بيان ختامي مقترح للقمة العربية القادمة
أولا: المشروع الأمريكي لإخضاع العرب
لقد أسفرت الإدارة الأمريكية مؤخرا عن وجهها القبيح على لسان من يروجون له باعتباره اكثر رجالها مسالمة وعقلا، ونعني كولن باول، وزير الخارجية الأمريكي. فقد قال، لا فض فوه، منذ أيام "إن غزو العراق سيتيح للولايات المتحدة الأمريكية فرصة "إعادة ترتيب المنطقة بما يخدم مصالحها"". المسألة ليست إذا أسلحة دمار شامل يدعى أن يمتلكها العراق، ولا نظام حكم فاسد، وغير مأسوف عليه، في هذا البلد العربي أو غيره. باتت الأمور مفضوحة إلا لمن اختار أن يغمض عينيه حرصا على مصالح متوهمة، تماما كالشياه المغماة سوقا إلى الذبح. فالإدارة الأمريكية على وشك تنفيذ ما يسمى "مشروع القرن الأمريكي الجديد"، بدءا بالمنطقة العربية.
بدأ "مشروع القرن الأمريكي الجديد"، سريا، كرد فعل اليمين الأمريكي المتطرف على "الهزيمة" في فيتنام مستهدفا فرض هيمنة أمريكية مطلقة على العالم، وإن اقتضى الأمر حربا شاملة يمكن أن يمهد لها حدث من صنف هجوم "بيرل هاربور" الذي مهد لدخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية- والآن يرى البعض أن الهجوم على مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر 2001 كان بمثابة "بيرل هاربور" القرن الواحد والعشرين. كما يتسرب الآن أن أعمدة "مشروع القرن الأمريكي الجديد" كانوا "ديك تشيني" نائب الرئيس الأمريكي، و "لويس ليبي" مدير مكتبه، و"ريتشارد بيرل" أحد أركان مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، و"دونالد رامسفيلد" وزير الدفاع و" بوب وولفوويتز"، نائبه، وهؤلاء هم صقور الإدارة الأمريكية الراهنة، وجلهم أكثر صهيونية وتشددا من "شارون". والأهم أن هؤلاء هم "عقل" الرئيس الأمريكي الحالي، ولا عجب أن ارتكبت إدارته كل هذه الحماقات، بل الجرائم، في منطقة "الشرق الأوسط". وتمهد لارتكاب الخطيئة الكبرى تجاه الشعب العربي بإعادة رسم خريطة المنطقة، فيما يمكن أن يكون "سايكس- بيكو" القرن الحادي والعشرين.
إن إعادة ترتيب المنطقة بما يخدم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية لايعني إلا أمورا ثلاثة:
· هيمنة مطلقة للغرب علي نفط العرب، جميعه، وسعر بخس لهذا الاحتياج الحيوي للاقتصادات الغربية، عن طريق الاحتلال العسكري المباشر. فقد عسكرت القوات الأمريكية، بعد عقود من الاستقلال، في جميع بلدان مجلس التعاون الخليجي حتى الآن ولم يبق من منابع النفط المهمة في المنطقة إلا العراق وإيران. · تطويق كامل لإيران، منبع النفط الوحيد الباقي في المنطقة بعد إخضاع الدول العربية للاحتلال العسكري، والنفسي قبله، وهي في نظر كثيرين القوة الصاعدة المحتملة الوحيدة في المنطقة، ومصدر التهديد الجدي المحتمل لإسرائيل ربما بأكثر مما تمثله بعض دول عربية.
· هيمنة مطلقة لإسرائيل على مقدرات كامل المنطقة، ابتداء من التهام فلسطين دون الوقوف عنده.
ثانيا: أي مؤتمر في هذه الظروف؟
إن لم يستطع القادة العرب أن يقدموا موقفا جديرا بالتحدي التاريخي الذي يواجهه الوطن العربي، فصمت جميل، ورحم الله امرئ عرف حق قدره!
