قطع بيدرو بسينغوي-باروس الأنجولي مسافة طويلة الى جوهانسبرج بجنوب افريقيا للقاء الطبيبة سون تشينغ فو فى عيادتها للطب الصيني التقليدي شمال شرقي المدينة.
وجاء الرجل (65 عاما) وهو استاذ بالجامعة, من الدولة المجاورة للقاء الطبيبة المتخصصة فى الطب الصيني التقليدي استنادا الى تزكية احد اصدقائه الذى شفي بعد تلقى العلاج فى عيادة سون.
وبعد اجراء الفحص والاستفسار وقياس النبض بدقة, قدمت الطبيبة الى سون بسينغوي-باروس, الذى يعانى من مشاكل صحية تشمل ارتفاع ضغط الدم ومرض السكر, علبة من الاعشاب الطبية.
وكانت الساعة حوالى الثالثة بعد الظهر قبل ان تودع الطبيبة بسينغوي-باروس, حيث فاتها تناول الغداء. وقالت الطبيبة وهى فى الاربعين ان ما يتراوح بين 20 الى 30 مريضا, معظمهم من جنوب افريقيا وبعضهم من دول افريقية اخرى, يزورونها كل يوم.
وقالت سون, ذات الصوت الرقيق والابتسامة التى لا تختفى خلال حديثها, "يسرنى ان ارى مرضاي يتماثلون للشفاء او ان آلامهم تخف بمساعدتى".
واوضحت سون, التى تقدم عيادتها مختلف طرق العلاج الطبى الصينى التقليدى مثل الوخز بالابر والاعشاب والتدليك والحجامة, ان اغلبية مرضاها جاءوا لرؤيتها بعد فشل العلاج بالطب الغربي.
وفى جنوب افريقيا, تم تسجيل حوالي 1000 طبيب كاطباء للطب الصيني التقليدي, بما فيهم اطباء الطب الغربي المحليين الذين يستخدمون ايضا طرق العلاج بالطب الصيني التقليدي, وفقا لاحصائيات السلطات الصحية بجنوب افريقيا.
وذكر اسحاق كيكانا, رئيس هيئة الحرف الطبية التقليدية بجنوب افريقيا, فى وقت سابق من السنة الجارية فى اجتماع حول تطور الطب الصيني التقليدي فى جنوب افريقيا, ان الطب الصيني قد انتشر بصورة جيدة فى عموم البلاد وان تدريبه الطبي رفيع المستوى حظى باعتراف الهيئة.
وظل الطب الصيني التقليدى يساعد شعوب القارة الافريقية على تخفيف الامراض لعقود عديدة.
ومنذ الستينات من القرن الماضي, أرسلت الصين أكثر من 15 ألف طبيب الى افريقيا, بينهم كثير من أطباء الطب الصيني التقليدي والأطباء الذين يستخدمون طرق العلاج بالطب الصيني التقليدي.
ولم يذهب الأطباء الصينيون الى افريقيا فقط, بل جاء الأفارقة, الذين أدركوا فعالية الطب الصيني, الى الصين أيضا لدراسة علوم الطب الشرقي.
وفقا لاحصاءات سلطات التعليم الصينى, درس أكثر من ألف طالب افريقي الطب الصيني التقليدي في الصين, وحصل بعضهم على شهادات الماجستير والدكتوراة في الطب الصيني التقليدي.
كما يلعب الطب الصيني التقليدي دورا نشطا في مكافحة الأمراض المعدية بافريقيا مثل الأيدز والملاريا.
وفي تنزانيا, كان ولا يزال الطب الصيني التقليدي يستخدم لمعالجة الأيدز منذ 20 سنة. وبدأ أطباء الطب الصيني التقليدي يتوافدون على تنزانيا في عام 1987 بعد ان دعاهم الرئيس التنزاني يوليوس كيه. نيريري للحد من انتشار الايدز في بلاده باستخدام الأودية الصينية التقليدية.
