؟
_حقيييير أنت يا هذا وأظنكم قد رضعتم الحقارة من أمهاتكم تبا لكم ، تبت أيادي....
ألقم جيكو سيزار صخرة كبيرة أسكتته فورا وأدمته.
_لقد كنت غبيا و ساذجا حين أعطيتك أحقية الكلام أيها السافل القذر ، تبا و سحقا لكم جميعا أنكم مجرد أعداد زرعت في أراضينا ولا حاجة لكم ، سأعجل لك بالجائزة و أنتهي منك فقد سئمت من صوتك القذر وشكلك المقفر أنظر جيدا وتمعن ههههه أنظر إلى نهايتك ونهاية جماعتك هكذا تنتهون بسهولة.
مسك جيكر شعر عزيز و سحب رأسه و قطع وريده ليرش الدماء كالمطر على وجه سيزار الذي لم يبدِ أي رد فعل إستنكارا ، لقد كان يتأمل فقط مستسلما.
_ أووووه ما ردة فعلك هذه ؟ ما هذا السكوت ؟ لقد قتلت متعتي فعلا.
أنظر سأقتلك مثله و سوف نكون سخيين جدا ، سنسحبكم بالجرار لدفنكم في المستنقع الذي يقع على حافة السهل إنه قبركم الرائع و الجميل ، أرأيت كم نحن كريمون جدا لندفنكم ! فمن سبقوكم رميناهم في الفلاة طعاما للضباع والسباع ههههههه.
ظل سيزار كما هو و لم يرمش رمشة مرتبكة ، لقدكان ينصت فقط محدقا على جيكر و شينو.
_شينوا أنهِ حياة هذا المعتوه سريعا لقد تقززت منه و من هذا الجمع الكبير من الأكباش حقا ولا تنسى أن تلقي بهم في المستنقع ذاك وأن تردمهم بالحجارة والطين بعدها لكي لا يتعفن جو السهول.
هطل المطر فجأة بغزارة وكأن السماء تبكي على حال أولاد أرضها البائسة ، دمج رائحة المطر برائحة الدماء التي انتشرت على مدى السهول لتعطر بها الارض مُحَدثا بصمت حزين عن ألم يدفن في قبور لم تبنى ! إبتسم سيزار و أغمض عينيه مستسلما راضيا بنهاية تحمل ابتسامة يأس ، ذُبِح سيزار كصديقه وكانت السكينة الباردة أرحم من هذه الحياة التي لم تعطه حق بالعيش فيها ، و دُفن هو و البقية في مقبرة المستنقع الذي بعد ردمه لم يعرف منه شيء لتحوله لحديقة جميلة كبيرة ، أشجارها التي إستمدت قوتها من جثث أصحابنا ! دفن الجميع بلا قبور ، بلا عزاء و بلا شواهدٍ و كأنهم لا وجود لهم ، دفنوا وكانت الأرض أرحم من الجمع أجمع.
هكذا انتهت قصتنا فثمة مقابر ليست كمقابرنا ، و ثمة حقيقة مختفية دائما في داخل مقابر لم تعرف شكلها ولا مكانها و ثمة حياة لا نعرفها في أرضنا حياة مقتبسة من قعر الجحيم...
تمت. 💛
م / ن