أن الحرب الطاحنة بين الافراد والحياة التي تشبه المزاد هي سر المسخ في علاقات الحب والصدقة , ليس معنى هذا أن نقف عاجزين عن الحب و ففي الامكان دائماص أن نفعل شيئاً , ففي الامكان تطويع السلوك لعلاقات المجتمع المريضة , وفي الامكان تعصيته , وفي امكانك أن ترفض الرشوة والكذب والسرقة , وفي امكانك أن تقاوم الغرور والانانية .
فالحرية لا يصنعها مرسوم تصدره الحكومات , أنها تصنع في ذاخلنا , أنها في الطريقة التي نفكر بها , والاسلوب الذي نشعر به .
أن أخطر ما يتهدد حريتنا ليس السجن لكن مشنقة في ذاخلنا أسمها القلق , فالخوف من الفشل ترصد كل رغبة ليخنقها قبل أن تولد , والكبرياء والكرامة وعزة النفس وكل ما يحف بذواتنا يصطدم بما يفعله الاخرون , ويؤجج فينا الخوف ويدفعنا الى الهروب والتقوقع في نفوسنا خوفاً من الهزيمة والمهانة والمذلة والشك والتردد يمسك بالكلام في حلوقنا .
كل هذه القيود تعوقنا وتقف في سبيلنا , وتنتهي بنا الى التوقف والشلل , والى حال شبه الامساك , لا نمارس فيها عملاً , ولا نستمتع برغبة , وتكون النتيجة أن نقف مكتوفين نتفرج على عمرنا الذي يضيع , وننطربعداء الى كل لحظة تمضي نريد أن نقتلها , أن الواقع الذي يطاردنا في يقظتنا ويقتحم علينا حياتنا يسرقنا من أنفسنا على الدوام , ولا يمّكننا من اي خلوة حقيقية , ونحن نطل ضائعين في ضوضائه حتى يسدل النوم علينا النوافد ويغلق الابواب .
أن اللحظات تصبح عبثاً , والحياة تصبح كابوساً , والقلب يصبح جثة يفوح منها الملل والسأم والضجر , والصيحة الوحيدة التي تبقى لنا هي الخـلاص , والخلاص من أنفسنا .
أنها حالة من التوتر تنتابنا حينما تنقسم في ذاخلنا رغباتنا , ونشهدها وهي تقتتل وتتصارع , أنها اللحظة الآليمة التي تتجلى فيها عداوتنا لانفستا , فالصراع يجري في اعماق قلبنا وعلينا أن نفتح باب قلبنا على مصرعيه ونفتش في ارجائه , لنعرف كيف نحب , وكيف نكره
أن الانسان القلق انسان وحيد ضائع في عالم بلا معالم واضحة ملموسة , عالم كل شيء فيه غائم , مغلف بالضباب , فهو يخاف ولا يعرف ماذا يخاف بالضبظ وينتظر ولا يتبين ماذا ينتظر .
ربما يكون الفقر من أسباب القلق , ولكنه ليس سبباً كافياً , والفشل ليس سبباص كافياً للقلق , أن الايمان يمكن أن يغطي كل هذه الثغرات ويجعلها حلقات ذات معنى في قصة كفاح لذيد , أن سر القلق هو أننا نعيش بلا دين , بلا ايمان , وأن ديانتنا من الظاهر فقط , كلمات على الالسن في المناسبات , وصلوات تؤدى بحكم العادة ...
(( ابحث عن ايمانك اذا كنت قلقاً حينما ستجد ايمانك ستجد نفسك ))
لكأنني أقرأ لعالم كبير في علم النفس والسياسة والاجتماع والتاريخ معاً
نعم سيدي..
هذه الحكم الكبيرة التي طرحتها ليست في الواقع تأملات، بل هي خلاصة تجارب حية وعبر متتابعة، إنها تأسيس لفكر واقعي يرى الحياة كما هي، والأعظم من ذلك أنه لا يرى الحياة وحدها بل يربطها بمن يعيشها، يربطها بالناس، بنا نحن، بدواخلنا وأفكارنا ووعينا، هذه السطور العظيمة أبحرت بي في معالم صاخبة من قهر الناس وخوفهم وقلقهم المتواصل، أجدت أيها الكاتب الفذ في وصف دخيلة الإنسان القلق، وكلنا ذلك الإنسان..
ها أنا ذا أمام فلسفة جديدة تطالعني بقلمك الخلاق، تحدثت في نظرة متعمقة حول موضوع الحرية التي تنبع من الداخل وليس من المحيط الخارجي للإنسان، تحدثت عن السجن الحقيقي والمشنقة القاتلة، بأسلوب درامي كما عودتنا يصور لنا مشهداً ضخماً نراه كل يوم في أنفسنا.. مقبرة القلق والجزع والخوف..
أجدك هنا تستخدم كلمات كثيرة معبرة عن حال الموصوف سواء كان الإنسان أو الواقع أو النفس الباطنة، هذه الكلمات مثل (الفشل، التقوقع، التوقف، الشلل، القيد، مكتوفين..) كل هذه الكلمات الصاخبة تصور لنا بجلاء وفن عمق التجربة، وترحل بنا إلى الحقيقة عبر المجاز، فلله درك يا سيدي من كاتب عميق التجربة غزير الإنتاج في خاطرة واحدة نجد عدة معالم وأنا الآن لم أقف إلا على المعلم الأول في هذه الخاطرة الرائعة هو (التصوير الدارمي والتركيب الفني الدلالي لوصف عمق التجربة) ولي حديث آخر حول هذه السطور الفنية..
