العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام الثقافية والأدبية ]:::::+ > الإبداعات الأدبية
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-07-2002, 04:38 AM   رقم المشاركة : 1
الفجر البعيد
( وِد لامِـــع )
 
الصورة الرمزية الفجر البعيد
 





الفجر البعيد غير متصل

صداقة حجر

تساءلت يومًا: ماذا يعني رمي الجمار تلك الشعيرة التي طالما مارسناها في الحج، ولم نعرف مغزاها؟ وتساءلت: ما يضير الشيطان من ذلك؟ وتساءلت: هل يمكن أن تؤذيه تلك الحجارة والحصى الصغيرة ؟!
تساؤلات كانت تراودني في الحج وأنا أقف أمام الشاهد الذي أرميه بالجمار، وأدعو على الشيطان اللعين الذي ادعى لنفسه أنه أفضل من آدم فقال: "أَنَاْ خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِين"، وما زالت الصورة تتكرر أمامي في موعد الحج من كل عام.
واليوم أصبحت الصورة تتكرر أمامي صباح مساء، وأنا أرى شعبًا بأكمله لا يملك من الأمر شيئًا سوى تلك الحجارة الصغيرة يقوم بإلقائها على شيطان آخر يدّعي أنه أفضل من الجميع، وأنه سماوي مختار، وأنه عنصر مختلف عن بقية البشر، يحق له أن يفعل أي شيء بالآخرين، ويتوقع من الجميع السمع والطاعة.
وتساءلت: هل يمكن لهذه الحجارة الصغيرة أن تقف أمام تلك الدبابات المصفحة والآلات المدججة، أم أنه إلقاء بالنفس في التهلكة، واستفزاز لشيطان لا يتعظ؟ وتساءلت: هل يجب لتلك الانتفاضة أن تستمر مهما كان عدد الضحايا، أم أن الثمن غالٍ؟
لقد كنت في حيرة من أمري، إلى أن استحضرت مرة أخرى صورة الشاهد في رمي الجمار، وعندها علمت المغزى، أدركت الإجابة.
نعم. لا بد للانتفاضة أن تستمر دون توقف، دون سلم. وهل يجدي السلم مع الشيطان، وهل يفي الشيطان بوعده يومًا؟ أم هل ننتظر المدد من أعوانه؟ وما علمنا عن أعوان الشيطان إلا قلوبًا كالحجارة بل هي أشد قسوة، "وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ".
يا أطفال الحجارة، استمروا، ولا تستكينوا، ولا تيئسوا، إننا أمة كتب الله عليها أن تصادق الحجر. صداقة قديمة جدًّا تمتد عبر التاريخ، تشهد عليها حوافر الإبل ما بين سد مأرب إلى الأهرامات، وبجوارها يربض أبو الهول شامخًا شاهدًا يقول: أنا الذي رددتُ قذائف نابليون، ومات نابليون وبقيت أنا، صامدًا صامتًا، أحمل على ظهري حضارة آلاف السنين، فيأتي حجر رشيد بعد طول انتظار لينطق ويقول: نعم أنا الحضارة، أنا الشاهد، أنا الصديق.
نعم. إنها صداقة حميمة جدًّا، تشهد لها آثار أقدام خليل الله إبراهيم وهو يرفع القواعد من البيت وإسماعيل، ثم يأتي خاتم النبيّين فيبسط رداءه ليجمع به شمل الأمة، ويرفع بيديه الكريمتين الحجر الأسود فيضعه في موضعه ويستكمل البناء. ويتعهد الله سبحانه بحفظ البناء من كل سوء، ولمن أراد به الضر، أرسل عليهم طيرًا أبابيل، ترميهم بحجارة من سجِّيل.
يا أطفال الحجارة، استمروا ولا تستكينوا، ولا تيئسوا، وانتظروا حتى يأتيكم ضيف إبراهيم المكرمين ليرسلوا عليهم حجارة من طين، مسمومة عند ربك للمسرفين. عندها فقط سينطق الحجر ويقول: يا مسلم هذا يهودي ورائي تعالَ فاقتله. عندها فقط سيعلم أعوان الشيطان أي منقلب ينقلبون، نار وقودها الناس والحجارة أعدت للمجرمين. عندها فقط ستجف دماء كبش فداء إسماعيل، وستجف دماء جميع الفدائيين التي سالت تحت قبة الصخرة



اتمنى ان تحوز على اعجابكم (منقول)





تحياتي
------الفجر







التوقيع :
هاذي نهايــة حالــــــي!!!

اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

فرشـــــي التــــراب!!!

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:49 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية