العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > ۞ مكتبة الــوٍد الإسلامية ۞
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-07-2003, 06:00 PM   رقم المشاركة : 1
نفس الشا طر
( ود فعّال )
 
الصورة الرمزية نفس الشا طر
 





نفس الشا طر غير متصل

يــَــــــوْمَ تُبْــلــَى الــــسَّرَائِرُ

يــَــــــوْمَ تُبْــلــَى الــــسَّرَائِرُ


عنوان هذه المقالة آية عظيمة من كتاب الله عزّ وجل، يذكِّر الله سبحانه عباده فيها بشأن القلوب وأعمالها وسرائرها ممّا لا يعلمه الناس وهو بها عالم، كما ينبِّه الله عزّ وجل من خلال هذه الآية الكريمة على أنَّ هذه السرائر ستُبلى وتُختبر يوم القيامة ويظهر ما فيها من الإخلاص والمحبّة والصدق أو ما يضادها من النفاق والكذب والرياء.

وذلك في يوم القيامة يوم الجزاء والحساب، وهذا واضح من الآية وما قبلها وبعدها، حيث يقول الله عزّ وجل: )إنَّه عَلَى رَجْعِه لقَادر* يومَ تُبلَى السَّرائر* فما له من قُوَّة ولا نَاصِر([الطارق:8 ـ10].

والقلب هو محطّ نظر الله عزّ وجل، وعليه يدور القبول والردّ، كما قال صلّى الله عليه وسلّم: "إنَّ الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".

والسريرة إذا صلحت صلح شأن العبد كلّه وصلحت أعماله الظاهرة ولو كانت قليلة، والعكس من ذلك عندما تفسد السريرة فإنَّها تفسد بفسادها أقوال العبد وأعماله، وتكون أقرب إلى النفاق والرياء، عياذاً بالله تعالى. ويوضح هذا الأمر قوله صلّى الله عليه وسلَّم: "ألا وإنَّ في الجسد مضغة إذا صلُحت صلح الجسد كلّه وإذا فسدت فسد الجسد كلّه ألا وهي القلب".

ويشرح هذا ما نقله صاحب الحلية ـ ـ رحمه الله تعالى ـ ـ عن وهب قوله: "ولا تظنُّ أنَّ العلانية هي أنجح من السريرة، فإنَّ مثل العلانية مع السريرة كمثل ورق الشجر مع عرقها، العلانية ورقها والسريرة عرقها. إن نخر العرق هلكت الشجرة كلّها ورقها وعودها، وإن صلحت الشجرة كلّها ثمرها وورقها، فلا يزال ما ظهر من الشجرة في خيرٍ ما كان عرقها مستخفياً لا يرى منه شيء؛ كذلك الدين لا يزال صالحاً ما كان له سريرة صالحة يصدق الله بها علانيته، فإنَّ العلانية تنفع مع السريرة الصالحة كما ينفع عرقَ الشجرة صلاحُ فرعها، وإن كان حياتها من قبل عرقها فإنَّ فرعها زينتها وجمالها، وإن كانت السريرة هي ملاك الدين فإنَّ العلانية معها تزين الدين وتجمِّله إذا عملها مؤمن لا يريد إلاَّ رضاء ربِّه عزَّ وجل".

ويقول الإمام ابن القيِّم ـ ـ رحمه الله تعالى ـ ـ في تفسير قوله تعالى: (يوم تُبلى السرائر): "وفي التعبير عن الأعمال بالسر لطيفة، وهو أنَّ الأعمال نتائج السرائر الباطنة، فمن كانت سريرته صالحة كان عمله صالحاً، فتبدو سريرته على وجهه نوراً وإشراقاً وحياء، ومن كانت سريرته فاسدة كانت عمله تابعاً لسريرته، لا اعتبار بصورته، فتبدو سريرته على وجهه سواداً وظلمة وشيناً، وإن كان الذي يبدو عليه في الدنيا إنَّما هو عمله لا سريرته، فيوم القيامة تبدو عليه سريرته، ويكون الحكم والظهور لها".

