كوابيس، أحلام مزعجة، قيء شديد، إضراب عن الكلام، تلك بعض الأعراض التي تنتاب الطفلة (س) مع أنها لم تتعد السابعة من عمرها بعد، عندما جاءت بها أسرتها إلى عيادة العلاج السلوكي النفسي التي أتولى الأشراف عليها.
قصة الطفلة (س) تتلخص في أن أباها قد أعتاد التفنن في ضربها بوساطة أداة خصصها لذلك، أما السبب في دأبه على ضرب طفلته المسكينة بهذا الشكل فهو -وللعجب- اعتقاده أن ذلك من شأنه أن يجعله مهاباً بين أبنائه!
في مقابل ذلك تقف الأم محاولة الذود عن أبنائها وحمايتهم من شراسة أبيهم وإحاطتهم بالحب والحنان، إلا أن ذلك لم يمنع الطفلة (س) من الإصابة بالاضطرابات النفسية المتعاقبة الناجمة عن شعورها المستمر بالخوف من التعرض لضربات الأب الموجعة.
هذه باختصار، مجرد حالة من بين عشرات الحالات المزمنة لأطفال يترددون باستمرار على عيادات العلاج النفسي والسلوكي، أما الشيء الذي قد لا يعيه الأبوان أو أحدهما جيداً فهو أن مشكلات الأبناء النفسية غالباً ما يكون سببها عدم وجود البيئة الأسرية الصحية التي تساعد في نشوء الأبناء على النحو السليم.
وبالرغم من أن العلاج النفسي والسلوكي يمكن أن يلعب دوراً أساسياً في علاج الاضطرابات النفسية والسلوكية عند الأطفال والكبار أيضاً، إلا أنه من الثابت أن الأسرة يقع عليها العبء الأكبر في علاج مثل هذه الحالات، وقبل ذلك وبعده، فإن الجو الأسري الصحي يحول دون تعرض الأطفال للإصابة بأي من الأمراض النفسية التي انتشرت بين أطفال هذا العصر.