وَوَقـَفـْتَ كالجَـبَـل ِالأشـَـــمِّ مُعَانِـدَا= قـدْ كـنـتَ صقـراً والقضاة ُطرائـِدَا
قدْ كنتَ حَـشْــدَاً رغـمَ أنـَّـكَ واحــدٌ= وهُمُ الحُشودُ ، غدوا أمامَكَ واحِدَا
كـنـتَ العـراقَ مُـضـمَّـخـاً بدمـــائِهِ= ومُـكـــابـراً أوجـــاعَــهُ ومُـكـــابدَا
إنـِّي رأيـتـُكَ إذ رأيــتُ مُـطــاعِــناً= مُـتـحـدِّيـاً مُـسـتـبـسِـلاً ومُـجـالـِـدَا
إنَّ الأسـودَ ، طـلـيـقــة ًوحـبـيـسة ً= لهــا هـيـبـة ٌتـَدَعُ القلوب جَوامـِدَا
لمْ تُـنـْقـِص ِالأسَـدَ القيودُ ، ولمْ تُزدْ= حُــرِّيـِّـة ٌ، فــأراً ذليـلاً شـَـــــاردَا
وَوَقـفـتَ كالجبل ِالأشمِّ وليسَ من= طبع ِالجـبـال ِبـأنْ تكـونَ خوامِـدَا
قفصُ الحديدِ وأنتَ في قـُضْـبَانِـهِ= مُـتـأمِّـلٌ ، لـَعَـنَ الزمَـانَ الجَـاحِـدَا
قدْ كانَ جُرحُكَ في ظهور الواقفيـ= نَ ، النـَّاظـرينَ إليـكَ سَوْطاً جَالـِدَا
هُمْ يَحْسِدُونكَ كيفَ مثلُكَ صامِدٌ!!= وَمَتى أبـَا الشـُهداءِ لمْ تَكُ صَامِدَا
مِن بَعْدِ كَفـِّيـكَ السُـيـوفُ ذليــلة ٌ= ليـسَـتْ تُـطـَاوعُ سَاحِـبـَاً أو غامِدَا
والخيلُ تبكي فارسا ًما صادفـتْ= كـمـثـيـلـهِ مُـتـَجـحِّـفـِلاً ومُجاهـِـدَا
يَطأ ُالمصاعِبَ فهي غـُبْرة ُنعلهِ= ويـَعَـافـهُـنَ على التُـرَابِ رَوَاكــِدَا
إنَّ السَّـلاسِـلَ إنْ رَآهـَا خـَانـِــعٌ= قـَيـْدَا ً، رَآهَـا الثائـــــرُونَ قـَلائِـدَا
وَوَقـفـتَ كالجَبَل ِالأشَمِّ ويَا لهَــا= مِن وَقـفـةٍ تـَرَكَـتْ عِدَاكَ حَوَاسِدَا
لسْـنـَا نـُفـَاجَـأ ُمن دَويـِّـكَ مَاردِاً= فـلـقـدْ عَـهـِدْنـَاكَ الدَويَّ المـَــاردَا
كانَ القضاة ُبهَا الفريسة َأثخنِتْ= فزَعَاً ، وكنتَ بها المُغيرَ الصَّائِدَا
هُمْ دَاخِلَ الأقفاص ِتلكَ وإنْ يَكُو= نوا الخارجينَ الأبعـديـنَ رَوَاصِدَا
قدْ كانَ واحِـدُهُـمْ يَـلوذ ُبنفســهِ= أنــَّى التـفـتَّ إليـهِ صَـقـرَاً حَــاردَا
فمِنَ البطولةِ أنْ تكونَ مُــقـيَّـدَاً= قـيــدٌ كـهـذا القـيــدِ يـَبْـقى خـَالـِـدَا
وَوَقفتَ كالجَبل ِالأشمِّ فمَا رَآى= الرَّائـي حَـبـيـسَـاً مُـسْـتَـفـَزّاً وَاقِـدَا
فإذا جلسـتَ جلست أفقـَاً بارقاً= وإذا وقـفتَ وقـفتَ عَصْــفاً رَاعِـدَا
ما ضِـقتَ بالأحْمَال ِوهي ثقيلة ٌ= قـدْ كـنـتَ بالجَـسَـدِ المُـكـَابر ِزاهِدَا
كانتْ عَوادي الدَّهر حولكَ حُشَّداً = قـارَعْـتـَهُـنَ نـَوازلا ًوصَـوَاعِـــــدَا
كـنـتَ الصَّـبورَ المُستجيرَ بربِّهِ= والمُـسـتـعـيـنَ بـهِ حَسيـراً سَاهِـدَا
أيـقـنـتَ أنَّ الدَّربَ وهيَ طويلة ٌ = زَرَعَـتْ ثـَرَاهَا المُـسْـتـَفـزَّ مَكَائِدَا
إنَّ الشَّـدائِـدَ إنْ سَهـلنَ فسمِّها = مَـا شِـئـتَ إلاَّ أنْ يـَكُـنَ شـَدَائـِـدَا