وقال أيضاً في تفسير هذه الآية: "قوله تعالى: (يوم تُبلى السَّرائر) أي: تُختبر، وقال مقاتل: تظهر وتبدو، وبلوت الشيء: إذا اختبرته ليظهر لك باطنه، وما خفي منه، والسرائر جمع سريرة، وهي سرائر الله التي بينه وبين عبده في ظاهره وباطنه لله، فالإيمان من السَّرائر، وشرائعه من السَّرائر، فتختبر ذلك اليوم، حتى يظهر خيرها من شرِّها، ومؤدِّيها من مضيعها، وما كان لله ممَّا لم يكن له؛ قال عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: يبدي الله يوم القيامة كلّ سرٍّ فيكون زيناً في الوجوه، وشيناً فيها. والمعنى: تختبر السَّرائر بإظهارها، وإظهار مقتضياتها من الثواب والعقاب، والحمد والذم".

ممَّا سبق يتبيَّن لنا عظم شأن القلب والسريرة حيث إنَّها محطّ نظر الله عزّ وجل وعليها مدار القبول عنده سبحانه، وحسب صلاحها وفسادها يكون حسن الخاتمة وسوؤها، وكلّما صلحت السريرة نمت الأعمال الصالحة وزكت ولو كانت قليلة، والعكس من ذلك في قلّة بركة الأعمال حينما تفسد السريرة ويصيبها من الآفات ما يصيبها، وهذا هو الذي يفسِّر لنا تفوُّق أصحاب محمّد صلّى الله عليه وسلّم على غيرهم ممَّن جاء بعدهم، والذي قد يكون أكثر من بعض الصحابة عبادة وقربات.

حيث إنَّ أساس التفاضل بين العباد عند الله عزّ وجل هو ما وقر في القلب من سريرة صالحة حشوها المحبة والتعظيم والإخلاص لله تعالى.

فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: "أنتم أطول صلاة وأكثر اجتهاداً من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وهم كانوا أفضل منكم" قيل له: بأيّ شيء؟ قال: "إنَّهم كانوا أزهد في الدُّنيا وأرغب في الآخرة منكم".

وعن القاسم بن محمَّد قال: "كنَّا نسافر مع ابن المبارك فكثيراً ما كان يخطر ببالي فأقول في نفسي: بأيّ شيء فضّل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في النَّاس هذه الشهرة؟! إن كان يصلي إنَّا لنصلِّي، ولئن كان يصومُ إنَّا لنصوم، وإن كان يغزو فإنَّا لنغزو، وإن كان يحجُّ إنَّا لنحجُّ.

قال: فكنَّا في بعض مسيرنا في طريق الشام ليلة نتعشَّى في بيت إذ طفئ السراج، فقام بعضنا فأخذ السراج وخرج يستصبح فمكث هنيهة ثمّ جاء بالسراج فنظرت إلى وجه ابن المبارك ولحيته قد ابتلّت من الدموع، فقلت في نفسي: بهذه الخشية فُضِّل هذا الرجل علينا، ولعله حين فقد السراج فصار إلى الظلمة ذكر القيامة".

وأخبار السلف في حرصهم على أعمال القلوب وإصلاح السرائر كثيرة ومتنوِّعة، وخصوصاً فيما يتعلَّق بمحبّة الله عزّ وجل والخوف منه وإخلاص العمل له سبحانه، ومن ذلك:

* قول عمر بن الخطّاب رضي الله عنه :"القوّة في العمل: أن لا تؤخِّر عمل اليوم للغد، والأمانة: ألاّ تخالف سريرة علانية. واتقوا الله عزّ وجل فإنَّما التقوى بالتوقي ومن يتق الله يقه".

* وعن عثمان رضي الله عنه قال: "ما أسرَّ أحد سريرة إلا أظهرها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه".

* وعن نعيم بن حماد قال: سمعت ابن المبارك يقول: "ما رأيت أحداً ارتفع مثل مالك ليس له كثير صلاة ولا صيام إلا أن تكون له سريرة".

