فاتن فتاة في الخامسة والعشرين من عمرها كانت من أحب الصديقات إلى قلبي ويشهد الله على ذلك . كانت حسنة الخلق طلقة المحيا ، جميلة الوجه بريئة الملامح جمعت من الأخلاق والجمال ما جعلها أروع فتاة عرفتها.
كانت صديقة لي منذ نعومة أظفاري تعيش عيشة السعداء في حضن والدها العطوف وأمها الحانية. وفجاءة تغيرت حياة فاتن وهي في سن الخامسة عشر من العمر . لقد أصيب والدها بسرطان الحنجرة ذلك الخبيث الذي أقعده عن العمل لمدة أربع سنوات ،ثم فاضت الروح إلى خالقها. كنت ألمح الحزن في قسمات وجهها بعد وفاة أبيها الحاني. خاصة بعد زواج أمها برجل هو من أبشع الرجال خُلقا، كانت فاتن تعاني من قسوته وجوره وظلمه دوما. حتى جاء الأمل الذي انتظرته منذ زمن، انتظرت فاتن وصول ذلك المحب العاشق الذي سيخلصها من حياة البؤس التي عانتها عله يعوضها عن حنان الأب الذي فقدته.و ها هو اليوم يطرق باب بيتها رجل في الثلاثين من عمره توفرت فيه جميع الصفات فهو ذو علم ومال ومن بيت وأسرة طيبه هذا ما عرفته فاتن عنه، فلم تملك أمام ذلك إلا الموافقة .
تزوجت فاتن من ذلك الرجل وعاشت لعدة شهور في سعادة بالغة ، يحسدها الجميع عليها إلى أن جاء موعد أبتعاث زوجها إلى الخارج لإكمال رسالة الدكتوراة، سافرت فاتن مع زوجها فرحة مسرورة قالت لي في يوم الوداع: ريمــــا الحمد لله الذي عوضني عن صبري خيرا فقلت لها: أدام الله عليك البسمة والفرحة غاليتي .
عاشت صديقتي بعد ذلك أيام سعيدة في أمريكا هكذا كانت تخبرني عبر رسائلها وفجاءة وبدون سابق إنذار أنقطع الاتصال بيني وبينها. أرسلت لها الكثير من الرسائل لكن للأسف لم أتلقى أي إجابة. سألت والدتها عن أخبرها ولكنها للأسف لا تعلم عن أخبارها شيئا . أخذت أستقصي الأخبار لمدة تجاوزت الأربع سنوات حتى فقدت الأمل .
وفي ذات يوم وصلتني رسالة بريدية كانت من صديقتي فاتن كنت قد طرت فرحاً بهذه الرسالة حينما وصلت ولكني حينما قرأتها قرأت أبشع قصة عرفتها في حياتي:كتبت فاتن تقول فيها سطوراً أدمت قلبي فقالت: ريـما هذه الرسالة أخطها وأنا أبتلع أكبر كمية من الأقراص السامة. تابعت القراءة وعيوني تبكي لأجد فاجعة لم اكن أتوقعها يوما، قالت فاتن في نص رسالتها ماياتي:
غاليتي ريمـا: أعلمي أني قد قطعت اتصالي بك رغما عني فلقد أجبرني ذلك الزوج الذي هو شيطان من شياطين البشر على قطع صلتي بك. ريمـا لقد ظهر ذلك الزوج على حقيقته بعد السفر إلى أمريكا بشهور ظهر كوحش يتعاطى المخدرات ويبحث عن الرذيلة . لقد أخذ هذا الشيطان يغويني ويضلني عن طريق الهداية التي عشت فيها طيلة حياتي، لقد جعل من جسدي الصغير سلعة لأهواء الغواة وقبض الثمن .
ريمـا : هاأنا أحكي لكِ القصة وأنا أبكي دما لا دموعا لقد أحرق جسدي بأعواد الثقاب وأعقاب سجائر المخدرات التي كانت لا تفارق فمه. وجعل من منزل الزوجية التي كنت أحسبه عشاً هادئاً وكراً من أوكار الرذيلة.
ريمــــا غاليتي . أنا اليوم مصابة بالإيدز من جراء هذا الزوج الخائن الذي لم يترك علاقة محرمة إلا ومارسها، غاليتي أكتب لكِ هذه الرسالة وأنا ابتلع أكبر كمية من السم، لعل الروح تخرج إلى باريها فلا تقابل هذه الوحوش الضارية التي تستغل جسدي.
انتهى نص الرسالة. وسقطت فاتن كوردة ذابلة ليحتضنها القبر وبقى الألم حبيس قلبي ، العبرات المخنوقة والدمعات التي تنساب على وجناتي لا يزال أثرها إلى الآن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ
ملاحظة : هذه القصة خيال أكتبه لعل البعض من شبابنا يتعظ ويعتبر فلا يجري وراء العلاقات اللاهية ووراء المخدرات والانتحار خاصة ونحن نقبل على الإجازة الصيفية والسفر. رعاكم الله وحمانا وإياكم من السقوط في الهاوية.