في ليلة من الليالي الباردة ...
جلستُ وحيدتاً أنا ودفتر أشعاري ...
كانت غرفتي مظلمةً.. عدا ضوءاً خفيف يتدلى من شرفتي ....
مصدره القمر ...
جلستُ وأنا محتضنتاً دفتري.. أحاول أن أكتب شيئاً ما ...
شيئاً كان في خاطري ...
ولكن أفكاري كانت مشتتاً ...
فلم أجد ما أكتب ....
رميتُ قلمي جانباً.. ووضعتُ دفتري على الطاولة التي تلاصق سريري ...
وهو مفتوح ...
نظرتُ إلى ساعتي.. فرأيتها تشير إلى منتصف الليل ...
لبستُ قميصي الثقيل.. وخرجتُ إلى الخارج ...
توقفتُ عند الأرجوحة ...
سرحت قليلاً ....
لكن سرعان ما أنتبهت لنفسي ...
نظرتً إلى السماء ...
فوجتُ السماء صافيةً ...
يتوسطها قمراً منيراً ...
كامل الوجه ....
لقد بدى لي وكأن القمر قد أبتسم لي ابتسامةً خفيفةً !!
ولربما إنها أول مرة بحياتي أرى فيها القمر يبتسم لي !
فرحتُ لهذا ..
وأنا بدوري أبتسمتُ له ابتسامةً جافةً غلب عليها الحزن ...
جلستُ على الأرجوحة ...
وظللتُ أدفعها بكامل قوتي ...
بعيداً ...
بعيداً جداً .....
أغمضتُ عيني ...
وخُيل لي وكأني طائراً وحيداً يطير إلى أعالي السماء ...
يطير في مصير مجهول ....
وحيدلا أهل له.. وكأنه يتيم ....
ولكن في الحقيقة ....
أنا انسان جالس على تلك الأرجوحة.. والحيرة قد أخذتني ...
وأنا أفكر في مصيري المجهول ...
تماماً مثل ذالك العصفور الحائر ...
....كان العصفور ضائعاً وسط غيوم ونجوم وقمر وسماء شاسعة ...
وأنا ضائعاً وسط زحام أفكاري !!
وما زالت عيناي مغمضتان ....
وأنا أحتضن الهواء وأحكي له ما يجول في خاطري ...
أفرغتُ كل ما في قلبي من ذكريات حزينةً وكئيبةً ...
حتى فتحتُ عيناي ....
نظرتُ إلى السماء ....
كانت عيني غارقةً بالدموع !!
وأنا أعض شفتي ندماً على ما فات ....
تمنيت في هذا الوقت شيئاً واحداً ...
شيئاً واحداً ....
وهو لو أن السماء تسمح لي بإحتضانها ...
مثل ما سمح لي الهواء بذالك ...
تمنيت لو أضم السماء إلى داخلي ...
أذهب لها..... بعيداً...... هناك ...
بجانب القمر.. بعيداً عن كوكب الأرض ....
وبعيداً عن أعين الناس ...
أذهب لأحتضن السماء وأترك كل أحزاني وألامي وكل ما يقلقني على وجه الأرض ..
سقطت دمعةً من دموعي الحائرةَ وسط عيني ....
ومازلتُ أتأرجح ...
والهواء حولي ..
كان يداعب خصلات شعري ...
يذهب بها يميناً ويساراً ..
حتى توقفتُ عن الدفع المستمر في الأرجوحة ...
ونزلتُ منها ...
وقد أخذ الحزن مني ماأخذ ...
..بسبب تلك السماء التي لم تلبّي طلبي ...
لم تسمح لي بإحتضانها ...
توجهتُ إلى غرفتي بخطوات ثقيلةً بطيئةً ...
عسى أن ترثثي السماء لحالي.. وتسمح لي بأحتضانها ...
ولكن دون جدوى ..
فقد وصلتُ ألى غرفتي ولم أحتضى بتيجة ..
وأخيراً ..
وصلتُ إلى غرفتي ..
ودخلتها ..
وأحكمتُ أغلاقها عليّ ..
أرتميت على فراشي ...
وأنا أحتضن وسادتي ..
قد تبللت كالعادة من دموعي ...
وضللتُ أفكر.. في حل يجعل السماء تحتضنني ...
حتى غلبني النعاس ...
ورحتُ في نوماً عميق ...
لا أعلم من بعد تلك الليلة ما الذي حل بي ...
لا أعلم.... أسيقظتُ بعدها من نومي أم لا ..
فتاة مرتمية على سريرها.. أوراق مبعرةً هنا وهنا ...
دفتر على طاولةً صغيرةً بجانب السرير ...
كان مفتوحاً ويتوسطه قلماً ..
ولكن صفحاته باتت خاليةً ..
لا يوجد بها سوى كلمة واحدة ..
كتبتها تلك الفتاة ..
وهي ...
وداعاً ..
وتحقق حلم الفتاة أخيراً ...
وعرفتُ الآن سر أبتسامة ذالك القمر المنير ....
مع تحيات تلك التي أحبت بصدق وجنووون ..
همووووم ..
أنتهت ..
أتمنى أن تنال أعجابكم
م ن ق و ل