* وعن خالد بن صفوان قال: "لقيت مسلمة بن عبدالملك فقال: يا خالد، أخبرني عن حسن أهل البصرة. قلت: أصلحك الله! أخبرك عنه بعلم؛ أنا جاره إلى جنبه وجليسه في مجلسه، وأعلم من قبلي به: أشبه النّاس سريرة بعلانية، وأشبهه قولاً بفعل، إن قعد على أمر قام به، وإن قام على أمر قعد عليه، وإن أمر بأمرٍ كان أعمل الناس به، وإن نهي عن شيء كان أترك النَّاس له، رأيته مستغنياً عن النَّاس ورأيت النَّاس محتاجين إليه. قال: حسبك، كيف يضلّ قوم هذا فيهم؟!"

* وعن الحسن ـ رحمه الله تعالى ـ قال: "ابن آدم لك قول وعمل، وعملك أولى بك من قولك، ولك سريرة وعلانية، وسريرتك أولى بك من علانيتك".

* وعن ابن عيينة ـ رحمه الله تعالى ـ قال: "إذا وافقت السريرة العلانية فذلك العدل، وإذا كانت السريرة أفضل من العلانية فذلك الفضل، وإذا كانت العلانية أفضل من السريرة فذلك الجور".

* وعن عبدالله بن المبارك ـ رحمه الله تعالى ـ قال: "قيل لحمدون بن أحمد: ما بال كلام السلف أنفع من كلامنا؟ قال: لأنَّهم تكلَّموا لعزّ الإسلام ونجاة النفوس ورضا الرحمن، ونحن نتكلَّم لعزّ النفوس وطلب الدنيا ورضا الخلق".

* ويقول ابن القيِّم ـ رحمه الله تعالى ـ: "... فكلّ محبة لغيره فهي عذاب على صاحبها وحسرة عليه إلاَّ محبته ومحبَّة ما يدعو إلى محبَّته ويعين على طاعته ومرضاته، فهذه هي التي تبقى في القلب يوم تبلى السرائر..".

ونكتفي بهذه المقتطفات من وصايا السلف في إصلاح السرائر لنتعرَّف على بعض العلامات الدالَّة على صلاح السريرة وسلامة القلب، ومنها نعرف ما يضادها من المظاهر التي تدلُّ على فساد في السريرة ومرض في القلب.

ومن هذه العلامات:

1/ عناية العبد بأعمال القلوب، ومنها إخلاص الأعمال والأقوال لله عزّ وجل ومحاولة إخفائها عن الناس وكراهة الشهرة والظهور، والزهد في ثناء النَّاس. ويضادّ ذلك الرياء وإرادة الدنيا بعمل الآخرة وحبّ الظهور.

2/ التواضع والشعور بالتقصير، والانشغال بإصلاح النفس وعيوبها، ويضادّ ذلك الكبر والعجب والولع بنقد الآخرين.

3/ الإنابة إلى الدار الآخرة والتجافي عن الدنيا والاستعداد للرحيل وحفظ الوقت وتدارك العمر، ويضادّ ذلك الركون إلى الدنيا وامتلاء القلب بهمومها ومتاعها الزائل ونسيان الآخرة وقلّة ذكر الله عزّ وجل وتضييع الأوقات.

4/ سلامة القلب من الحقد والغلّ والحسد، ويضاد ذلك امتلاؤه بهذه الأمراض ـ عياذاً بالله ـ.

5/ التسليم لأمر الله عزّ وجل وأمر رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم دون لماذا وكيف؟ ويضاد ذلك الولوع بالمتشابهات والخواطر الرديئة.

6/ الاهتمام بأمر الدين والدعوة إلى الله عزّ وجل والجهاد في سبيله جلّ وعلا ومحبَّة كلّ داعية إلى الخير والحقّ والدعاء له والتعاون معه على البرّ والتقوى، ويضاد ذلك القعود عن تبليغ دين الله عزّ وجل وعدم الاهتمام به، بل إذا صفا مأكله ومشربه ومسكنه وغير ذلك من متاع الدُّنيا الزائل فلا يهمّه بعد ذلك شيء. وقد لا يقف الأمر في فساد السريرة عند هذا الحدّ، بل قد يتعدَّاه إلى مناصبة الداعين إلى الحقّ العداء أو التشهير بهم والتشكيك في نواياهم ومحاولة إحباط جهودهم الخيِّرة.

