والتزموا بها فأصبحت حياتهم مملة كئيبة توحي بالتعاسة ..
والتشاؤم؟!
ويا لهذه الحياة كم هي رحبة فسيحة شاسعة رغم محاولاتنا ..
في أن نحصر أنفسنا في زوايا ضيقة منها .. وننظر للحياة ..
على أنها شيء واحد فقط .. بينما هي أشياء كثيرة وكثيرة جداً ..
من واجبنا أن نوسِّع من آفاق نظرتنا لها .. لننعم بهذه الأجواء
الرائعة التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها علينا ..
ونعيش كبقية البشر في سعادة بعيداً من الهموم والمضايقات ..
التي لا تنتهِ؟!
ويا لهذه الحياة كم هي ظاهرة بريئة رغم من يحاول تدنيسها ..
وتشويهها بأفعالهم الشاذة المريضة غير المقبولة ..
فيجعلون منها مكاناً للشر والظلم والحقد والضَّغائن بينما لم تكن
هذه الحياة يوماً سوى للخير والعدل والتسامح والمحبة والطيبة؟!
ويا لهذه الحياة كم هي رائعة بوجود من نحب من حولنا ..
نأنس بهم ونشاركهم أفراحنا وأتراحنا ونجدهم متى احتجنا لهم ..
لولا من يجادل أن يحول بيننا وبينهم .. ويضع الحواجز والعراقيل
لمنعنا منهم ولتشويه صورتهم لدينا وتقليل أهميتهم بالنسبة لنا؟!
وما دروا أن الحب الصادق لا تنفع معه هذه الأساليب الدنيئة؟!
تـُرى كم من الوقت نحتاج ..
لكي ندرك أنه مهما كانت خلافاتنا مع بعضها فهذا لا يعني أن شيئاً
من حبنا تجاه بعضنا قد خـَبَا أو ان احترامنا لبعضنا قد قلَّ؟!
تـُرى كم من الوقت نحتاج لكي ندرك ان دموعنا غالية وغالية جداً
ولا ينبغي أن نذرفها لأي إنسان مهما كان ..
لا ينبغي أن نسكبها لمن لا يستحق حبنا واحترامنا ..
لا ينبغي ان نظهرها لمن لا يهمه أمرها ولا يعنيه شأنها ..
بل حتى بكاؤنا لا ينبغي أن نسمعه لمن لا يستحقنا بل ان كان ..
ولابد ..
فلكي نرتاح قليلاً مما نحن فيه ..
ونريح بعض الهم الجاثم على قلبنا؟!
أليس جميلاً ان تكون مشغولاً بعمل ما ..
فإذا بصوت جميل يأتيك من بعيد يُسمعك نفسه ..
فقط كي يطمئن عليك ويسأل عنك ويُشعرك أنك لست أنت فقط
من تسأل عنه ويهمك أمره .. بل هو الآخر يهمه أمرك ..
ولا يقل شأناً عنك؟!
أليس جميلاً ان تكون في قلوب محبيك يذكرونك بالخير ..
ويتذكرون مواقفك الحلوة الإنسانية معهم .. ويتشوقون للقائك ..
والحديث معك ..
لا لشيء سوى لأنهم وجدوا فيك أنفسهم وشعروا معك بالراحة
التي لم يجدوها مع غيرك حتى مع أقرب الناس لهم ..
وممن هم محسوبون عليهم؟!
فهل من الصَّعب ان نكون أناساً من هذا النوع القادرين على كسب
محبة الناس؟!
إننا حينما نتقوقع على أنفسنا فلن نرى من الحياة سوى الأشياء
البسيطة أو السيئة أو التشاؤمية .. وهذا في حد ذاته يزيد من كأبتنا
ويحد من طموحنا .. ويجعلنا غير قادرين على التفاعل مع متطلبات
الحياة وإيقاعها المتسارع؟!
ولكنك حينما تتأمل هذه الحياة تأمل العاشق .. فإنك سوف ترى فيها
أشياء لا تتوقعها ولم تكن تراها من قبل؟!
سوف ترى للمياه الجارية معاني ضمنية .. سوف تشعر لأوراق ..
الشجر معاني أخرى لا تقل جمالاً .. هذا فقط من مجرد النظر إليها
فما بالك حينما تتحسس بأناملك الرقيقة تلك الأوراق الخضراء الندية
وهي تنمو رويداً رويداً؟!
ما بالك حينما تقترب منها أكثر ..
لاشك انك سوف تشعر بمشاعر مختلفة .. مشاعر تحاكيك ..
تعطيك إحساساً آخر بالأخرين؟!
إن لدى كل منا مهما كانت درجة ثقافته أو عمره أو جنسه ..
لديه جمال داخلي .. ولكنه لا يستطيع أن يستخدمه كما يحب ..
أو ان يعبِّر عنه كما ينبغي أو انه لا يراه أصلا وان رآه فلا يرى منه
سوى الجانب الضيق والضيق جداً ..
وما نحتاجه فعلا أن يكون لدينا تناغم مع الوجود من حولنا..
فالوجود كما يعبر عنه أحد المهتمين بالجمال كله يتراقص ..
ويشدو بموسيقى الحياة؟!
انظر إن شئت إلى الأمواج في هديرها؟!
أنظر إن ةشئت إلى العصافير في زقزقتها؟!
أنظر إن شئت إلى الإنسان في ضحكه وبكائه ..
في فرحه وألمه في كل شيء؟!
سوف تجد موسيقى حركية صامتة ودقيقة .. شأنها في ذلك ..
شأن جميع أنحاء الوجود التي يبتدي فيها نظام معين ..
يمكن وصفه بالإنسجام أو الإتـِّسَاق أو كما يحلو للبعض أن يسميه
بالموسيقى الصامتة؟!
إذاً ماذا ينقصنا يا تـُرى؟!
إنني لا أريد أن أدخل في قضايا متعمقة عن الجمال ..
والتذوق الجمالي؟!
فهذا موضوع عملي تعودنا إن ندرب عليه من هو بحاجة لتذوق الجمال
ومعايشته؟!
ولكن إلى متى نسمح بالمعوقات الحضارية وزحمة الحياة ..
والمسؤوليات الوظيفية .. وسيطرة العقل النقدي .. وتدخل الآخرين
في أمورنا الشخصية؟!
إلى متى نسمح لمثل تلك الأمور من أن تحول بيننا وبين معايشة
التذوق الجمالي في جميع مناحي الحياة بكل صورها وأشكالها؟!