بكتِ القيودُ على يَديكَ خَجُولة ً= إذ كـيفَ قـيَّدتِ الشُجَاعَ المَاجدَا
وَيَدُ الجَبَان طليقة ٌويحَ الرَّذائل= كيفَ صِرنَ على الزمَان مَحَامِدَا
ألجُرحُ سَيفاً صَارَ فيكَ ومُرتقىً= والغيظ ُكـفـَّاً صـَارَ فيكَ وسَاعِـدَا
حـَاكَـمْـتـَهُمْ أنـْتَ الذي بـدويــِّـهِ= أتعبـتَ مَنْ يـرجو لحَاقـَكَ جَاهِـدَا
كـنـتَ العـراقَ بطولة ًلا تنحـني= أبـداً وإنْ كـنـتَ الجَريـحَ الفاقـِدَا
يا مَنْ فقدتَ بَنيكَ لسْتَ بآسـِفٍ= فالأرضُ أغلى من بنيكَ مَقاصِدَا
مهمَا تـكُـنْ جَـلِـدَاً فـأنـَّكَ وَالـِـدٌ= والدمعُ يَعْرفُ كيفَ يُغري الوَالِدَا
إنِّي لأعْجَبُ مـن ربـَاطـةِ فاقِــدٍ= أكـتـافــُهُ هـذي وتـِلـكَ تَـسَـانـَــدَا
لـَجـَمَ الدمـوعَ بـعـيـِّنـهِ لـكـنـَّـهُ= أبْقى على دَمْـع ِالأضـَالع ِعَـامِـدَا
للهِ دَرُّكَ مـن أبٍ مُـتَـصـَــــــــبِّرٍ = أبـكـتْ أبُـوَّتـُـهُ الحَـديـدَ الجـَـــامِدَا
ولِـمَ التَـعَـجّـبُ مـَـا لديكَ أعِزَّة ٌ= بـَعـدَ العــراق أقـــَاربـَـاً وأبـَـاعِـدَا
ووقـَفـتَ كالجَبَـل ِالأشمِّ مُكَابرَاً= كـنـتَ الفـراتَ جَـدَاولاً وَرَوافـِــدَا
كُـنـْتَ العِرَاقَ المُسْتَـفزَّ بمَا لهُ= مِن غيظِ جُــرْح ٍلا يـَطيقُ كَـمَائِدَا
هـَـا أنـتَ مُتـَّهَـمٌ لأنـَّـكَ لمْ تكنْ= يـَوْمَـا ًمِنَ الأيــَّـام ِرَقـْـمـَا ًزائـِــدَا
هـَـا أنـتَ مُتـَّهَـمٌ لأنـَّـكَ وَاثـِـبٌ= سَتـُخيفُ سَطوتُهُ الزمَانَ الفاسِدَا
قدْ حَاكَمُوكَ وَهُمْ عُرَاة ٌفاخْلعَنْ= دمَـكَ اللّـَظى ثوبا ًعليهمْ شاهِـدَا
وَاحـْمـِلْ فـوانيسَ البطولةِ إنَّهُ= زمَنٌ بُطونُ دُجَاهُ صِرنَ ولائِدَا
أأسِفتَ (وَالشَّعْبُ العَظيمُ) مُهَادِنٌ= والشَّـوكُ أدْمَى فيهِ جَفـْنا ًرَاقِدَا
القــَادِمُونَ لـهُ سَيَحْمَدُ حُكْمَهُمْ= فيْ كـُلِّ حَال ٍسَوفَ يبقى حَامِـدَا
صـَبْرَا ًعـَليهِ ولا تُعَجِّلْ خطوَهُ= فالدَّرْبُ مَا زالتْ تـَجُـودُ مَكَـائِدَا
أليـَوْمَ قـدْ سـَـمَّى نِظامَكَ بَائِدَاً = وغـَـدَا ًيُـسَـمِّيهمْ نِـظـَـامَـا ًبَائـِـدَا
صَدَّامُ تدري بيْ وَتَـعْـلمُ أنني = للعَهْـدِ مَا كُنتُ الخَؤونَ الجَاحِدَا
مَرَّتْ ثلاثٌ دَاجياتٌ والفـتــى= مَا زالَ في مِحْرَابِ حُبِّكَ سَاجدَا
مُرٌ صُرَاخ ُدَمِي وَمُرٌ صَمْتـُهُ= مُسْتـَنـْفرَا ًأِردُ الدِّمـَا حواشــــدا
خَجِلا ًوطبْعي أنْ ترانيَ رَاكِضاً= مَا كانَ من طبعي ترَانيَ قاعِـدَا
فكَفى بحَرْفِي عتمة ًسُحْقا ًلهُ= إنْ لمْ يكنْ من ليل ِقبْريَ نافِـدَا
إذ كيفَ يُلهيني الظما وأنا ابنُهُ = مذ ْكُنتُ من بئر ِالمَنـَايـا وَاردَا
حَاشَا لمثلي أنْ يُطيلَ وقوفه= في غيـر مَوضعِهِ مُكبِّاً رَاكِــدَا
إنْ كانَ لي مَجْدٌ فصوتي والصَّدى= يُدمي هبوبُهُما الذليلَ الحَاسِدَا