7/ شدَّة الخوف من الله عزّ وجل، ومراقبته في السرّ والعلن، والمبادرة بالتوبة والإنابة من الذنب، ويضادّ ذلك ضعف الوازع الديني وقلّة الخوف من الله جلّ وعلا بحيث إذا خلا بمحارم الله عزّ وجل انتهكها، وإذا فعل معصية لم يتب منها بل أصرَّ عليها وكابر وتبجَّح.

8/ الصدق في الحديث والوفاء بالعهود وأداء الأمانة وإنفاذ الوعد وتقوى الله عزّ وجل في الخصومة، فكلّ هذه الخصال تدلُّ على صلاح في السريرة؛ لأنَّ أضداد هذه الصفات إنَّما هي من خصال المنافقين الذين فسدت سرائرهم، كما أخبر بذلك الرسول صلّى الله عليه وسلّم بقوله: "أربع من كنَّ فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خلة منهن كان فيه خلة من نفاق: إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا وعد أخلف وإذا خاصم فجر"، ويدخل في ذلك ذو الوجهين الذي يلقى هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه.

9/ قبول الحقّ والتسليم له من أي جهة كان، ويضاد ذلك التعصُّب للأخطاء والجدال بالباطل واتباع الهوى في ذلك.

وأكتفي بذكر هذه العلامات على صلاح الباطن والسريرة لتدلّ على ما سواها ممَّا لم أذكره ها هنا.

ويحسن في نهاية هذا المقال الإشارة إلى بعض الثمرات العظيمة لصلاح السريرة، وذلك فيما يلي:

1/ نزول الطمأنينة والسكينة في قلب من صلحت سريرته وثباته أمام فتن الشبهات والشهوات وابتلاءات الخير والشر.

2/ إلقاء المحبّة لمن صلحت سريرته بين النَّاس ممَّا يكون له الأثر في قبول كلامه ونصحه وأمره ونهيه.

3/ أثر صلاح الباطن والسريرة في حسن الخاتمة، حيث ما سُمع ولا عُلم ـ ولله الحمد ـ بأنَّ صاحب السريرة الصالحة والقلب السليم قد ختم له بسوء، وإنَّما يكون ذلك لمن فسدت سريرته وباغته الموت قبل إصلاح الطوية.

4/ القبول عند الله عزّ وجل يوم القيامة ومضاعفة الحسنات وتكفير السيئات. قال الله عزّ وجل: {ومَن يتَّقِ الله يُكفِّر عنه سيئاتِهِ ويُعْظِمْ له أَجْراً..} (الطلاق:5).

وقال تعالى: {إنَّما يتقبَّلُ اللهُ من المُتَّقين} (المائدة: 27).

5/ تفريج الكربات وإعانة الله عزّ وجل للعبد عند حدوث الملمّات والضائقات، كما حصل لأصحاب الغار.

6/ الهداية إلى الحقّ والتوفيق إلى الصواب عندما تحتار العقول والأفهام.

والحمد لله ربّ العالمين.







التوقيع :
الــــــــــــــشــــاطــــــــــــــر

قديم 30-07-2003, 06:27 PM   رقم المشاركة : 2
شووق
( وِد ماسي )
 
الصورة الرمزية شووق
 






شووق غير متصل



اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اخي الفاضل نفس الشا طر حفظك الله ورعاك لنا

شكر الله لك على هذه المساهمه

وجزاك الله الفردوس الأعلى من الجنة

لا حرمنا الله منك ولا من مواضيعك القيمه

تقبل اعذب التحايا

ودمت لنا عنوانا للتميز

اختك بالله

شووق


اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة


الى جنة الخلد يا بابا جابر

قديم 30-07-2003, 09:40 PM   رقم المشاركة : 3
مـ ـ ـ ـ ـازن
( ود متميز )
 





مـ ـ ـ ـ ـازن غير متصل

بسم الله الرحمن الرحيم

جزاك الله خير نفس الشا طر على هذا الموضوع الذي كان تحت ظلال اية ...
وجعله في موازين حسناتك...

ووفقك الله لما يحبه ويرضاه ... وننتظر جديدك ...

وتقبلوا تحياتي

مـ ـ ـ ـ ـازن






التوقيع :
اضغط على الصورة لفتحها بصفحة مستقلة

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:37 AM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية