عصفــور المطـــر
فى ذات ليلة من ليالى الشتاء00يقطع صمت الليل عواء00تتردد بعده أصداء00كأنات ألوف البشر وعذابات كل المعذبين00وتتوالى داخل الحجرة دقات00تحصى أيام السنين00والضوء باهت حزين00والأفكار تتداعى فى وهن00والقلم يعبث بالأوراق 00يملؤها بعقبات وصعود وعثرات00وخطوط وصراعات لا تنتهى00والسطور لا تلتقى أبداً 00والطريق لن ينتهى00والعيون دامعة00 والقلب عليل سجين00!! لكن الوقت يمر والعمر يمضى 00والصبح سينبلج والليل سيولى الأدبار ويولد بعده نهار0
00وفجأة ينبعث من بين كل ذاك العبث عصفور00 يخفق بجناحيه00 يحلق عبر سماء بيضاء - لا تشوبها غيوم أو مطر- يعلو ويعلو خارج حدود الصفحة00لكن أقدامه مكبلة بخيط من رصاص00؟!
يلهو به طفل ملوثة بالطين يداه00صار العصفور حبيس قفصٍ من عظام00وجدران القفص تضيق حتى أصبح أضيق من الحجرة00والهواء يتضاءل حتى شعرت بالإختناق00والعصفور يرفرف بجناحيه00 والمطر ينهمر على زجاج النافذة00والليلة لم يولد لها قمر00ولم تؤنس وحشتها نجوم00بسبب كل تلك الغيوم00!!
00الحجرة ماضية فى الإنكماش حتى أصبحت الحركة فيها مؤلمة00والصدر يعلو ويهبط فى سرعة ومشقة00والورقة تهتز وتتطاير 00والعصفور يتلوى00والكلاب تعوى بصوت كئيب00يبدد هيبة ذاك السكون00ويشتت الذهن فى تلك اللحظات الحرجة00ويقطع شريط الذكريات المتداعى فى ومضات00ويعلو صوت كالذئاب ينبش زجاج النافذة فى دقات متواليه00والعصفور يضرب بجناحيه فى قوة00 يريد أن ينطلق حراً بلا قيود00و قواى قد خارت ولم أعد استطيع التشبث به00 وذاك الصراخ يستفزنى 00وتلك الثوان تفتت عزمى وتبدد صمودى0
00لكن لابد أن أفعل شيئاً00!! أن أضع حداً لتلك المهزلة00 لن أقف هكذا مكتوف الأيدى00أخاف من المواجهة00احتمى ببيت من زجاج00 لن أهاب الموت00سأفتح النافذة00وأطرد تلك الأشباح00وصرخت فيهم لكن صوتى جاء خافتاً 00وذهب ندائى أدراج الرياح00فاستجمعت قوتى 00وطويت ورقتى وألقيتها فى وجوههم00فإذا بها تختفى00والعصفور يطير00والفجر يبزغ00والليل ينجلى00والضباب ينقشع00وإذ بالعصفور يلتفت إلىّ وهو بين السحاب00ينظر إلى جسدى دامعاً00وتختلط دموعه بالمطر 00وتتساقط على الأرض قطرات0
العرض العادي
