بدأ أزجي الشكر لمجلتي فواصل ..هذه المجلة الرائعة التي استطاعت أن تخفف من أحزاني وتحرك في دواخلي ملكة الكتابة، وتثير كوامنها... فحين طلب مني الأخوة في فواصل الكتابة في هذه الزاوية تملكتني الرهبة وانتابني شعور بالخوف ... لا لشئ بل لأنني سأكتب عن قيثارة الشرق طلال مداح....
تلك القامة التي لايضاهيها شئ ..فأنا لست من يكتب عنه !! ثم ماذا أكتب وصوت الأرض في هذا الثرى المبتل ؟! .. ماذا أقول وهذا الإنسان الذي عاشت همومنا بدواخله وعبثت أحزاننا بقلبه فمات وهو يركض نحونا ؟! ما الذي سيخطه قلمي وقد مات طلال وهو يتسلق القمر .. مات وهو يلهث نحو النهاية ،بصوته المبتل بأهازيج البداية ؟! ماذا أقول وماذا أكتب ؟!
بعد صراع مرير مع نفسي المثقلة بالأحزان أمسكت بقلمي وعانقته .. فوجدته يسكب حزنا لوفاة الفنان طلال مداح ..طلال الذي نعده أبانا وقدوتنا الفنية ... الذي أعطى للفن دون منّ أو إنتظار مقابل، ووهبه كل عمره ..فطلال ..صوت الأرض ... صوت الحزن .. ذاك الصوت الذي نهل الكل وارتوى من معينه نشأنا جميعا على حبه ،وترعرعنا على عشق فنه ، وبدأنا نخطو في درب الفن متكئين على يديه ..ذاك الصوت كم تمنيت أن التقيه . فقد أحببته وعشقته من بلاحدود لما لمست فيه من طيبة ، وأصالة معدن، وشهامة، وإنسانية لوزرعت على العالمين لفاضت !!
حين جلست إليه أول في أول لقاء جمعني به أغرقني بكرمه ، واحتضنني بدفء مشاعره ورحابة صدره ، وخصني بأجمل العبارات ، ومدحني بأحلى الكلمات ، فانتشيت فرحاً بكرمه ودفئه وحسن ضيافته ، ومازاد من فرحى هو تهنئته لي بالنجاح ... فقد كدت أطير من فرحاً ولِمَ لا
فقد جاءت الإشادة من قيثارة الفن ، ذاك الرائع الذي كنت أحلم دوماً بلقائه!! في ذاك القاء الذي جمعني بقيثارة الفن تحدثنا طويلاً عن الفن وهمومه ، وكان لايبخل علي بإسداء النصح ، وكنت أحفظ كل كلمة تخرج منه عن ظهر قلب لتكون معيني مستقبلاً...
في خاتمة ذاك اللقاء اتفقنا أن نتوج لقاءنا بلقاءات تعاون ونتاصح أخرى........ عير أننا لم نفلح ، فلقد شغلتنا هموم الدنيا ، وكبلتنا مجاراة إيقاع الحياة الصاخب وحالت دون أن نعقد لقاء تعاون ، ولكن أفلحنا في عقد لقاءات حب بيننا.
وحين صادف أسمي ضمن أسماء الفنانيين المشاركين في فعاليات الجنادرية ، لم تسعني الفرحة، لاسيما وأنني سأقف بجوار عمالقة الفن ، أمثال طلال مداح ، ومخمد عبده ، وبقية العقد الفريد من قامتنا الفنية، ومازاد من مساحة الفرح في نفسي أني سألتقي طلال وحمد عبده ، هذين الصوتيين اللذين أحببتهما كثيراًوعشقتهما عشقي للفن، وحفظت لهما ودا أعجز عن وصفه .. وحين انتقلنا إلى القاهرة <لتركيب >
الأصوات كانت لنا لقاءات مع القيثاارة، وكان حديثه حديث الأب الحنون الساعي لمصلحة أبنائه ، والحريص على مستقبلهم ، وقد كان يمنحننا الدفء وحثنا على تقديم الأجمل ، لأنه وكعادته يحب النجاح للكل ، ويود رؤية ابتسامة النجاح على محيا الجميع ،
وحين كنا نهم باستقلال الوسيلة التي أقلتنا إلى الحفل ، كان يسألني ويطمئن على أخباري الفنية وحثني على بذل المزيد لارتياد الصفوف الأمامية ، فقد كان طلال رحمه الله ، مليئا بالحب...... مشبعا بالمشاعر الصادقة التي كان يعطرنا بها، ويتحلى بأبوة حانية كان يرعانا بها،
وكنا تلتف حوله كلما احتجنا له فيمنحنا ما نطلبه ، فطلال مهما قلنا عنه ، ومهما كتبنا عن فنه وإنسانيته فلن نوفيه حقه، لأنه قامة لن نجد لها مثيل ،