لا ريب أن الصائمين من خير عباد الله تعالى ولكن ثمة أخطاء يقع فيها بعض الصائمين فلا بد من التنبيه إليها والتحذير منها فمن ذلك:
أن كثير من الناس يُقبلون على العبادة في رمضان ويدعونها في غيره فترى المساجد تمتلئ في رمضان فقط، بل إن من المحزن أن تراها تمتلئ في وقت المغرب بالذات بشكل أكبر، ويكون ذلك في اليوم الأول أبرز منه في اليوم الثاني ولا يزال الناس يتناقصون حتى يكون آخر شهر رمضان مثل غيره من الشهور تقريباً وهذا أمر خطير وظاهرة مرضية، كأن هذا الصنف لا يعرفون الله إلا في رمضان والعياذ بالله
فيجب على الدعاة والوُعاظ وأئمة المساجد أن يستغلوا فرصة خروج أولئك الناس من بيوتهم إلى المساجد؟ لينبهوهم إلى خطورة هذا العمل، وفداحة أمر التهاون بالصلاة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم :"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر"
أن بعض الناس يصومون عن الأكل والشرب والجماع وغيره من المفطرات ولا يصومون عن أشياء محرمة، كالغيبة والنميمة وقول الزور، وشهادة الزور والكذب والسب والشتم والغش والاعتداء، وغير ذلك من المخالفات القولية أو الفعلية. وهذا لا شك أن انتكاس في مفهوم الصيام لأن الصوم تربية للصائم فليس من المعقول أن يربيك الله على الإمساك عن بعض المباح، ثم لا تمسك عن المحرمات. ولقد ذهب بعض العلماء إلى أن الصائم يفطر بارتكابه لشيء من هذه المحرمات، من غيبة وغيرها. وقد احتجوا بحديث المرأتين اللتين غلبهما الصيام فجيء بهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهما: قيئا، فقاءتا قيحاً ودماً عبيطاً فقال عليه الصلاة والسلام:"إن هاتين أفطرتا على ما حرم الله وصامتا عما أحل الله"
لكن هذا الحديث ضعيف والصحيح أن الصائم لا يفطر بالغيبة ولا بالنميمة ونحوها لكنه قد ارتكب جرماً عظيماً وخالف مقاصد الصيام
أن بعض المتحدثين عن فضائل الصيام، يركزون في حديثهم على الفوائد الدنيوية للصوم، كالفوائد الصحية مثلاً، وينسون أو يقصرون في تنبيه الناس إلى الجانب الأخروي في الصيام وأنه عبادة لله تعالى حتى لو فرض أنه كان غير صحي، ولهذا فإن المؤمن يخوض المعارك وقد تذهب روحه فيها، لأن ذلك طاعة وعبادة لله تعالى
إذن فليس المقصود الأول من الصوم أن يصح الجسد ويسلم من الآفات أو أن يحصل الصائم على منفعة عاجلة وإنما المقصود التعبد لله تعالى وتأتي الفوائد الدنيوية تبعا
سوء الخلق: فبعض الصائمين يبدو سيئ الخلق بسبب امتناعه عن الأكل والشرب فتراه قاسياً فظاً غليظاً على أهله وعلى الناس الذي يعاملهم ويحتك بهم، يستعمل الألفاظ النابية، ويتصرف تصرفات متشنجة وهذا خلاف ما يجب أن يكون عليه الصائم من حسن الخلق الذي أوصاه به الرسول صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المتفق عليه:"الصيام جُنة فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل:إني امرؤ صائم"
فما بال بعض الناس إذا صام اشتدت أعصابه، وطار صوابه، وطفق يرمي بالعبارات الجافية القاسية أهله وأولاده وجيرانه وزملاءه ومعامليه وربما كان في غير حال الصوم هادئاً وديعاً لطيفا