إياك و الغفلة عمن جعل لحياتك أجلاً و لأيامك و أنفاسك أمداً و من كل ما سواه و لابد لك منه.
من ترك الإختيار و التدبير فى طلب زيادة دنيا أو جاه أو خوف نقصان أو فى التخلص من عدو, توكلاً على الله و ثقة بتدبيره له و حسن اختياره له , فألقى كنفه بين يديه و سلم الأمر إليه و رضى بما يقضيه له , استراح من الهموم و الغموم و الأحزان. و من أبى إلا تدبيره لنفسه وقع فى النكد و النصب و سوء الحال و التعب , فلا عيش يصفو و لا قلب يفرح و لا عمل يزكو و لا أمل يقوم و لا راحة تدوم.
الناس فى الدنيا معذبون على قدر هممهم بها.
اتباع الهوى و طول الأمل مادة كل فساد , فإن اتباع الهوى يعمى عن الحق معرفة و قصداً , وطول الأمل ينسى الآخرة و يصد عن الإستعداد لها.
إذا أراد الله بعبد خيراً جعله معترفاً بذنبه ممسكاً عن ذنب غيره, جواداً بما عنده زاهداً فيما عند غيره محتملاً لأذى غيره , و إن أراد به شراً عكس ذلك عليه.
الهمة العالية لا تزال حائمة حول ثلاثة أشياء: تعرف لصفة من الصفات العليا تزداد بمعرفتها محبة و إرادة , و ملاحظة لمنة تزداد بملاحظتها شكراً و طاعة , و تذكر لذنب تزداد بتذكره توبة و خشية. فإذا تعلقت الهمة بسوى هذه الثلاث جالت فى أودية الوساوس و الخطرات.
الفوائد لابن القيم