في أول شهادة عراقية لبعض ملابسات معركة بغداد، واختفاء كل القادة العسكريين والسياسيين خلال ساعات قليلة وعلى نحو مريب، كشف ضابط عراقي برتبة رائد عن معلومات مفادها أنه وعدد من زملائه تركوا مواقعهم مع بداية اندلاع المعارك عندما بدأوا يستشعرون رائحة مؤامرة تحاك ضدهم من جانب قيادتهم العسكرية، موضحاً أن الفريق سفيان جغيب قائد الحرس الجمهوري قام بجولة على متن طائرة هليكوبتر اباتشي شملت مختلف قطاعات الحرس الجمهوري في العاصمة بغداد وحولها وطلب منهم عدم القتال والعودة إلى منازلهم في ملابس مدنية.
ومضى الضابط العراقي الذي يدعى عامر فؤاد في سرد شهادته التى نشرتها اليوم صحيفة (المستقبل) اللبنانية قائلاً إن الخسائر البشرية كبيرة جدا في كل المعسكرات، ويضرب أمثلة على ذلك فيروي ان فوج الحرس الخاص في المطار كان مؤلفا من 320 عنصرا بقي 13 منهم أحياء، أما في الكلية الحربية فإن 90 على الأقل ممن بقوا في داخلها سقطوا بين قتيل وجريح بسبب القصف العنيف الذي دكت به القوات الأميركية هذه المعسكرات.
وأشار الرائد عامر إلى ان المؤامرة بدأت عندما طُلب من كل قيادة أن تقدر بنفسها طبيعة القتال أو المواجهة مما جعل الفوضى تدب في المواقع العسكرية بسبب عدم وجود مرجعية مركزية لاصدار الأوامر أو تنفيذها وهو ما جعل الريبة تدب في نفوس أفراد هذه القوى لكن ذلك كان متأخرا في الكثير من الأحيان فسقطت أعداد كبيرة ضحية ذلك.
واعتبرت الصحيفة ان ذلك يعني ان الأيام المقبلة ستكشف عن مجازر بشعة تعرضت لها القوات المسلحة العراقية لافتة إلى هذه المجازر لم يرتكبها الأميركيون وحدهم، بل لعب النظام المخلوع دورا أساسيا في وقوعها.
ويؤكد الرائد عامر ان هذه اللعبة بدأت حياكتها منذ فترة طويلة حيث يروي ان ما كان يظهر على شاشة التلفزيون العراقي من وفود وفصائل عسكرية كانت تتوافد بالآلاف لتقديم الولاء للرئيس العراقي ليست سوى تمثيليات تم تلقينها لهذه المجموعات من قبل مساعدي صدام لتظهر فقط في الاعلام، وكان رئيس كل وفد او فصيل من هذه الفصائل يتسلم ورقة كتب عليها ما يراد منه قوله، وهو تأكيد الولاء والرغبة في القتال حتى النهاية فيدرسها ويحفظها غيبا ثم يدخل ليلقيها، وبعد ان ينتهي من ذلك وتطفأ الكاميرات كان يتسلم مبلغ خمسة ملايين دينار، وهو ما كان يعادل مبلغ الفي دولار منذ اسابيع فيما لا يتعدى 1300 دولار اليوم.
ويشعر الضابط العراقي بحسرة لما حدث، قائلاً إن صدام حسين خدع القوات المسلحة وجعل افرادها دروعاً لأمنه الشخصي، وقد فجعت القوات لما كان يردده دوماً عن ان الرصاصة الاخيرة في هذه الحرب سيطلقها هو، وفي المحصلة النهائية فقد دفع آلاف العسكريين حياتهم ثمن مناوراته وأكاذيبه"، على حد تعبير الضابط العراقي.
........................