السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الاخت الكريمة .. بنت ابوها ..
لك بالغ الشكر والتقدير على طرح هذا الموضوع القوي .. والمشاركة الهادفة ..
إن حياة المراهقين والمراهقة بشكل خاص .. لم تعد كما كانت في السابق .. وقد تغيرت إلى حد كبير
وانقلبت موازينها .. وتبدلت معاييرها .. وشوهت كثيرا .. وكان ذلك نتيجة لعوامل عديدة ومتغيرات جمة
وقد وفق الاخ بقايا جروح في مناقشة اكبر الاسباب المؤثرة في حياة المراهق والمراهقة.. فله جزيل الشكر منا
ونسال الله ان يجزيه عنا خير الجزاء ..
** إن إهمال الاباء والامهات لاهمية التربية الاسلامية السليمة والبناء الجاد للناشئة واهتمامهم باشياء اقل اهمية
هي من اكبر المؤثرات التي ساهمت بشكل دقيق في هذا تشكيل حياة المراهق بهذه الصورة الممسوخة التي نعيشها الان ..
** من سمات العصر الذي نعيشه .. (( في الغالب )) نرى تقلص دور الرقابة في التربية بشكل كبير ..
وتمدد حرية المراهق إلى ابعد الحدود .. بدعوى الثقة بهم او بحجة استطاعتهم تمييز الخيرمن الشر
وتمكنهم من الاختيار الموفق بين الفضائل والرذائل .. فإن تحدث أحدهم إلى الاب قائلا .. اتعلم مايفعل ابنك
لقال .. إنه عاقل .. مسئول عن تصرفاته .. واهم شيء انه متعلم .. وكأن التعليم هذا حصنا له من الفتن والمفاسد ..
فنرى الدلال الذي يعيشه المراهق وفسح المجال له لعمل ما يريد وتمكينه مما يرغب وعدم منعه من أي شيء
بحجة الاهتمام بحالته النفسية .. والاكتئاب الناتج من الدراسة .. والملل الذي يعيشه .. نعم هذا جيد لكن له حدوده
إن حب الاب لابنه لا يمنعه من اتقان دور المربي .. فلماذا نعبر عن حبنا للمراهق بتوفير كل ما يحلم به ويتمناه؟؟
وفي المقابل .. إن تضييق الخناق عليه .. وحبسه في دائرة محدودة .. واقصائه عن كل مغريات الحياة ..
قد يولد داخله .. طاقة يفجرها في كل ممنوع .. ويبرز العناد والتحدي على سلوكه .. وينصرف الى المفاسد
في كل اتجاه .. ويسعى لتحقيق رغباته في أي ناحيه .. وكانما يغتنم فرصة غياب الاعين .. ليفعل ما يشاء
فقط ليعطي نفسه شعورا بالرضا .. ولذة للرفض .. ونشوة القدرة على أي عمل ..
ان شدة الرقابة وزيادة الضغط امر غير مرغوب .. لكن اللامبالاة المفرطة والثقة العمياء لها محاذرها ايضا
وعلى الاباء والامهات اتخاذ منهج الوسطية في ذلك .. فلا افراط ولا تفريط ..
** تعريفنا لوسائل الترفيه .. وطرق المرح .. اصبح تعريفا مغلوطا .. وصورة مشوهة ..
فالترفيه الان .. هو توفير جميع وسائل الاتصال والمواصلات للمراهق ..من سيارة وجوال وانترنت وغيره
والمرح والتسليه .. بتوفير جميع المغريات .. من تلفاز وفيديو وافلام ماجنة .. وبالطبع فان الدش قد سهل علينا
كل ذلك .. فالريموت كنترول يعطيك ما تريد مشاهدته في غضون ثواني .. وبالطبع فإن من متممات هذه التسلية
الا نراقب ما يتابعه المراهق .. بل نعطيه كامل الحرية في ذلك .. حتى لو قضى ليله ونهاره امام الشاشة ..
** المسافة الكبيرة بين الام وابنتها والاب وابنه .. والمساحة الشاسعة التي تفصلهما .. كانت نتيجة لعدة اسباب
من اهمها .. الزواج المتاخر .. وتاخيرالانجاب.. فتنشأ بين الوالدين وبين ابنائهما .. هوة واضحة نراها في
تباعد الافكار .. وتباين الاراء .. وعدم فهم كل منهما للاخر ,, وعلينا ان نتخطى هذه الهوة بالحوار الهادف
والجلسات العائلية .. ومحاولة فهمنا للمراهق بعقلانية .. وتجاوبنا معه ومع متغيرات جيله الذي يعيشها ..
** اهمالنا لمسالة التعبير عن الحب ,, وإظهار الحنان والمشاعر بين الفينة والاخرى ..
فالام والاب .. يعبران عن حبهما بتوفير كل الاحتياجات .. وجلب كل المستلزمات ,, لكن الناحية العاطفية مهملة
فالجفوة واضحة بين الابناء وابائهم .. والمشاعر متجمدة .. والرسمية والغلظة في التعامل سمة كثير من البيوت
ونلاحظ هذا عند الاب بشكل اكبر .. فنادرا ما يعطي الاب فرصة لابنه للتعبير عن حبه ,, فنراه يتعامل معه
وكانه موظفا لديه ..فالاب جاف قاسي .. يرفع صوته لاتفه الاسباب .. ويمد يده لاقل الاخطاء .. دون فسح مجال
لحرية التعبير عن الراي .. ودون نشر روح المودة والرحمة والتفاهم في البيت ..
ولعل هذه النقطتين الاخيرة ..( في رايي ) .. هي اكبر اسباب ابتعاد المراهق عن ابيه .. والمراهقة عن امها ..
فنلاحظ ان المراهق والمراهقة .. يلجآن لاصدقائهما في كثير من شئونهم .. يعيشان الكتمان في المنزل وينطلقان
بحرية خارج نطاقه .. رفاقهم هم مكمن اسرارهم .. وقدوتهم في الغالب .. وبعيدا عن اسوار المنزل يبحثان
عن المشاعر المفقودة .. ويصبان الاحاسيس المتدفقة ..
ولو عدنا للاساسيات .. ورتبنا الاوليات .. في التربية ..لخرجنا باجيال اكثر نضجا ووعيا .. واكثر تمسكا بدينهم
واقرب مودة لاسرهم ..
هذه بعض النقاط التي ارى انها اثرت كثيرا في حياة المراهقين .. فإن اصبت فبتوفيق من الله ..
مجددا اشكر الاخت بنت ابوها .. على طرحها لمثل هذا الموضوع المهم ..
فبارك الله فيها .. ووفقها لما يحبه ويرضاه ..