بكينا أنا وصديقي الغريب!
بكيت عليه
يضيع أيامه كالربابة
بين قبور الأغاني...
بكى رجلاً طاعناً في حداء المغيب
فناديته ياغريب!
بكيت لنا... فبكيناك!
أوحشتنا.. فرثيناك
ولو رحت عنا على وحشة
لأصاب المواويل حزن كبير
فقال: تأدب بحضرة شيخوختي
ياغريب!
بكيت فأحزنتنا
ونحبت فأشجيتنا
ولو غبت عنا على ماألفناك
كان لنا فيك دمع كثير
فصحت على الناي من
عزة الروح
ياناي موّت بصوتك يأس الغريب!
فإني إذا فاض فيَّ البكاء
تكف الرياح عن الريح
والذئب يأنس ليلي
والموت يقعي ببابي
كمثل عجوز ضرير!
فضم يدي إلى صدره
ليعتصر الحزن من شفة الناي
كالبدوي
فأجهش فيه النحيب!
بكيت الغريب.. بكاني الغريب!
فناجيته يابن آلهة الحزن
من يغمض الروح
حين ستنعس روحك سكرانة
ويغطيك؟
من حين تبكي يباكيك؟
قال: حرام على الناي ياصاحبي
وحرام على الروح هذا الوجيب!
ومن سيعمر أصنام وحشته
ليشاطرك الليل؟
يسقيك دمعته من منابتها
قال: ياليتني وتر في الكمان
لأرثيك!!
ياليتني راهب في السماء
لأرفع نحو منابع حزنك
هذا الصليب
فكلمته: أيهذا الشبيه
أأنت أنا.. أأنا أنت؟
هل عرفت في أناي أناك
فأبكتني؟
هل مسست بصوت الكمان
أساي؟
وضعت يدي على رأسه فبكى...
ياغريب لقد أوحشت هذه الأرض
لم يبق غير حفيف ضرير
وأجراس ناعبة في البعيد
وأصداء ناي
فكيف سأبكي أناك
وتبكي أناي؟
وكيف الغريب
يقطّع بالناي يأس الغريب؟
بكينا على حالنا
وانصرفنا مع الليل
كل إلى حزنه...
صاحبي راح خلف نداء المواويل
كالبدوي
ورحت الى «شأن نفسي»
وخلفي يدب ظلام كفيف
وتنهض مئذنة بأذان المغيب
بكيت الغريب بكاني الغريب