العودة   منتديات الـــود > +:::::[ الأقسام العامة ]:::::+ > المنتدى العام
موضوع مغلق
   
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-10-2003, 06:22 PM   رقم المشاركة : 1
حمودي_جده
( ود جديد )
 





حمودي_جده غير متصل

مستقبل الشرق الاوسط في النظام العالمي الجديد

مستقبل الشرق الأوسط في النظام العالمي الجديد


هذا البحث قدم في 15/8/1999 لنيل احدى الجوائز العربية وهو قد نال المرتبة الأولى لهذه الجائزة. وينتمي البحث الى ميدان المستقبليات. من هنا وجوب قراءته بالعودة الى زمن كتابته. اذ أن ما تحقق من الرؤى المطروحة فيه يجعل قراءته الراهنة وكأنها نشرة اخبارية. ولعل أهم توقعات المؤلف هو انعدام الوفاء الأميركي للأصدقاء وللسعودية خاصة. واضطرار هذا البلد لتحمل التبعات الأميركية / أنظر الدور المستقبلي للسعودية.
هذه القراءة سوف تجعلنا ندرك أن التهم التي تساق للسعودية وغيرها من الدول العربية والاسلامية في تقرير بارد وغيره هي تهم معدة سلفا" ولا علاقة لها لا بالإرهاب ولا بحوادث 11 ايلول.

من طبيعة الأشياء أن يقوم المنتصر في حرب عالمية بإعادة ترتيب جغرافية العالم بما يظن أنه يخدم مصالحه. وهكذا حصل في الحربين العالميتين وهذا ما نشهده يحصل بعد نهاية الحرب الباردة .

وهذا يعكس التغيير العميق في دلالات المصطلحات الجغرافية الطابع. فكلمة "روسيا " كانت تعني أثناء الحرب الباردة الإتحاد السوفياتي بجمهورياته. أما الآن فإنها تعني الجمهورية الروسية بحدودها الضيقة نسبياً.

والحروب لا تكتفي بإعطاء دلالات جديدة للأسماء أو المصطلحات القديمة بل إنها تولد أسماء جديدة ( مثل جمهورية البوسنة -الهرسك ) ومصطلحات جديدة مثل النظام العالمي الجديد. وهذه الأسماء والمصطلحات الجديدة تمتاز بقابلية دلالاتها للتغيير طيلة فترة الفوضى التي تعقب نهاية الحروب و لغاية إقرار توازن جديد يميز مرحلة ما بعد الحرب. فالفوضى السياسية والاجتماعية ومعها فوضى المصطلحات لا تنتهي بانتهاء الحرب التي تخلف دولاً تلملم جراحها وتجهد لاستعادة توازنها أو لإقامة توازن جديد يلائم عالم ما بعد الحرب. بل هي تنتهي بعد إرساء استقرار جديد.

وإذا ما أردنا تناول موضوع "موقع الشرق الأوسط في النظام العالمي الجديد" فإننا نصطدم بالغموض الذي يحيط بالمصطلحين ويلف دلالاتهما. فلكل من المصطلحين دلالاته الآنية القابلة للإستبدال لاحقاً. ولاحدهما، الشرق الأوسط ، دلالات ملتبسة ومعنى جغرافياً لابد له من التغيير في المستقبل القريب. كما يتمتع هذا المصطلح بتاريخ طويل من الفوضى الدلالية التي طرحت العديد من الردائف والمسميات البديلة. فهو حيناً "الشرق الأدنى" وأحياناً "المشرق العربي" وتجاوزاً "الضفة الشرقية – المتوسطية" وغالباً "الشرق الأوسط" منذ ثبوت التفوق الأميركي خلال العقدين الأخريين للحرب الباردة.

"النظام العالمي الجديد" مصطلح أطلقه الرئيس بوش 1991 للتدليل على تفرد الولايات المتحدة في حكم العالم و مسؤوليتها عن إعادة تنظيمية وفق المبادئ الديمقراطية – الليبرالية. لكن الرئيس كلينتون أدرك ضخامة هذه المسؤولية فشارك فيها دول حلف الناتو. حيث استراتيجية الحلف الجديدة تعترف بالشراكة الأوروبية (على حساب الإتحاد الأوروبي) وتتنازل عن التفرد الأميركي بالإلتزام بهذا الحلف. كما تعترف هذه الإستراتيجية بوجود منطقة محظرة عليها هي منطقة الشرق الأقصى لتتخطى في المقابل جغرافية الحلف فتدخل في إطار مصالحه كلاً من الدول الأوروبية غير الأعضاء في الحلف ومنطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط وآسية الوسطى . مع السعي لتوسيع الحلف كي يضم أوستراليا مثلاً. وهذه التغيرات تبين فقدان المصطلحات لمعانيها لدرجة تقتضي تغييرها. وعليه فإن النظام العالمي الجديد يتحول إلى الحلف العالمي الجديد والإتحاد الأوروبي يتحول إلى أوربا الأطلسية وقس عليه.

