المزاح وآثاره
--------------------------------------------------------------------------------
المزاح خـُـلُـقٌ إنسانيٌ راق ٍيرسم واقعاً إيجابيا يستهدف تعزيز العلاقات الاجتماعية، ويروّج لقيم المجتمع المتسامح؛ لما يعكسه من أحاسيس إنسانية متبادلة بين الأفراد، ولكن يمكن أن يتحوّل إلى ممارسة اجتماعية سلبية تتسبب في جرائم جنائية أو خلافات شخصية أو مشاكل عائلية. فكثير ما خسر أصدقاء بعضهم بسبب المزاح، وربما تسبب المزح الثقيل الضار حدوث نتائج وخيمة لا تحمد عقباها. الأمر الذي يجعلنا نستحضر الأسس الثابتة في قيمنا حول هذه القيمة الإنسانية ونحاول تعزيزها، والترويج لها.
ويعد المزاح تنفيسا انفعاليا عن ضغوط الحياة المختلفة بوصفه علاج نفسي ومقوي للروابط الاجتماعية، وتعزيز جوانب الأخوة والمحبة والألفة بين الأشخاص، ويساهم بقوة في كسر حواجز التعامل بين الأفراد، ومن الممكن أن يؤدي بصورة غير مباشرة إلى تنمية التفكير الإيجابي عندما يثير ويعزز جوانب إيجابية معينة
يجب علينا جميعا انتقاء الأنماط الشخصية المستهدفة بالمزاح، فالحالة النفسية للمتلقي تخضع للعديد من المؤثرات التي تنعكس آثارها عليه، لذا يجب مراعاة هذا الجانب أثناء المزاح. فالانفعالات تؤثر على التغيرات النفسية إضافة إلى ضرورة اختيار الوقت والمكان المناسبين، فالمزاح يمكن أن يتحول من تنفيس انفعالي إيجابي إلى صدمة نفسية وردة فعل سلبية يمكن أن تتطور إلى أسلوب حاد وربما حاد جدا في ردة الفعل تجاه المازح. لذا يجب فهم الحالة المزاجية والنفسية للمتلقي قبل المزاح معه. ففي المزاح أنس للمصاحبين وطرد للوحشة وتأليف للقلوب ومظهر من مظاهر الأخوة والوفاء كما أنه من أسباب التخلص من الخوف والغضب والقلق؛ فإن الإنسان إذا مزح أدخل على نفسه شيئاً من السرور والتسلية ، وأزال ما يخاف منه أو خفف من ذلك . كما أنه يساعد على التخلص من السأم والملل. ولكن يجب ألا يتجاوز الحدود المسموح بها شرعا.
كما أن الإسلام يحرّم المزاح إذا أدى إلى كذب أو ترويع أو استهزاء أو ضرر بالآخرين أو غفلة عن الله وذكره. فالإفراط في المزاح يؤدي إلى كثرة الضحك الذي يميت القلب وإلى الغفلة، والمسلم يحتاج إلى قلب حي لا تتسرب الغفلة إليه، كما يؤدي في حال كثرته إلى قلة الهيبة أو اجتراء السفهاء على المازح، وقد يتسبب في قطيعة بين الأصدقاء. فيكون مذموماً، وري في الأثر "لكل شيء بذر، وبذر العداوة المزاح" كما يـحـرُم المزاح الذي تنتهك فيه حدود الله.
وقد ذكرت كثير من المصادر الأمنية أنه تم التعامل مع قضايا جنائية كان سببها الرئيس هو المزاح، ومن أخطرها المزح بالسلاح سواء بالذخيرة الحية أو السلاح الأبيض والذي قد يؤدي إلى إصابة المتضرر أو وفاته، وهنا تكون الكارثة. وعلى الرغم من قلة مثل تلك الحوادث إلا أنها تعد أمرا مزعجا ويورث الحسرة والندامة لدى كل من يتعامل مع هذه الحوادث سواء أطراف القضية أو حتى مسؤولي التحقيق الذي تؤلمهم نتائج المزح، فالروح ليست ملكا للإنسان لذا يجب أن يتعامل معها في ضوء تعاليم الدين الحنيف، الذي ينهى حتى عن الإشارة بالحديدة في وجه المسلم ناهيك عن المزح بها معه.
--------------------------------------------------------------------------------