تكادِ تجدِي نفسكِ لأول مرة .. رغم تكراركِ للعَيش في هذا الشَّهر الفَضِيل ..
إنسانة تتأملي في هذه الحياة .. لتكتشفي وعلى مَهَل .. حقيقتكِ من جديد ..
بعد سنين من الضَّياع .. في عالم كبير .. أخذكِ معه في دوامته ..
وشغلكِ عن ابسط واجباتكِ .. تجاه رُّبكِ .. وأبسط حقوقكِ .. تجاه نفسكِ ..
فيا الله أي مشاعر روحانية تلك التي تنتابكِ كإنسانَة وأنتِ مُقبلة على (رَمَضَان)؟
أي إحساس يُخَالجكِ وأنتِ تَطأي بقدميكِ .. عتبة ذلك المسجد المُجَاوِرُ لَكِ؟!
بل اي روح تحسِّي بها وأنتِ ترِي عظمة هذا الموقف الربَّاني تتجلَّى امامُ عينيك؟!
هذه السَّكِينَة التي تَلُفُّكِ من قِمَّة رأسُكِ الى أسفَلُ قدميكِ هذه النَّسماتُ الرُّوحَانِيَّة
التي تُدَاعبُ خَدَّيكِ .. هذا الشّعور بالإنكِسَار والذُّل ..
التي تشعرِي بهِ وأنتِ مُقبِلَة على ( رَمَضَان ) ألا يعني لك شيئاً .. ألا يَقُودكِ ..
الى اشياء كثيرة .. وليس شيئاً واحداً ..
ألا ينبهكِ الى حقائق كثيرة .. أنتِ غافلة عنها .. بحكم لهوكِ في الدنيا تَارَة
وتَحصِيلُكِ العِلمِي تَارة أخرَى .. وجريك المتواصل لتحقيق أغراض ..
ومآرب دنيوية زائلة تَارَة ثَالَِثَة؟!
هذا الانسان بجبروته بكبريائه بِعزَّة نفسه حينما يقف امام الله في بيت من بيوته ..
لاسيما في هذا ( الشَّهر ) الفَضِيل بالذَّات فلا يشعر الاّ بنفس ذليلة منكسرة؟!
لا يشعر الاّ بإنسان ضَعِيف لا حول له ولا قوة؟!
لا يشعر الاّ والدموع تَنهَمِرُ من مآقِيهِ لتبلل وجنتيهِ ..لتغسلُ ذنوبه .. لتريحُ قلبه
لتؤكد له حقيقة واحدة هي انه انسان ضعيف ذليل بحاجة لهذا الموقف من وقتٍ
لآخر؟!
فيا الله .. مَا أحوجُكِ أخت ( دَي دَمُونَة ) في ( رَمَضَان ) الخير لأن تُجددي
أيمانُكِ مع الله عز وجل .. لأن تكتشفي نفسكِ البسيطة من جديد..لأن تشعُري
ان هناك ابواباً مُشرَّعة امامكِ للعودة الى جادَّة الصَّواب؟!
ماأحوجُكِ لأن تشعُري ان هناكَ ايادٍخيِّرة مفتوحة تُمدُّ اليكِ تدعوكِ لأن تُصافحيها
دون تردد كي تأخذِ معها .. الى عالم من الرُّوحانيات الجميلة التي تفتقديها ؟!
الى عالم من الصدق الخالص البعيد عن الماديات وعن الملاهي الدنيوية الزَّائِلَة
ما احوجُكِ الى عالم من المحاسبة الذاتية مع النفس ..
التي أنتِ أحوج ما تكوني اليها من وقتٍ لآخر .. على الأقل لتَطمئنِّي الى صدق
تصرفاتُكِ مع نفسكِ .. ومع الآخرين..وما إذا كنتِ قد اخطأتِي في حق نفسكِ
او مع اقرب الناسُ اليكِ؟!
حقيقة يصعب وصف الاجواء ( الرَّمَضَانِيَّة ) التي تريها وتشعُري بها ..
وأنت في صَلاة ( التَّرَاوِيح )؟!
فأي منظر رهيب مُهِيب هذا الذي تريهِ امامكِ وأنتِ تدلُفِي المسجد وأي مَشَاعِر
ذاتية يمكن ان تصفيها وأنتِ تري هذه الأجواء الروحانية تغلِّفُ هذا المكان الطاهر
فتُضفي على أجوائُه عبقاً روحانياً؟!
أي مشاعر يمكن ان تعبري عنها .. وأنتِ تري بعَينَيكِ الصَّغيرَتَين هذه السكينة ..
والخشوع ترفرفُ على المصلين .. وكأن على رأسهم الطَّيْر؟!
فيا لها من اجواء حِلوَة يصعب وصفها .. الكل مشغول في مناجاة ربه الكل يدعُوه
ويتوسَّلُ اليه بطريقته الخاصة؟!
هدوء غير عادي..صَمت رهيب..لا يكادُ يقطعه سوى صوت طفل يبكُو برفقة أمَّهِ
او يلعب ببراءة الأطفَال او حناجرُ أدمَاهَا الألم .. من كثرة الدعاء وطلب الغفران
فَأضحَيتِي رغماً عنكِ تسمعي انينها المتواصل .. وشهقاتها المتقطعة؟!
فياله من منظر .. حينما تطأي قدميكِ أرض المسجد .. بعد وجبَة إفطَار لَذِيذَة ..
حينما تدلفِيهِ بعد ان تسمِّي الله ..
حينما ترفعي رأسكِ .. لتجدِي أمامكِ عالماً آخر من البَشَر لم تعهديه من قبل؟!
حينما تلتفتِي هنا وهناك اثناء تعبّدكِ وتهجُّدكِ قبل الصلاة أو بعدها ..
تجدي ان كل ما في المكان من الناس يبهرُكِ بحسنه وجماله ويشدكِ اليه بداية ..
بحُسن سلوكه وطيبة قلبه .. ونهاية ًبخِفَّةُ دَمه .. لتعرفِي وبنفسُكِ أن هناكَ قلوباً
مؤمنة تخلص لله .. ولهذا الدين الإسلامِي الحَنِيف .. الذي ميَّزنا الله وخصُّنَا به؟!
انها مشاعر ذاتية أستاذه ( دَيْ دَمُوْنَة ) ..
سوف نعيشُهَا أنا وأنتِ والآخرُون خِلال الأيَّام القادِمَة أردتُ أن تُشَاركِينِي أيَّاهَا
فقط لنشعُر بمدى حاجتنا اليها .. وفي هذه الأوقات بالذات!!
جعل اللهُ قلبكِ أبيضاً طاهراً صافياً .. وأدامَ عليكِ نِعمَة المشاعر الصادقة الجميلة
وكل ( رَمَضَان ) وأنتِ لربُّكِ اقرَب؟!
/
/
إنتـَــر