فتحت البريد فوجدت رسالة أخرى منه يقول فيها :
(هذه آخر رسالة أرسلها لك، فلم أتلق منك رداً على عشرات الرسائل السابقة. وأعرض عليك للمرة الأخيرة أن نتزوج، وأن أتقدم لطلب يدك في أسرع وقت ممكن. ولست أدري لماذا توقفت عن مراسلتي منذ أن عرضت عليك ذلك منذ شهور؟ ألم يجمع الحب بيننا! ألم تكن أسعد أوقاتنا هي التي نتحدث فيها معاً؟ ألم نكن أقرب لبعضنا البعض من سائر الناس في هذه الدنيا؟ ألم نتعاهد على ألا يفسد ما بيننا أحد مهما كان؟ ألم تقولي مرات ومرات أنك تعيشين حلماً جميلاً وتتمنين لو قضينا العمر كله معاً؟
ألم تكوني دافعة لي حتى نجحت في عملي نجاحاً باهراً وأصبحت كما تبغين وأكثر؟ ألم أصبح رجلاً يشار له بالبنان بعد ان كنت شاباً لاهياً قبل أن أتعرف عليك مصادفة؟ ألم أقوم بإعادة بناء حياتي كلها حتى تفخرين بي وأصبح الرجل الذي يستحقك؟ ألم أزهد في نساء الدنيا جميعاً إلا أنتِ؟
ماذا حدث إذن؟! لمَ تلك القطيعة؟ أخبريني فقد ساءت حالي حتى مرضت وأصابني الكمد، لقد اسودت الدنيا في وجهي. لماذا ابتعدتِ؟ ولماذا تقاطعين وسيلة الاتصال الوحيدة بيننا التي أعرفها وهي البريد والمحادثة؟ هل بدر مني ما أغضبك؟ حتى لو كان ذلك أليس لي الحق في أن أعلمه وأن نتناقش فيه كما تعودنا؟ وعلى أية حال اقبلي اعتذاري لك مسبقاً عن أي شيء من ذلك مهما كان حتى ترضين.
حبيبتي، تعلمين أنني لا أتصور الحياة بدونك، وأنك أنت الحياة في نظري ووجداني، وأنك نعمة الله الكبرى التي أنعم بها عليّ، وتعلمين أنك أنت القلب الذي ينبض بداخلي والروح التي تسري في بدني. أسألك أن تردي على رسالتي هذه وأعدك أنه مهما كان الأمر فسوف أفعل ما ترغبين حتى لو كان الاختفاء من حياتك كلها مهما كان السبب، وكان الله في عوني بعد ذلك، فقط أجيبي بكلمات قليلة. سأظل أنتظر ردك حتى نهاية العمر).
كانت تقرأ كلمات الرسالة والدموع تتسلل من عينيها مع كل كلمة حتى غلبها البكاء الشديد في نهايتها وسقطت على الفراش تجهش تكاد تجن لا تدري ماذا تفعل. أتخبره بالخبر؟ أم تخفي عنه المصيبة وتدعه لظنون ينساها بمرور الزمن؟ ألا تكفيها مصيبتها هي؟ ألا يكفيها ما هي فيه من آلام لا يداويها الزمن.أغلقت البريد كما كانت تفعل في كل مرة والدموع تغرق وجهها كله تحرق كل جزء فيه، إنه بريد ابنتها التي فارقت الحياة فجأة في حادث سيارة.
![الصورة الرمزية [ صعود جبل ]](image.php?s=d3a9f4849bfaa476a55e1e5949cda8cd&u=92102&dateline=1309094041)
العرض العادي