ومصطلح الشرق الأوسط سيحتاج بدوره ، قريباً إلى تسمية أخرى بعد التغييرات المتوقعة فيه. حيث يتوقع تكريس عضوية أعضائه الجغرافيين (إيران وأفغانستان وباكستان وإسرائيل) وهو تكريس يحتاج إلى مخاض سياسي عسير (إعادة ترتيب المنطقة على النمط الأميركي) دون أن ننسى عقبات مشاركة العراق في هذه العضوية. وبعد هذا وذاك فإن دول آسية الوسطى – بحر قزوين تعتبَر إمتدادات استراتيجية لتركيا وإيران بما يجعل ضمها إلى المنطقة ضرورياً. خصوصاً بوجود مصالح استراتيجية أميركية من الدرجة الأولى في تلك الدول وموقعها في الحزام الأوراسي المحيط بالصين.

وهكذا يبدو حديثنا عن موقع الشرق الأوسط في النظام العالمي الجديد وكأنه يتناول مستقبل أراضي الإمبراطورية الفارسية (جغرافيا) في ظل تقاسم نفوذ أميركي – أوروبي. وفي هذا منتهى التبسيط. لكنه سؤال يحتاج إلى أجوبة نُحاول إيرادها في هذه الدراسة.



مـدخـل :

في ما يلي لن نركز على مراحل ولادة مصطلح "الشرق الأوسط" واشتقاقه من الشرق الأدنى واختلاف الرقعة الجغرافية وحدودها المتفاوتة من آن لآخر . ذلك لاعتقادنا بأن نهاية الحرب الباردة استتبعت وسوف تستتبع تغييرات جذرية في الأطلس الجغرافي للعالم وفي قاموس مفاهيمه السياسية بحيث يستحيل علينا قراءة مستقبل منطقة ما بدون أن نأخذ في اعتبارنا هذه المتغيرات. ولعل الخطوة الأولى على هذا الطريق تكمن في مناقشة الفوضى الإستراتيجية الأميركية من خلال متابعة تجلياتها وصولاً إلى تبين مستقبل مصطلح النظام العالمي الجديد تليها مناقشة الأبعاد الإستراتجية للتحالفات الشرق أوسطية القائمة والمحتملة والتي تدفعنا للنظر إلى الشرق الأوسط على أنه منطقة مصالح وليس مجرد منطقة جغرافية. على أن لا يصرفنا ذلك عن مناقشة عوامل التوازن الإستراتيجي داخل الشرق الأوسط الجغرافي وامتداداته الاقتصادية والإستراتيجية.

الفوضى الإستراتيجية الأميركية :

همس مستشار غورباتشوف المدعو جورجي آباتوف في أذن أحد المسؤولين الأميركيين بالعبارة التالية :"… إننا نصيبكم بخطب جلَلٍ فنحن نجردكم من العدو.." وفي نشوة النصر فإن مثل هذه العبارة لا تترك أي صدى سوى الظن بأنها محاولة تعويضية للموقف السوفياتي الضعيف. ثم انتهت الحرب الباردة وانـهار جدار برلين ليخلّف وراءه عالماً شديد الإختلاف إلى حدٍّ يصعب استيعابه فقد تحولت دول الكتلة الشرقية إلى دول وطنية وتفكك الإتحاد السوفياتي إلى جمهوريات نفضت عنها ثوب الشيوعية لترتدي الأثواب الوطنية التي كانت ترتديها قبل ثورة أكتوبر 1917. وهكذا بدأت النهاية بفوضى جغرافية لا مثيل لَها في تاريخ البشرية وكان من الطبيعي أن تَمتدّ أصداء هذه الفوضى إلى دول العالم التي كانت موزعة بين الجبارين. وبِمعنى آخر فإن الفوضى تحولت إلى عالمية. مِمّا أغرى الدول القومية في كل منطقة للتحرك لِملء الفراغ الذي خلّفته الشيوعية.

وهذا التحرك لم يكن على صعيد التسلح والأعمال العسكرية فقط بل تعداه إلى صعيد التحرك للسيطرة الاقتصادية. وأخطر من هذين التحركينِ ذلك التحرك الساعي لتكوين تجمعات عرقية. وهذه التحركات تفجّر بعضها بشكل مباشرٍ في حين يَعِدُ بعضها بالتفجر لاحقاً. مِمَا يجعل العالم في حالة الفوضى الاقتصادية والعسكرية والجغرافية.

