اين تجد السعادة؟؟
إن السعادة الحقيقة هي شعور داخلي ناشئ عن رضا وكنات القلب وسكونه واطمئنانه، وهذا القلب لا يمكن أن يستقر ويطمئن إلا بطريقة واحدة، وهي إشباع الفطرة التي فطره الله سبحانه وتعالى عليها، فإذا لم يهتد الإنسان إلى ذلك الطريق عاش في فراغ داخليين وعدم استقرار، وشقاء دائم.
فقد يظن الإنسان أن السعادة في مال يجمعه، أوفي شهوة ولذة ينالها، أو في شهرة ومكانة يحققها، ثم يكتشف بعد ذلك أن هذه الأمور لم تحقق له الرضا والقناعة والاطمئنان والاستقرار النفسي، ويعلم أن ذلك كله سراب، وينتقل من سراب إلى سراب، ومن وهم إلى وهم، ومن غم إلى غم؛ لأنه لا يزال يشعر أنه بحاجة إلى شيء مفقود يحقق له السعادة والاطمئنان.
وقد ينخدع الإنسان بمظاهر الحضارة الغربية المادية، فيلهث وراءها ظنًا منه أن في ذلك سعادته وراحته، فينكشف زيف ذلك البريق الخادع، والمظاهر الجوفاء، فينتكس ويتعس ويشقى في الدنيا والآخرة، فما هو السبب في ذلك؟
إن السبب الحقيقي في ذلك هو أن الحضارة الغربية المادية قد أشبعت الجانب الجسدي المادي عند الإنسان، فحققت له طموحاته ورغباته، وأشبعت شهواته المادية إشباعًا تامًا في جميع شؤون الحياة، إلا أنها أهملت جانبًا مهمًا في الإنسان، وهو جانب الروح، حيث إن الإنسان مكون من جسد وروح، ولكل منهما متطلباته وحاجاته.
وفي إهمال الجانب الروحي من الإنسان ـ وهو الجانب المهم لديه ـ مناقضة لفطرته، مما سبب له صراعًا داخليًا، وعدم سكون واستقرار يشعر معه الإنسان بفراغ روحي، فيلجأ إلى إشباعه بطرق شتى، وذلك للتعبير عما يعانيه في داخله، ولإشباع ذلك الفراغ، والقضاء على ذلك الصراع.
لذا فإن في إشباع فطرة الإنسان بالإيمان بخالقه سبحانه وتعالى، واتخاذ الدنيا وسيلة لا غاية، واعتبارها فانية يكفي منها الشيء القليل والقناعة بما كتب الله سبحانه وتعالى للإنسان فيها يجعله راضيًا مسلمًا لخالقه، يحتسب ما يصيبه فيها عند الله راجيًا من الله سبحانه وتعالى أن يعوضه ما فاته في الدنيا من نعيم الجنة وملذاتها، ولهذا نجد المؤمن يشعر بلذة الإيمان والسعادة الحقيقية في هذه الحياة الدنيا، وقد قال تعالى: (من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) [سورة النحل : 97]
منقول
|