بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقبل علينا شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار ، شهر الصيام والقيام والقرآن ,
شهر مضاعفة الحسنات وتكفير السيئات ، يقبل ومعه نفحات الأجر والمثوبة ،
وفرص الخير المتنوعة ، يقبل ليروض النفوس ، ويحررها من رق الشهوات ،
وأسر العادات ، فتفتح أبواب الجنة ، وتغلق أبواب النار ،
وتصفد الشياطين ،
وينادى المنادي : يا باغي الخير أقبل ، ويا باغي الشر أقصر .
أختي الصائمة :
اقدري نعمة الله وعظيم فضله عليك ، حيث مد في عمرك وبلغك هذا الشهر
لتتزودي فيه من العمل قبل حلول الأجل ، وأنت تعرفين من أخواتك
اللاتي سبقوك إلى الدار الآخرة وحال الموت بينهن وبين بلوغ هذا الشهر ؟!
، فليكن في ذلك أعظم واعظ لك للتزود من الطاعات والقربات ،
وتجديد العزم وإخلاص القصد ، قبل أن يحال بينك وبينه .
أختي الصائمة :
تذكري أن الغاية الكبرى من الصوم تحقيق تقوى الله عز وجل ،
التقوى التي توقظ القلوب وتحيي الضمائر ، وتصون النفوس من دنس الآثام ،
وما لم يكن الصوم طريقاً لتحصيل هذه التقوى فقد فَقَد ثمرته وغايته ،
فالصائم حقيقة هو من صامت جوارحه عن الآثام ، ولسانه عن الكذب
والفحش والغيبة وقول الزور ،
وقد قال - صلى الله عليه وسلم- :
( إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يصخب ) متفق عليه ،
وقال :
( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )
رواه البخاري ،
فاجعلي من صيامك وسيلة لتحقيق هذه التقوى ، وتجنبي مجالس الفارغات ، وتخلقي بأخلاق الصائمات الحافظات لألسنتهن وأبصارهن وجوارحهن عن كل مخالفة تخدش الصوم ، وألزمي نفسك الكلام الطيب الجميل وليكن لسانك رطباً بذكر الله ، ولا يكن يوم صومك ويوم فطرك سواء .
أختي الصائمة :
احذري لصوصَ رمضان ، الذين ينتظرون هذا الشهر بفارغ الصبر لكي
يسطوا على أخلاق الناس ، ويسلبوا عقولهم واهتماماتهم ،
ويفسدوا عليهم روحانيته وعبق أيامه ولياليه ، ويحيلوا حياتهم إلى اللهو والهزل ،
وهدر الوقت والعمر ، في أرجى مواسم التوبة ، والسمو بالروح والنفس ،
ففي الوقت الذي صفدت فيه شياطين الجن ومردتها ،
يأبى هؤلاء إلا أن يقوموا بنفس الدور ، وينوبوا عنهم في أداء هذه المهمة ،
وما أن يقترب شهر الصيام حتى يحتدم التنافس الفضائي ،
والعروض الرمضانية التي لا علاقة لها إطلاقاً بالعبادة والطاعة ،
بل هي على النقيض من ذلك تماماً ، حتى تحول شهر الصبر
والمصابرة والجهد والمثابرة ، والتنافس في الخيرات ،
والمسارعة إلى الصالحات عند بعض من لا خلاق لهم إلى شهر اللهو
والعبث ومعاقرة الشهوات والإسراف فيما أحل الله وحرم إلا من رحم ربي .
فهل ستحفظين شهرك ، وتصونين عمرك ، من عدوان المعتدين ،
وإفك الظالمين ، واللصوص المحترفين ، أم ستمنحيهم الفرصة وتخلين بينهم
وبين وقتك وعبادتك وأخلاقك ؟!.
أختي الصائمة :
تجنبي ارتياد الأسواق في هذا الشهر الكريم وبخاصة في العشر الأواخر ،
واحرصي على عدم الخروج من البيت إلا لضرورة ، أو طاعة ،
أو حاجة لابد منها ، وإياك والإسراف والتبذير في المآكل والمشارب ،
ولا تجعلي من هذا الشهر موسماً للكسل والخمول ، وقضاء النهار في النوم ،
والليل في السهر ، وليكن همك الأكبر هو مضاعفة الجهد والاستكثار
من الطاعات المتنوعة من بر وإحسان وقراءة للقرآن ، وصلاة وذكر واستغفار .
أختي الصائمة :
اجعلي دائماً نصب عينيك الجائزة الكبرى التي وضعت لمن يفوز في هذا السباق ،
جائزة تتقاصر دونها كل الجوائز ، وتتضائل أمامها كل الحوافز ،
من حرمها فهو المحروم ، ومن ضيعها أو فرط فيها فهو الملوم ،
كيف والثمن الجنة ، والجزاء مغفرة تجعل المرء في حل فيما سبق في حياته ؟!
(( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ،
ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ،
ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له تقدم من ذنبه ) .
فهل ستقبلين المنافسة والتحدي ما دام السوق قائماً ، والسباق جارياً ،
وتكونين ممن يفوز بهذه الجائزة الربانية ، والمنحة الإلهية ؟ اعقدي العزم ،
واصدقي النية ، وتوجهي إلى الله بالدعاء فمن صدق الله صدقه .
منقول