وأظهر تحليل طبي أن الطب الصيني فعال في تقليل نسبة فيروس نقص المناعة وزيادة عدد خلايا المناعة (سي دي 4) فى جسم الانسان.
ولمساعدة افريقيا فى السيطرة على الملاريا, قررت الحكومة الصينية تقديم 37 مليون دولار أمريكي في السنوات الثلاث القادمة لمكافحة المرض.
وخلال هذا العام, ستقدم الصين الأدوية المضادة للملاريا لـ33 دولة افريقية. كما سيتم تأسيس مركز صيني لمنع ومعالجة الملاريا.
وفى ضوء هذه الخطة سيحصل كل مريض بالملاريا على جرعة واحدة من خلطة علاجية تتألف اساسا من مادة ارتيميسينين بالاضافة الى مادة بريماكوين التى سيتناولهما المريض معا للقضاء على الفيروس.
وتنصح منظمة الصحة العالمية باختيار الخلطة التى تحتوى على مركب ارتيميسينين المستخرج من عقاقير تزرع غالبا فى الصين, كدواء لمكافحة الملاريا.
علاوة عن ذلك, تقل نفقات علاج الطب الصيني بكثير عن نفقات الطب الغربي, وهو ميزة هامة لمعظم الأفارقة الذين مازالوا يعانون الفقر.
تجدر الاشارة الى أن عقاقير معالجة الأيدز أرخص بكثير من أدوية غربية أخرى حيث تصل كلفة الجرعة لليوم الواحد دولارا واحدا فى المتوسط.
ويمثل ثمن العلاج بالطب الصيني التقليدي فى عيادة الدكتورة سون حوالى عشر ثمن الطب الغربي. وفى بعض الاحيان, يدهش المرضى بثمن العلاج المنخفض كثيرا ويصروا على دفع اكثر من السعر المحدد بعيادتها.
وفى كثير من الدول الافريقية, يحتاج الامر الى وقت طويل لانضمام الطب الصيني التقليدي الى نظام التأمين. وفى جنوب افريقيا, حيث ينتشر الطب الغربي, ظل الطب الصيني التقليدي محظورا حتى عام 2001.
وكان من بين المرضى الذين خضعوا للعلاج على يد اطباء الطب الصينى التقليدى بما فيهم الدكتورة سون, خمسة اعضاء ببرلمان جنوب افريقيا. وقدم هؤلاء الاعضاء بشكل متكرر اقتراحات تطالب الحكومة والبرلمان بادراج الطب الصيني التقليدي على نظام التأمين الطبى بالبلاد لانهم اكتشفوا بأنفسهم فعالية الطب الشرقي.
وعانى برلمانى تونسى من نتوء بين فقراته القطنية, ولم يفلح العلاج الطبى لسنوات من تخفيف آلامه بشكل كبير.
وحث البرلمانى, الذى شفى تدريجيا بعد ان خضع لعلاج الوخز بالابر لبعض الوقت, وزارة الصحة بتعزيز العلاج بالابر والطب الصيني التقليدي فى بلاده.
وفى بعض الدول الافريقية, يشكل الافتقار الى الاطباء المؤهلين لاستخدام الطب الصيني التقليدي مشكلة كبيرة, الامر الذي يؤثر على تطور الطب الصيني التقليدي.
وقالت الدكتورة سون التى تخرجت فى جامعة تشونغتشينغ الطبية الصينية فى الثمانينيات من القرن الماضي, انه فى جنوب افريقيا, اصبح كثير من المواطنين ذوى التدريب المحدود جدا اطباء متخصصين فى الطب الصيني التقليدي.
ونظرا لاعتراف المزيد والمزيد من الافارقة بفعالية الطب الصيني التقليدي, ستفتح الدكتورة سون فى العام القادم مدرسة للطب الصيني التقليدي فى البلاد لتدريب الممارسين المحليين. (شينخوا)
(منقول)
العرض العادي
