قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح( لم يبق من النبوة إلا المبشرات، والرؤيا الصالحة) وفي حديث آخر( الرؤيا الصالحة جزء من خمسة وعشرين جزء من النبوة)...وآحاديث الرؤى عموما تشير إلى أن الله ـ سبحانه وتعالى ـ يمكن أن يفتح على الناس فيرون أحلاما تتحقق في اليوم التالي!!.
ولكن على أي حال يجب ان نفرق بين الكهانة والعرافة من جهة، والنبوة والرؤيا الصالحة من جهة أخرى...فالأولى تجديف وادعاء على الله بعلم أختص به نفسه( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمه إلا هو ).
أما الحالة الثانية ففتح وتفضل من الله على من يشاء من عبادة بدون أن يكون لم إرادة في ذلك...وإن كنا تحدثنا في آخر مقال عن مفهوم(الاحلام المصيرية) فستكون مهمتنا الحالية التجول في التراث العالمي للبحث عن تنبؤات وأحلام حفظت وسجلت لأهميتها أو لأنها كثيرا ما أنقذت أصحابها من الهلاك...
* ففي التراث العربي مثلا توجد قصص كثيرة عن نبوءات عظيمة حدثت قبل الاسلام وبعده...ومن ذلك أن الملك ربيعة بن مضر رأى في منامه جمجمة ضخمة تأكل مملكته، وقد فسرت رؤيته بأن الأحباش سيهبطون أرضه ثم يطردهم ملك يدعى(ذا يزن) ثم ينقطع حكم هذا الملك بظهور "نبي زكي من ولد عدنان بن فهر" هو محمد بن عبدالله عليه أزكى الصلاة والتسليم.
* ومن التراث الأفريقي يحكى أن ملك قبائل الزولو رأى ثعبانا حديدياً ضخماً يخترق أرضه وأنمن يعترضه يكون مصيره الهلاك؛ وبحكمه الملك الخبير حذر شعبه من التعرض لهذا الثعبان متى ما جاء كي لا يكون في ذلك فناؤهم.
ولكن بعد موته نسي أفراد شعبه ذلك التحذير فعارضوا مد " سكة للقطار" أراد المستعمرين البيض شقها خلال أراضيهم فنشبت حروب دامية انتهت بهلاك أعداد كبيرة من الزولو بفضل امتلاك البيض لأسلحة نارية متقدمة..
* ومن أمريكا الجنوبية رأى امبراطور الأزتك مونتيزوما الثاني أن جيشا جراراً يركب "غزلاناً كبيرة" ويحمل عصى" تطلق من أفواهها النار" يدمر بلاده. وبعد موته باثني عشر عاماً غزا الأسبان امبراطوريته وكانوا مسلحين بالبنادق ويركبون الخيول التي لم تكن معروفه لد شعب الأزتك!!.
* ومن تراث الهنود الحمر يذكر أنه في يونيو 1876 رأى" الثور الجالس" (وهذه الترجمة الحرفية لاسم زعيم قبائل السيوكس الهندية) بأن جنودا ضفائرهم بلون الشمس سيستولون على منطقته فأخذ استعداده وأخفى جيشا قوامه (400) مقاتل في أحراش نهر بيجهورن في مونتانا. وفعلا حدث ما تنبأ به إذ وصلت خمس سرايا من الجيش الأمريكي بقيادة الجنرال جورج كاستر فأبيدوا عن بكرة أبيهم ـ بما فيهم كاستر نفسه ـ فأصبحت إحدى الملاحم القليلة التي تغلب فيها الهنود الحمر على الجيش الأمريكي.
* ومن أوروبا تنبأ أشخاص عديدون بقيام الثورة الفرنسية عام1789.. فالأديب جون انجلبرت رأى تفاصيل الثورة بدقة وقال عام 1625 أنها ستبدأ بالهجوم على قلعة حصينة ( هي الباستيل) . وقبل ذلك بثلاثة قرون جدد الفيلسوف " بيرد اللي" عام1789 بأنه" عام الغليان والاضطرابات التي ستغير مصير فرنسا إلى الأبد"!.
* وفي القرن السادس عشر عرف عن الشاعر الفرنسي نوستراد أنه " كثير الرؤى" لدرجة أنه جمع تنبأته في كتاب 1555.. ومما قاله نوستراد عن الحرب العالمية الثانية" في ذلك الوقت ستحلق الأسلحة وتتقاتل في السماء" وقال عن القنبلة الذرية" نيران تلقى حول الأرض وتحول مدينتين في أقصى الشرق إلى حجارة"!؟
العجب أن هوليود أنتجت فيلما عن نوستراد ـبنفس الاسم ـيظهر فيه وهو يرى "هتلر" و"صدام" ويتنبأ بحر الخليج!.