نعم إنها حبيبتك ..
فإذا رأيتها فقبل رأسها ولاطفها في الكلام
وافسح لها في المجلس وتودد إليها
وابذل لها ماتستطيع من البر والإحسان ..
ومع ذلك فلن تستطيع أن توفيها حقها!!؟؟
إنها حملتك في بطنها قرابة تسعة أشهر حملتك كرها ووضعتك كرها حملتك وهنا على وهن
عانت منك كثيرا .. سهرت بسببك كثيرا ..
ولدتك ثم احتضنتك وقبلتك فصرخت في وجهها فضمتك .. فتبولت عليها فأزالت الأذى بيديها عنك ..
لم تتذمر من ذلك .. بل هي في غاية البهجة و السرور ..
أصابتك الآلام فأصابها الهم والغم ودارت بك على المستشفيات ..
وحملتك بين يديها مشفقة عليك ..تسأل القاصي والداني ابني وفلذة كبدي أصابه ألم في بطنه ماذا أفعل له ..
آه ليت ما أصابه أصابني .. آه ليت المرض لم يعرفه..
ولسان حالها يقول رضيت بقضاء الله وقدره ..
ثم تشفى .. فتفرح لذلك كثيرا وتسعد بك ..
فتصرخ في وجهها ببراءة الطفولة وتُسهرها الليالي ..وهي قانعة راضية ..بل مسرورة ..
تعطيك اللبن من صدرها بحنان ورضى وشفقة ..
فتعطيها الأذى فتزيله عنك
وتكثر من الصراخ فتحاول استرضاءك ..
وهكذا دواليك تمضي هذه الشهمة معك تسير في ظلك ترعاك وتحميك ..
فيشب عودك ويقوى شبابك ..
فتظن المسكينة أنك ستعترف بما فعلته معك وترد لها شيئا من ذلك الجميل !!
وما تلبث إلا أن تتنكر لها وتعاديها وتصرخ في وجهها بشقاوة وعناد فتهرب منها كثيرا فتلاحقك وتتودد إليك ..
بل وتتفقد أحوالك .. أكلت .. نمت .. لبست .. وو إلى آخر هذه الرحمات ..
بل إذا تأخرت قلقت واستوحشت وظنت أن مكروها أصابك
فإذا أقبلت ضمتك وحمدت الله على سلامتك ..
وهكذا أيضا دواليك تمضي هذه الشهمة معك تسير في ظلك ترعاك وتحميك ..
فتكبر وتصبح في مصاف الرجال وما زالت متعلقة بك تشفق عليك وترحمك وتتودد إليك ..
وأنت معرض عنها لا تهتم بها .. قد تحتاجك في الليالي المظلمة
تتأوه من أوجاع الكبر والمرض وأنت لا تدري .. بل ربما تدري .. وتوهم نفسك بأنك لاتدري ..
ثم تزداد آلامها وأوجاعها في الليالي المظلمة ..
فلا تخبرك تخشى أن يتكدر خاطرك وأن توقضك من نومك فتزعجك ..
إذا مرضت تمنت لك الشفاء والعافية
وإذا مرضت هي تمنيت لها ......؟؟؟
آه كم هي صبورة ..
آه كم هي حنونة ..
آه كم هي عطوفة رحيمة .. مشفقة عليك من ألفك إلى يائك
فهل حقا ستتركها تتوجع وتئن من وطأت الألم وأنت في فراش وثير ونوم عميق ..
أفق قبل فوات الأوان .. ورد شيئا من دينها عليك !!
جاء رجل إلى عبدالله بن عباس رضي الله عنه حاملا أمه على ظهره من اليمن إلى مكة حاجا بها طائفا بها حول الكعبة..
فقال لابن عباس هل بررت بأمي ؟ قال لا ولا بطلقة من طلقات الولادة !!
هلا فهمت ما أعني وأسرعت إلى ما تبقى من هذه الزهرة الفتية والدرة المصونة والجوهرة الثمينة والغالية الرحيمة
لتبرها وتلزم رجليها فإن الجنة تحت قدميها ..
لاتنسها من دعوة صادقة .. من كلمة طيبة .. مؤانسة مستمرة .. قضاء حاجة ملحة .. هدية بدون منة
الــبـــر الـبــــر تسعد في الدنيا والآخرة
أما إن كانت قد فارقت الدنيا
فإن البر مستمر لا ينقطع هو الدعاء لها والصدقة عنها والإحسان إلى أقاربها ووفاء نذرها
وتذكر.. إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارة أو علم ينتفع به
أو ولد صالح يدعو له
.. رب اغفر لي ولوالدي .. رب ارحمهما كما ربياني صغيرا
.. رب اغفر لي ولوالدي .. رب ارحمهما كما ربياني صغيرا
.. رب اغفر لي ولوالدي .. رب ارحمهما كما ربياني صغيرا
قسم بالله لا يعرف قيمة الام الا من فقدها
نعم من فقدها
ودمتم