شتان بين أن ينعقد مؤتمر هو بمثابة تعبير غريزي عفوي لشياه تنتظر الذبح، يمكن أن تملأ الحظيرة، والإذاعات المُسيَّرة، ثغاء (مأمأة) ونقرا بالحوافر، دون أن يغير ذلك من مصير الذبح إن كان الجزار قد عقد العزم؛ وبين أن ينعقد مؤتمر لقادة أمة عظيمة في ظرف تاريخي عصيب.
لا ريب أن الحالة الثانية تدعو إلى موقف يختلف جذريا عما جرت عليه العادة في مؤتمرات القمة العربية فيما سبق.
الرد الجدي الوحيد على المقاصد الثلاثة للمشروع الأمريكي للدول العربية هو في تقديري بيان ختامي نقدم مشروعه فيما يلي.
ثالثا: بيان ختامي مقترح لقادة العروبة
يضم البيان المقترح ثلاثة بنود فقط، تعبر عن توجهات استراتيجية لأمة تستحق أن تحيا في عالم الألفية الثالثة في موقع قدرة ومنعة، على أن يتم وضع البرامج العملية الكفيلة بتحقيقيها في مدى زمني يتفق عليه مسبقا.
· إحياء اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وإقامة مشروع عربي للتسلح الكامل بما يحقق التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل، بحيث يتم التخلي عن جانب أسلحة الدمار الشامل منه فقط عند نزع أسلحة الدمار الشامل الإسرائيلية.
· إقامة تعاون عربي متين يستهدف الوحدة علي صورة "منطقة مواطنة عربية حرة" تضمن للعرب جميعا حقوق المواطنة الكريمة في أي من، وجميع، الدول العربية. وجلي أن تمتين التعاون العربي يفضي إلى تعظيم القدرة التفاوضية لجميع العرب في المعترك العالمي بما يزيد من فرص الفوز في التحديات الإقليمية والدولية الجسيمة لتي يواجه الشعب العربي.
· إطلاق سراح الشعب العربي من سجن الحكومات والدول عبر إطلاق حريات الرأي والتعبير والتنظيم، وضمانها بالحكم الصالح، في حدود القانون.
فحريات الرأي والتعبير والتنظيم هي الحريات المفتاح الضامنة لجميع صنوف الحرية، على ألا تفرض قيود على حرية الرأي والتعبير والتنظيم إلا في أضيق الحدود التي يعينها القانون (المتصف بالمزايا المحددة فيما بعد) والشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
ويتطلب هذا التوجه أول ما يطلب تنقية الدساتير والقوانين والإجراءات الإدارية من كل حجر علي حريات الرأي والتعبير والتنظيم، أو تجريم لها، من ناحية، وضمان اتساق النصوص القانونية والإجراءات مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، من ناحية أخري.
غير أن الحرية من قبيل الطيبات الإنسانية الخواتيم التي تحتاج بنى وعمليات مجتمعية تفضي إليها وتصونها، وتضمن اطرادها وترقيتها.
وتتلخص هذه البنى والعمليات المجتمعية الضامنة للحرية في نسق الحكم الصالح المتجسد في تضافر الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص والذي يقوم على الأركان التالية، تقرير التنمية الإنسانية العربية الأول:
· يصون الحرية بما يضمن توسيع خيارات الناس (يحمي جوهر التنمية الإنسانية).
· ينبني على تمثيل شامل لعموم الناس.
· يقوم على المؤسسات بجدارة.
· تعمل مؤسساته بكفاءة وبشفافية مطلقة.
· تخضع مؤسساته للمساءلة الفعالة، فيما بينها في ظل فصل السلطات والتوازن بينها، ومن قبل الناس مباشرة من خلال تمثيل نيابي دوري، حر ونزيه.
· يسود القانون، المنصف والحامي للحرية، على الجميع على حد سواء.
· يسهر علي تطبيق القانون قضاء كفء ونزيه ومستقل تماما.
د. نادر فرجاني
تاريخ الماده:- 2003-02-18
المصدر
http://www.arabrenewal.com/index.php?rd=AI&AI0=726
حسبي الله ونعم الوكيل
إن لله وإنا إليه راجعــــــــــــــون
لاحول والا قوة إلا بالله العلى العظيم
لاإله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين لا تنسوا الدعاء لأخوانكم في فلسطين والعراق ولكافة المسلمين
العرض العادي