أمام هذه الفوضى المتعددة الصعد كان لا بد للولايات المتحدة من إيجاد صيغ تكتيكية للتعامل مع الواقع الجديد. وهي قد أجادت في وضع هذه الصيغ لكنها افتقدت فجأة للرؤية الاستراتيجية الطويلة الأمد لمصالحها ولدورها في العالم. وفقدان هذه الرؤية يجعل من مصطلح "النظام العالمي الجديد" عبارة بدون مضمون. بل أنّ هذا المصطلح يكاد يتطابق مع مصطلح سابق له تاريخياً وهو مصطلح الإمبراطورية الرومانية المقدسة التي لم تكن لا إمبراطورية ولا رومانية ولا مقدسة !. فهل تصح مثل هذه المقارنة ؟

لنأخذ أولاً كلمة "نظام" حيث نجد عالَمَ ما بعد الحرب الباردة مزروعاً بالنِّزاعات فنعدد :

1- أزمة ناغورني-كاراباخ – (أذربيجان – أرمينيا) 2- حرب عاصفة الصحراء
3- حرب البوسنة - الهرتزك 4-حرب كوسوفو 5- صراع القبائل الأفريقية و6- العنف الجزائري و7- أزمة كشمير 8- أزمة تايوان … الخ.

والولايات المتحدة لم تكن مجرد متفرج في هذه النّزاعات أو مجرد متدخلٍ (أو حتى طرف) لِحلّها. بل هي عانت من أنعكاساتِها داخل الولايات المتحدة نفسها ولعل انفجار أوكلاهوما أحد أخطر الأمثلة حيث يتساءل هنتنغتون في مقالته "تآكل المصالح الأميركية" عن إمكانية حدوث مثل هذا الإنفجار لو كان للولايات عدواً ما ؟! حيث يخلص هنتنغتون لمعادلة قوامها : استحالة توجيه المصالح الأميركية (وضع استراتيجية متماسكة) في غياب العدو. مِمّا يعني ضمناً اعتراف هنتغتون بغياب مثل هذه الإستراتيجية.

وتردّدت تُهمة الغياب هذه على لسان المستقبلي الفرنسي جاك آتالي إذ يقول : "إن إدارة كلينتون تريد أن تفرض حلولاً مؤقتة ومتخيلة لا ترتكز إلى رؤية استراتيجية متماسكة" وفي الإتجاه عينه يقول غور فيدال بأن إدارة كلينتون تتجنب إتخاذ خيارات واضحة أو تقديم رؤية كلية متماسكة. وحول هذا الإطار تتوالى الإنتقادات للسياسة الأميركية من داخل الولايات المتحدة وخارجها. ولكن دون أن يعني ذلك إهمال النّجاحات الاقتصادية التي حققتها إدارة كلينتون وهي نجاحات أكيدة وملموسة وأن كانت تستند إلى صيغ تكتيكية غير قابلة للإعتماد كاستراتيجية. وبعضهم يعتبر أن فقدان الإستراتيجية يدفع بالإدارة الأميركية للتعامل مع الأزمات من مبدأ : علاج كل حالة بحالتها (Case by Case). وفي ذلك ثغرة خطيرة لأن الكلّ يختلف عن مجموعة الأجزاء. فإذا ما عدنا للأخطار الأميركية الداخلية، التي أشار إليها هنتنغتون، أمكننا القول بأن الصيغة التكتيكية التي يعتمدها كلينتون هي تصدير الفوضى إلى العالم حتى لا تتفجر داخل بلاده. وهذا يفسر العديد من المواقف الأميركية في قيادة المفاوضات وإيصالها للطرق المسدودة التي يعقبها الطوفان. ومن الخطأ تجاهل الخوف الأميركي من الفوضى الداخلية خصوصاً بعد أن نعرف بأن الحكومة الفيدرالية تنفق ستة مليارات دولار سنوياً لمكافحة الإرهاب الداخلي. وهو ضعف المبلغ الذي وفرته من خفضها للمعونات الخارجية بعد انتهاء الحرب الباردة. إذ تدنت هذه المعونات من اثنَي عشر مليار دولار إلى تسعة مليارات دولار سنوياً(1).

ولنأخذ كلمة "عالَمي" فنجد أن تناقضات الداخل الأميركي تتحدى هذا التعبير فالميليشيات الأميركية البيضاء (المسؤولة عن انفجار أوكلاهوما) تطالب بسيادة الجنس الآري (الأبيض) وطرد الساميين والملونين(2). وهو طرح تؤدي تداعياته إلى تَهديد النسيج الأميركي التعددي. وإلى عودة كل جماعة إتنية إلى قيمها الخاصة المتعارضة مع القيم الأميركية. ومن هنا الاستنتاج بأن تناقص القدرة الأميركية على استيعاب التعدّدية في داخلها يوازي استحالة تحويل قيمها إلى عالمية. وبالتالي فإن مقطع "العالَمي" يصبح بدوره كلمة من غير مضمون ونأتي إلى كلمة "الجديد" حيث العجز الأميركي عن إنتاج استراتيجية جديدة ملائمة للواقع العالَمي الراهن، يعني أن الجديد لم يحن أوانه بعد؟ والفوضى قديمة قدم التاريخ نفسه وبناء عليه فإن "النظام العالَمي الجديد" ليس بالنظام ولا بالعالَمي ولا هو بالجديد.


ملاحظه : هذا جزء بسيط من البحث







التوقيع :
لو انطبقت السماء على الارض لن انساك يابوشوق
عسى الله يغفر لك ويرحمك

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)
   


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:29 PM.




 


    مجمموعة ترايدنت العربية