أقف هنا عند شيء أثارني وشدني كثيراً في هذه الخاطرة، هو المنهج الجديد في معالجة الخاطرة التي قد أسميها (بالنثر الفني المركب) وليسمح لي النقاد بهذه التسمية التي لا أجد ما يصفها هنا غير ذلك،
أقصد أن الخاطرة (تأملات إنسان) قد احتوت على منهج جديد غير مسبوق في فن الخاطرة العربي وهو الجمع بين عدة أجناس أدبية في تمازج تام لا يكدر على المتلقي التنقل بينها ولا يجعل القارئ يحس بتكلف في هذا الانتقال من قبل كاتب النص، فقد انتقل الأستاذ الجليل الغول بين التصوير الدارمي الذي نوهت به سابقاً إلى المنهج القصصي الذي ظهر في لحظات الصراع في قوله (وننطربعداء الى كل لحظة تمضي نريد أن نقتلها , أن الواقع الذي يطاردنا في يقظتنا ويقتحم علينا حياتنا يسرقنا من أنفسنا على الدوام , ولا يمّكننا من اي خلوة حقيقية , ونحن نطل ضائعين في ضوضائه حتى يسدل النوم علينا النوافد ويغلق الابواب .
أن اللحظات تصبح عبثاً , والحياة تصبح كابوساً , والقلب يصبح جثة يفوح منها الملل والسأم والضجر , والصيحة الوحيدة التي تبقى لنا هي الخـلاص , والخلاص من أنفسنا .
أنها حالة من التوتر تنتابنا حينما تنقسم في ذاخلنا رغباتنا , ونشهدها وهي تقتتل وتتصارع)
فهذا الالتفات من التصوير إلى التصارع بين أبطال القصة الذين هم (الإنسان- الأبواب- اللحظات- الواقع- الحياة) شيء جديد في الخاطرة فالأبواب تعاند وتغلق- والحياة تخيف واللحظات تعبث فيبادلها الإنسان بنظرات العداء فيطارده الواقع بينما هو يحاول عبثاً قتل اللحظات..
ما هذا؟ أ هذه قصة أم خواطر مرسلة؟ ثم نشاهد جنساً أدبياً ثالثاً يدخل في نهاية السطور الفنية الرائعة، هو جنس المسرحية، نعم أيها القراء، قد تستغربون حديثي لكن لشد ما توقفتني هذه النهاية الآسرة طويلا، وأعدت قراءتها مرات ومرات، ألا تلاحظون معي المنهج الكلاسيكي الواضح الذي انتهجه الكاتب؟ لحظات التمهيد في أولها (
أن الحرب الطاحنة بين الافراد والحياة التي تشبه المزاد هي سر المسخ في علاقات الحب والصداقة)
ثم الصراع الذي تحدثنا عنه آنفاً، ثم تأتي النهاية الفاصلة أو لحظة (التطهير) التي نادى بها أرسطو في بناء المسرح، أو حل الصراع في إيجاد الخلاص منه وقد وجده الغول في الإيمان، الذي هو سر الخلاص من كل صراع وألم..
والآن سيدي العزيز وأخي الفذ الذي أفخر بأخوته
الأستاذ الغول..
هل لي في طلب أرجو ألا أثقل به عليك
لقد شاهدنا معاً إبداعك الفني هنا، ولا أبالغ إن قلت إن كل سطر كتبته بقلمك السخي الساحر هو فكرة خالدة لعمل فني أدبي مستقل، فلماذا لا تجرب؟ لماذا لا تجرب فن المسرح الأدبي الشعري أو المسرح المقروء ففي كتاباتك مدخل سهل لخلود التجربة والعمل الفني البناء وأعدك أن أحاول معك أنا أيضاً في هذا الفن الخالد فأنا من المعجبين بهذا الجنس المحبب الذي يعشقه كل شاعر وناثر على السواء وصدقني لولا ثقتي بمقدرتك الفذة لما طلبت منك هذا الطلب الصعب، لكن أنت له أهل.. وإذا كنت أثقل عليك فأرجو معذرتي ونسيان الموضوع تماماً..
احتار قلمي وتاهت افكاري من اين ابداء والى اين انتهي , عندما بداءت في قراءة كلماتك رحلت مع كل حرفا ً من حروفك والشوق ياخدني للحرف الذي بعده لم اتصور ان تكون تاملاتي بهده الروعة التي وصفتها لم اتصور نفسي ان اكتب بكل هذه الاساليب والالوان صرت الان احس انني قد كتبت سيئاً عظيماً بوجودك , ليس هذا غرور او كبر ولكنك زرعتي الثقة في نفسي لانني اعلم علم اليقين من تكوني انت بالذات وما تعني كلماتك في حق كلماتي فرايك بالنسبة لي كقنديل اضاء لي جوانب كثيرة واركان عميقة لم يكن النور قد وصلها من قبل
اما فيما يتعلق بالتعليق التاني على المشاركة
فقد تجي لي رؤيتك البعيدة المتبلورة من نبع علمي والمبنية على اساسات ادبية قد لا اكون ادرك الكثير من معانيها فـأن اختي العزيزة لم اصل الى مرحلة توهلني بأن اضاهيك في علمك الغزير حول الادب وعلومه وكل ما هنالك انني كثير الاطلاع والقراءة للادبيات من اشعار وكتابات ولم اعرف صنوف الكتابات ولا تقاسيم الادبيات
عزيزتي
فيما يخص التعليق الثالث على المشاركة بأذن الله سيكون لي معك حوار خول هذه الموضوع
اختي الغالية
روان المتميزة
اعرف انني مقصر في الرد على تعليقك ولكنني التمس منك العذر
واعلم ان شكري لن يوفي حق حضورك الغالي والكبير ولكنني لا املك سوى ان اهذيك باقة شكر وردتها الوحيدة قلباً مخلصاً ينبض بالحياة
العرض العادي
